
تطوير منهج تعليم الدين
وأسس بناء الشخصية المتدينة
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب الإسلام كما عرفته وآمنت به
هناك إجماع واسع على أنّنا كمؤسسات تعليمية إن كنّا نريد الانسجام مع هويتنا وثقافتنا الأصيلة، فيجب أن نولي التعليم الديني المزيد من الاهتمام كمًّا ونوعًا. فالتحديات التي تواجه التدين والنظرة إلى الدين تضاعفت وتشعّبت إلى حدٍّ كبير؛ ولم تعد تلك المناهج التي أُعدت بذهنية وظروف العقود الماضية قادرة على تلبية تلك التطلعات وتحقيق ما فيها من أهداف.
هذا في الوقت الذي يدرك أهل الاختصاص والمهتمين أنّ تأثير المعارف الدينية على حياة الإنسان وكيانه ومصيره لا تضاهيه أي معارف أخرى. وإذا كنّا نتطلع إلى بناء الإنسان القوي الفاعل السعيد المتوازن، فلن نجد أمامنا سوى الدين الحق بتعاليمه وإرشاداته وبرامجه الشاملة والعميقة.
غالبًا ما يتم الخلط أو التسامح بشأن الفارق بين الإسلام والعلوم الإسلامية؛ وبالرغم من أنّ هذه العلوم قد نشأت في بيئة الإسلام وتفاعلت مع نصوصه السماوية وسعت إلى اكتشاف حقائقه وتفسير كلامه، إلا أنّها تبقى نتاج جهد واجتهادٍ بشري ينبغي أن يخضع للنقد والتمحيص والتدقيق. وفي الوقت نفسه، أضحى الكثير ممّا في هذه العلوم طريقًا ميسرًا إلى فهم الجوانب المهمة للإسلام نفسه.
اتّفق المسلمون على أنّ معارف الدين الحق ـ النازل من عند الله والذي يعبّر عن إرادة الله وغايته من خلق العالم والإنسان ـ مستودعة في كتاب الله المجيد وفي سنّة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وسيرته (وإن اختلفوا حول بعض جوانب هذه السيرة)؛ إلا أنّهم افترقوا بعدها حول من يمكنه أن يفسّر هذه السنّة المطهرة ـ التي يُفترض أنّها بيان وتجسيد وتفصيل للقرآن بالقول والعمل، قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون}.
الذين آمنوا بضرورة استمرار خط العصمة واعتقدوا بوجود خلفاء معصومين للنبي الأكرم حصروا هذا الموقع بهؤلاء المعصومين، الذين كان لهم دورٌ كبير في إغناء المسلمين بالمعارف العظيمة وتأمين حاجتهم المعرفية والعلمية؛ وبناءً على رؤية هذا المذهب، فإنّ كل تفسير آخر سيكون خاضعًا للنقد والنقاش والمساءلة. في حين اتّجهت مذاهب المسلمين الأخرى إلى توسعة دائرة المفسّرين الجديرين، لتشمل كل الصحابة أو بعضهم، بمعزل عن تقواهم والتزامهم وأمانتهم. ويبدو أنّ هذه التوسعة قد أدت على مدى العصور إلى تهميش دور أهل البيت المعصومين وإبعاد الناس عن علومهم ومعارفهم، وذلك لأسباب سياسية بالدرجة الأولى. وسرعان ما نشأ عن الدوائر التفسيرية في كل مذهب، دوائر أخرى غير معصومة؛ تفاعلت مع التراث المعصوم (القرآن والسنّة) وأنتجت تراثًا واسعًا ازداد اتّساعًا وما زال على مدى العصور، بحسب قوة اجتهاد وتحقيق أهله. وأصبحت الدائرة الثانية طريقًا أو وسيلة لكل من يريد معرفة الدين والوصول إلى حقائقه؛ سواء كان هذا الطريق صائبًا أو لا.
وعليه، لم يعد بالإمكان لأي باحث في القرآن والسنّة أن يتجاوز هذا التراث الاجتهادي، لأسبابٍ عديدة، منها ما يرتبط بعامل القرب الزماني من النص المقدس لرواد هذا التراث ومؤسسيه، الأمر الذي يمنحهم قدرات استثنائية لفهم لغته وبيانه (قرب عصرهم من عصر النزول). ومن يعرف ما جرى على اللغة العربية من تحريف وتضعيف وتغريب منذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا، يدرك أهمية هذه الخاصية وضرورتها.
إلا إنّ عامل اللغة لم يكن العامل الوحيد الذي أعطى أصحاب هذا التراث وورثتهم والماضين على نهجهم هذه الميزة، بل أيضًا التقدير العلمي والمعنوي لأصحابه، خصوصًا أولئك الذين تميزوا بميزات روحية وفكرية استثنائية ـ فكانوا من جهابزة الفكر وأساطين المعرفة وخلّفوا من الأعمال العلمية والفكرية ما يعجز الإنسان عن وصفه. أضف إلى ذلك عامل تضافر الجهود التحقيقية وتراكم الإنجازات العلمية التي لا بد أن تصل بفضل عملية التنقيح والتدقيق المستمر إلى العديد من النتائج الباهرة.
ورغم ضرورة الفصل بين الدين الحق (المتجلي في الثقلين)، وبين التراث العلمي لعلماء الإسلام (بمختلف مشاربهم ومذاهبهم)، إلا إنّ تقدير التراث والنظر إليه كوسيلة لتفعيل القدرات الفكرية والمعنوية يحتّم علينا أن نضعه في موضعه المناسب في مناهج تعليم الدين؛ وأي استخفاف أو تساهل بشأنه سيكون بمثابة الخيانة للدين نفسه، مثلما أنّه يُعد خيانة لروح الإنسان التي تسمو بفعل الإخلاص وبفعل التواضع وروح البحث عن الحكمة أينما وُجدت. وكل هذا لا يعني مساواة تراث العلماء بالأصل والمنبع، فتراث العالِم إنّما يزدهر ويرتقي بفعل عملية النقد والتنقيح؛ وهذا ما كان يرنو إليه أهله.
من الصعب تحديد نسبة الحقائق المكتشفة بواسطة التراث، إلى الحقائق المستودعة في الأصل ممّا بقي مجهولًا إلى يومنا هذا. وربما لا يوجد عالم متبحر إلا وهو يعترف ببعد المسافة بين ما اكتشفه وما جهله. فالإسلام بحرٌ عميق لا يُدرك قعره، لأنّه قد احتوى على جميع حقائق الوجود. وهناك حديث ملفت رُوي عن أهل البيت عليهم السلام، يكشف عن أنّ الإمام المهدي (عجل الله فرجه) حين يظهر ويبسط سلطانه على هذه المعمورة، سينتقل بمسيرة العلم إلى آفاق غير مسبوقة وسيظهر بقية أجزاء العلم، الذي ظهر منه لحدّ الآن ما يوازي حرفين من حروف الأبجدية، فعن أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) قَالَ: «الْعِلْمُ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا، فَجَمِيعُ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ حَرْفَانِ، فَلَمْ يَعْرِفِ النَّاسُ حَتَّى الْيَوْمِ غَيْرَ الْحَرْفَيْنِ، فَإِذَا قَامَ الْقَائِمُ (ع) أَخْرَجَ الْخَمْسَةَ وَالْعِشْرِينَ حَرْفًا فَبَثَّهَا فِي النَّاسِ، وَضَمَّ إِلَيْهَا الْحَرْفَيْنِ حَتَّى يَبُثَّهَا سَبْعَةً وَعِشْرِينَ حَرْفًا».[1]
وربما كان هذا التحديد بلحاظ الحقائق أو المعارف التي كشفها الأنبياء كلهم على مدى التاريخ، لا بلحاظ ما بقي لنا في الكتب وحفظه التراث العلمي لأتباعهم. لكن ما يهمنا هنا هو الإشارة إلى أنّ هناك الكثير الكثير من الحقائق المصيرية التي تنتظر الوارثين ليكتشفوها ويظهروها ويستعملوها فينالوا بذلك القدرات الاستثنائية التي تمكّنهم من التفوق على كل هذا الباطل الذي ملأ الآفاق وأصم الآذان.
لكي نُخضع علوم الوارثين للنقد العلمي البنّاء، يجب تحديد نقطة البدء الصحيحة؛ وهذا ما سيبرز عند البحث عن جواب السؤال الأول بشأن السبب الذي يقف وراء كل هذا التفاوت والتهافت داخل هذا التراث نفسه (حتى داخل المذهب الواحد).
فإذا تجاوزنا عنصر البواعث النفسية السلبية (كالعصبية والتآمر والحقد والعداوة وحب الدنيا وطلب الجاه...)، نحتاج إلى دراسة الأسباب المرتبطة بقدرات العلماء العلمية والفكرية، ومعرفة المناهج والمعايير التي حكمت قواهم الإدراكية، التي هي العقل والفطرة والحس والخيال واللغة.
إنّ تحديد الأفكار والآراء التي نتجت عن البواعث النفسية السيئة يجب أن يكون جزءًا من تمرين الطالب الباحث، ويجب تعميق البحث حولها في الأصول والفروع. هذا، وقد حفلت الدراسات والرسائل العلمية المختلفة بالكثير من نماذج تلك الأفكار العابثة والمضللة، وربطت بينها وبين بواعثها.
وقد أسس علماء الإسلام أصولًا للبحث العلمي، واستفادوا من أصول أخرى وردت في النص المقدس، مكّنتهم من تقديم مناهج بحثية علمية غاية في المتانة؛ وكانت هذه الأصول كفيلة بتشكيل قواعد محكمة لبناء صرحٍ شامخ ظهر منه هذا التراث الواسع، الذي نشاهد آثاره في هذا الكم الهائل من الأبحاث والدراسات والكتابات.
ومن جملة هذه الأصول ما ارتبط بعمل العقل في فهم العرف الذي خاطبه الدين، وتحليل النص المقدس والاستنباط منه، ودور اللغة العربية ومداليل الألفاظ والهيئات، واكتشاف المدسوس والتحريفات والوضع والأكاذيب والمغالطات. وبدراسة هذه الأصول وتحصيل مهاراتها يصبح الباحث متميزًا بقدرات بحثية وفكرية وتحليلية استثنائية؛ وهمّنا الأكبر في إعداد المناهج يتعلق بكيفية تسهيل هذه الدراسة وتحصيل مهاراتها.
وحيث إنّ للدين الحق ثلاثة أبعاد أساسية ـ غالبًا ما يُشار إليها تحت عنوان العلوم الثلاثة ـ وهي: العقيدة التي تكشف عن الحقائق الوجودية، والقيم التي تمثل الحقائق في جمالها، والشريعة التي تكشف عن البعد العملي لتلك الحقائق في تنظيمها وقيادتها لحياة الفرد والمجتمع؛ يتفرع عن ذلك ضرورة تفعيل تلك القوى الإدراكية الإنسانية ـ أي العقل والفطرة والعرف (بما يشمل اللغة) ـ التي تكون وسيلة أساسية لاكتشاف تلك الحقائق وسبر أغوار العلوم التي تخصصت فيها.
إنّ الهدف الأسمى للمناهج التعليمية يجب أن يكون عبارة عن تحقيق أعلى مستوى من القرب والاقتراب من منابع الدين ومصادره الواقعية؛ وهذا ما يتطلب العمل الدؤوب على تحديد الأسس أو القوانين والمناهج والأدوات التي تحقق الهدف بأسرع وقت وأيسر طريقة وأقل مجهود؛ لأنّنا أمام استحقاقٍ يختلف كثيرًا عن أي تحدٍّ يمكن أن نواجهه في المدارس التقليدية المعروفة بالحوزات العلمية؛ فنحن أمام تحدي بناء الشخصية الدينية عبر التعليم العام وفي الأغلب ضمن مؤسسة المدرسة العصرية.
ينبغي أن نعترف بأنّنا نعيش في عصرٍ استثنائي يشكّل، بالإضافة إلى تلك التحديات، فرصة غير مسبوقة تظهر في إقبال الجميع على التعليم الإلزامي (أي المدرسة)؛ وهي فرصة تحمل معها إمكانات هائلة، نظرًا لبدء التعلّم منذ السنة الثالثة وحتى السنة الثامنة عشر؛ وما يمكن أن يتعلمه الطفل في هذه المرحلة العمرية، يفوق أي تصور، ويحتم علينا أن نرتقي كثيرًا بأهداف مادة التعليم الديني.
مثل هذه الفرصة كانت في الأزمنة الماضية محصورة بعددٍ قليل ممّن قُيض لهم وراثة مميزة في المولد والتربية. أمّا اليوم، فإنّ هذا الاستعداد أصبح يتشكل قهرًا بفعل عوامل الإلزام من جهة، والتوقعات الكبيرة من جهة ثانية، أضف إلى ذلك التطور الهائل على صعيد العمل الممنهج في التعليم وطرائق التدريس. فكم تبدو مناهج تعليم الدين والحال هذه متخلفة عن الركب، بدل أن تكون السباقة في اغتنام هذه الفرص وتطوير مناهجها بما يتناسب مع الأهداف والتطلعات الكبرى.
بناءً عليه، يجب العمل على تخصيص محاور أساسية في التعليم الديني تدور حول ما وصل إليه التراث؛ ممّا يستلزم الوقوف على أعلى مراتب الاكتشافات التي حققها علماؤه؛ ليتسنى بعدها العمل على تحديد ما يلزم للتحرك نحو تلك الأهداف الكبرى للدين. وهذا ما يُعدّ نوعًا من النقد الإجمالي الحاصل من استيعاب مجمل التراث.
لنفرض أنّ القسم الذي يدور حول إثبات التوحيد في الأبحاث العقائدية قد احتوى على مجموعة من الأدلة والبراهين التي تبلورت على مدى القرون، فالسؤال هنا ـ بعد استقصاء الأدلة ـ هو حول أعلاها وأفضلها على صعيد خدمة بيان دقائق التوحيد، وعلى صعيد قوة المنطق والإقناع والثبات أمام الإشكالات. فهل يمكن أن نعتبر مساهمة العلامة الطباطبائي في تطوير برهان الصِدّيقين عن الملا صدرا ـ الذي بدوره قام بتطوير هذا البرهان أيضًا عن ابن سينا ـ هو أرقى ما وصل إليه الفكر البشري في إثبات التوحيد؟
في الدراسات الحوزوية يتعرف الطالب ـ عبر دراسة أهم الأبحاث الفقهية التي اشتهرت بين العلماء وأنتجت الشخصيات العلمية المرموقة ـ إلى مسيرة التطور التي مر بها العقل العلمي الاستنباطي منذ بداية تشكّله بصورة مدرسية على يد الشيخ الطوسي وإلى العصور المتأخرة؛ فيدرك إلى حدٍّ كبير النقطة التي ينبغي أن يكمل منها مسيرته البحثية ويتمكن من تحديد النواقص والفراغات ونقاط الضعف التي يجب التخلص منها؛ ومثل هذا التشخيص والتحديد يكون مرهونًا لإدراك تلك المحطات الأساسية في مسيرة الاجتهاد، والنقلات النوعية التي حدثت فيها؛ وبذلك يقدر على تحديد نقاط قوة القدماء وضعفهم، ونقاط قوة المعاصرين وضعفهم، ويسعفه ذلك في الاستفادة من نقاط القوة ليزداد قوة، ويطبق الحديث الشريف: "أعلم الناس من جمع علوم الناس إلى علمه".[2]
ولا شك بأنّ الدين لا ينحصر في إطار التجربة العلمية، مع أهميتها الفائقة في تشكيل الشخصية المتدينة؛ لأنّ جانبًا مهمًّا من هذه الشخصية يرتبط بالأحاسيس والمشاعر والتوجهات المعنوية والسير في مراتب الكمال. كل هذا لا يمكن أن يتحقق إلا في ظل التجربة الروحية الخاصة التي تحصل من جراء التفاعل الإيجابي مع عالم الوجود؛ وهذا ما يؤمّنه الدين عبر منظومته القيمية المحفزة لتلك التجربة.
إنّ المظهر الأتم للوجود المطلق (أي الواقع بكل مراتبه) هو ما يتم التعبير عنه في الدين بأسماء الله وصفاته، حيث يمثّل كل اسم قيمة سامية، فلا يبقى بعد هذه الأسماء من كمالٍ متصوَّر. وبواسطة الارتباط المعنوي بعالم الأسماء الإلهية، تتبلور منظومة القيم الإسلامية المتفوقة. فمن الاسم الرب أو الإله تتشكل قيمة العبودية كأسمى قيمة يمكن أن يتحقق بها أي إنسان، ومنها تظهر قيمة الحرية المطلقة أو التحرر والانعتاق من كل عوائق الكمال المطلق؛ وتظهر سلبيات ما سوى الله التي هي القيود العدمية (لأنّ كل ما خلا الله باطل).
لهذا، فالمعوّل أن تتبلور منظومة القيم الإسلامية ـ التي تكون بمثابة دليل الملاحة في رحلة سفينة البشرية نحو غايتها العليا ـ من معرفة أسماء الله وظهور تجليات كماله المطلق. ويمكن النظر إلى عمل ابن العربي المعروف بكشف المعنى، كنموذجٍ جدير بالتأمل حول هذه القضية بالذات.
إنّ حث المتعلم على دراسة الثقافات والديانات من زاوية القيم لهو الضامن الأكبر لترسيخ انتمائه إلى الإسلام الذي هو الملّة الأعلى؛ وبعدها لن يرغب عن هذه الملّة إلا من سفه عقله واستخف بنفسه، كما قال تعالى: {ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه}.[3]
فالسلاح الأقوى الذي يستخدمه عدوّ البشرية اللعين لإغواء بني آدم وحرفهم عن الحق والعدل والفضيلة إنّما يتمثل في قدرته العجيبة على تزيين الباطل بجمال القيم. فتراه قد نجح إلى حدٍّ كبير في جعل الثقافة الغربية تتبنى الشذوذ الجنسي ـ تحت عنوان زواج المثليين ـ باعتبار أنّه حرية لا تضر بأحد. وتراه يفعل ذلك في كل باطل أو قبيح أو شر حتى لا يترك للإنسان أي سوء إلا ويدخله فيه. وما لم نتمكن من تثبيت تفوّق الإسلام على صعيد القيم التي يصبو إليها الإنسان بفطرته، فلن نتمكن من إبطال عمل إبليس وخطته المشؤومة. هذا الهدف الذي يتطلب احتواء المنهاج على قدرات المقارنة الدقيقة بين المنظومات القيمية.
[1]. مختصر البصائر، ص 320.
[2]. المحاسن، ج1، ص 230.
[3]. سورة البقرة، الآية 130.

روح التربية
الإنسان لا يأتي إلى الدنيا فاسدًا. في البداية يأتي إلى الدنيا بفطرة جيّدة وهي الفطرة الإلهية "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَة"، وهذه هي الفطرة الإنسانية فطرة الصراط المستقيم والإسلام والتوحيد. أنواع التربية هي التي تفتح هذه الفطرة أو تسد الطريق على الفطرة. التربية هي التي يمكن أن توصل المجتمع إلى كماله المنشود، وهي التي تجعل البلاد إنسانية نموذجية كما يريدها الإسلام روح التربية الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 192 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

الإسلام كما عرفته وآمنت به
هذا الكتاب مساهمة في ترسيخ حوار القيم والمشتركات في زمن يبحث فيه الجميع عن التلاقي. ولا شيء أفضل في هذا المجال من إظهار بعض جمال ما نؤمن به ونعتنقه. الإسلام كما عرفته وآمنت به الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 198 صفحةالطبعة الأولى، 2017مللحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

كيف أصبح فقيهًا؟
لأنّ شريعة الإسلام جاءت لتنظّم حياة الإنسان والمجتمع، وترشده إلى بلوغ قمم المجد والكمال، ولأنّ الناس بحاجة إلى معرفة هذه الشريعة من مصادرها الإلهية، فإنّ المجتمع الإنسانيّ بحاجة إلى العالم التقيّ الورع الذي يمتلك قدرة الاجتهاد والفقاهة لاستنباط الأحكام والأنظمة والقوانين التي ستكون العامل الأوّل لهداية الإنسانية إلى الازدهار والتطوّر والسعادة والرقيّ. كيف أصبح فقيهًا؟ الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 112 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

المدرسة النموذجية
إنّ القوّة الأساسيّة للمدرسة النموذجيّة تكمن في برامجها ومناهجها التي تتميّز بقدرتها على تقديم المعارف والمهارات بأحدث الطرق وأسهلها، وتعتصر كل التراث العظيم للبشريّة وتتّصل بكامل التّراث الاسلامي وتقدّمه لطلّابها عبر السنوات الدراسيّة كأحد أعظم الكنوز المعرفيّة. وهكذا يتخرّج طلّابنا وهم متّصلون بهذا البحر العظيم لكلّ الإنجازات الحضاريّة في العالم كلّه ويمتلكون القدرة التحليليّة اللازمة لتمييز الخير من الشرّ في جميع أنحائه. المدرسة النموذجيّة الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 140 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

المدرسة الإسلامية
يعرض لأخطر المشاكل وأهم القضايا حول أوضاع المدارس الحالية، التي تبنت المناهج الغربية، وذلك بالطبع بحثًا عن المدرسة المطلوبة التي تنسجم مع حاجات المجتمع وثقافته. كل ذلك من أجل بعث حركة فكرية جادة بين المهتمين بالتعليم عن طريق بناء الرؤية الشاملة للتربية التعليمية في الإسلام. المدرسة الإسلاميّة الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 232 صفحةالطبعة الأولى، 2014مالسعر: 10$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

لماذا أتعلم؟
ما يهدف إليه هذا الكتاب هو تعميق نظرتك إلى العلم ودوره وأهميّته في حياتك، حتى تقبل عليه بكل وجودك، لأنّه أعظم خير يصيبه الإنسان في هذا العالم. وحين تقدّر أهمية العلم وموقعيته تصبح مستعدًّا للبحث حول هدفه وغايته وكيفية تحصيله. كن عالمًا حقيقيًا تهتدي إلى العمل المطلوب. لماذا أتعلّم؟ الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 136 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

روح المجتمع
كتابٌ يُعدّ موسوعة شاملة ومرجعًا مهمًّا جدًّا يمتاز بالعمق والأصالة لكلّ من يحمل همّ تغيير المجتمع والسير به قدمًا نحو التكامل، يحدد للقارئ الأطر والأهداف والسياسات والمسؤوليات والأولويّات والغايات المرحليّة والنهائيّة في كلّ مجال من المجالات التي يمكن أن تشكّل عنصرًا فعّالًا في حركة التغيير، على ضوء كلمات قائد الثورة الإسلاميّة المعظّم روح المجتمع الكاتب: الإمام الخامنئي/ السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*25غلاف كرتوني: 932 صفحةالطبعة الأولى، 2017م ISBN: 978-614-474-020-0 سعر النسخة الملوّنة: 100$سعر النسخة (أبيض وأسود): 34$ للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراءه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

كيف أحيا مسلمًا وأعيش سعيدًا
في عالم اليوم حيث تتلاقى الحضارات وتتصادم الثقافات، تبرز الأديان كمحور أساسي في كل هذا التفاعل. وما أحوجنا إلى تقديم ثقافتنا الأصيلة في بعدها العملي المعاش الذي يطلق عليه عنوان نمط العيش.وفي هذا الكتاب سعى المؤلف إلى عرض القيم الإسلامية المحورية في قالب الأسلوب والنمط الذي يميز حياة المسلم الواقعي الذي ينطلق من عمق إيمانه والتزامه بمبادئ الإسلام وقيمه السامية. كيف أحيا مسلمًا وأعيش سعيدًا الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 288 صفحة الطبعة الأولى، 2019مISBN: 978-614-474-037-8 السعر: 12$

ثورة التربية والتعليم
يتطرّق الكتاب الرابع في سلسلة الأطروحة التربوية التعليمية التي يقدمها السيد عباس نورالدين إلى أهم القضايا التي تواجه أي ثورة حقيقية تريد إعادة إنتاج التربية التعليمية وفق استحقاقات العصر ومتطلّبات الزمان وبما يتناسب مع التحدّيات التي يعيشها مجتمعنا.الثورة التي يدعو إليها الكاتب تطال جميع مفاصل التربية التعليمية من رؤى ومناهج وقيم وحتى تلك التفاصيل التي تعني كل عامل أو مهتم بهذا المجال المصيري. ثورة التربية والتعليم الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 216 صفحة الطبعة الأولى، 2019مISBN: 978-614-474-033-0 السعر: 12$

حول أسلمة العلوم الطبيعية أو التطبيقية.. مبادئ أساسية لبناء المناهج
لا ينظر المؤمنون بالإسلام وقيمه إلى الحركة العلمية الغربية بارتياح عمومًا، ومنها ما يرتبط بالعلوم التي تمحورت حول دراسة الكون والطبيعة والإنسان؛ هذه العلوم التي عبّرت عن نفسها بمجموعة من الاختصاصات والفروع، وظهرت بنتاج هائل استوعب جهدًا كبيرًا للبشرية، فأصبح بسبب ضخامته وحضوره مدرسة عامة يتبنّاها العالم كلّه. فالمنهج الغربيّ في التعامل مع الطبيعة والكون والإنسان هو المنهج المعتمد اليوم في كل بلاد العالم دون استثناء. إلا إنّ المؤمنين بالإسلام متوجّسون من حركة الغرب عمومًا، لا سيّما حين ينظرون إلى نتائج هذه العلوم على مستوى علاقة الإنسان بربّه. لقد أضحت هذه العلوم علمانية بالكامل، ليس أنّها لا ترتبط باكتشاف مظاهر حضور الله وعظمته وتدبيره وربوبيته فحسب، بل أصبحت سببًا لحصول قطيعة بين الإنسان وخالقه؛ في حين أنّ هذه العلاقة هي أساس سعادة الإنسان وكماله. أضف إلى ذلك، الآثار الهدّامة المشهودة لهذه العلوم على مستوى التطبيق والتكنولوجيا.من هنا، فإنّنا ندعو إلى إعادة النظر في هذه المقاربة، والعمل على تأسيس مقاربة أدق وأوسع وأشمل تجاه الكون والإنسان والوجود تنطلق من فهم فلسفة الوجود وغايته، فتكون عاملًا مساعدًا لتحقيق الأهداف الكبرى.

مسؤوليّتنا تجاه نشر المعارف الدينيّة. ما الذي ينبغي أن نفعله لجعل مجتمعنا إسلاميًّا بالكامل؟
ينبغي أن نعترف قبل أي شيء بأنّنا لم نحدّد جميع المعارف الدينيّة ونضعها في مكانٍ ما؛ كما أنّنا لم نقم لحدّ الآن بتصنيفها ضمن مراتب تتدرّج مع الإنسان بحسب قدرته على الاستيعاب أو التطبيق. لهذا، ليس من السهل أن نحدّد نسبة المعرفة الدينيّة العامّة في مجتمعنا.

كيف نعلّم أطفالنا الدين؟ مبادئ متينة لتعليمٍ قويم
عن أمير المؤمنين(ع): "أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ".[1]إنّ الهدف الأكبر لنزول الدين هو تعميق الرابطة المعنويّة بين الإنسان وربّ العالم. ويجب أن يكون هذا الهدف هدف التعليم الدينيّ حتمًا. ولا بأس من الإشارة بدايةً إلى بعض أبعاد هذا الهدف وتجلّياته في الواقع النفسيّ والعمليّ، لما لهذا الكلام من تأثير على توجيه التّعليم نفسه.

المشروع الحضاري للتعليم العام.. كيف ننزل هذا المشروع في قالب المناهج المدرسية
السؤال الأساسي هنا هو أنّه كيف يمكن أن نجعل من المشروع الحضاري الكبير الذي نؤمن به منهاجًا دراسيًّا، بل محورًا أساسيًّا في التعليم العام، بحيث يمكن الوصول بالمتعلم إلى مستوى من الفهم والإيمان والتبني والمسؤولية تجاهه، حتى ينتقل إلى الحياة التخصصية والمهنية وقد جعل ذلك كله قائمًا عليه ومتوجهًا إليه.حين يتمكن المتعلم من رؤية الحياة كما هي في الحقيقة، لن ينخدع بعدها بهذه الظواهر: ناطحات السحاب، التكنولوجيا، الطائرات، العدد الكبير لسكان دولة، الدخل القومي الكبير.. فكل هذه المدنية وهذا العمران وهذه الآلات والأدوات لن تكون عاملًا يصرف ذهن هذا المتعلم عن حقيقة ما يجري، وسوف يجد نفسه منخرطًا بسهولة في المكان والموقف الحق الذي يعمل بصدق ووفاء على تحقيق صلاح البشرية والأرض.

الطريقة الأمثل لتدريس الدين.. رؤية منهاجية ومعالجة تقنية
الدين الإلهي نظام حياة لأجل تحقيق إرادة الله في تكميل الإنسان والعالم. فهو مشروع عملي تطبيقي له أهداف محددة، لا مجرد اختبار أو امتحان. وأبعد ما يكون الدين عنه هو إشقاء الإنسان وتكبيده والإضرار به وتعذيبه. ففيه الحل لكل المشاكل المستعصية التي تعجز عقول الناس عنه، بالإضافة إلى أنّه أفضل وسيلة لتنمية العقول والاستزادة من أنوارها.إنّ إيمان الإنسان بالتكامل واعتقاده بأنّ حياته عبارة عن فرصة وحيدة لتحقيق هذا الهدف هو القاعدة الأولى لبناء الدين وصرحه المتين في النفس والقلب. وحين تهون نفس الإنسان عليه ويستقل شأنها، فسوف تضعف علاقته بالدين ولا يرى حاجة فيه. فإن كنّا نريد تقوية رابطة أبنائنا بهذا الدين الحق، فعلينا أن نبتكر كل وسيلة ممكنة لأجل ترسيخ شعورهم بأهمية الاهتمام بنفوسهم وارتباط ذلك بكل ما سيجري عليهم في الحياة الدنيا والآخرة.

ما الذي يمنع الناس من الإقبال على الدين؟ الدين وتحديات العصر
من القضايا الكبرى الأساسية هي علاقة الدين بواقع الحياة البشرية. حين يجد الناس أنّ هذا الدين قريب من واقعهم وقضاياهم ومشاكلهم ومعاناتهم واحتياجاتهم وتطلّعاتهم وآمالهم، فإنّهم يقبلون عليه ويشعرون بأنّه يمثّل إنسانيتهم وما يبتغونه وما يصبون إليه. هذا هو التحدّي الأكبر الذي يواجه أي منظومة فكرية أو دين أو مذهب في الحياة وهو: كيف يكون قريبًا من واقع الناس؟

المنهاج السليم في تدريس الدين... الأصول والقواعد
للنصوص الدينية وقعٌ عميق وبنّاء في النفوس، سواء كانت من القرآن الكريم وأحاديث المعصومين، أو ما صدر من علماء الدين الذين ذابوا في هذين الثقلين. وبالنسبة لنا لن نجد ما هو أبلغ وأكثر تأثيرًا من هذا التراث العظيم على مستوى ترسيخ الفضيلة والاندفاع نحو الكمال وصيانة النفوس من آفات هذا العصر.

ضرورة رواج التعمق الفكري... السيد عباس نورالدين يطرح قضية التعمق الفكري مجدّدًا
التعمّق الفكري يرتبط بالبحث عن أسرار وخبايا وخفايا أي ظاهرة أو قضية يمكن أن يواجهها الإنسان؛ هذا بالإضافة إلى أنّ التعمّق الفكري من شأنه أن يفتح على الإنسان أبواب الكثير من القضايا المجهولة. فالمتعمق بفكره لا يرضى بأن تكون حياته سطحية وهامشية، خصوصًا حين يرى الوجود وهذا الكون بما فيه من حوادث وظواهر مليئًا بالقضايا المثيرة والعجائب المدهشة، وهذا ما يحفز على التفكر فيما وراء الأشياء لمعرفة أسبابها وعللها.إنّ مجتمعنا بأمسّ الحاجة إلى التعمّق الفكري، لأنّه يواجه ظاهرة خطرة هي ظاهرة الغزو الثقافي بكل أشكاله، في الوقت الذي تعشعش فيه حالة الانبهار وغلبة الأوهام، ولا يمكن الخروج من كل هذه الحالات السلبية إلا بالوعي والبصيرة التي تتحقّق بواسطة التعمق.

كيف تكون الأرض مشروعًا تعليميًّا أساسيًّا؟ بدل التشرذم، تتضافر العلوم والمناهج
منذ أن حصل الطلاق بين العلوم التجريبية والفلسفة، والأرض تئن تحت وطأة التفلت العجيب في استخدام عناصرها ومكوّناتها بطريقة تنذر بكارثة وجودية. حين أصبح ما يُسمى اليوم بالعلم (أو الساينس) يمارَس لأجل "العلم" كما يُقال، فقد العمل البحثي في كل ما يتعلق بالأرض أي نوع من التوجه الهادف والمسؤول تجاه هذا الكوكب الذي يبدو أنّه الوحيد الحاضن للحياة.

أفضل مناهج دراسة الطبيعة، لماذا يجب أن نعيد النظر في تعليم هذه المواد؟
عرفت البشرية طوال تاريخها المديد منهجين أساسيين لدراسة الطبيعة. وقد انتصر ثم هيمن أحد هذين المنهجين بعد صراع لم يدم طويلًا. كان الأول يعتمد على فلسفة البحث من خلال طرح الأسئلة المرتبطة بالموقعية الوجودية لأي كائن أو عنصر طبيعي والبحث عن سر وجوده وعلاقته بغيره.

هل يصح تدريس العلوم الطبيعية بمناهجها الحالية؟ وما هي الشروط التربوية لنجاح هذا التعليم؟
تعمد الأطروحة الجديدة للمدرسة النموذجية إلى إعادة النظر بشأن تعليم العلوم الطبيعية كالفيزياء والكيمياء والأحياء وكذلك الرياضيات، وذلك بما يتناسب مع الرؤية المرتبطة بدور العلم في الحياة البشرية. لقد تم التركيز على هذه العلوم في المناهج الغربية باعتبار الموقعية المركزية لعالم المادة والطبيعة في الحياة البشرية. ففي الفكر الغربي المادي يُعد تسخير الطبيعة وعناصرها أساس السعادة البشرية، وذلك باعتبار أنّ المنشأ الأساسي للقدرة هو المادة. وبحسب هذا الفكر، بالقدرة يتمكن البشر من الوصول إلى السعادة أو حلّ المشكلات المختلفة... في حين أنّه بحسب الرؤية الكونية الدينية، فإنّ القدرة الأساسية (أي قدرة التغيير والتأثير) إنّما تتجلى في إرادة البشر. وهذه الإرادة لا تظهر فقط بالسيطرة على عناصر الطبيعة، وإنّما تظهر في سلوكياتهم وتعاملهم فيما بينهم في الاجتماع والسياسة. كما أنّ مستوى القدرة يتحدد وفق طبيعة استخدام عناصر الطبيعة وآلياتها وبرامجها؛ ممّا يعني أنّ هذه القدرة الناشئة من تسخير مواد الطبيعة إنّما تتبع أهداف البشر ونواياهم وكيفية استعمالهم لهذه المواد، لا مجرد تسخيرها كيفما كان.لذا يجب قبل أي شيء العمل على بناء الرؤية السليمة المرتبطة بدور الانسان في تسخير عالم المادة، ومدى تأثير ذلك على سعادة البشرية أو شقائها، وتعريف المتعلم إلى كل عناصر القدرة التي يمكن أن يحقق من خلالها سعادته وسعادة مجتمعه.

كيف تصنع المناهج هم تهذيب النفس؟ إطلالة معمقة على دور المدرسة في التربية
يمكن للتعليم المدرسي أن يساهم مساهمة كبرى في توجيه المتعلم نحو أحد أكبر قضايا الحياة وأهمها وأكثرها تأثيرًا على حياته ومصيره، ألا وهي قضية تهذيب النفس والسير التكاملي إلى الله. ولا نقصد من التعليم المدرسي تلك البيئة الفيزيائية المتعارفة، التي يمكن أن تكون معارضة تمامًا لهذا النوع من التربية والتأثير، وإنّما المقصود هو المناهج التعليمية التي يمكن صياغتها وتطويرها بحيث تصبح قادرة على جعل قضية التكامل المعنوي الجوهري همًّا واهتمامًا أساسيًّا، يعيشه المتعلم ويمارسه في هذه المرحلة العمرية الحساسة.

التعليم لأجل صناعة أبناء الآخرة.. أين هي القضية الأولى في المناهج؟
إن أردنا أن ننسجم مع رؤيتنا الكونية للوجود والمصير، ينبغي أن يكون للحياة الآخرة حضور أقوى في المناهج المدرسية، يتناسب إلى حدٍّ ما مع محوريتها وأولويتها. فكيف يمكن أن نعد الطالب المدرسي ليكون من أبناء الآخرة بدل أن يكون من أبناء الدنيا امتثالًا لقول أمير المؤمنين عليه السلام؟ المبدأ الأول الذي ينبغي أن تُبنى عليه مناهج التعليم هو ضرورة إعداد المتعلّم للتعامل مع قضايا الحياة الأساسية بما يتناسب مع أهميتها وتأثيرها ودورها في حياته. ولا شك بأنّ الحياة الآخرة هي القضية الأولى

ظاهرة اللغة كقضية في التعليم.. ما الذي يعرفه خريجو المناهج الحالية؟
إنّ اللغة كظاهرة كونية كانت ولا تزال تُعد أهم عنصر لقوة البشر؛ فلولا اللغة لما استطاع الإنسان أن يبلغ ما بلغه من شأن على مستوى الحضارة والعمران والفكر وحتى المعنويات؛ بيد أنّ العلاقة بين اللغة وهذه الإنجازات الكبرى لا تظهر بأي نحوٍ من الأنحاء في المناهج التعليمية الشائعة؛ بل نجد عملًا ممنهجًا يؤدي إلى طمسها بشتى السبل، والتي يصل بعضها الى درجة التآمر!

حقائق وأسرار الدين للعلن.. لماذا يشطح البعض وينحرفون بالمعرفة؟
يحفل التراث الإسلامي الواسع بذكر قضايا غريبة وعجيبة لا يعرفها عامة الناس، بحيث لو اطّلعوا عليها لأنكرها بعضهم أشد الإنكار واستهجنوها. والأسوأ من ذلك أن ينهضوا لتكفير أصحابها ورميهم بكل أشكال التهم الشنيعة.

ضرورة رواج التعمق الفكري... السيد عباس نورالدين يطرح قضية التعمق الفكري مجدّدًا
التعمّق الفكري يرتبط بالبحث عن أسرار وخبايا وخفايا أي ظاهرة أو قضية يمكن أن يواجهها الإنسان؛ هذا بالإضافة إلى أنّ التعمّق الفكري من شأنه أن يفتح على الإنسان أبواب الكثير من القضايا المجهولة. فالمتعمق بفكره لا يرضى بأن تكون حياته سطحية وهامشية، خصوصًا حين يرى الوجود وهذا الكون بما فيه من حوادث وظواهر مليئًا بالقضايا المثيرة والعجائب المدهشة، وهذا ما يحفز على التفكر فيما وراء الأشياء لمعرفة أسبابها وعللها.إنّ مجتمعنا بأمسّ الحاجة إلى التعمّق الفكري، لأنّه يواجه ظاهرة خطرة هي ظاهرة الغزو الثقافي بكل أشكاله، في الوقت الذي تعشعش فيه حالة الانبهار وغلبة الأوهام، ولا يمكن الخروج من كل هذه الحالات السلبية إلا بالوعي والبصيرة التي تتحقّق بواسطة التعمق.

صناعة عالم الدين في المدرسة
بإمكان المدرسة أن تحقّق المعاجز ضمن الإمكانات المتاحةيدرك المتخصّصون في مجال العلوم الدينية أنّ تحصيل مستويات عالية من المعرفة والتخصّص والمهارات التعليمية أمرٌ ممكنٌ بسنواتٍ قليلة، وحتى دون شرط إنهاء المرحلة الثانوية. وفي الوقت نفسه لا يشك خبير متضلّع بما في هذه المعارف من تأثيرٍ عميق على مستوى صقل الشخصية وتقويتها وتوازنها؛ الأمر الذي نفتقد إليه كثيرًا في مدارس اليوم حيث العجز والانفكاك بين العلوم والتربية.

مسؤوليّتنا تجاه نشر المعارف الدينيّة. ما الذي ينبغي أن نفعله لجعل مجتمعنا إسلاميًّا بالكامل؟
ينبغي أن نعترف قبل أي شيء بأنّنا لم نحدّد جميع المعارف الدينيّة ونضعها في مكانٍ ما؛ كما أنّنا لم نقم لحدّ الآن بتصنيفها ضمن مراتب تتدرّج مع الإنسان بحسب قدرته على الاستيعاب أو التطبيق. لهذا، ليس من السهل أن نحدّد نسبة المعرفة الدينيّة العامّة في مجتمعنا.

حول أسلمة العلوم التطبيقية والطبيعية... مبادئ أساسية لإعداد المناهج
لا ينظر المؤمنون بالإسلام وقيمه إلى الحركة العلمية الغربية بارتياح عمومًا، ومنها ما يرتبط بالعلوم التي تمحورت حول دراسة الكون والطبيعة والإنسان؛ هذه العلوم التي عبّرت عن نفسها بمجموعة من الاختصاصات والفروع، وظهرت بنتاج هائل استوعب جهدًا كبيرًا للبشرية، فأصبح بسبب ضخامته وحضوره مدرسة عامة يتبنّاها العالم كلّه. فالمنهج الغربيّ في التعامل مع الطبيعة والكون والإنسان هو المنهج المعتمد اليوم في كل بلاد العالم دون استثناء. إلا إنّ المؤمنين بالإسلام متوجّسون من حركة الغرب عمومًا، لا سيّما حين ينظرون إلى نتائج هذه العلوم على مستوى علاقة الإنسان بربّه. لقد أضحت هذه العلوم علمانية بالكامل، ليس أنّها لا ترتبط باكتشاف مظاهر حضور الله وعظمته وتدبيره وربوبيته فحسب، بل أصبحت سببًا لحصول قطيعة بين الإنسان وخالقه؛ في حين أنّ هذه العلاقة هي أساس سعادة الإنسان وكماله. أضف إلى ذلك، الآثار الهدّامة المشهودة لهذه العلوم على مستوى التطبيق والتكنولوجيا.من هنا، فإنّنا ندعو إلى إعادة النظر في هذه المقاربة، والعمل على تأسيس مقاربة أدق وأوسع وأشمل تجاه الكون والإنسان والوجود تنطلق من فهم فلسفة الوجود وغايته، فتكون عاملًا مساعدًا لتحقيق الأهداف الكبرى.

الدين كقضية أساسية في المناهج التعليمية.. مبادئ ومنطلقات
للمعارف المرتبطة بالأديان والمذاهب وخصوصًا الإسلام ميزة مهمة لا يمكن أن نجدها في أي مجال معرفي آخر مهما كان واسعًا؛ ويمكن أن نجعل من هذه الميزة نقطة تفوّق نوعي في شخصية المتعلم، الأمر الذي يرفع من شأنه ومن دوره وموقعيته في المجتمع. إنّ القدرة التي تمنحها العلوم المختلفة، مهما بلغت، لا يمكن أن ترقى إلى قدرة المعارف الدينية (وهذا بمعزل عن الحق والباطل). فالمهندسون والمخترعون والأطباء والتجار ورجال الأعمال لا يمكن أن يكون لهم من القدرة والتأثير في المجتمع كما يكون لمن يمتلك المعارف المرتبطة بحياة الإنسان ومصيره وسلوكه وروحه وتاريخه ومستقبله ونمط عيشه. ولو التفتت المناهج التعليمية في مدارسنا إلى هذه القضية وجعلتها محورًا أساسيًّا في التعليم لشهدنا عمّا قريب هذا التفوّق الذي نطمح إليه.

كيف تتغلب المدرسة على العقبة الأولى أمام بناء المجتمع؟ لماذا تعزز مناهج اليوم النزعات الفردية وفرار الأدمغة
بالنسبة لأي مجتمع في العالم، لا يوجد ما هو أسوأ من تضييع الطاقات الشابة الخلاقة والفعالة التي يحتاج إليها للتقدم والازدهار وحتى البقاء.. شباب اليوم هم مدراء البلد والمسؤولون عن تقرير مصيره، والفارق الزمني الذي يفصل بينهما لا شيء مقارنة بعمر الأوطان؛ لهذا، فإنّ أي مجتمع سرعان ما سيلحظ الخسارة الكبرى من تضييع الطاقات الشابة.

المنهاج السليم في تدريس الدين... الأصول والقواعد
للنصوص الدينية وقعٌ عميق وبنّاء في النفوس، سواء كانت من القرآن الكريم وأحاديث المعصومين، أو ما صدر من علماء الدين الذين ذابوا في هذين الثقلين. وبالنسبة لنا لن نجد ما هو أبلغ وأكثر تأثيرًا من هذا التراث العظيم على مستوى ترسيخ الفضيلة والاندفاع نحو الكمال وصيانة النفوس من آفات هذا العصر.

كيف نعلّم أطفالنا الدين؟ مبادئ متينة لتعليمٍ قويم
عن أمير المؤمنين(ع): "أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ".[1]إنّ الهدف الأكبر لنزول الدين هو تعميق الرابطة المعنويّة بين الإنسان وربّ العالم. ويجب أن يكون هذا الهدف هدف التعليم الدينيّ حتمًا. ولا بأس من الإشارة بدايةً إلى بعض أبعاد هذا الهدف وتجلّياته في الواقع النفسيّ والعمليّ، لما لهذا الكلام من تأثير على توجيه التّعليم نفسه.

ضرورة إعادة النظر في طرائق تعليم الدين.. ما هي أسباب الفشل وما هي عوامل النجاح؟
شاهدنا طلابًا في مدرسة إسلامية قد أنشأوا ناديًا تحت عنوان نادي الزنادقة (والزندقة هي إنكار الدين والألوهية). ونسمع عن طلاب كثر في مدرسة إسلامية أخرى باتوا يتعاطفون بصراحة مع الشذوذ الجنسي الذين يطلقون عليه اسم المثلية، لأنّهم يؤمنون بحرية الإنسان واختياره. لقد قابلت منذ عدة أيام خريجًا من إحدى المدارس الإسلامية يتبنى نظرية مالتوس بقناعة تامة ويؤمن بضرورة التخفيض من المواليد، لأنّه يعتقد بأنّ كثرة الإنجاب تمثّل مشكلة حقيقية للأرض (وأي عارف بروح الدين يدرك مدى أهمية الإنجاب ودوره على مستوى تغيير العالم وإصلاحه). الكثير من خرّيجي هذه المدارس لا يحملون فكرة ناصعة حول الزواج وضرورة الزواج وأهميته، فما الذي يحصل هنا؟أهي المناهج نفسها بمضامينها التي لا تستطيع أن تطرح الأفكار الدينية العميقة والأساسية، أم هي طرائق تدريسها وأساليب عرضها؟

المجتمع والتاريخ محورًا في التعليم .. في المقاربات والمناهج والأهداف
للمجتمع في حركته دورٌ كبير في تكوين شخصية الإنسان وتحديد مصيره، فضلًا عن كونه من أبلغ الآيات الدالات على صفات الرب المتعال وحضوره. وكلما استطعنا ترسيخ هذه النظرة وتعميقها أصبح الإنسان أكثر تفاعلًا مع إحدى أهم سبل الوصول إلى كماله. وباختصار، يجب أن تأخذ المناهج التعليمية على عاتقها مهمة أساسية تتجلى في إيصال الإنسان إلى أعلى درجات التفاعل الإيجابي مع مجتمعه والمجتمعات البشرية قاطبة.

المحور الأوّل للنّظام التعليميّ السّليم
من أهم القضايا التي تشغل بال أهل التربية والتعليم هي قضيّة العلم. لذا من أراد أن ينبي رؤية واضحة في التربية والتعليم يحتاج إلى تحديد موقفه من العلم.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...