
أولى أولويات المجتمع الشيعي
حين لا يعمينا دخان الحروب والأزمات
الكاتب والمفكر #السيد_عباس_نورالدين
مؤلف كتاب #أي_مجتمع_نريد
{مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغيظُ} [الحج، 15]
بحسب ما نعرفه من السنن الإلهية، لا تكون الحروب والأزمات والعداوات وأشكال الأذى التي يلحقها الكفار بالمؤمنين إلا لسببٍ واحد فقط ولا غير، وهو: تقوية بنية المؤمنين اجتماعيًا والارتقاء بنفوسهم إيمانيًا؛ وأي تصور آخر حول هذا الصراع وحكمته وفلسفته يُعد جهلًا بحقيقة هذه الحياة الأرضية وحكمة الخالق الحكيم.
غالبًا ما يسقط ضعاف الإيمان بأوهام الشرك، فيحسبون الكفار قادرين على القضاء على الإيمان والرسالة، وكأنّ الله تعالى مجرد ناظر إلى هذا العالم. لذلك، فإنهم قد يستميتون في الدفاع عن أنفسهم إلى الدرجة التي تجعلهم غافلين عن أسباب القوة وعوامل النصر الواقعية. وحين يشكل هؤلاء الضعاف ثقلًا في مراكز القرار، فإنهم يفرضون آراءهم وتصوراتهم ومشاريعهم وأولوياتهم على هذه المراكز، رغم عدم قناعة قيادتها بها.. فلكي تحفظ إيمانهم وانتماءهم قد تتنازل القيادة الإيمانية عن رأيها، وتتماشى مع أولويات هؤلاء المرجفين المرعوبين، الذين لا يرون سوى وسيلة وحيدة للبقاء، وهي تلك الاستماتة والتركيز الكلي على الدفاع والقتال دون أي شيء آخر؛ أو ما يُعرف اليوم بتغليب العسكر والسياسة على الثقافة والعلم.
هذا ما يحدث تمامًا في عالم الرزق، فبسبب سوء ظنه برازقية الله وكفايته لعبده، يستجلب الإنسان قوانين جديدة تطبق عليه، ويكله الله إلى نفسه. وما أقرب الشبه بين قوانين الرزق وقوانين النصر في هذا العالم!
إنّ الأكثرية الجاهلة الضعيفة الإيمان التي تفرض أولوياتها على المؤمنين الموحدين الواثقين بربهم، سترسم طبيعة المعاملة الإلهية مع الجماعة المؤمنة كلها، لأنّ الله تعالى يعامل الأمم بحسب سيرها وتوجهاتها العامة. وكل أمة تقطف ثمرة سعيها وتبلغ غايتها مهما وُجد فيها من أخيار أو نوايا طيبة. لذلك يجب على المؤمنين أصحاب اليقين العمل على تغيير معتقدات الضعفاء وتقوية إيمانهم بنصر الله، من أجل إعادة تشكيل الأولويات وترتيبها.
ولا يخفى أنّ البنية الاجتماعية وفق المنظور الإسلامي إنّما تتطابق مع قيم الإسلام وتعبر عن رسالته في حالتين فقط؛ الأولى حين تتمكن الجماعة المؤمنة من إقامة مجتمع إسلامي قيمي يكون شاهدًا وحجة على المجتمعات الأخرى عبر إثبات قدرة الروح على تحقيق الازدهار وتحقيق العدالة في أرض الفضيلة. والثانية حين تحفظ هذه الجماعة مشعل رسالة الله وتنقله إلى من يأتي بعدها، أو لمن يمكن أن يستفيد منه من حولها. أما إذا خلت التجربة الإيمانية من هذين الإنجازين، فإنها لا تكون تحت رعاية الله وعنايته الخاصة، مهما بلغت على صعيد القدرات المادية والاقتصادية والأمنية والعسكرية والعمرانية.
أن تحفظ الأمن لمجتمعك دون أن يكون ذلك مقدمة وأرضية لانبعاث الفضيلة، ليس مقصود الله وأنبيائه. وهذا ما عبر عنه نبي الله صالح لقومه حين قال لهم: {أَتُتْرَكُونَ في ما هاهُنا آمِنينَ} [الشعراء، 146]، رغم عظيم أهمية الأمن والاستقرار لتحقيق الأهداف والتقدم.
حين ترضخ القيادة المؤمنة الموحدة للأكثرية الضعيفة الخائفة، فمن المتوقع أن يتمحور التفاخر بالإنجازات حول الاقتصاد والأمن، مع انحسار واضح لقضية العقيدة والقيم والفضيلة في خطابها. وشيئا فشيئا تترعرع الجماعة المؤمنة وتنشأ الأجيال الآتية على سقف متدن من التطلعات، دون أن تكون ملتفتة إلى أن منشأ ذلك كان فيما مضى سوء الظن بالله تعالى.
القيادة التي امتزجت بروح التوحيد وتيقنت بأن الله تعالى ما كان ليجعل للكافرين على المؤمنين سبيلًا، تعلم جيدًا أنّ كل هذه الضغوط مهما اشتدت إنما هي فرصة مناسبة لتوجيه الطاقات نحو تلك الأهداف الرسالية العظيمة. وحينها فإما أن ترسم مسار تحقيق ذلك المجتمع الإسلامي وسط هذا الصراع الكبير، أو تستفيد منه لأجل بلورة تلك الرسالة ونقلها إلى الأجيال. وعليه، يمكن لنا أن نرسم مسارًا تقدميًا واضحًا يحدد مدى صوابية اندفاعة وحركة الجماعة المؤمنة، لأن لهذا المسار مؤشرات دالة، حتى على مستوى الكم.
إنّ تبلور الرسالة التي تؤمن بها الجماعة يظهر في الإنتاج المعرفي المتميز. وأحد أشكال التميز هو ما يحمله هذا النتاج المعرفي من عناصر الهوية التي تشير إلى علو هذه الجماعة وتفوقها الحقيقي الذي يقابل الاستعلاء الإستكباري: {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ}.
إنّ التفوق المعرفي الرسالي هو ما نعبر عنه بالتفوق الثقافي الحضاري، الذي لا بد أن يتجلى في الأعمال الفكرية والفنية، والتي يضعها عقلاء العالم على رأس سلّم نتاجات الإنسانية وإسهاماتها.
إنّ التفوق الثقافي الذي يجب أن يظهر في الكيف وفي الكم أيضًا، يتبلور بتفوق هذه الجماعة في مستوى الدعوة إلى الفضيلة بكل أبعادها ودرجاتها، وفي عمق ذلك وفي عالميته وهيمنته، ثم فيما سينجم عن هذا التفوق المضموني من تفوق في البيان والإبداع والظهور.
إنّ الجماعة الشيعية التي عاشت في لبنان على مدى العصور لم تترك شيئا يُذكر على صعيد العمران والمال والثروة؛ أما إنجازاتها السياسية فقد ضاعت بمعظمها؛ وصارت ذريتها فيما بعد مواطنين من الدرجة الأخيرة في بلد سكنته لمئات السنين. أما ما كان يمكن البناء عليه والاستفادة منه لأجل تحقيق أي مجد حقيقي للمستقبل فهو ما تركته هذه الجماعة من تراث فكري فني علمي يرتبط بهويتها قبل أي شيء، ويمكن أن يظهر تميّزها وعلوها وتفوقها الحضاري.
اهتم بعض رواد الثقافة بهذا التراث في محاولة لبث روح الهوية والتميز في هذا الوسط؛ وربما لم يتمكنوا من إشعار الأوساط الأخرى بأي شيء من هذا التميز الذي تستحق هذه الجماعة بسببه البقاء والمواطنة الأولى، ولهذا أسبابه العديدة. لكن لو أردنا أن نفكر بالمستقبل الآتي، وأردنا أن ننسجم مع مبادئنا التوحيدية وأحببنا أن يجري الله علينا أفضل سنن الأولين والآخرين، فيجب أن نلتفت إلى هذه الأولوية في خططنا ومشاريعنا وتوجهاتنا العميقة، ونعمل بكل ما أوتينا من قوة على توجيه الطاقات نحو الإنتاج الحضاري ذي الصبغة الشيعية التي نؤمن بأنها النسخة الأرقى والتفسير الأصفى للإسلام، دون أن يعني ذلك سلب الآخرين إنجازاتهم وإسهاماتهم. ولكي ينطلق هذا التوجه ويصبح تيارًا عامًا أو حاضرًا بقوة في الوجدان، يجب البناء على تراث الماضين فهمًا واستيعابًا ونقدًا واعتناقًا وتقديرًا. ولأجل بث القوة العظيمة في هذا التوجه، يجب استحضار أفضل التجارب المحلية والعالمية في هذا المجال، عسى أن يكون ذلك عاملًا لبث روح التنافس الإيجابي.
وباختصار، نحتاج إلى تربية الأجيال على معنى المساهمة الحضارية الحقيقية ودورها في تثبيت الهوية الأصيلة للجماعات والأمم. فمن أراد لهذه الجماعة الطيبة أن تستمر وتبقى وتزدهر وتستحق أعلى مراتب النصر الإلهي يجب أن يُعمل على تنشيط ودعم النتاجات المتميزة المتفوقة في مجالات الإنسانية وقيمها السامية.

على طريق بناء المجتمع التقدمي
المجتمع التقدّمي هو المجتمع الذي يتحرّك أبناؤه نحو قمم المجد والفضيلة والكمال.المجتمع التقدمي هو التعبير الأمثل عن استجابة الناس لدعوة الأنبياء الذين أرادوا أن يخرجوا البشرية من مستنقع الرذيلة والحيوانية والعبثية لإيصالها إلى أعلى مراتب الإنسانية والنور..فما هي سبل إقامة هذا المجتمع؟وما هي العقبات التي تقف في طريق تحقّقه؟ على طريق بناء المجتمع التقدّمي الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14.5*21عدد الصفحات: 376الطبعة الأولى، 2019Isbn: 978-614-474-081-1السعر: 14$

كيف سيجمع الإمام المهدي كلمة شيعته ومواليه؟ مقدّمات وحدة صف الموالين المصلحين
لا تنحصر معاناة الموالين والمحبّين لأهل البيت (عليهم السلام) في استضعاف أعدائهم لهم والتنكيل بهم ومحاصرتهم ومحاربتهم وقمعهم؛ فهناك معاناة، لعلّها أشد وأنكى، وهي ما يحصل فيما بينهم من عداوات ونزاعات في شتّى المجالات، وخصوصًا المجال الدينيّ والفكريّ.

عن اختلاف الشيعة وسبل الخروج منه
لو نظرنا في كل فرق العالم ومذاهبه وطوائفه وجماعاته لعلنا لن نجد جماعة لديها من المشتركات في العقيدة والقيم والقوانين والأحكام العملية كما لشيعة أهل البيت عليهم السلام؛ هؤلاء الذين يؤمنون بعصمة الأئمة وبخلافتهم المؤكدة للنبي الأكرم صلى الله عليه وآله..

لماذا سيصبح التشيع مذهبًا عالميًا؟ 10 أسباب وراء مستقبل التشيع الباهر
لماذا نعتبر بأنّ التشيّع سيكون مذهبًا عالميًّا، تتبناه أكثرية البشرية كأفضل نمط للعيش، وأسهل أسلوب للتعامل مع مشكلات الحياة وأرقى منهج لصناعة المستقبل؟إنّ أي مدرسة فكرية أو دين أو مذهب، إذا كان لا بدّ له أن يستقر ويثبت على مستوى أتباعه أو ينتشر ويسود على مستوى العالم، لا بدّ أن يتمتع بمجموعة من المواصفات والخصائص العالمية، والتي هي في الواقع تلك الخصائص المشتركة التي تحدد ما هي الإنسانية والتي نعبر عنها بالمميزات الفطرية. ولا يعني هذا أنّ تمتع أي مذهب بمجموع هذه الخصائص الفطرية كاف لتحقيق هذا النجاح والانتشار؛ فيبقى على أتباع هذا المذهب أن يعملوا بصدق على إظهار مذهبهم وعرضه على الناس وفق هذه الخصائص الفطرية، مثلما أن عليهم تجاوز تلك العقبات والموانع التي تنشأ بشكل أساسي في عصرنا الحالي، من الاحتكار الإعلامي والهيمنة المفروضة من قبل الأمبراطوريات الإعلامية التي تقع تحت الدعم والحماية غير المباشرة للقوى الكبرى، وكذلك تجاوز الحدود والقيود التي تفرضها بعض الحكومات على حرية شعوبها وأنواع حرية التعبير والتواصل الفكري.

ما العمل لجعل مذهب التشيّع متفوقًا.. السيد عباس نورالدين يكمل الحديث عن مستقبل التشيع كمذهب عالمي
أن تكون عالميًّا لا يعني بالضرورة أن تكون على هدى أو أن تمتلك الحقيقة؛ فقد تعرض مذهبك أو مدرستك ضمن الأطر والقوالب الفطرية، فيُقبل الناس عليها أفواجًا أفواجا، ليكتشفوا فيما بعد خواء ما هو خاوٍ منها أو كذب ما كان مناقضًا للادّعاء. فالدعاية هي فن تجميل القبيح، وهي صناعة كبرى تنفق فيها مئات مليارات العملة الصعبة سنويًّا؛ لكن أن تكون على حق وأن تكون مؤمنًا وتابعًا لمذهبٍ جامعٍ للكثير من الأمور التي يحتاج إليها الناس بحسب فطرتهم، يوجب عليك انطلاقًا من إنسانيتك أن توصل لهم هذه البضاعة الجميلة التي تعرفت إليها وخبرتها؛ ولكي تفعل ذلك تحتاج إلى عرضها بطريقة جذابة وسلسة وعالمية.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...