
القصص وتنمية الذكاء
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب كيف تصبح كاتبًا ناجحًا
{فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[1]
إنّ الدور الأول للقصة هو تفعيل النشاط الفكري وحث الإنسان على التفكُّر في القضية التي تدور حولها القصة، عسى أن يتمكّن من تطبيق عبرتها على نفسه وحياته (وهذا هو الاعتبار). بعض القصص تكون دروسها وعِبَرها متناسبة مع ظروفنا وأوضاعنا، وبعضها ستكون بمثابة القواعد التي نلجأ إليها في الوقت المناسب. كلما كثرت هذه القواعد التي نستلهم منها ونعتبر، كان لنا فرصة الاستفادة المُثلى من ظروف الحياة ومواقفها وفرصها.
لكي نحوّل القصة إلى عبرة وقاعدة نحتاج إلى التفكُّر؛ لأنّ القصة بطبيعتها تنسج واقعًا لا علاقة لنا به للوهلة الأولى؛ وهنا يجب أن يقوم عقلنا بتجريد هذا الواقع وإزالة خصوصياته، ليبقى لنا منه القاعدة الكلية التي يمكن تطبيقها في أي ظرف أو وضع مماثل.
يحدث ذلك كثيرًا حين تدور القصة حول شخصية ما نسمّيها البطل. فسُرعان ما يقوم عقلنا بوضعنا مكانه لنبدأ بالتفكُّر فيما ينبغي أن نقوم به لو كنّا في ظرفٍ مشابه. كلما كانت القصة مساعدة على هذا النوع من التفكير كانت الاستفادة منها أبلغ وأعمق.
أما إذا كانت تصرُّفات البطل غير معقولة أو غير واقعية، فلا يمكن للعقل أن يستخرج منها أيَّ نوعٍ من القواعد العامة، حتى لو انتصر هذا البطل وفاز في نهاية المطاف. يرتكب الكثير من كُتّاب القصة هذا النوع من الأخطاء حين يصل بطل قصتهم إلى النجاح والفلاح بعيدًا عن المنطق الوجودي. فمثل هذه المسارات لا يمكن أن تحدث أبدًا في عالم الواقع، لأنّها لا تنسجم مع سنن الحياة وقوانينها. هذه هي القصة العبثية التي لا تنتج حكمة ولا تنمي ذكاء.
لكن هناك نوعٌ آخر من القصص التي لا تساعدنا على التفكُّر أيضًا، لأنّها تفترض أنّنا عاجزون عن الاستنباط والاستنتاج والتقعيد والتجريد. وهذا ما يحصل كثيرًا في قصص الأطفال التي تعكس ذهنية كاتبٍ ابتعد كثيرًا عن واقع الطفولة وعالمها وعن خصائص وإمكانات الأطفال ومراحل نموّهم الذهني والنفسي. يتصور هؤلاء أنّ الأطفال يعجزون عن الاستنتاج، ولذلك يقومون عنهم بهذا الدور، فلا يتركون لهم مساحة للتفكُّر. هذا النوع من القصص لا يساعد على تنمية الذكاء، وهو الذي يستخدم الأسلوب المباشر.
الكاتب المفيد هو الذي يترك مجالًا للتفكُّر من خلال مساعدة القارئ على التوصُّل بنفسه لإدراك قوانين الحياة وسُننها. كلما كان هذا الإدراك فعل القارئ كان أكثر رسوخًا. فقصته هي التي تتمحور حول اكتشاف هذه القواعد بدل الاكتفاء بسرد الأحداث التي لا يوجد بينها أي علاقة سببية. هذا النوع من الكتابة يسرع إلى النتائج المفرحة والمريحة بمعزل عن كيفية الوصول إليها، وفيما إذا كان لها أي واقعية. يكتفي هؤلاء بعرض أحداث غريبة عجيبة كالسحر، ويعطون لبعض الكائنات قُدُرات وإمكانات تفوق ما هي عليه في الواقع، ممّا يؤدي إلى إيجاد قطيعة حقيقية مع الواقع والحياة التي نعيشها.
طالما أنّ الذكاء يدور حول الوصول إلى ما نريد بأسرع وأفضل طريقة ممكنة، فإنّ تنميته ترتبط بتقوية هذا النوع من الإدراك. إن كنّا أمام قضية أو مشكلة وأردنا أن نجد لها الحل المناسب، فالذكاء يفرض علينا أن نكتشف أفضل الطرق أيضًا. ولأنّ الواقع مبني على قوانين، فلا مجال لتحقيق ذلك إلا عبر اكتشاف هذه القوانين واستعمالها بصورة حاذقة.
تفترض الفطرة الإنسانية أنّ كل إنسان يريد الوصول إلى العظمة وتحقيق النجاح والفوز؛ القصص المفيدة هي التي ترسّخ هذه الفطرة وتساهم في إزالة الموانع من طريقها. يجب أن يخرج الأطفال بعد قراءة القصص بنتيجة واضحة وهي أنّ الوصول إلى هذا النجاح أو ذاك الفوز مُيسّر من خلال تطبيق هذا القانون أو تلك القاعدة الكلية.
ليست القصة حول تقوية اللغة أو قضاء وقت ممتع، وإن كانت هذه الثمار مطلوبة. إنّها فرصة لتقوية الاعتبار والاستنتاج والذكاء الذي يصبح عاملًا أساسيًّا لتقوية اللغة والاستمتاع بالحياة كلها.
[1]. سورة الأعراف، الآية 176.

كيف أصبح كاتبًا ناجحًا؟
حين تفكّر أن تكون كاتبًا استحضر في ذهنك أنّك قد تشارك في أعظم مهمّة لصناعة المجتمع، وتقدُّمه وتغيير النفوس وتطوير الحياة. فالكلمة هي مصنع الإنسانية.وبالكلمة بلغت كل هذه الآفاق.ومهمّة هذا الكتاب، بالإضافة إلى تشجيعك على سلوك هذا الدّرب الجميل، هي تعريفك على أسرار الكتابة النّاجحة. كيف أصبح كاتبًا ناحجًا؟ الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 144 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

لماذا الإقبال على القصص والروايات؟
ينشط سوق القصّة والرواية حتى في العصر الرقمي. فما الذي يدفع القرّاء إلى مطالعة مجلّدات ضخمة في الوقت الذي اعتادت أذهانهم على المقاطع القصيرة في قنوات التواصل الاجتماعي؟ هذا السؤال يمكن أن يساعدنا في الكشف عن أحد أهم أسرار الكتابة الناجحة.

قصص تزيد أولادنا ذكاءً.. ما هو دور القصة في تنمية الذكاء؟
هل سمعتم عن دور القصّة في تنمية الذكاء عند الطفل؟ لكي نعرف مدى تأثير القصّة على الذكاء، ينبغي أن نتعرّف إلى حقيقة الذكاء أوّلً

فكر جيدًا كيف تجذبهم؟ الدرس الرابع من الدورة الأولى في أسرار الكتابة الناجحة
بما أنّ عنصر التشويق هو عنصرٌ أساسي في الأعمال الأدبية وخصوصًا في القصص والروايات، فلا بد للكاتب أن يراعي هذا الشرط دائمًا ويعمل على تحقيقه.

أيّها الكاتب إليك هذا السؤال.. الدرس السادس من الدورة الأولى في أسرار الكتابة الناجحة
من القضايا التي تجذب الناس كثيرًا بسبب بحثهم عن قوانينها والحكمة فيها وأسرارها هي قضية الحب.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...