ما الذي أدى إلى انحطاط المسلمين
ما لا يذكر في أدبيات النهضة والصحوة
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب #أي_مجتمع_نريد
إن أي مفكّر اجتماعي يتأمل قليلًا في الأوضاع الثقافية التي تشكلت بعد انتصار الإسلام في الجزيرة العربية، لن يشك لحظةً واحدة بأنّ هذه الجماعة بما حملته من معتقدات وقيم كانت قادرة على تغيير وجه العالم بأسره، وتحويله إلى مجتمعٍ إسلامي عالمي، تنتفي فيه كل أشكال الاختلافات والخلافات التي تستنفد موارد الأرض وتهلك حرثها ونسلها.
لا شك بأنّ العامل الأول وراء كل مشاكل البشرية والكرة الأرضية، اليوم وعلى مدى العصور، إنما يرجع إلى الاختلاف الفكري والعقائدي بين شعوبها؛ هذا، مع ما يتيحه من فرص انقضاض الطواغيت والمتآمرين على المقدرات والثروات.
إن اتفقنا في عملية تحليل وضع العالم اليوم، وفيما يتعلق بإرجاع أسباب المشاكل الكارثية المختلفة إلى الحكومات المستبدة، وعرفنا سبب نفوذ المستبدين إلى مقاليد الحكومات في كل بقعة من العالم، ثم نظرنا إلى إمكانات الإسلام من حيث الفكر والعقيدة والقيم والقانون، فلن يطول بنا الأمر حتى نتفق أيضًا على أنّ أصل مشاكل العالم كلها إنّما يرجع إلى اختلاف المسلمين فيما بينهم وإهدارهم لطاقاتهم في خضم هذا الاختلاف الذي تجلى بصورة المذاهب والطوائف والنحل والملل.
ولا شك بأنّه لا يمكن حل مشكلة الاختلاف بين المسلمين، والذي يقف على رأس جميع قضاياهم الكبرى، سوى بعد تحليل أسبابها والاتفاق على معالجتها وتجاوزها. ولا يبدو أنّ هناك أي نوع من التوافق حول السبب الذي أدى إلى انقسام المسلمين وتشعبهم وتشتتهم، حتى وسط أتباع المذهب الواحد.
يشتد التشتت ويتفاقم التفرق حين يصبح مبنيًا على مذاهب تقوم على أسس عقائدية ورؤى كونية متباينة، ويصبح هذا التفرق سيئًا وهدامًا حين يؤدي إلى العداء والتحارب. ويصل أقصى مدياته حين تتراكم فوقه الأحقاد والضغائن. لكن هذا التفرق المذهبي لم يكن قد حصل في البدايات. فالمسلمون لم يتسالموا على الانقسام إلى مذاهب إلا بعد عقود وقرون، ولم تكن المذهبية جزءًا من تفكيرهم وتصورهم.. وأما محاولة البعض إرجاع المذهبية إلى شخصيات إسلامية أولى والبحث عن جذور الانقسامات في آراء صحابي هنا أو صحابي هناك، فهي تأتي ضمن نزاع المذاهب فيما بينها، حيث يسعى الأتباع إلى تأصيل مذهبهم بالانتماء إلى مؤسسين أوائل.
وبالطبع، ورغم أنّ المسلمين جميعًا يفتخرون ويتفاخرون فيما بينهم بالرجوع إلى النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، إلا أنهم اختلفوا في فهمهم لهذا النبي وسيرته وسنته، ثم جعلوا لكل رأي أو تفسير لشخصية النبي الأكرم مؤيدًا من كلام الصحابة والتابعين وأتباعهم.
إنّ اجتماع أي أمة ووحدتها إنما يقوم على عنصرين أساسيين، لا يمكن التفريط بأي منهما. وهما الدستور الذي يمثل عصارة الثقافة الواحدة، والقيادة التي تعبر عن نفسها بنظام الحكم. فلا يمكن لأمة أن تتماسك في وحدتها دون الاتفاق على دستور تحدد أصوله وبنوده مبادئ العيش المشترك؛ كما أن الأمم لا تقوم ولا تدوم إلا بالاتفاق على نظام سياسي واضح، يقوم بتوجيه مواردها وطاقاتها نحو أهداف محددة.. وإن لم يكن عند المسلمين إجماع وتوجه حثيث نحو الوحدة، فلن يتم التمسك بهذا الدستور الذي هو عندهم كتاب الله القرآن المجيد، ولا بالنظام السياسي الذي يُفترض أن ينبثق من هذا الكتاب ومن المسيرة النضالية التي تشكلت منها الجماعة الأولى.
ويبدو جليًا أنّ المسلمين كانوا قد أدركوا جانبًا مهمًا من كونهم أمة ذات هوية، وذلك في حياة النبي الأكرم نفسه وبفضل جهاد هذا الرسول العظيم، وقد قطفوا بعض ثمار ذلك منذ الأيام الأولى للبعثة، ولم تبقَ سوى ثلة قليلة منهم تحن إلى الجاهلية وامتيازاتها. أما الأغلبية الساحقة فقد شعرت سريعًا بالفارق النوعي بين الإسلام والجاهلية، على المستوى المعيشي والنفسي والأمني والمعنوي. وقد شكل ذلك مثار اعتزاز كبير، لم تبدده السنون التالية، بل القرون اللاحقة.
إنّ الردة، بل الردات والانشقاقات التي حصلت بُعيد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كانت بمثابة العاصفة التي تم إخمادها بمدة زمنية ملفتة. وما كان ذلك ليتحقق لولا وجود أغلبية مؤمنة بالأمة الواحدة بين المسلمين. ويبدو أنّ معظم تلك الانشقاقات والردات الأولى كانت تستغل عوامل الجهل وبعد المسافة عن المركز وحداثة عهد أناس بالإسلام.. لكنّ قلب الإسلام المتمثل في ذلك الوقت بالصحابة ـ الذين يضفون صبغة الشرعية على أي تحرك أو انشعاب ـ بقي متماسكًا بنسبة كبيرة، حيث لم نشهد ارتدادًا بقيادة صحابيٍّ معتبر.
إنّ المسلمين الأوائل الذين حاموا حول أصحاب النبي الأكرم، كانوا مجمعين على ضرورة الوحدة، لكنهم اختلفوا فيما بينهم حول كيفية حفظها وبقائها. ويمكن عد هذا الاختلاف بذرة الانحرافات التي حدثت بين المسلمين، والتي بدورها لم تلبس أثواب التبريرات العقائدية والتشريعية إلا بعد زمن؛ فحين اتفق عدد كبير من المسلمين على قيادة أبي بكر باعتبار أنه الأقدر على حفظ الأمة، لم يطرحوا تفسيرًا عقائديًا ولا حتى تشريعًا واضحًا استنبطوه من القرآن الكريم. وحدث الأمر نفسه أيضًا عند تولية عمر بن الخطاب من بعده. فقد كان المسلمون بأغلبيتهم يتصورون أن علي بن أبي طالب المرشح الواقعي والمشار إليه في مناسبات نبوية عدة، لن يتمكن من القيام بهذه المهمة الحساسة، يدفعهم إلى ذلك الظن بأنه كان مكروهًا أو مرفوضًا من شخصيات وازنة في المجتمع الجديد، وقد نال سيف علي من آبائهم وأسلافهم أشد النيل. وأيًّا كان ذاك الذي رسخ هذه المقولة أو عمل عليها، فقد استطاع تحويلها في المرحلة الأولى إلى ما يشبه الرأي العام. ومن كان يعرف الطبيعة الثقافية والنفسية السائدة بين المسلمين آنذاك، سيفهم جيدًا سبب انتشار هذا الرأي ورواجه.
من الشواهد الملفتة هنا ما حصل بين عمر بن الخطاب وبعض المسلمين الذين أسلموا بعد فتح مكة، حين قام يغيظهم بما فعله سيف علي بن أبي طالب بآبائهم وإخوانهم. هذا، رغم أنّ عليًّا عليه السلام كان قد نهى عمر عن ذلك وأخبره أنه قد التزم بعدم ذكر تلك المآثر. أما ما ذكره الإمام لمعاوية بعد خمس وعشرين سنة وافتخاره بما فعله بأقاربه الذين حاربوا رسول الله، فذلك يرجع إلى أنّ معاوية كان يسعى لتحصيل الشرعية لحكمه وسيطرته على الأمور عبر التنكر لذلك التاريخ وطمس معالمه.
إنّ اختلاف المسلمين الأوائل على الشخص الجدير بتوحيد الأمة هو أول اختلاف واقعي مصيري حصل بينهم. ونعني بذلك أنه الاختلاف الذي لا يمكن التغاضي عنه، لأنه سيؤسس لكل أشكال الاختلافات فيما بعد. فلو اختلف المسلمون حول مسائل تشريعية أو حتى عقائدية، لكان بالإمكان حلها والقضاء عليها، فيما لو كانوا متفقين ومناصرين للشخص الجدير بالحكم. ولو أنهم اتفقوا على النظام السياسي المطلوب، لما أمكن لأي طامع أن يتسلل بينهم.
كل الاختلافات العقائدية الأولى تكون طبيعية، وتنشأ من اختلاف المستويات الذهنية وتباين القوى الإدراكية؛ فلو فسّر البعض آيات القرآن المرتبطة بالمشيئة الإلهية بما يخالف تفسير البعض الآخر، لكان الأمر طبيعيًا جدًا في ظل التباين في القدرات العقلية والذهنية. ولكان حل هذا الاختلاف سهلًا جدًا مع وجود مرجعية معتبرة بين المسلمين. وينطبق الأمر نفسه على أي اختلاف بشأن تشريع هنا أو حكم أو قانون هناك.. وإنما يتعاظم الاختلاف، ويزداد الرأي الخاطئ وخامة، حين يستند إلى مرجعيات سياسية؛ الأمر الذي حصل فيما بعد، حين أصبحت السلطات الحاكمة تصدر فرامين العقيدة وغيرها من شؤون الفكر والثقافة.
أما سبب اختلاف المسلمين حول الأجدر بالخلافة والقيادة، فلا شك بأنّ له جذورًا نفسية، مثل نزعة حب الدنيا وغريزة السعي للسلطة، كما كان له جذور فكرية وعقائدية، يرجع معظمها إلى عدم إدراك حقيقة الإسلام وماهيته، باعتباره المشروع الإلهي لتغيير العالم؛ فلو أدركت الأغلبية المؤثرة من الصحابة هذا المعنى الأساسي للدين واعتنقته، لما استغرقت وقتًا طويلًا حتى تعرف من الذي يمثل هذا المشروع في فكره وعلمه وسلوكه أفضل تمثيل.
حين اجتمعت الأهواء والمآرب مع الجهل، وتغذت من العصبيات وتحالفت معها، استتب الرأي القائل بأن علي بن أبي طالب لن يتمكن من جمع كلمة المسلمين وحفظ شوكتهم. وهكذا، كان على هؤلاء المسلمين نتيجة ذلك أن يسيروا على طريقٍ سيخبو فيه مشروع الإسلام الكبير إلى أن يصبح أسيرًا بأيدي الأشرار "يُعمل فيه بالهوى وتُطلب به الدنيا"، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام.
وحين غاب هذا المشروع من التصور والثقافة، ولم يعد المسلمون قادرين على إدراك البعد الرسالي في دينهم، وغفلوا عن مسؤوليتهم الحضارية الكبرى في الخروج إلى الناس بنشر القيم العظيمة، فقدوا القدرة على حل اختلافاتهم وخلافاتهم. وحينذاك صار تأسيس المذاهب أطروحة عند البعض لتوحيد الكلمة! ولعله ما بُني مذهب في الإسلام فيما بعد إلا رغبة من أئمته في جمع كلمة المسلمين وتوحيدهم والحفاظ على قدرتهم وتفوقهم. لكن معظم هذه المذاهب كانت عاجزة عن تحقيق هذه الوحدة لعجزها عن تقديم تفسير منطقي حول منشأ الانحراف والانشقاق. وهكذا، أصبحت المذاهب عاملًا للتفرقة بدل الوحدة، وتم استغلالها من قبل السلاطين والطامعين بالسلطة للإمعان في تفتيت هذا الجسد الذي أراده الله قاعدة متينة لقيام دينه وإعلاء كلمته.
إن تشتت المسلمين هو سبب ضعفهم وانحطاطهم؛ وضعف المسلمين يتيح للطواغيت والمستكبرين السيطرة على العالم، واستخدام موارده للإمعان في تفتيت المسلمين والتنكيل بهم ومنعهم من النهوض والانطلاق في ركب الحضارة الإنسانية.
على طريق بناء المجتمع التقدمي
المجتمع التقدّمي هو المجتمع الذي يتحرّك أبناؤه نحو قمم المجد والفضيلة والكمال.المجتمع التقدمي هو التعبير الأمثل عن استجابة الناس لدعوة الأنبياء الذين أرادوا أن يخرجوا البشرية من مستنقع الرذيلة والحيوانية والعبثية لإيصالها إلى أعلى مراتب الإنسانية والنور..فما هي سبل إقامة هذا المجتمع؟وما هي العقبات التي تقف في طريق تحقّقه؟ على طريق بناء المجتمع التقدّمي الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14.5*21عدد الصفحات: 376الطبعة الأولى، 2019Isbn: 978-614-474-081-1السعر: 14$
كيف أجعل مجتمعي قويًا؟
في ظل هذا المجتمع المنيع يتمكن الشاب المسلم من الحفاظ على قيم دينه الذي أنزله الله ليكون أعظم هدية لكل مجتمعات العالم وشعوبه التي تتوق إلى الانعتاق من قيود الظلم والضياع. فما هي مكونات المجتمع القوي، وكيف يمكن للشباب أن يجهّزوا أنفسهم ليشاركوا في أجمل الأعمال وأكثرها تشويقًا. كيف أجعل مجتمعي قويًّا؟ الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 112 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:
روح المجتمع
كتابٌ يُعدّ موسوعة شاملة ومرجعًا مهمًّا جدًّا يمتاز بالعمق والأصالة لكلّ من يحمل همّ تغيير المجتمع والسير به قدمًا نحو التكامل، يحدد للقارئ الأطر والأهداف والسياسات والمسؤوليات والأولويّات والغايات المرحليّة والنهائيّة في كلّ مجال من المجالات التي يمكن أن تشكّل عنصرًا فعّالًا في حركة التغيير، على ضوء كلمات قائد الثورة الإسلاميّة المعظّم روح المجتمع الكاتب: الإمام الخامنئي/ السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*25غلاف كرتوني: 932 صفحةالطبعة الأولى، 2017م ISBN: 978-614-474-020-0 سعر النسخة الملوّنة: 100$سعر النسخة (أبيض وأسود): 34$ للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراءه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:
كنز المجتمع
إنّه اليوم العالميّ للبيئة..وإنّها المرّة الأولى التي يخوض فيها الصف السابع معركة انتخابيّة للفوز بعمادة الصف. والفوز سيكون على أساس تقديم مشروع مميَّز.الكل متحمّس! والكل ينتظر!من الذي سيفوز؟ لنرَ سويّة كيف خطّط كلّ من فريق هادي ومالك وحسّون للفوز بعَمَادة الصف. كنز المجتمع الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 12*17غلاف كرتوني: 80 صفحةللناشئة: عمر 11 - 13 سنة الطبعة الأولى، 2018م ISBN: 978-614-474-003-3السعر: 7$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:
إصلاح المجتمع الإسلامي
إصلاح المجتمع الإسلامي من خلال فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إصلاح المجتمع الإسلامي إعداد: مركز البحوث الإسلامية في قم المقدسةترجمة: الشيخ ماجد سليمانتحرير ومراجعة ونشر: مركز بقيّة الله الأعظم (مركز باء للدراسات)حجم الكتاب: 14.5*21.5غلاف ورقي: 160 صفحةالطبعة الأولى، 1999محالة الكتاب: نافد
ما سبب هذا الانفصام الذي نراه في مجتمع المؤمنين بين ما يقتضيه الإيمان والواقع الخارجي؟
لماذا هذا الانفصام بين ما يقتضيه الإيمان وما نعيشه في الواقع الخارجي... هل يُعقل للرجل المؤمن أن لا يستوعب أن زوجته ما زالت في حالة النفاس ومتعبة وهي تحتاج للمساعدة؟ هل يُعقل للمرأة المؤمنة ان تنعت زوجها بكل النعوت السلبية وتشهر به أحيانا لمجرد أنها علمت بأنه يتحدث إلى أخرى؟
العامل الأول لانطلاق مسيرة التقدم في المجتمع
ورد عن الإمام الصادق (ع): "ثَلَاثَةٌ تَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ لِلْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ: مُكَافَأَةُ الْمُحْسِنِ بِالْإِحْسَانِ لِيَزْدَادُوا رَغْبَةً فِيهِ، وَتَغَمُّدُ ذُنُوبِ الْمُسِيءِ لِيَتُوبَ وَيَرْجِعَ عَنْ غَيِّهِ، وَتَأَلُّفُهُمْ جَمِيعًا بِالْإِحْسَانِ وَالْإِنْصَاف". لا يمكن لأي مجتمع أن يتجه نحو الفضيلة، بمعنى أن ينشأ فيه توجّه عام وتيّار عمومي نحو الفضائل والكمالات والأعمال الصالحة والتقدّمية، من دون وجود مثل هذه القيادة على رأسه، ترعى وتقود وتنشّط هذه الحركة العامة... وهنا يأتي الإمام الصادق (ع) ليُرشد السلطات أو الحكومة أو القيادة في هذا المجتمع إلى أنّهم إن قاموا بهذه الواجبات الثلاثة، فإنّها ستكون عاملًا أساسيًّا في تنشيط هذه الحركة ودفع تلك العجلة الأساسية للتقدّم على مستوى المجتمع.
الدور الأساسي للجامعة في المجتمع
لو أرادت الجامعة أن تؤدي دورها المطلوب على مستوى النهوض بالمجتمع، ينبغي لها أن تكون محلًّا لانطلاق المشاريع وبناء الخطط، شرط أن يكون ذلك قائمًا على أساسين: الأساس الأول: الارتباط الحقيقي بكل الطاقات العلمية المتاحة. والأساس الثاني: تفعيل هذا الارتباط ضمن البيئة الجامعية.
نشر وترسيخ المعنويات في المجتمع... خطوات ذكية وحلول استراتيجية
تُعدّ الصلاة روح العبادة ومركز ثقل المعنويّات في دين الإسلام وبرنامجه؛ ذلك لأنّها الوسيلة الأولى للارتباط بمنبع الروحانية والاتّصال بجوهرها ومعدنها. فالصلاة في الإسلام هي تلك الحركة الواعية التي تنطلق من إدراكنا لحقيقة الألوهية في هذا العالم وطبيعة حضورها في حياتنا وفي تحديد مصيرنا. ولهذا، فإنّ أي سعي لأجل نشر المعنويات القوية وترسيخ الروحانية العميقة في المجتمع ينبغي أن يتمحور حول الصلاة.
ثورة العلم الحقيقية.. الطريق الأقصر لإصلاح المجتمع
إنّ الطريق الوحيد لنشر الفضائل في أي مجتمع، والحد من مخاطر الرذيلة وانتشار المعاصي، يكمن في أمرٍ واحد وهو: رواج روحية طلب العلم؛ فالعلم هو الخير الفريد الذي يمكن أن يشبع روح الإنسان إلى الدرجة التي لن يشعر معها بالرغبة في طلب الدنيا ومتاعها الزائل؛ ومتى ما انعدمت هذه الرغبة الدنيئة وزالت دوافعها المنحطة انقطع معها أصل الخبائث واستؤصل جذر الرذائل.
فينيق يخرج من بين الركام... القوّة العظيمة الآتية لنساء مجتمعنا!
يشهد مجتمعنا ما يشبه الثورة الهادرة على صعيد انبعاث دور المرأة وازدياد مشاركتها في مختلف مجالات الحياة. تسجّل النساء معدّلات مرتفعة ملفتة على صعيد الدراسات العليا وتحصيل العلوم المختلفة. وفي ظلّ الاقتصاد القائم على العلم، المتوقّع أن يجلب ذلك الكثير من القوّة المضافة والإمكانات المتزايدة.. إلا إنّ هذا كلّه لا شيء إذا ما قورن بالشعور العارم الذي بات يسيطر على قطاعات واسعة من نساء مجتمعنا على صعيد الرغبة بالتحرّر وتحقيق الذات بعيدًا عن سلطة الرجل وهيمنة الذكور.
وسيلتان أساسيتان لتغيير المجتمع
يتغيّر المجتمع فيسلك طريق التقدّم بتغيّر نفوس أبنائه وميلهم الشديد نحو الازدهار والتقدم؛ وتتغير النفوس حين يحدث التحوّل الباطني من خلال طلب القيم السامية والتقدمية والتوجّه إليها. التوجه العام نحو قيمةٍ ما يتحقق بواسطة تبني هذه القيمة وتعظيمها في النفوس، ويتجلى ذلك في العمل انطلاقًا منها وبدافعها.. فالقيم هي المحركات الأساسية للمجتمعات البشرية، سواء كانت سلبية أو إيجابية، قليلة أو كثيرة. وهنا يأتي السؤال حول الوسائل التي يمكن اعتمادها من أجل إحداث هذا التغيير القيمي.
الدور الأساسي للجامعة في المجتمع
لو أرادت الجامعة أن تؤدي دورها المطلوب على مستوى النهوض بالمجتمع، ينبغي لها أن تكون محلًّا لانطلاق المشاريع وبناء الخطط، شرط أن يكون ذلك قائمًا على أساسين: الأساس الأول: الارتباط الحقيقي بكل الطاقات العلمية المتاحة. والأساس الثاني: تفعيل هذا الارتباط ضمن البيئة الجامعية.
العامل الأول لانطلاق مسيرة التقدّم في المجتمع
ورد عن الإمام الصادق (ع): "ثَلَاثَةٌ تَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ لِلْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ: مُكَافَأَةُ الْمُحْسِنِ بِالْإِحْسَانِ لِيَزْدَادُوا رَغْبَةً فِيهِ، وَتَغَمُّدُ ذُنُوبِ الْمُسِيءِ لِيَتُوبَ وَيَرْجِعَ عَنْ غَيِّهِ، وَتَأَلُّفُهُمْ جَمِيعًا بِالْإِحْسَانِ وَالْإِنْصَاف". لا يمكن لأي مجتمع أن يتجه نحو الفضيلة، بمعنى أن ينشأ فيه توجّه عام وتيّار عمومي نحو الفضائل والكمالات والأعمال الصالحة والتقدّمية، من دون وجود مثل هذه القيادة على رأسه، ترعى وتقود وتنشّط هذه الحركة العامة... وهنا يأتي الإمام الصادق (ع) ليُرشد السلطات أو الحكومة أو القيادة في هذا المجتمع إلى أنّهم إن قاموا بهذه الواجبات الثلاثة، فإنّها ستكون عاملًا أساسيًّا في تنشيط هذه الحركة ودفع تلك العجلة الأساسية للتقدّم على مستوى المجتمع.
من لا تاريخ له لا مستقبل له.. كيف تساهم الأعمال التأريخية بتقوية المجتمع؟
يكمن السر الأكبر الذي يقف وراء وحدة أي جماعة بشرية في وجود وعي مشترك عند أغلبية أفرادها تجاه هوية محدّدة. وغالبًا ما تُعرّف الهوية داخل المجتمعات نسبةً إلى الهويات الأخرى وبالنظر إلى الموقعية والمكانة على خارطة الأمم. في هذا المجال، سنجد أنّ لوعي هذه الجماعة التاريخيّ، ونظرة أبنائها إلى تشكّلهم كجماعة أو أمّة واحدة، والمسار الذي طووه على مدى الزمن، الدور الأكبر في تحديد أهم أبعاد هويتهم وخصائصها المميزة.
تغيير المجتمع يتحقّق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. ولكن الشيطان يكمن في التفاصيل
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضتان إلهيتان من أعظم الفرائض، حيث جاء في أحاديث أهل الذكر أنّ جميع أعمال البر إنّما هي كنفثة في بحرٍ لجّي إذا ما قورنت بهاتين الفريضتين العظيمتين، وأنّه بهما تُقام الفرائض.
لماذا يجب تعميق الفكر الإسلامي في مجتمعنا؟
إنّ وجود عمق فكري للمعارف الدينية أمرٌ ملحوظ عند كل من كان له توفيق التوغل في هذه المعارف مطالعةً ودراسةً وتفحّصًا. ولا حاجة للإتيان بأدلّة من السنّة أو القرآن على هذا الأمر المشهود بالتجربة؛ أمّا من يطالب بالدليل، فما علينا سوى أن نقدّمه له بواسطة عرض الشواهد الكثيرة التي لا تُحصى. وأغلب الظن أنّ الذين ينكرون وجود هذه الظاهرة العجيبة، كانوا يتسترون ويخفون جهلهم، أو أنّهم كانوا يحملون معنًى مغايرًا لما هو مُراد من العمق.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...