
لماذا الإقبال على القصص والروايات؟
السيد عباس نورالدين
صحيحٌ أنّ للدعاية دورًا مهمًا في الترويج للمطالعة، لكن قضية القصص مختلفة.
ينشط سوق القصّة والرواية حتى في العصر الرقميّ. فما الذي يدفع القرّاء إلى مطالعة مجلّدات ضخمة في الوقت الذي اعتادت أذهانهم على المقاطع القصيرة في قنوات التواصل الاجتماعي؟
هذا السؤال يمكن أن يساعدنا في الكشف عن أحد أهم أسرار الكتابة الناجحة.
فنحن نسمع العديد من الأشخاص يتحدّثون عن تجربتهم الفريدة مع القصّة مقارنةً بالفيلم السينمائيّ، حتى وإن كان الفيلم مقتبسًا عن القصّة نفسها، ومخرجًا بواسطة أقوى مراكز الإنتاج السينمائي وأمهر المخرجين!.
منذ عدّة أيام كنّا نتحدّث عن فيلم "أعجوبة" وما فيه من مشاهد إنسانيّة مؤثّرة، فقالت ابنتي لي: كيف لو قرأت القصّة نفسها! ويبدو أنّ أحد أهم أسباب هذا التأثير القويّ، مقارنةً بالفيلم، هو أنّ القراءة بطبيعتها تفسح المجال الواسع ليسرح خيالنا بكلّ أبعاده وحواسه؛ في حين أنّ المشاهدة والاستماع (من الشاشة الصغيرة أو الكبيرة) تحدّ من انطلاق هذا الخيال.
الخيال ـ أو عالم المثال بحسب التعبير العرفانيّ ـ لا ينحصر بالسّمع والبصر، بل يتعدّى ذلك ليشمل كلّ الحواس. ففي القوى المثالية الإنسانيّة هناك شامّة مثالية وذائقة مثالية أيضًا؛ وكلّما تحرّرت هذه القوى من قيود الحواس المادّية وانعتقت من تجربتها المحدودة أصبحت أكثر قوّة ودقّة.
تجربة المطالعة المرتبطة بالواقع العينيّ (القصّة) هي إحدى أفضل طرق تحرير قوّة الخيال بجميع أبعاده. فحين تتمركز الحواس على الكلمات (وهذا ما يحصل حين يأسرك بقصّته) سرعان ما تنطلق قواك الخياليّة لتسبح وتسرح في فضاءات أوسع من نطاق حياتك المادّيّة؛ وإنّما يطلقها الكاتب ويوسّعها بحسب مهارته وفنّه. وباختصار، فإنّ قراءة القصّة (قصيرة أو طويلة) هي إحدى أهم التجارب المعنوية التي يمكن أن يعيشها الإنسان. ولا يمكن أن يحلّ محلها شيء. ولهذا، نحن نشعر بمدى حرمان كل من لا يرتبط بهذا العالم، خصوصًا في مثل هذه الظروف الحياتية البائسة.
بيد أنّ القضية لا تنحصر في إطار التفاعل الخياليّ، الذي هو أشد قوّة وتأثيرًا وانفعالًا وبهجة والتذاذًا من التّفاعل الحسّيّ المادّيّ، بل تتوسّع وتتعمّق بفضل قدرة القصّة على إقناع القارئ وبعث تصديقه.
أليست الكتابة بكل أساليبها من أجل الإقناع؟
وهل يمكن أن نؤثّر في القارئ ما لم نقنعه؟
إنّ التأثير المميّز لكتابة الخيال العلميّ لا ينشأ من قدرتها على نقلنا إلى واقعٍ جديد وسحريّ ومتميّز (وإن كنّا نحبّ الانتقال من واقعنا الضيّق أو الرّتيب من حينٍ إلى آخر) بل من قدرتها على إقناعنا بإمكانيّة تحقّق هذه العوالم ووقوعها (كما في المستقبل البعيد أو المتوسّط).
انظر إلى فشل تلك القصص التي تصوّر لنا مخلوقات عجيبة تمتلك تكنولوجياّت متطوّرة جدًّا، وفي الوقت نفسه فهي تفتقد للعنصر الأوّل في الصناعة والمهارة، وهو امتلاك الأنامل الدقيقة والماهرة. أليست كل هذه الصناعات والتكنولوجيّات المتطوّرة والمعقدّة وليدة الاستخدام الماهر للأصابع والأنامل البشريّة التي تستطيع أن تقوم بآلاف الأعمال العجيبة؟ كل قارئ أو مشاهد يبقى يتساءل طوال الفيلم عن كيفيّة وصول هذه المخلوقات البشعة والبدائية (التي تعدّ الديناصورات كائنات متطوّرة جدًّا بالمقارنة معها) إلى مثل هذه التكنولوجيات والآلات المتطوّرة التي تستعمل أدوات دقيقة جدًّا؟
حسنًا، يمكن لهذا الفيلم أن يمر بسرعة لوجود الممثلة الفاتنة فيه. ولكن ماذا عن القصّة المكتوبة. فلا شك أنّ القارئ لا يمكن أن يصبر على أربعمئة صفحة من التّفاهات حتى لو كان يركب حافلة من سامرّاء إلى البصرة!
هذا يعني أنّ الإقناع جزءٌ أساسيّ من قوّة أي كتابة. ولا شيء يمكن أن يقنع الإنسان مثل الواقع. سواء كان هذا الواقع مرتبطًا بالماضي السحيق أو المستقبل البعيد. وهنا نستحضر الخطأ الكبير الذي ارتكبه صانع فيلم نوح (من بطولة راسل كرو) حين أظهر لنا عائلة تعيش في أشدّ الظروف فقرًا وفي بيئة لا زرع فيها ولا ماء، لكنّها تلبس ثيابًا تحتاج إلى الكثير من القطن أو الصوف المعدّ بواسطة آلات مميّزة. وقد تكرّر الخطأ في هذا الفيلم حين عرض تلك الجماعات المتوحّشة التي يبلغ عددها الآلاف بالرغم من ندرة الإمكانات والمواد.
غالبًا ما كانت أفلام الخيال العلميّ المستقبليّ تظهر العالم بالأبيض والأسود حيث يعيش الناس كالآلات رغم وجود تكنولوجيا متطوّرة جدًّا؛ وحين شاهد الناس مسار التطوّر (خصوصًا في عصر الإنترنت) وأدركوا مدى اتّساع الخيارات البشريّة وشدّة تعقيد وتلوّن الحياة، أصبحت هذه الأفلام والقصص غير مقنعة وباتت غير جذّابة.
فسواء كان هناك واقعٌ قديم أو واقعٌ مستقبليّ لا بدّ أن ترتبط القصّة بحياة الإنسان في الحاضر وتتّصل بها؛ كأن تحتوي على دروس وعبر لحاضرنا ـ وهو ما نعبّر عنه بالسّنن الكونيّة والقوانين الاجتماعيّة، أو تجسّد لنا عواقب أفعالنا وممارستنا الحالية في مستقبلنا الآتي.
الانقطاع عن الواقع يجعلنا غير مقتنعين وغير مصدّقين. وحين لا نقدر على تصديق ما يُعرض علينا، لا تتفاعل حواسنا وخيالاتنا بالمستوى الذي يجذبنا ويدفعنا إلى متابعة القراءة أو المشاهدة. وهذا ناشئٌ من كوننا مخلوقات عقلانيّة شئنا أو أبينا. ويدلّ أيضًا على كون العقل مركزًا أساسيًّا في وجودنا.
إنّ قوّة تأثير القصّة تكمن في تجسيد الواقع أكثر من أي نوع آخر من أساليب البيان. وقد خسر الفلاسفة أهم عنصر من عناصر التأثير الفكريّ، حين اجتنبوا هذا الأسلوب بزعم الحفاظ على قوّة العقل وصيانته من تأثير الخيال.
لقد خالف هؤلاء حقيقة كبرى في عالم الخلق حين لم يعترفوا بقوّة الخيال (وعالم المثال) في الوجود، واعتبروها من الأوهام. وما زلنا نعاني الكثير من الضعف في بيان حقائق الوجود والدين بسبب هذه النزعة التفريطيّة.

كيف أصبح كاتبًا ناجحًا؟
حين تفكّر أن تكون كاتبًا استحضر في ذهنك أنّك قد تشارك في أعظم مهمّة لصناعة المجتمع، وتقدُّمه وتغيير النفوس وتطوير الحياة. فالكلمة هي مصنع الإنسانية.وبالكلمة بلغت كل هذه الآفاق.ومهمّة هذا الكتاب، بالإضافة إلى تشجيعك على سلوك هذا الدّرب الجميل، هي تعريفك على أسرار الكتابة النّاجحة. كيف أصبح كاتبًا ناحجًا؟ الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 144 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

معضلة الكتاب المدرسي.. لماذا ينبغي أن لا يكون هناك كتاب مدرسي؟
لعب الكتاب المدرسي دورًا مهمًّا في تقديم المعارف الميسرة في مختلف المراحل المدرسية، بأسلوبٍ يزيل عن كاهل الطلاب الكثير من الجهد؛ لكنّه في الوقت نفسه أدّى دورًا سلبيًّا للغاية يمكن اختصاره بأنّه ضيّق أفق التلميذ وأضعف دور الكتاب كمصدر للمعرفة. غالبًا ما ينظر تلميذ المدرسة إلى الكتاب على أنّه المرجع الوحيد للمعرفة. فقد تم إعداد الكتب المدرسية لتكون مغنية وافية في الظروف التي لا يمكن للتلميذ أن يصل إلى أي نوع من المصادر المعرفية المرتبطة بالقضايا التي يدرسها.

الكتاب صانع الحضارات.. كيف يصبح الكتاب عاملًا أساسيًّا في هذه المهمّة؟
إذا أردنا أن نكون جزءًا من المشروع الكبير لبناء الحضارة الإسلاميّة الجديدة، ينبغي أن نتعرّف إلى كل عامل له إسهام وتأثير فاعل في تحقيقها. ولا شك بأنّ الكتاب هو أحد أهم هذه العوامل وأكثرها تأثيرًا.

قصص تزيد أولادنا ذكاءً.. ما هو دور القصة في تنمية الذكاء؟
هل سمعتم عن دور القصّة في تنمية الذكاء عند الطفل؟ لكي نعرف مدى تأثير القصّة على الذكاء، ينبغي أن نتعرّف إلى حقيقة الذكاء أوّلً

رواية بلا "آخرة"
هل ينال كل الأشرار عقابهم في الدنيا؟ ليس بالضرورة، أو على الأقل لا ينال جميعهم في هذه الدنيا العقاب الذي يرضي الأخيار ويشفي صدورهم. وربما يكون عقابهم الدنيويّ خفيًّا لا يظهر لأعين المنتظرين بصبر تحقّق العدالة. لكن في السينما، في الزمن المُسمّى الزمن الجميل، كان الاشرار ينالون العقاب الذي يستحقّونه باستمرار، بشكل جليّ ودون اي استثناء، لينتهي الفيلم نهاية سعيدة ترسم ابتسامة على وجه المشاهد وفي قلبه.

لماذا يعدّ الكتاب أهم من كل الأسلحة؟ وما الذي ينبغي أن نفعله في هذا المجال
هل تعلم أنّ كتاب الحكومة الإسلامية للإمام الخميني كان القاعدة الكبرى لانطلاقة ثورة شعبية عارمة؟ وهل تعلم أنّ الإمام الخميني نفسه قال إنّني سأجعل فرائص الشاه وقادة جيشه ترتعد بقلمي هذا؟ وهل تعلم أنّ القائد الحالي للثورة الإسلامية هو صاحب أطروحة بناء الحضارة الإسلامية الجديدة التي يقول فيها أنّ وسيلته الأساسيّة لتحقيق هذا الهدف هو الكتاب؟ فأين نحن من الكتاب، ولماذا تخلّفت هذه الوسيلة عن دورها المحوري في مجتمعنا؟

هل اكتشفت الثّراء الحقيقيّ؟ الحياة الغنيّة في عالم الكتاب
حين تتّصل بعالم الكتاب وتشعر بأنّ لديك قدرة الوصول إلى المعارف والحِكم والمعاني اللامتناهية المبثوثة فيه من قِبل مئات آلاف الكتّاب والمفكّرين، ستشعر أنّك غنيٌّ حقًّا، وأنّ حياتك متّصلة بالفرص الواسعة.

هذا أمر عجيب هذه قصّة ناجحة.. الدرس الخامس من الدورة الأولى في أسرار كتابة القصة الناجحة
فكر في الأمر جيّدًا كيف تجذبهم!القصة مهما كانت قصيرة أو طويلة تعتمد على مجموعة من العناصر الأساسية إذا أردنا لها النجاح. نحن نكتب القصة من أجل أن يقرأها الناس.. الكاتب الذي يقرر أن يكتب للناس ينبغي أن يراعي شرطًا أساسيًا وهو أن يجعل الناس يقرأون وهذا المعبر عنه بعنصر التشويق أو الجاذبية أو الإمتاع أو ما شاكل.

فكر جيدًا كيف تجذبهم؟ الدرس الرابع من الدورة الأولى في أسرار الكتابة الناجحة
بما أنّ عنصر التشويق هو عنصرٌ أساسي في الأعمال الأدبية وخصوصًا في القصص والروايات، فلا بد للكاتب أن يراعي هذا الشرط دائمًا ويعمل على تحقيقه.

ما هو دور القصة في نشر القيم؟
الدورة الأولى في أسرار كتابة القصة الناجحة

ما هي القصة الناحجة... أيّ تأثيرٍ تفعله بنا القِصص؟
ما معنى أن يكون الإنسان روائيا ناجحًا يكتب الروايات والقصص ويكون ناجحًا؟؟ هل لروايتك تأثير إيجابي على الناس؟ ما هو نوع التأثير الذي تتوقع أن تحدثه روايتك في الناس والمجتمع؟

أيّها الكاتب إليك هذا السؤال.. الدرس السادس من الدورة الأولى في أسرار الكتابة الناجحة
من القضايا التي تجذب الناس كثيرًا بسبب بحثهم عن قوانينها والحكمة فيها وأسرارها هي قضية الحب.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...