
الجوانب المظلمة للاقتصادات الناجحة
والبحث عن الأطروحة الاقتصادية الناجحة
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب أي مجتمع نريد
تحاسب الشعوب أنظمتها على أساس مدى نجاحها في تأمين رفاهيتها وتحقيق الازدهار الاقتصادي. ربما يتغاضى أي شعب عن كل ما تفعله حكومته في السياسة الخارجية ما دامت أوضاعه المعيشية مستقرة وواعدة. هذا الفصل الغبي بين السياسات ليس سوى نتاج قصر نظر وجهل بطبيعة إدارة الدول وحقيقتها.
لا يمكن للسياسات الخارجية إلا أن ترتد على الداخل، خصوصًا إذا عرفنا أنّ أي نوع من الازدهار الاقتصادي مرتبط تمامًا بها (غاب الحديث عن الاكتفاء الذاتي ربما إلى غير رجعة). إنّ هذا التغاضي كأنّه يشبه الاختباء وراء الإصبع. فالأخطاء التي ترتكبها الحكومات في الخارج لا بد أن تعود إلى الدخل يومًا ما.
تنزع الشعوب إلى المقارنة حين يتعلق الأمر بالوضع الاقتصادي والمعيشي طالما أنّها تفتقر إلى رؤية واضحة حول نمط العيش. الرؤية الواضحة تجعلها قادرة على تحديد أسباب المشاكل والحلول.. بدل أن تجري المقارنة بين أنماط العيش بين هذا الشعب وذاك، يكتفي هؤلاء بالنظر إلى معدلات الدخل والحد الأدنى للأجور وما شابه. الاقتصاديون ينزعون إلى المقارنة بين الثروات القومية للدول. لكن هذه الأرقام غالبًا ما تكون مضللة.
لا شك بأنّ هناك علاقة وثيقة بين النظام السياسي والنظام الاقتصادي. فشل النظام في تأمين العدالة الاقتصادية والرفاهية السليمة يدل على مشكلة حادة في بنيته والقواعد التي يقوم عليها. لكن المشكلة تبدأ حين لا ننظر إلى هذه القواعد لتحليلها ودراستها وتحديد مدى تطبيقها في الواقع الخارجي، بل نتطلع إلى الخارج لكي نحدد الموقف والعلاج.
هذا ما يجري في بلدان كثيرة كإيران. غالبًا ما كنا نشاهد أفراد الشعب هناك يقارنون بين أوضاع بلدهم وبلدان أخرى كسويسرا وألمانيا وكندا وغيرها. وبعد مقارنات ظاهرية يتم الانتقال إلى الحكم على النظام بالفشل. أكثر من أربعة عقود مرت على الثورة والمعيار الغالب للحكم الشعبي على النظام لا يخرج من هذه الدائرة الضيقة. ربما لأن بعض قادة الثورة كانوا يركزون على الأوضاع الوخيمة للبلاد من خلال مقارنتها بغيرها أيام النضال والثورة. كان الافتقاد إلى الأطروحة الشاملة يقف وراء هذا النوع من التبسيط، وضعف العرض وصعوبة بيان مثل هذا الشيء يُعد سببًا أكبر.
البعد الاقتصادي الذي استخدمه الثوريون لإدانة نظام الشاه الاستبدادي لم يكن مبنيًّا على أطروحة تتناسب مع النظام السياسي المطروح. كانت الشعارات تغلب الفكر. ولذلك حدثت مثل تلك النزاعات الهدامة بين الثوريين أنفسهم في العقد الأول على صعيد إدارة البلاد اقتصاديًّا، وما زالت آثارها وتبعاتها إلى اليوم.
إنّ عدم وضوح دور البنوك والمصارف، وتسليط الضوء على الربا باعتبارها المشكلة الوحيدة في مثل هذه المؤسسات الحساسة، كان يحكي عن جانب من هذه القضية. لم يكن هناك تصور واضح لدور السياسات المالية والنقدية والادخار التي تلعب البنوك دورًا أساسيًّا فيها. كأنّنا إذا حذفنا الربا أو تحايلنا عليه ستنحل المشاكل كلها.
مع هذا النقص في الأطروحة فُسح المجال للكثير من الأخطاء وما تبعها من مشاكل مزمنة؛ ومع عدم وضوح العلاقة بين النظام السياسي والاقتصادي تُرك المجال مفتوحًا للشعب لكي يقارن بطريقة ساذجة؛ الأمر الذي كان يؤدي دومًا إلى ابتعادٍ مستمر عن أطروحة النظام ودعوته ورسالته.
هناك من استطاع تجيير المشكلة باتجاه الحكومات المتعاقبة وتحميلها مسؤوليات سوء الإدارة والفساد. استطاع هذا التجيير والتوجيه أن يبطئ من سرعة تدني التأييد الشعبي للنظام حتى حين. ما أسهل أن تتجنب مشكلة نظام من خلال رميها على أفراد. هكذا شاع على مدى العقود المتتالية أنّ المشكلة الاقتصادية ناشئة من فساد مسؤولين وأشخاص. لكن حين تأتي حكومات نظيفة وتبقى المشاكل وتزداد الأزمات، فلن تبقى هذه الحيلة نافعة. هذه المرة ستكون الإدانة موجهة إلى النظام نفسه ومن بعده إلى كل من يحميه ويؤيده.
بدل أن يمتلك الشعب القدرة على فهم طبيعة المشكلة الاقتصادية، يستمر بمقارنة أوضاع بلده بغيره من البلدان الغنية. تتراجع هذه المقارنة قليلًا وتنحسر وربما تلوذ بالصمت حين تعاني هذه الدول من أزمات اقتصادية فاقعة كما حصل في السنة الثامنة بعد الألفين. يمكن للإعلام المحلي هنا أن ينتهز الفرصة ويستثمر كثيرًا للحفاظ على النظام. لكن وطأة الفقر والحرمان والتخلف والغلاء والضغوط المعيشية سيكون لها الكلمة الأخيرة دومًا.
من جانبٍ آخر، أعداء هذا النظام هم من الغباء إلى درجة أنّهم يرون إسقاط نظام له هذا التجذُّر الفكري والثقافي والمعنوي من خلال إشاعة الفوضى وحث أتباعهم في الداخل على القيام بأعمال عنفٍ وشغب كما حدث عدة مرات. هذا ما كان يطيل من عمر النظام أيضًا. تنبري حكومات الدول الغنية لتأييد هذه الأعمال الوحشية والمستفزة فيستحضر الناس عصر الاستعمار الأسود. لا نعرف لماذا تخاطر حكومة كندا بالانضمام إلى المستعمرين القدامى.
المشكلة الأساسية في الاقتصاد هي أنّ النظام لم يتمكن لحد الآن من بلورة أُطروحة اقتصادية تقوم على تلك القواعد التي بُني عليها النظام السياسي نفسه. وحتى لو تمكن من ذلك، فإنّ عليه العمل بشكل حثيث وإبداعي لإقناع الشعب بها؛ هذا كله في بلدٍ يعاني من ضعفٍ ملحوظ في ثقافة الإبداع!
على مدى العقود تم التعامل مع سذاجة الشعب في تقييم وضعه الاقتصادي بسذاجة مشابهة. من الطبيعي أن يكون الأعداء أكثر سذاجة مع مسحة واضحة من الغباء المزمن. ماذا نتوقع من حكومات مبنية على النهب والسلب والاستعمار والتوسع والعنف والإبادة الجماعية سوى أن تنقض على أي فرصة توفرها لها أجهزتها الاستخبارية التي لا تعرف سوى لغة العنف؟! ربما كانت هذه السذاجة المشتركة بين الجميع عاملًا مهمًّا في إطالة عمر النظام، لكنّها ليست حلًّا للمشكلة بأي وجه.
لن يكون هناك ازدهارٌ اقتصادي حقيقي إلا إذا كان هناك أُطروحة واقعية في هذا المجال. المشكلة ليست في الإدارة التي تفتح أبواب الفساد من كل حدب وصوب. الإدارة بحاجة إلى رؤية، والرؤية هي التي تدور حول الأطروحة.
يجب أن نعترف بأنّ بناء أطروحة اقتصادية إسلامية هو أمرٌ أصعب بدرجات إن قورن بعملية بناء أطروحة ولاية الفقيه. ما زلنا نتذكر المعارضة الشديدة التي واجهها الإمام الخميني وهو يعمل على إقناع الحوزات الدينية لتقبل أطروحة لها جذورها العميقة في العقيدة.. هذه المرة إذا جئنا إلى الاقتصاد ربما لن نجد ذلك الحد الأدنى من المقومات اللازمة لصياغة هذه الأطروحة كما حصل في أطروحة النظام السياسي. الدليل هو أنّه بعد أكثر من أربعة عقود على انتصار النظام السياسي، لم تتبلور معالم هذه الأطروحة الاقتصادية بالشكل المطلوب. الأجواء العلمية في الحوزات الدينية بعيدة عن هذا الواقع أكثر مما كانت بعيدة عن أطروحة ولاية الفقيه بمسافات.
عشنا أيام النضال والجهاد والمعارك الفكرية من أجل إثبات ولاية الفقيه، وتعرفنا إلى بعض ما تعنيه المقدمات اللازمة لإقناع الشعوب بأي أطروحة. لكنّنا نكاد نجد مثل هذه المقومات والمقدمات شبه معدومة فيما يتعلق بالبحث الاقتصادي.
قد ينشأ الطالب الحوزوي على بعض المقدمات التي تجعلنا قادرين على إقناعه بنظام ولاية الفقيه؛ لكن ما يتلقاه أثناء دراسته من أفكار أو رؤى اقتصادية يكاد لا يشكل مقدمة واحدة في مجال بناء الأطروحة الاقتصادية. أما أوضاع الجامعات والفروع الاقتصادية فيها فهي أشد وخامة؛ ذلك لأنّ البنية الفكرية الحاكمة عليها والتي ترتبط بمنهج المقاربة البحثية للاقتصاد لا يمكن أن توصلهم إلا إلى أجواء الفكر المادي وصخبه ومشاكله وهمومه ورؤاه. صحيح أنّ الجامعات أكثر التصاقًا بالمشكلة والواقع من الحوزات، لكنّها أبعد عنها بكثير عن إمكانية اكتشاف الحل.
في حال لم تتبلور هذه الأطروحة الاقتصادية سريعًا قد نحتاج إلى القيام بعملٍ ذكي وضروري. وهذا ما يتطلّب تعميق قدرة المقارنة عند الناس. ولكي نعمق المقارنة التي تجريها الشعوب نحتاج إلى الكشف عن الجوانب المظلمة لاقتصادات الدول الغنية.
وراء كل اقتصاد "ناجح" يوجد حكايات بشعة. ليس استعمار الشعوب الأخرى ونهبها هو القصة الوحيدة هنا. هناك حكايات هي غاية في الفظاعة أيضًا، وذلك فيما يرتبط بتخريب البيئة واتساع الفجوة بين الطبقات وانعدام العدالة وارتفاع معدلات الجريمة والشقاء والتنافس المميت والمستقبل القاتم والتهميش المستمر والديون المتفاقمة. هذا ما يتطلب مشاريع إعلامية ذكية تقوم على دراسات جدية ومستوعبة.

مختصر معادلة التكامل
هذه الطبعة المختصرة لكتاب "معادلة التكامل الكبرى" الذي يبيّن مدى سعة الإسلام وشمول رؤيته ومنهجه لكلّ شيء في الوجود. كيف لا؟ والله عزّ وجل هو المبدأ والمنتهى.. نقدّمها لقرّائنا الذين يودّون أن يحصلوا على معرفة أوّليّة بتلك المعادلة الكبرى، أو للذين لا يجدون الوقت الكافي لمطالعة الكتب الكبيرة. مختصر معادلة التكامل الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 200 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

على طريق بناء المجتمع التقدمي
المجتمع التقدّمي هو المجتمع الذي يتحرّك أبناؤه نحو قمم المجد والفضيلة والكمال.المجتمع التقدمي هو التعبير الأمثل عن استجابة الناس لدعوة الأنبياء الذين أرادوا أن يخرجوا البشرية من مستنقع الرذيلة والحيوانية والعبثية لإيصالها إلى أعلى مراتب الإنسانية والنور..فما هي سبل إقامة هذا المجتمع؟وما هي العقبات التي تقف في طريق تحقّقه؟ على طريق بناء المجتمع التقدّمي الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14.5*21عدد الصفحات: 376الطبعة الأولى، 2019Isbn: 978-614-474-081-1السعر: 14$

معادلة التكامل الكبرى
يقدّم رؤية منهجيّة تربط بين جميع عناصر الحياة والكون وفق معادلة واحدة. ولهذا، فإنّك سوف تلاحظ عملية بناء مستمرّة من بداية الكتاب إلى آخره، تشرع بتأسيس مقدّمات ضروريّة لفهم القضية ومنطلقاتها، ثمّ تمرّ على ذكر العناصر الأساسية للحياة، لتقوم بعدها بالجمع بينها والتركيب، لتخرج في النهاية بمعادلة شاملة لا تترك من مهمّات الحياة شيئًا. معادلة التكامل الكبرى الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 21.5*28غلاف ورقي: 336 صفحةالطبعة الأولى، 2016مالسعر: 15$ تعرّف إلى الكتاب من خلال الكاتب للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم أن تطلبوه عبر موقع جملون على الرابط التالي:

ما هي عوامل الازدهار الاقتصادي المستديم؟ وكيف نفسّر الأوضاع الاقتصادية لدى المسلمين؟
كيف يمكن لأي مجتمع أن يحقّق الاستقلالية الاقتصادية في زمن السوق الحرة ومنظمة التجارة العالمية، وفي ظل النظام العالمي الذي تهيمن عليه قوى الرأسمالية المتكبرة؟

في السعي لحل الأزمة الاقتصادية.. لا بد من الرجوع إلى الأسباب
كثيرة هي الدول التي تشكلت بإرادات خارجية ومشاريع استعمارية. حين قام المستكبرون الغربيون بإنشاء الدول كان أول ما أخذوه بعين الاعتبار هو مصالحهم الآنية وما بدا لهم بعيد المدى. كانت التبعية الاقتصادية أهم ركن في تشكيل الدول.

الشرط الأول للازدهار الاقتصادي... القضاء على فضول الأعمال
تكابد حكومات العالم الحر من أجل تحقيق الازدهار المستديم الذي يضمن الاستقلال لمجتمعاتها ويحفظ هويتها وكرامتها. ليس هناك ما هو أخزى من أن يخضع شعب بأسره لإملاءات الأجانب ويسلّم إرادته للقوى المستبدة التي ستعيث فيه فسادًا واستغلالًا لا مثيل له.. كل شيء جميل تتم التضحية به على مائدة شياطين الاستعمار والاستكبار.أول ما ينبغي أن يلاحظه كل مراقب حصيف هو أنّ الكثير من الأعمال الاقتصادية وغيرها تذهب نتائجها هدرًا وتؤدي إلى شلّ حركة النموّ؛ وأنّ التخلص من هذه الأعمال والأنشطة هو المقدمة الضرورية للانطلاق الصحيح نحو أعلى مراتب الاقتصاد.

أيها أهم: المصالح الاقتصادية أم الكرامة الوطنية؟
حين يرتبط ابن البلد بالأجنبي ضمن شبكة واسعة من المصالح التي يشرك فيها عددًا كبيرًا من أقاربه وأبناء طائفته، تصير الوطنية في الحفاظ على هذه المصالح، أو يموت الوطن!

6 عوامل.. من أجل اقتصادٍ مزدهر
إنّ المعادلة الكبرى لأي ازدهار اقتصادي تكمن في حقيقة أساسيّة وهي كفاية الأرض لتأمين الحاجات الأساسية لأهلها. لكن هذا العطاء يحتاج إلى عملٍ ذكيّ وتعاملٍ حكيم. وحين يجوع أي شعب في الأرض فهذا يدل على وجود خطأ ما في سلوكه ونمط عيشه وإدارته. وانطلاقًا من هذه القاعدة يوجد ستّة عوامل أساسيّة لتحقيق الازدهار، هي في الواقع بمثابة تطبيق وتفصيل لها.

مستقبلنا الاقتصادي القاتم.. وسبل الخروج منه
لماذا صارت بيئتنا الفكرية بعيدة عن دراسة كل ما يتعلق بالأنظمة الاقتصادية والاقتصادات العامة؟ ما الذي سنفعله فيما إذا زادت الثروة القومية، وأصبح الناس أقدر على تأمين ما يبتغون من حاجات وسلع ومنتجات وخدمات؟

الاقتصاد الحقيقيّ: من منّا لا يحلم باقتصادٍ مزدهر يحقّق أعلى درجات الرّفاهية!
تصوّر أنّك تعيش في بلدٍ لا يهمّك فيه تحديث سيّارتك ولا تلفازك ولا هاتفك ولا أجهزتك الإلكترونيّة!وتصوّر أنّك لا تعيش همّ كلفة الطّاقة التي تحتاج إليها لاستعمال سيّارتك وأجهزة التدفئة والتبريد وما لا يحصى من الآلات والوسائل!
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...
مجالات وأبواب
نحن في خدمتك

دورة في الكتابة الإبداعية
الكتابة فن، وأنت المبدع القادم دورة مؤلفة من عدة فصول نواكبك حتى تنتج روايتك الأولى