
محنة العلم في العالم المسلم
كيف يمكن اكتشاف طريق الخلاص
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب بحثًا عن حضارة جديدة
في برهةٍ ما اعتقد المسلمون أنّ لديهم مفاتيح العلوم كلّها، ثم تفاجأوا بعد قرونٍ بقومٍ جاؤوهم بعلومٍ كثيرة لم يعرفوا عنها شيئًا. للأسف كانت هذه المفاجأة كارثية، لأنّ هؤلاء القوم كانوا وحوشًا يفترسون كل ما يمكن أن يقع في أيديهم.
تحوّل المسلمون بين عشيةٍ وضحاها إلى عبيدٍ وأتباع يخضعون لسطوة الغرب المتسلّح بأنواع العلوم والتقنيات؛ وإذا بمصر التي كانت ذات يوم تطعم أهلها ومن حولهم، تصبح مستجدية لطحين هذا الغرب لكي تبقى على قيد الحياة يومًا بعد يوم، بل ويتحول شعبها البالغ حوالي مئة مليون نسمة إلى أسير لا حول له ولا قوة يشاهد مياهه تغور ومستقبله يظلم ولا يستطيع أن يفعل شيئًا، لا بل يجد إخوانه الأقربين في غزة يفتك اليهود بهم دون أن يستطيع أن ينصرهم.
فأيُّ عجزٍ هذا الذي وصل إليه المسلمون بفعل هذا الفارق الهائل في العلم؟!
ما الذي جرى؟ وهل كان المسلمون مخدوعين موهومين بما لديهم، أو أنّهم أعرضوا عنه؟ ولماذا؟
لا شك بأنّ العالم المسلم عاش لعدة قرون وهو متفوِّق في العلم سواء كان علم الدنيا أو الدين (الدين هنا هو ما يرتبط بالحياة الآخرة)؛ لا نستطيع أن نقول بأنّه كان متفوقًا في التقانة على شعب الصين، لكن الفارق في هذا المجال لم يكن كبيرًا بحيث يقلب موازين القوة كما هو حاصل اليوم (لو هجم الصينيون على المسلمين في ذلك الزمان، ربما لم يفلحوا في استعمارهم أو هزيمتهم كما فعل الغرب بهم).
قضية التقانة الحالية والتي تطورت بصورة هائلة حين انضمت إلى مسيرة العلم، لها قصتها الخاصة عند المسلمين. وهذه القصة ترجع بالدرجة الأولى إلى سيطرة عقيدة معينة عندهم ترتبط بعدم جواز تغيير العالم. الاعتقاد بأنّه لن يكون في هذا العالم أفضل ممّا كان، سيطر بشكلٍ شبه كامل على ذهنية علماء المسلمين الذين رأوا في تغيير العالم تحدّيًا للحكمة الربانية. أي اعتراض على الوضع القائم كان يُفهم على أنّه اعتراض على العدل الإلهي وعلى النظام الأحسن أو الأجمل الذي خلقه الله!
كان على المسلم وفق هذا الاعتقاد أن يجعل حياته منسجمة مع هذا العالم حتى يبلغ أجله، وينتقل منه بأقل ما قُدّر من الخراب والفساد، حتى يلقى الله وهو عنه راض في ذلك العالم. التغيير هنا لم يكن يعني سوى الفساد، وللفساد في الأرض عقاب شديد عند الله. أمّا مفهوم التسخير فهو يعني أن نستفيد مما أعطانا الله من قدرات وإمكانات من هذا العالم دون التصرف فيها.
وقد انعكس إعراض المسلمين عن التصرُّف في الأرض وموادها إلى درجة أنّهم لم يسعوا لتطوير الآلات والأدوات التي يستخدمونها في حروبهم حتى في أزمنة مجدهم واقتدارهم. أي تغيير أو تطوير حدث كان يُفرض عليهم من الخارج؛ وكان على فقهائهم أن يجدوا له مبررًا شرعيًّا، خصوصًا إذا لاح منه تقليد للكفار!
لا تنتهي قصة العلاقة بين المسلم والتقانة عند هذا الحد؛ فقد التزم من اكتشف منهم بعض القدرات العظيمة في هذا المجال بألّا يستخدمها مهما حصل. كان عارفٌ كبير يشاهد اندحار المسلمين أذلاء من الأندلس ولم يفعل شيئًا مع أنّه كان يمتلك ما هو أعظم من التقنيات الموجودة اليوم! ربما كان يرى هذا الاندحار والذل كجزء من العقاب الإلهي المحتوم الذي لا يجوز التدخل فيه.
في أوروبا القصة مختلفة تمامًا. صحيح أنّ الكنيسة فرضت تلك العقيدة التي آمن بها المسلمون أيضًا لردحٍ من الزمن، لكنّ الأوروبيين، وبمجرد أن كانوا يتحررون من سلطة الكنيسة، كنت تراهم ينطلقون في الأرض لتسخيرها مع تلك الدوافع المحمومة التي ساعدهم عليها الهرب من البرد والصقيع والوفرة في المياه والأشجار. الحركة الاعتراضية لكالفين ولوثر والتي تشكّلت فيما بعد بمذهبٍ نهض لمواجهة قمع الكنيسة وسطوتها، رأى أنّ تسخير الأرض لا يتعارض مع الديانة، بل المسيحي الواقعي هو من يجمع بين الدنيا والآخرة، وأنّه كلما ازداد غنًى واقتدارًا في الدنيا كان أكثر تقًى. المفارقة هنا أنّ هذه الحركة انطلقت من دافعٍ مغايرٍ تمامًا، لأنّها كانت في البداية اعتراضًا على جموح الكنيسة نحو الدنيا وزخارفها.
أضحت المهارات المرتبطة بتسخير المواد والعناصر الطبيعية وتشكيلها بحسب الرغبة ممدوحة جدًّا في العالم المسيحي، وقد جلبت لأصحابها الثراء. لا ينبغي أن ننسى أنّ جانبًا مهمًّا من هذه المهارات قد تشكل وتطور بفضل كنيسة روما نفسها. من يطّلع على تاريخ بناء الفاتيكان يلاحظ هذه الحقيقة. المهارات المعمارية والهندسية والفنية كانت تعيش عصرها الذهبي في عملية تحويل كنيسة القديس بطرس في روما إلى رائعة معمارية تجذب بل تسحر أعين المسيحيين والملحدين على السواء. وقد تحولت هذه العملية إلى حاضنة مهمة لأعظم المهندسين والرسامين والنحاتين في ذلك العصر. وهذا ما يفسّر التفوق النوعي للمدن الإيطالية المحيطة بروما على صعيد المهارات التقنية التي ما زالت مشهودة في مجموعة مهمة من الأُسر الإيطالية في عصرنا الحالي.
ثمّ جاء الاندفاع المحموم نحو الاستعمار بعد أن بدأ التسابق البروتستانتي والكاثوليكي على نشر المسيحية في أرجاء العالم، وما نجم عنه من تطور مذهل في صناعة السفن ومتطلباتها. وكذلك كانت عملية الاستحواذ الاستعماري على التراث التقني الذي كان موجودًا عند الشعوب المستعمَرة. كل ذلك ساهم في تكوين أرضية مساعدة جدًّا لثورة تقنية في الغرب المسيحي، تلاقت في نهاية المطاف مع حركة الاكتشافات العلمية.
يجب أن نلتفت بأنّ الثورة التقنية في العالم المسيحي سبقت بقرون أي ثورة علمية، وأنّ التلاقي بين العلم والتقنية بدأ مؤخرًا. الكثير من التطورات التقنية هي التي كانت سببًا لملاحظة حقائق العالم. سقوط التفاحة على رأس نيوتن لم تكن الحادثة الوحيدة التي أوصلت هذا العالِم إلى اكتشاف الجاذبية. كان نيوتن شديد الولع بالعلوم الغريبة كالسيمياء والكيمياء، وكان يسعى طوال حياته لتحويل النحاس إلى ذهب!
إذا قلنا بأنّ التقنية (التكنولوجيا) هي العامل الأول في تطور العلوم التي أمدّت الغرب بمثل هذه القدرات النوعية فلا نكون مبالغين. تعلّم الأوروبيون من خلال التجربة، والتجربة تنمو في أحضان المهارات الحرفية والتسخيرية. الأوروبيون الذين فضلوا نهج الملاحظة التجريدية تخلفوا عن غيرهم، كما حصل للفرنسيين مقارنةً بالبريطانيين. الألمان جاؤوا متأخرين لكن مهاراتهم الحرفية (التي اكتسبوها من الإيطاليين) ساعدتهم على التفوق لاحقًا.
نأتي إلى هذا العصر، حيث وجد المسلمون أنفسهم تحت سلطة الغرب الذي تخلى في النهاية عن كنيسته، حين رآها تحد من اندفاعه المحموم المتفلت. حاول بعض المسلمين أن يرجعوا إلى دينهم عسى أن يسعفهم في التحرر والخلاص. لم يكن ما تركه الأقدمون مساعدًا. كل علوم ابن العربي في هذا المجال غير مفهومة، وأسرار الشيخ البهائي ماتت معه. باءت محاولات المسلمين بالفشل لأنّ سعيهم للخلاص والتحرر انطلق هذه المرة من نقطة خاطئة. لم يكن المسلمون قد أهملوا التقانة والعلوم المرتبطة بالأرض والكون فحسب، بل أهملوا دراسة أهم نقطة في حضارتهم وأسباب مجدهم، وهي نقطة البدء. الدراسات التي تفسّر سر انبعاث القوة الإسلامية كانت مليئة بالأفكار المضللة، وذلك لأنّها كُتبت لأجل تبرير سلطة الذين استولوا على هذه القوة الإسلامية وجعلوها تابعة لمشاريعهم العشائرية والدنيوية.
وبسبب هذه الرؤى والأفكار التي تشكلت كمذاهب، ابتعد المسلمون عن فهم سر القوة والاقتدار. لم يعد بإمكانهم أن يهتدوا؛ وكان عليهم أن يدفعوا أثمانًا باهظة، وما زالوا. اختار فريق منهم طريق اللحاق بالغرب مع الحفاظ على الهوية. الأمر يبدو صعبًا جدًّا، مع أنّه أقل كلفة كما يبدو.
حين حصر المسلمون علوم الوجود بالشريعة ثم انسد عليهم باب الاهتداء إليها إلا من طريقٍ ضيق جدًّا، كان عليهم أن يبذلوا جهودًا مضنية لاكتشاف أحكامها. بدون الشريعة لن يبقى للمسلمين أي هوية. لكن هذا الطريق المضني كان يعني بذل الكثير من الجهد مقابل نتاج محدود التأثير. يرجع العالِم فقيهًا إلى بلدته بعد دراسة امتدت لعشرين سنة، ولا يكون لأهلها نصيب من علمه سوى بضع ساعات على مدى الحياة! معرفة مسائل الابتلاء التي لا تحتاج إلا للسؤال عند الابتلاء.
لم تغير الخروقات التي حصلت على صعيد العلوم الأخرى الواقع كثيرًا. أضحت دراسة الفلسفة الإسلامية حكرًا على عدد قليل جدًّا من أهل العلم الذين وجدوا أنفسهم مُحاصرين من قبل التيار الفقهي أيضًا. ولهذا قصته التي يجب أن تُعرف. لكن ما قدّمه أصحاب الفلسفة على صعيد الاقتدار (الذي هو محور حديثنا هنا) لا شيء يُذكر. لم نسمع بأي إسهام نوعي من قبل فيلسوف عظيم الشأن كان بإمكانه أن يحمي المسلمين من اجتياح المستعمرين المتوحشين.
رغم أنّ عالَم الفيلسوف أقرب من غيره إلى نقطة البدء، لكن الفلسفة الإسلامية لم تخض كثيرًا في دراسة ظاهرة النبوة ودورها الحضاري. اقتصرت الدراسات بمعظمها على فهم العلاقة بين النبوة والسماء. نادرًا ما تمت معالجة هذه العلاقة على صعيد الأرض. كان الفلاسفة يقرأون قوله: {قالَ الَّذي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُك}،[1] لكنّهم لم يبحثوا عن أسرار هذا الأمر. وذلك لأنّ نقطة البدء في الفلسفة الإسلامية لم تكن إسلامية ولم تنبعث من ظاهرة النبوة، حتى لو قلنا إنّ التفكير الفلسفي مؤيَّد من قبل الدين. للمفارقة هنا اليهود قد بنوا معظم تراثهم على البحث عن هذا السر الذي يُقال عنه خاتم سليمان؛ بل يمكن القول بأنّ عالَم الأحبار كان لمئات السنين متمحورًا حول اكتشاف أسرار علوم هذا النبي.
العلم الذي تمتع به آصف بن برخيا وصي سليمان كان من الكتاب (الذي يُعتبر القرآن مظهره الأتم الأعلى)، ومع ذلك فقد أعطاه هذا العلم ذلك الاقتدار العجيب الذي لم تصل إليه البشرية اليوم رغم كل التطور التقني الذي حققته. إنّ هذا الاقتدار هو من علم الكتاب، فليس مذمومًا ولا هو بالسحر المحرَّم.
انشغال الفلاسفة بعيدًا عن هذا العلم يرجع إلى ذلك الاعتقاد الذي سيطر عليهم بشأن العالم الأرضي وتغييره. لم ينتجوا من العلوم والدراسات ما يساعدنا على فهم أسباب التخلف عند الغرب. لحد الآن الدراسات التي تفسر هذه الظاهرة المحيرة قليلة جدًّا!
ما بين الرضا بالتخلُّف (وأتباع هذا الرأي قلة) وبين اللحاق بالغرب يوجد رأي آخر يزداد عدد أتباعه وهم يشاهدون الآثار الوخيمة والمدمرة للعلوم الغربية وتجربتها التقنية.. لكن مجرد وجود رأي لا يكفي لتشكيل تيار الإنقاذ. نحتاج إلى هذا العالِم الذي يجمع بين الأصالة الدينية والاقتدار العلمي. نحن بحاجة إلى آصف الزمان الذي يدلنا على طريق العلوم التي تعطينا القدرة على التصرف في العالم دون تخريبه. القدرة التي نتمكن بفضلها من تحرير أنفسنا من سطوة الغرب وهيمنته دون أن نتحول إلى علمانيته. القدرة التي تبدأ من تشكيل وعي عام لأصل القدرة نفسها ولمنبعها، وأن الله لا يعطيها لقوم إلا إذا كانوا يريدون نصرة دينه والانطلاق على الطريق الحقيقي للنبوة.
[1]. سورة النمل، الآية 40.

على طريق بناء المجتمع التقدمي
المجتمع التقدّمي هو المجتمع الذي يتحرّك أبناؤه نحو قمم المجد والفضيلة والكمال.المجتمع التقدمي هو التعبير الأمثل عن استجابة الناس لدعوة الأنبياء الذين أرادوا أن يخرجوا البشرية من مستنقع الرذيلة والحيوانية والعبثية لإيصالها إلى أعلى مراتب الإنسانية والنور..فما هي سبل إقامة هذا المجتمع؟وما هي العقبات التي تقف في طريق تحقّقه؟ على طريق بناء المجتمع التقدّمي الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14.5*21عدد الصفحات: 376الطبعة الأولى، 2019Isbn: 978-614-474-081-1السعر: 14$

أسس النهضة الاجتماعية
أطروحة تسعى لتقديم المعالم الرئيسية للنهضة الاجتماعية وأسسها ومقومات بنائها. وفي طيات ذلك يعرض لأهم العوامل التي أدت لتخلف المجتمعات المسلمة وسبل الخروج منها. وفي الكتاب عرض لمشروع شامل لتأمين مستلزمات هذه النهضة ويحدد المسؤوليات الكبرى الملقاة على عاتق الطبقة المتعلمة وقادتها. أسس النهضة الاجتماعيّة الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21 غلاف ورقي: 112 صفحة الطبعة الأولى، 2010مالسعر: 8$

روح المجتمع
كتابٌ يُعدّ موسوعة شاملة ومرجعًا مهمًّا جدًّا يمتاز بالعمق والأصالة لكلّ من يحمل همّ تغيير المجتمع والسير به قدمًا نحو التكامل، يحدد للقارئ الأطر والأهداف والسياسات والمسؤوليات والأولويّات والغايات المرحليّة والنهائيّة في كلّ مجال من المجالات التي يمكن أن تشكّل عنصرًا فعّالًا في حركة التغيير، على ضوء كلمات قائد الثورة الإسلاميّة المعظّم روح المجتمع الكاتب: الإمام الخامنئي/ السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*25غلاف كرتوني: 932 صفحةالطبعة الأولى، 2017م ISBN: 978-614-474-020-0 سعر النسخة الملوّنة: 100$سعر النسخة (أبيض وأسود): 34$ للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراءه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

أي مجتمع نريد؟
ما هي أهمية البحث عن المدينة الفاضلة؟ وكيف نرتقي بوعينا ومسؤوليتنا الاجتماعية؟ ما هي القضايا التي لا بد من دراستها وفهمها لرسم معالم الطريق الموصل إلى المجتمع الأمثل. وما هي العوائق الكبرى على هذا الطريق.

القرآن يهدي لقيادة المجتمع
التفكر في الحياة الاجتماعية في القرآن 16

العامل الأول لانطلاق مسيرة التقدم في المجتمع
ورد عن الإمام الصادق (ع): "ثَلَاثَةٌ تَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ لِلْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ: مُكَافَأَةُ الْمُحْسِنِ بِالْإِحْسَانِ لِيَزْدَادُوا رَغْبَةً فِيهِ، وَتَغَمُّدُ ذُنُوبِ الْمُسِيءِ لِيَتُوبَ وَيَرْجِعَ عَنْ غَيِّهِ، وَتَأَلُّفُهُمْ جَمِيعًا بِالْإِحْسَانِ وَالْإِنْصَاف". لا يمكن لأي مجتمع أن يتجه نحو الفضيلة، بمعنى أن ينشأ فيه توجّه عام وتيّار عمومي نحو الفضائل والكمالات والأعمال الصالحة والتقدّمية، من دون وجود مثل هذه القيادة على رأسه، ترعى وتقود وتنشّط هذه الحركة العامة... وهنا يأتي الإمام الصادق (ع) ليُرشد السلطات أو الحكومة أو القيادة في هذا المجتمع إلى أنّهم إن قاموا بهذه الواجبات الثلاثة، فإنّها ستكون عاملًا أساسيًّا في تنشيط هذه الحركة ودفع تلك العجلة الأساسية للتقدّم على مستوى المجتمع.

أهمية التفكر في أحوال المجتمعات
الحياة الاجتماعية في القرآن الكريم الدرس الأول

الدور الأساسي للجامعة في المجتمع
لو أرادت الجامعة أن تؤدي دورها المطلوب على مستوى النهوض بالمجتمع، ينبغي لها أن تكون محلًّا لانطلاق المشاريع وبناء الخطط، شرط أن يكون ذلك قائمًا على أساسين: الأساس الأول: الارتباط الحقيقي بكل الطاقات العلمية المتاحة. والأساس الثاني: تفعيل هذا الارتباط ضمن البيئة الجامعية.

عن أولوية العلم في مجتمعنا.. كيف يجب أن تكون العلاقة بين القيادة والعلماء؟
لا ينحصر النقاش حول العلم في أهميته ودوره وتأثيره على صعيد إدارة المجتمع، ولا ينحصر هذا النقاش في حقيقة العلم وتمييزه عن الجهل، وإنّما يتعدى ذلك إلى قضية ذات أهمية فائقة ترتبط بأولوية العلم على صعيد اهتمامات قادة المجتمع وإدارتهم. إن فرغنا من تثبيت قيمة العلم كسلطانٍ وقدرة، واستطعنا أن نتفق على المعنى الدقيق للعلم، يبقى الكلام بشأن موقعيته ضمن دائرة الأولويات؛ وذلك لأنّ العلم لا يأتي لنجدة القادة والمسؤولين كيفما شاؤوا، وإنّما يتطلب منهم سعيًا وطلبًا وتدبيرًا واجتهادًا.

اختناق مسيرة العلم في المجتمع.. هل هي سبب الأزمة الحالية؟
“ما زال هناك الكثير مما يمكن أن يقال ويكتب حول الإسلام”، المرشد الأعلى آية الله العظمى الخامنئي حين نتأمل في عمق الثورة الإسلامية في إيران ـ والتي اعتُبرت أعظم حدث وقع في القرن العشرين، ما زالت تردداته مستمرة وستستمر إلى وقت طويل ـ فإننا نلاحظ بأن هذه الثورة كانت انفجارًا وقع بعد أن تهيأت إحدى مقدماته الأساسية، والتي قلما يشار إليها في أدبيات الثورة ـ سواء من قبل محبيها أو أعدائها. وهذه المقدمة الأساسية كانت عبارة عن حدوث طفرة نوعية في إنتاج ونشر الفكر الإسلامي داخل المجتمع الإيراني. ولم تكن هذه الطفرة سوى ثمرة جهود متضافرة لمجموعة من المفكرين والعلماء الذين أعادوا النظر إلى الإسلام من زواية المجتمع والسياسة.

أولى أولويات المجتمع الشيعي.. حين لا يعمينا دخان الحروب والأزمات
بحسب ما نعرفه من السنن الإلهية، لا تكون الحروب والأزمات والعداوات وأشكال الأذى التي يلحقها الكفار بالمؤمنين إلا لسببٍ واحد فقط ولا غير، وهو: تقوية بنية المؤمنين اجتماعيًا والارتقاء بنفوسهم إيمانيًا

كيف نرتقي بالمجتمع.. ودور التعمُّق الفكري في هذا المجال
لا شيء يمكن أن يمنح المجتمع حيويةً فائقة ونشاطًا كبيرًا مثل انشغاله بعالم الأفكار والقضايا الكبرى. وفي المقابل تُعدّ السطحية الآفة الكبرى التي تُهدّد المجتمعات البشريّة، نظرًا لما تُحدثه من إبعاد للناس وإلهائهم عن مصائرهم. ميزة القضايا الكبرى أنّها مصيرية سواء أجرى الاهتمام والتوجُّه إليها أم لا. في النهاية سيستغل البعض غفلتنا ليرسموا مصيرنا بأنفسهم. لا يمكن جعل القضايا الكبرى صغرى أو سخيفة لمجرد عدم الحديث عنها والاهتمام بها.

حين يكون المجتمع مقبلًا على القيم.. ماذا عن حياة العلماء!
المجتمع الذي يُكرم العلماء حقًّا هو المجتمع الذي يشعر بحضورهم في حياتهم، من خلال التنعُّم بعلومهم وتقدير هذه القيمة التي يضيفونها إلى حياته ومسيرته، وهي قيمة لا يمكن أن يُستغنى عنها بوجه.

5. ضرورة الإنتاج الفكري في المجتمع العلمي
يحتاج المجتمع العلمي إلى المفكرين لأنّهم يقومون بتطبيق مبادئ الإسلام والاجتهاد وأصول الشريعة على الواقع المُعاش والقضايا الزمانية، ففي كل عصر وزمان هناك مقتضيات تنشأ من التطوّر والتحوّل الاجتماعي والسياسي والتكنولوجي، وكل هذه تؤدي إلى نشوء قضايا تحتاج إلى عملٍ فكريٍ أصيل.

3. أركان المجتمع العلمي، دور المفكّر في بنائه
لكي يتحقق المجتمع العلمي لا بد من تشكّل سلسلة من الحلقات تبدأ من المنبع الحقيقي لتصل إلى الإبداع والفن فما هي هذه الحلقات وكيف تتصل وتتواصل؟

2. من أين ننطلق لنصنع المجتمع العلميّ؟
هل تعلم أنّ المجتمعات البشرية تعاني كثيرًا من الجهل؟ المجتمعات الإسلامية اليوم لا تمتلك الكثير من المعارف والعلوم التي تحتاج إالها في إدارة شؤونها وتحقيق التقدم والازدهار.. هل تعلم أنّ القرآن الكريم يتضمن كل ما تحتاج إليه البشرية من معارف وإنّه المصدر االوحيد للعلم فكيف نصل إلى معارف القرآن؟
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...