
المجتمع والتاريخ محورًا في التعليم
في المقاربات والمناهج والأهداف
السيد عباس نورالدين
للمجتمع في حركته دورٌ كبير في تكوين شخصية الإنسان وتحديد مصيره، فضلًا عن كونه من أبلغ الآيات الدالات على صفات الرب المتعال وحضوره. وكلما استطعنا ترسيخ هذه النظرة وتعميقها أصبح الإنسان أكثر تفاعلًا مع إحدى أهم سبل الوصول إلى كماله. وباختصار، يجب أن تأخذ المناهج التعليمية على عاتقها مهمة أساسية تتجلى في إيصال الإنسان إلى أعلى درجات التفاعل الإيجابي مع مجتمعه والمجتمعات البشرية قاطبة.
انطلاقًا من فلسفة وجود المجتمع وحكمة الاضطرار إليه، يجب البحث عن كل العناصر التربوية في المعارف الاجتماعية وتحويلها إلى مناهج تعليمية فعالة. ولا بأس أن نشير إلى بعض هذه العناصر ودورها على صعيد تطوير شخصية المتعلم وتقويتها.
أنواع المجتمعات: تختلف المجتمعات بحسب تشكلها؛ فبعضها قد ينشأ من العلاقات الاقتصادية، في حين أنّ البعض الآخر يتشكل على أسس قبلية أو عرقية، وهناك ما يتشكل بحسب الدين والعقيدة أو حتى الدور والمهمة. ينبغي أن يتعرف المتعلم إلى تأثير كل نسيج على صعيد قوة المجتمع وتكافله ومصيره.
المجتمعات متحركة: المجتمعات البشرية تشبه الكائنات الحية في أنّها متحركة وكون حركتها متجهة نحو غاية؛ إمّا أن تكون لجهة السعادة والازدهار والسؤدد، وإما لجهة الانقراض والانحطاط والتعاسة. ينبغي أن يتعرف المتعلم إلى هذا السلم بدرجاته القصوى صعودًا ونزولا؛ والأهم أن يتعرف إلى المعايير والمؤشرات التي تساعده على تحديد موقعية أي مجتمع يهتم بدراسته على أدراج هذا السلم.
عوامل التكامل والتسافل: تخضع المجتمعات، كأي مخلوق، إلى قوانين الحكمة الإلهية والتي يُعبَّر عنها بالسنن الاجتماعية. فلكل وضع اجتماعي ـ مهما كان ـ أسبابه التي تحددها إرادة البشر وفق النظام الذي اختاروه لعيشهم. فحين يختار مجتمعٌ ما نظامًا سياسيًّا معينًا ـ كالنظام الملكي ـ ويجعل أهله من هذا النظام وسيلتهم للوصول إلى مآربهم المختلفة، فإنّ هذا ما يحدد المسار الذي سيتحرك عليه المجتمع والغاية التي سيصل إليها. ويجب أن يتعرف الطالب إلى كل ما هو متاح من سنن المجتمعات البشرية، لأنّها وسيلته لاستشراف المستقبل وتحديد المسؤولية وشهود حضور الله وتدبيره.
استشراف المستقبل: والذي يعني توقع الأحداث والمصائر، يُعد من أهم القدرات التي يتزود بها الطالب للتعامل مع أخطر وأهم قضايا الحياة. وقد جاء في الحديث: "العَالِمُ بِزَمَانِهِ لَا تَهْجُمُ عَلَيْهِ اللَّوَابِسُ"؛[1] وذلك لأنّه يتوقعها قبل حصولها ولا يؤخذ على حين غرّة.
إنّ علم المستقبليات الذي كان بالنسبة للبعض بمنزلة علم الغيب الذي لا يمكن إدراكه، أصبح من أهم الاختصاصات المعرفية وأكثرها تأثيرًا. فما هو مستقبل الهاتف الذكي؟ وما هو مستقبل وسائل النقل؟ وما هو مستقبل المدرسة بعد عشرين سنة؟ وما هو مستقبل المجتمع الفلاني أو الشركة الفلانية أو الصناعة أو الغذاء؟ كل هذا يمثل حاجة ملحة اليوم لصنّاع القرار والرؤساء وواضعي البرامج. وينبغي تشجيع الطالب على التوجه إلى هذا العلم، انطلاقًا من الأسس التي يمكن البناء عليها.
التاريخ يحدد المستقبل: ولا يخفى ما للتاريخ من دورٍ محوريّ في فهم الحاضر واستشراف المستقبل؛ لأنّ أحداث اليوم التي تؤسس للغد ليست سوى وليدة سلسلة من الأحداث التاريخية المتعاقبة. وبمقدار ما يطّلع المتعلم على التاريخ، ويدرك علله وأسبابه، يمكن أن يفهم وقائع الحاضر وعواملها، بالإضافة إلى امتلاك الوعي الكفيل بكشف كل أنواع الأحابيل والخدع والمؤامرات التي تعتمد على التجهيل والإغفال.
عوامل حركة المجتمعات: ينبغي أن تُبنى المعارف الاجتماعية على إدراك العناصر المؤثرة والفاعلة في أي مجتمع انطلاقًا من العلل الحقيقية؛ ولأجل ذلك ينبغي أن يمتلك المتعلم المعرفة الواسعة بشأن الثقافة التي تمثل البنية التحتية الأولى التي تفرز النظام السياسي الذي بدوره يشكل الأطر الاقتصادية ويحدد أوضاعها. إنّ مناهج اليوم تكاد تكون خالية من إيضاح هذه المعادلة التي تمثل القاعدة المتينة لبناء الوعي الاجتماعي؛ وعليه يجب التركيز على فهم الثقافة والنظم السياسية والاقتصادية وكيفية تشكلها وتفاعلها فيما بينها. والأهم من ذلك أن يمتلك المتعلم القدرة على تحليل ثقافة مجتمعه وأي مجتمع يدرسه لفهم العناصر الأساسية التي تقف وراء أدائه السياسي والاقتصادي.
صراع الأمم: ولأنّ الروابط التي اختارتها المجتمعات فيما بينها ـ وعلى مدى التاريخ ـ كانت خاضعة لشريعة الغاب والقوي يأكل الضعيف والنزوع إلى الاستبداد والهيمنة والاستعمار، يلزم أن تعالج المناهج التعليمية هذه القضية الحساسة انطلاقًا من البحث عن أسبابها وعللها ونتائجها من أجل تطبيق ذلك على النظام العالمي الحالي وفهم حقيقة ما يجري. إنّ إنسان اليوم بأمس الحاجة إلى معرفة واقع الصراع الأممي من أجل تحديد مسؤولياته الإلهية تجاهه، خصوصًا أنّه ابن مشروع عالمي تتبلور معالمه يومًا بعد يوم.
مسار الإسلام: الإسلام خطة إلهية أرسى دعائمها محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وحملها الأئمة الأطهار من ذريته وما زالت في سيرورة التحقق متجهة نحو إنجاز الوعد الإلهي بوراثة الصالحين للأرض؛ وينبغي أن تكون هذه الخطة عنوان انتماء المسلم لدينه وأساس التزامه بمشروعه. وبتعرّف الطالب إلى هذه الخطة يدرك عظمة وجوده ومحورية موقعيته في هذا العالم الذي يريد أن يظهر المسلمين على أنّهم مجرد شعوب منفعلة تابعة ذليلة هامشية. وبفهم التاريخ الإسلامي الحقيقي، يدرك المتعلم كل العوامل التي أوصلت المسلمين إلى ما هم عليه اليوم ويتعرف إلى أسباب نشوء الفرق والمذاهب والتيارات وموقف كل واحد منها من الحياة والوقائع.
الحضارة الغربية: ولأنّ الحضارة الغربية تهيمن اليوم على معظم بقاع العالم بثقافتها ونمط عيشها أولًا، وبأسلحتها وقدراتها المختلفة ثانيًا، وجب أن تعالج المناهج المدرسية هذه القضية لما لها من تأثيرٍ كبير على تشكل وعي الإنسان تجاه نفسه ودوره ومستقبله وحياته، وحتى نظرته تجاه الله والمصير. فما هي قصة هذه الحضارة؟ وكيف وصلت إلى ما وصلت إليه من اقتدار؟ وما هو سر تسليط الله لهم على العباد؟ وما هو مستقبل هذه الحضارة؟ وما الذي ينبغي أن نقوم به للتحرر من آفاتها ومصائبها؟
وبنجاح المناهج التعليمية في ترسيخ موقعية الوعي الاجتماعي حول تلك القضايا الكبرى، سيمتلك الطالب الزاوية المناسبة للإطلالة على حياته وتحديد دوره وفهم كل الخيارات التي تُطرح عليه، ولن يكون بعدها إمّعة يتبع تلك القوى التي تعمل في الخفاء على إخضاعه والتحكم به. وسوف تكون خياراته الاجتماعية والعلمية والمهنية وغيرها مبنية على المسؤوليات التي استطاع أن يحددها بناء على ذلك الوعي المتحقق. وكلنا أمل أن يتوجه معدّو المناهج إلى هذه القضايا ليبدعوا في اكتشاف كل المقدمات المطلوبة لتحقيق أهدافها المنشودة.
[1]. الكافي، ج1، ص 27.

ثورة التربية والتعليم
يتطرّق الكتاب الرابع في سلسلة الأطروحة التربوية التعليمية التي يقدمها السيد عباس نورالدين إلى أهم القضايا التي تواجه أي ثورة حقيقية تريد إعادة إنتاج التربية التعليمية وفق استحقاقات العصر ومتطلّبات الزمان وبما يتناسب مع التحدّيات التي يعيشها مجتمعنا.الثورة التي يدعو إليها الكاتب تطال جميع مفاصل التربية التعليمية من رؤى ومناهج وقيم وحتى تلك التفاصيل التي تعني كل عامل أو مهتم بهذا المجال المصيري. ثورة التربية والتعليم الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 216 صفحة الطبعة الأولى، 2019مISBN: 978-614-474-033-0 السعر: 12$

المدرسة النموذجية
إنّ القوّة الأساسيّة للمدرسة النموذجيّة تكمن في برامجها ومناهجها التي تتميّز بقدرتها على تقديم المعارف والمهارات بأحدث الطرق وأسهلها، وتعتصر كل التراث العظيم للبشريّة وتتّصل بكامل التّراث الاسلامي وتقدّمه لطلّابها عبر السنوات الدراسيّة كأحد أعظم الكنوز المعرفيّة. وهكذا يتخرّج طلّابنا وهم متّصلون بهذا البحر العظيم لكلّ الإنجازات الحضاريّة في العالم كلّه ويمتلكون القدرة التحليليّة اللازمة لتمييز الخير من الشرّ في جميع أنحائه. المدرسة النموذجيّة الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 140 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

المدرسة الإسلامية
يعرض لأخطر المشاكل وأهم القضايا حول أوضاع المدارس الحالية، التي تبنت المناهج الغربية، وذلك بالطبع بحثًا عن المدرسة المطلوبة التي تنسجم مع حاجات المجتمع وثقافته. كل ذلك من أجل بعث حركة فكرية جادة بين المهتمين بالتعليم عن طريق بناء الرؤية الشاملة للتربية التعليمية في الإسلام. المدرسة الإسلاميّة الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 232 صفحةالطبعة الأولى، 2014مالسعر: 10$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

روح المجتمع
كتابٌ يُعدّ موسوعة شاملة ومرجعًا مهمًّا جدًّا يمتاز بالعمق والأصالة لكلّ من يحمل همّ تغيير المجتمع والسير به قدمًا نحو التكامل، يحدد للقارئ الأطر والأهداف والسياسات والمسؤوليات والأولويّات والغايات المرحليّة والنهائيّة في كلّ مجال من المجالات التي يمكن أن تشكّل عنصرًا فعّالًا في حركة التغيير، على ضوء كلمات قائد الثورة الإسلاميّة المعظّم روح المجتمع الكاتب: الإمام الخامنئي/ السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*25غلاف كرتوني: 932 صفحةالطبعة الأولى، 2017م ISBN: 978-614-474-020-0 سعر النسخة الملوّنة: 100$سعر النسخة (أبيض وأسود): 34$ للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراءه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

مبادئ العمل الثقافي
الثقافة هي المحرك الأول لكل المجتمعات البشرية؛ وهي تستحق الكثير من الحديث والبحث العلمي. ولأجل ذلك كان هذا الكتاب في سعي للمساهمة في تفعيل الحوار بين المفكرين والمهتمين بهذه القضية الحساسة من أجل الوصول إلى المبادئ الأساسية التي ينبغي أن ينطلق منها كل نشاط ثقافي فعال. مبادئ العمل الثقافي الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21.5غلاف ورقي: 128 صفحةالطبعة الأولى، 2006م يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقعي: 1- النيل والفرات: https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=02- وموقع جملون:https://jamalon.com/ar/catalogsearch/result/?q=مركز+باء

روح التربية
الإنسان لا يأتي إلى الدنيا فاسدًا. في البداية يأتي إلى الدنيا بفطرة جيّدة وهي الفطرة الإلهية "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَة"، وهذه هي الفطرة الإنسانية فطرة الصراط المستقيم والإسلام والتوحيد. أنواع التربية هي التي تفتح هذه الفطرة أو تسد الطريق على الفطرة. التربية هي التي يمكن أن توصل المجتمع إلى كماله المنشود، وهي التي تجعل البلاد إنسانية نموذجية كما يريدها الإسلام روح التربية الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 192 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

حول أسلمة العلوم الطبيعية أو التطبيقية.. مبادئ أساسية لبناء المناهج
لا ينظر المؤمنون بالإسلام وقيمه إلى الحركة العلمية الغربية بارتياح عمومًا، ومنها ما يرتبط بالعلوم التي تمحورت حول دراسة الكون والطبيعة والإنسان؛ هذه العلوم التي عبّرت عن نفسها بمجموعة من الاختصاصات والفروع، وظهرت بنتاج هائل استوعب جهدًا كبيرًا للبشرية، فأصبح بسبب ضخامته وحضوره مدرسة عامة يتبنّاها العالم كلّه. فالمنهج الغربيّ في التعامل مع الطبيعة والكون والإنسان هو المنهج المعتمد اليوم في كل بلاد العالم دون استثناء. إلا إنّ المؤمنين بالإسلام متوجّسون من حركة الغرب عمومًا، لا سيّما حين ينظرون إلى نتائج هذه العلوم على مستوى علاقة الإنسان بربّه. لقد أضحت هذه العلوم علمانية بالكامل، ليس أنّها لا ترتبط باكتشاف مظاهر حضور الله وعظمته وتدبيره وربوبيته فحسب، بل أصبحت سببًا لحصول قطيعة بين الإنسان وخالقه؛ في حين أنّ هذه العلاقة هي أساس سعادة الإنسان وكماله. أضف إلى ذلك، الآثار الهدّامة المشهودة لهذه العلوم على مستوى التطبيق والتكنولوجيا.من هنا، فإنّنا ندعو إلى إعادة النظر في هذه المقاربة، والعمل على تأسيس مقاربة أدق وأوسع وأشمل تجاه الكون والإنسان والوجود تنطلق من فهم فلسفة الوجود وغايته، فتكون عاملًا مساعدًا لتحقيق الأهداف الكبرى.

حول أسلمة العلوم التطبيقية والطبيعية... مبادئ أساسية لإعداد المناهج
لا ينظر المؤمنون بالإسلام وقيمه إلى الحركة العلمية الغربية بارتياح عمومًا، ومنها ما يرتبط بالعلوم التي تمحورت حول دراسة الكون والطبيعة والإنسان؛ هذه العلوم التي عبّرت عن نفسها بمجموعة من الاختصاصات والفروع، وظهرت بنتاج هائل استوعب جهدًا كبيرًا للبشرية، فأصبح بسبب ضخامته وحضوره مدرسة عامة يتبنّاها العالم كلّه. فالمنهج الغربيّ في التعامل مع الطبيعة والكون والإنسان هو المنهج المعتمد اليوم في كل بلاد العالم دون استثناء. إلا إنّ المؤمنين بالإسلام متوجّسون من حركة الغرب عمومًا، لا سيّما حين ينظرون إلى نتائج هذه العلوم على مستوى علاقة الإنسان بربّه. لقد أضحت هذه العلوم علمانية بالكامل، ليس أنّها لا ترتبط باكتشاف مظاهر حضور الله وعظمته وتدبيره وربوبيته فحسب، بل أصبحت سببًا لحصول قطيعة بين الإنسان وخالقه؛ في حين أنّ هذه العلاقة هي أساس سعادة الإنسان وكماله. أضف إلى ذلك، الآثار الهدّامة المشهودة لهذه العلوم على مستوى التطبيق والتكنولوجيا.من هنا، فإنّنا ندعو إلى إعادة النظر في هذه المقاربة، والعمل على تأسيس مقاربة أدق وأوسع وأشمل تجاه الكون والإنسان والوجود تنطلق من فهم فلسفة الوجود وغايته، فتكون عاملًا مساعدًا لتحقيق الأهداف الكبرى.

هل يصح تدريس العلوم الطبيعية بمناهجها الحالية؟ وما هي الشروط التربوية لنجاح هذا التعليم؟
تعمد الأطروحة الجديدة للمدرسة النموذجية إلى إعادة النظر بشأن تعليم العلوم الطبيعية كالفيزياء والكيمياء والأحياء وكذلك الرياضيات، وذلك بما يتناسب مع الرؤية المرتبطة بدور العلم في الحياة البشرية. لقد تم التركيز على هذه العلوم في المناهج الغربية باعتبار الموقعية المركزية لعالم المادة والطبيعة في الحياة البشرية. ففي الفكر الغربي المادي يُعد تسخير الطبيعة وعناصرها أساس السعادة البشرية، وذلك باعتبار أنّ المنشأ الأساسي للقدرة هو المادة. وبحسب هذا الفكر، بالقدرة يتمكن البشر من الوصول إلى السعادة أو حلّ المشكلات المختلفة... في حين أنّه بحسب الرؤية الكونية الدينية، فإنّ القدرة الأساسية (أي قدرة التغيير والتأثير) إنّما تتجلى في إرادة البشر. وهذه الإرادة لا تظهر فقط بالسيطرة على عناصر الطبيعة، وإنّما تظهر في سلوكياتهم وتعاملهم فيما بينهم في الاجتماع والسياسة. كما أنّ مستوى القدرة يتحدد وفق طبيعة استخدام عناصر الطبيعة وآلياتها وبرامجها؛ ممّا يعني أنّ هذه القدرة الناشئة من تسخير مواد الطبيعة إنّما تتبع أهداف البشر ونواياهم وكيفية استعمالهم لهذه المواد، لا مجرد تسخيرها كيفما كان.لذا يجب قبل أي شيء العمل على بناء الرؤية السليمة المرتبطة بدور الانسان في تسخير عالم المادة، ومدى تأثير ذلك على سعادة البشرية أو شقائها، وتعريف المتعلم إلى كل عناصر القدرة التي يمكن أن يحقق من خلالها سعادته وسعادة مجتمعه.

أفضل مناهج دراسة الطبيعة، لماذا يجب أن نعيد النظر في تعليم هذه المواد؟
عرفت البشرية طوال تاريخها المديد منهجين أساسيين لدراسة الطبيعة. وقد انتصر ثم هيمن أحد هذين المنهجين بعد صراع لم يدم طويلًا. كان الأول يعتمد على فلسفة البحث من خلال طرح الأسئلة المرتبطة بالموقعية الوجودية لأي كائن أو عنصر طبيعي والبحث عن سر وجوده وعلاقته بغيره.

كيف تتغلب المدرسة على العقبة الأولى أمام بناء المجتمع؟ لماذا تعزز مناهج اليوم النزعات الفردية وفرار الأدمغة
بالنسبة لأي مجتمع في العالم، لا يوجد ما هو أسوأ من تضييع الطاقات الشابة الخلاقة والفعالة التي يحتاج إليها للتقدم والازدهار وحتى البقاء.. شباب اليوم هم مدراء البلد والمسؤولون عن تقرير مصيره، والفارق الزمني الذي يفصل بينهما لا شيء مقارنة بعمر الأوطان؛ لهذا، فإنّ أي مجتمع سرعان ما سيلحظ الخسارة الكبرى من تضييع الطاقات الشابة.

المشروع الحضاري للتعليم العام.. كيف ننزل هذا المشروع في قالب المناهج المدرسية
السؤال الأساسي هنا هو أنّه كيف يمكن أن نجعل من المشروع الحضاري الكبير الذي نؤمن به منهاجًا دراسيًّا، بل محورًا أساسيًّا في التعليم العام، بحيث يمكن الوصول بالمتعلم إلى مستوى من الفهم والإيمان والتبني والمسؤولية تجاهه، حتى ينتقل إلى الحياة التخصصية والمهنية وقد جعل ذلك كله قائمًا عليه ومتوجهًا إليه.حين يتمكن المتعلم من رؤية الحياة كما هي في الحقيقة، لن ينخدع بعدها بهذه الظواهر: ناطحات السحاب، التكنولوجيا، الطائرات، العدد الكبير لسكان دولة، الدخل القومي الكبير.. فكل هذه المدنية وهذا العمران وهذه الآلات والأدوات لن تكون عاملًا يصرف ذهن هذا المتعلم عن حقيقة ما يجري، وسوف يجد نفسه منخرطًا بسهولة في المكان والموقف الحق الذي يعمل بصدق ووفاء على تحقيق صلاح البشرية والأرض.

كيف تكون الأرض مشروعًا تعليميًّا أساسيًّا؟ بدل التشرذم، تتضافر العلوم والمناهج
منذ أن حصل الطلاق بين العلوم التجريبية والفلسفة، والأرض تئن تحت وطأة التفلت العجيب في استخدام عناصرها ومكوّناتها بطريقة تنذر بكارثة وجودية. حين أصبح ما يُسمى اليوم بالعلم (أو الساينس) يمارَس لأجل "العلم" كما يُقال، فقد العمل البحثي في كل ما يتعلق بالأرض أي نوع من التوجه الهادف والمسؤول تجاه هذا الكوكب الذي يبدو أنّه الوحيد الحاضن للحياة.

كيف تصنع المناهج هم تهذيب النفس؟ إطلالة معمقة على دور المدرسة في التربية
يمكن للتعليم المدرسي أن يساهم مساهمة كبرى في توجيه المتعلم نحو أحد أكبر قضايا الحياة وأهمها وأكثرها تأثيرًا على حياته ومصيره، ألا وهي قضية تهذيب النفس والسير التكاملي إلى الله. ولا نقصد من التعليم المدرسي تلك البيئة الفيزيائية المتعارفة، التي يمكن أن تكون معارضة تمامًا لهذا النوع من التربية والتأثير، وإنّما المقصود هو المناهج التعليمية التي يمكن صياغتها وتطويرها بحيث تصبح قادرة على جعل قضية التكامل المعنوي الجوهري همًّا واهتمامًا أساسيًّا، يعيشه المتعلم ويمارسه في هذه المرحلة العمرية الحساسة.

التعليم لأجل صناعة أبناء الآخرة.. أين هي القضية الأولى في المناهج؟
إن أردنا أن ننسجم مع رؤيتنا الكونية للوجود والمصير، ينبغي أن يكون للحياة الآخرة حضور أقوى في المناهج المدرسية، يتناسب إلى حدٍّ ما مع محوريتها وأولويتها. فكيف يمكن أن نعد الطالب المدرسي ليكون من أبناء الآخرة بدل أن يكون من أبناء الدنيا امتثالًا لقول أمير المؤمنين عليه السلام؟ المبدأ الأول الذي ينبغي أن تُبنى عليه مناهج التعليم هو ضرورة إعداد المتعلّم للتعامل مع قضايا الحياة الأساسية بما يتناسب مع أهميتها وتأثيرها ودورها في حياته. ولا شك بأنّ الحياة الآخرة هي القضية الأولى

المحور الأوّل للنّظام التعليميّ السّليم
من أهم القضايا التي تشغل بال أهل التربية والتعليم هي قضيّة العلم. لذا من أراد أن ينبي رؤية واضحة في التربية والتعليم يحتاج إلى تحديد موقفه من العلم.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...