حول ضعف الدوافع نحو التدين
لماذا نشاهد ما يشبه الارتداد بين الشباب؟
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب بحثا عن حضارة جديدة
قديمًا كتب العلّامة المطهري حول الدوافع نحو المادية؛ وكانت المادية قد اجتاحت كل العالم بما في ذلك الحوزات الدينية في إحدى نسخها التي هي عبارة عن الظاهرية والقشرية. لم تمضِ مدة طويلة حتى اجتاح عالمنا توجهٌ جديد نحو الدين. كانت الثورة الإسلامية في إيران التي تحدت الشرق والغرب ووقفت بشموخ أمام الغطرسات الإمبريالية وتسلُّط القوى العظمى ذات جاذبية خاصة، استقطبت الكثير من المسلمين وأعادت روح التدين بفضل قيادتها التي ذكّرتنا بالأنبياء ورفعت شعار عودة الدين إلى الحياة.
دخول الناس أفواجًا في الدين ورجوعهم إليه لم يكن في الغالب بسبب قراءة معمقة وواسعة للنصوص والكتابات التي دارت حول الدين، بل بسبب الشخصية العظيمة للإمام الخميني الذي أظهر أنّ الدين هو الذي يقف وراء هذه القوة التي قاومت وثارت وتحدت ووعدت بمستقبلٍ مشرق للبشرية.
التدين الجديد كان بمعظمه تفاعلًا مع روح بثت الأمل في الخروج من اليأس المطبق الناشئ من كل ما جنته معسكرات الرأسمالية المتوحشة والشيوعية الاستبدادية. ولم تمضِ برهة حتى نسي الناس هذه القوة التي حررت ووعدت بالتحرر، بعد أن بدأوا يتطلعون إليها كقوة تعدهم بالتقدم والازدهار والاقتدار. بالنسبة للكثيرين من هؤلاء المتدينين الجدد كان تغيير العالم كله مسألة وقت فقط!
لكننا غفلنا عن أن القوة التي نحتاج إليها لبناء مجتمعٍ مزدهر ومتطور ومستقل وكريم هي أكبر بكثير من القوة التي احتجنا إليها للثورة على المستبد الظالم والتحرر من الاستعمار وطرد المحتل من أرضنا.. لكنّنا لم نتمكن من إدراك هذه النقطة ربما لأننا استنفدنا كل طاقتنا الفكرية في المرحلة الأولى، فلم نتعلم من هذا الدين كيف تُبنى القوة أو يحصل الاقتدار العالمي، فارتد قسمٌ منا أو أُحبط حين رأى بُعد الشقة وطول المدة، وحين ارتطمت تجربته الجديدة بنوعٍ جديد من التحديات لم يعرف عنها شيئًا.
لا تمتلك أجيال اليوم فهمًا واضحًا لهذه الحقيقة، ولا يمتلك أصحاب الخطاب الديني بمعظمهم تصورًا دقيقًا عن علاقة الدين ببناء هذه القدرة؛ لذلك يصعب عليهم كثيرًا أن يبعثوا دوافع جديدة للتدين المطلوب في هذه المرحلة.
وما لم تقضِ على عدوك عند مواجهته، أو تكون على طريق القضاء عليه في أُفُقٍ واضح فتتقدم على مختلف الجبهات وأنت تسير نحو أهدافك، فإنّ هذا الأمر سيمكّن هذا العدو من استعادة قدراته التي فقدها أثناء منازلتك، ليعود مرة أخرى ويوجه لك أشد الضربات. وهنا ربما يتحول هدفك من "بناء مجتمعٍ متطور ومزدهر وعزيز" إلى تحقيق الصمود قدر الإمكان.
الصمود يعني الثبات على ما أنجزته مهما كانت الأكلاف والأثمان. وفي مثل هذه المعركة العالمية الحضارية، أن تتنازل عن بعض الوعود التي قطعتها لمن دخلوا في الدين أفواجًا سيكون من هذه الأثمان، ولن تقدر على المحافظة على تلك الروحية الثورية التي بنيت بها مؤسساتك التي كُلّفت بتحقيق التطور. حين تتحول المؤسسات عن ذلك الهدف الكبير وتتخلى عنه، وإذ بها لا تخدم سوى هدف الصمود، فمن المتوقَّع أن يخرج الناس منها أفواجًا، ويبقى المنتفعون المحافظون إلا ما رحم الله.
إذا كان الدافع عند الشباب للتدين بعد الانتصار هو تحقيق ذلك المجتمع الراقي المتفوق، ولم نقدر على تلبية دافعهم هذا، فمن الطبيعي أن يعم الإحباط ويضعف هذا التدين الذي قام على أساس طموحات كبرى.
التدين العمومي أو تشكل تيارات واسعة للتدين في المجتمع كان وسيبقى تابعًا لمدى نجاح أئمة الدين في مخاطبة الآمال ومواساة المضطهدين.
حين تتمكن الشخصيات التي تنطق باسم الدين من الاستحواذ على خطاب الأمل وخطاب المواساة، فتتمكن من إراءة الأفق المشرق في الغد الآتي وتتمكن من تفسير أسباب المعاناة الجديدة (التي معظمها ناشئ من ضعف الجبهة الداخلية وتشتتها) وتحديد المسؤولين عنها والوقوف بوجههم، فإنّ دعوتها إلى التدين ستلقى الاستجابة الواسعة.
وحين تصبح هذه الشخصيات في موقع التبرير للوضع الحالي وتكتفي بمقارنته بماضٍ بئيس يصعب على الشباب إدراكه وتصوره، فإنّ هذه الشخصيات أو هذا الخطاب الديني سيفقد القدرة على تشكيل دوافع قوية نحو التدين.
إن أرادت الشخصيات التي تتصدى للشأن العام أو التي تمتلك نفوذ المنابر أن تكون قوة استقطابية، فهي بحاجة إلى التعامل مع المشكلة الأساسية بكل جرأة ووضوح؛ وذلك بربط الحلول بالدين وقدرته الفريدة على الخروج من المأزق. ويجب أن يرى الشباب هذه الفرادة والتميز في الدين في أُطروحة وقيم هي أوسع وأعمق مما هو موجود عند الآخر وربما بجاذبية أكبر، مثل المقاومة والتحرر والنظام والتطور والمدنية والعمران الذي يمكن أن نشاهد نماذجه البارزة خارج نطاق الدين.
لا ينبغي أن ننسى أنّ قوة الدين في العصر الحديث قد تبلورت، في الوقت الذي أدرك كل العالم أنّ الصراع الفكري والأيديولوجي الذي هيمن على كل الثقافات إنّما هو صراع بين قوتين عظميين تسعى كل واحدةٍ منهما للسيطرة على العالم وتحقيق مصالحها الخاصة. ولذلك جاء الخطاب الديني الإسلامي الثوري فريدًا وناصعًا وصادقًا. وبعبارةٍ أخرى، كان جزءٌ من قوة هذا الخطاب نابعًا من إفلاس الأطروحات التي وقعت ضحية استغلال القوى الإمبريالية في الشرق والغرب.
في حين أنّ الخطاب الديني اليوم يعتاش على غطرسة الآخر واستكباره وهمجيته التي تجلت في الحروب التي شنها على منطقتنا وبالخصوص على فلسطين. فما دام هذا الخطاب يقود حركة المقاومة والرفض والاستنكار لهذه البشاعة الغربية (التي تستأثر بالثقافة العالمية) فإنّه سيقدر على تعبئة الشباب واستقطابهم. وحين يستخدم الآخر سلاح القوة الناعمة، ولا نقدر على استخراج العناصر الناعمة من ديننا، فسوف يكون هذا الآخر في موقع الغالب.
وباختصار، إنّ حركات التدين واللاتدين كانت وستبقى تابعة للحركات الاجتماعية السياسية والاستحقاقات الكبرى والقضايا الأساسية. وأصحاب الخطاب الديني أمام هذا النوع من التحدي الذي يتطلب الكثير من العمل العلمي الذي لم يكن له سوابق على مدى تاريخ القرون الماضية.
* ينبغي أن نقر أولًا بأنّ تحديد ماهية التدين وحدوده يخضع كثيرًا لفهم كل شخص للدين. كما إنّ التدين ولا شك درجات ومراتب. ولهذا يقع الاختلاف في تحديد المتدين تبعًا للاختلاف حول الدرجة المطلوبة..
على طريق بناء المجتمع التقدمي
المجتمع التقدّمي هو المجتمع الذي يتحرّك أبناؤه نحو قمم المجد والفضيلة والكمال.المجتمع التقدمي هو التعبير الأمثل عن استجابة الناس لدعوة الأنبياء الذين أرادوا أن يخرجوا البشرية من مستنقع الرذيلة والحيوانية والعبثية لإيصالها إلى أعلى مراتب الإنسانية والنور..فما هي سبل إقامة هذا المجتمع؟وما هي العقبات التي تقف في طريق تحقّقه؟ على طريق بناء المجتمع التقدّمي الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14.5*21عدد الصفحات: 376الطبعة الأولى، 2019Isbn: 978-614-474-081-1السعر: 14$
روح المجتمع
كتابٌ يُعدّ موسوعة شاملة ومرجعًا مهمًّا جدًّا يمتاز بالعمق والأصالة لكلّ من يحمل همّ تغيير المجتمع والسير به قدمًا نحو التكامل، يحدد للقارئ الأطر والأهداف والسياسات والمسؤوليات والأولويّات والغايات المرحليّة والنهائيّة في كلّ مجال من المجالات التي يمكن أن تشكّل عنصرًا فعّالًا في حركة التغيير، على ضوء كلمات قائد الثورة الإسلاميّة المعظّم روح المجتمع الكاتب: الإمام الخامنئي/ السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*25غلاف كرتوني: 932 صفحةالطبعة الأولى، 2017م ISBN: 978-614-474-020-0 سعر النسخة الملوّنة: 100$سعر النسخة (أبيض وأسود): 34$ للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراءه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:
كيف أجعل مجتمعي قويًا؟
في ظل هذا المجتمع المنيع يتمكن الشاب المسلم من الحفاظ على قيم دينه الذي أنزله الله ليكون أعظم هدية لكل مجتمعات العالم وشعوبه التي تتوق إلى الانعتاق من قيود الظلم والضياع. فما هي مكونات المجتمع القوي، وكيف يمكن للشباب أن يجهّزوا أنفسهم ليشاركوا في أجمل الأعمال وأكثرها تشويقًا. كيف أجعل مجتمعي قويًّا؟ الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 112 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:
أي مجتمع نريد؟
ما هي أهمية البحث عن المدينة الفاضلة؟ وكيف نرتقي بوعينا ومسؤوليتنا الاجتماعية؟ ما هي القضايا التي لا بد من دراستها وفهمها لرسم معالم الطريق الموصل إلى المجتمع الأمثل. وما هي العوائق الكبرى على هذا الطريق.
هل يصح فرض الدين من خلال الغزو
بأي حق يغزو المسلمون بلاد الغير لنشر دينهم؟ وما هي المرات التي غزا فيها الرسول والإمام بلاد الغير وماذا كان السبب؟
كيف نعلم أننا نتبع الدين الحق؟
إذا كانت كل ديانة تتدعي أنها هي الفرقة الناجية وأنها هي على حق، كيف يمكننا أن نطمئن أن ديننا هو الدين الصحيح؟ ومن أين نبدأ في البحث عن الحقيقة؟
كيف نقنع من ينكر الحقائق الدينية؟
ما الطريقة التي يمكننا من خلالها مناقشة إنسان لا ديني أي أنّه يؤمن بوجود الله تعالى ولكن لا يؤمن بالأديان لأسباب وأسباب، وأنّه يوجد تزوير للحقائق ولا يوجد أدلة واضحة؟
ضرورة إعادة النظر في طرائق تعليم الدين.. ما هي أسباب الفشل وما هي عوامل النجاح
شاهدنا طلابًا في مدرسة إسلامية قد أنشأوا ناديًا تحت عنوان نادي الزنادقة (والزندقة هي إنكار الدين والألوهية). ونسمع عن طلاب كثر في مدرسة إسلامية أخرى باتوا يتعاطفون بصراحة مع الشذوذ الجنسي الذين يطلقون عليه اسم المثلية، لأنّهم يؤمنون بحرية الإنسان واختياره. لقد قابلت منذ عدة أيام خريجًا من إحدى المدارس الإسلامية يتبنى نظرية مالتوس بقناعة تامة ويؤمن بضرورة التخفيض من المواليد، لأنّه يعتقد بأنّ كثرة الإنجاب تمثّل مشكلة حقيقية للأرض (وأي عارف بروح الدين يدرك مدى أهمية الإنجاب ودوره على مستوى تغيير العالم وإصلاحه). الكثير من خرّيجي هذه المدارس لا يحملون فكرة ناصعة حول الزواج وضرورة الزواج وأهميته، فما الذي يحصل هنا؟
كيف نساعد من لديه شكوك حول الدين
كيف أستطيع أن أؤثر بطريقة غير مباشرة على فتاة لديها الكثير من الشكوك حول الدين وهي على وشك خلع حجابها؟
شاب نفر من الدين كيف نساعده؟
شاب عمره 32 كان مواظبًا على الصلاة واتباع نهج الحق، ومنذ فترة انقلب وترك الصلاة وبدأ ينتقد الإمام الخامنئي، ويبدو أنّه متأذٍ من بعض رجال الدين، كيف يمكن أن نساعده ليفصل بين تصرفات المسلمين وما يدعو إليه الإسلام من دون أن نجعله ينفر؟
كيف نقرأ الدين كمنظومة واحدة؟
كيف يمكن للإنسان أن يصل إلى مرحلة ينظر فيها ويقرأ هذا الدين كمنظومة واحدة بجميع أحكامه ومفاهيمه وقيمه ويحاول أن يربط بين كل هذه الأمور ، بحيث لو مر بحدث معين لا يتعامل معه بنظرته الخاصة أو من الزاوية التي يراها هو، بل يكون تعامله أوسع وأعمق؟
تطوير منهج تعليم الدين... وأسس بناء الشخصية المتدينة
هناك إجماع واسع على أنّنا كمؤسسات تعليمية إن كنّا نريد الانسجام مع هويتنا وثقافتنا الأصيلة، فيجب أن نولي التعليم الديني المزيد من الاهتمام كمًّا ونوعًا. فالتحديات التي تواجه التدين والنظرة إلى الدين تضاعفت وتشعّبت إلى حدٍّ كبير؛ ولم تعد تلك المناهج التي أُعدت بذهنية وظروف العقود الماضية قادرة على تلبية تلك التطلعات وتحقيق ما فيها من أهداف.
كيف يُحفظ الدين؟ ماذا يحدث حين تختلط الأصول بالفروع؟
ما يحفظ الإيمان ويرسخه هو اليقين النابع من قواعد العقل. كل يقين آخر سواء نشأ من شهود أو تجربة روحية أو رسوخ عادات لا يصمد، خصوصًا إذا واجه رياح العقل العاتية.
هل المشكلة في الإسلام أو في المسلمين؟ في البحث عن مشروع تطوير الخطاب الديني
ثمة إجماع بين المؤمنين بالإسلام على وجود مشكلة ترتبط بتقديم معارف الدين للناس، وهناك الكثير من الكلام حول قدرة الإسلام على حل معضلات الحياة الحديثة.. وإذا كنّا نعتقد في قرارة ذاتنا أنّ الإسلام في حقيقته دين شامل وخالد، فهل ستكون المشكلة هنا مشكلة استنباط أو عرض وتقديم؟ وهل الآليات الاستنباطية التي نستعملها عاجزةً أو قاصرة بذاتها، وبالتالي يجب إعادة النظر فيها أو تطويرها؟ أو أنّ العجز يرجع إلى قضية ابتكار وتجديد خطاب ديني يتناسب مع متطلبات العصر؟
ما الذي يمنع الناس من الإقبال على الدين؟ الدين وتحديات العصر
من القضايا الكبرى الأساسية هي علاقة الدين بواقع الحياة البشرية. حين يجد الناس أنّ هذا الدين قريب من واقعهم وقضاياهم ومشاكلهم ومعاناتهم واحتياجاتهم وتطلّعاتهم وآمالهم، فإنّهم يقبلون عليه ويشعرون بأنّه يمثّل إنسانيتهم وما يبتغونه وما يصبون إليه. هذا هو التحدّي الأكبر الذي يواجه أي منظومة فكرية أو دين أو مذهب في الحياة وهو: كيف يكون قريبًا من واقع الناس؟
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...