
سر صعود الأمم
الرسالية العالمية
السيد عباس نورالدين
نظرة معمّقة إلى تاريخ الأمم يمكن أن تقدّم لنا تفسيرًا مهمًّا للعوامل التي تقف وراء الارتقاء والصعود إلى مصاف الحضارات وأسباب بلوغ مراتب السيادة والتألّق والازدهار. وأحد هذه الأسباب، الذي لا أظنّ أنّه قد تم الالتفات إليه، فضلًا عن دراسته، هو ما يمكن اختصاره والتعبير عنه في جملة واحدة ألا وهي: "إيمان أهل أيّ مجتمع واعتناقهم لدور رساليّ ومهمّة تتعدّى نطاق حياتهم وموقعهم الجغرافي المحدّد".
لم تُطوّر جميع الأمم أو المجتمعات التي مرّت على هذه الأرض هويتها الخاصة ضمن نطاق المشروع الحضاري أو الرسالي الذي يتجاوز مصالحها الخاصة؛ وقد حوّلت بعض الأمم مهمّتها الرسالية إلى وسيلة للفتح والاستعمار والسيطرة والهيمنة. وربما أدّى الاستعمار والاستكبار إلى نتائج متضادة تمامًا مع الرسالية. لكن مع ذلك، يبقى هذا العامل سمة بارزة وميزة لا تخلو منها أيّ حضارة على وجه الأرض.
ما نقصده من النزعة أو المهمة الرسالية التي تتبلور داخل حياة أيّ شعب أو قبيلة هو ما يشير إلى نوع من المسؤولية تجاه الشعوب الأخرى، أو فيما يتعلق بالعالم كله، أو فيما يرتبط بالحضارات الأخرى.. وغالبًا ما يتجلى هذا الشعور والاعتقاد برغبة عارمة في جعل الآخر يتبنى ثقافتك، بمعزل عن الوسائل التي تنتهجها لتحقيق هذا الهدف وتلبية تلك الرغبة.
وقد أثبتت التجارب الاجتماعية المختلفة على مدى العصور أنّ التفوّق الثقافي عامل أساسي للبقاء وحفظ الهوية وحتى السيادة، لكنّه يحتاج إلى عنصر آخر للنجاح، ألا وهو وجود مثل تلك النزعة الرسالية أو التبشيرية فيه. ولعلّ هذا ما يميّز الثقافة المسيحية أو الإسلامية عن الثقافة اليهودية أو الكونفوشيوسية أو البوذية. ففي المسيحية والإسلام يُعدّ التبشير والدعوة عنصرًا ممتزجًا بمبادئهما وتعاليمهما وأصلًا مهمًّا في تكوين شخصية المسيحي أو المسلم؛ بينما لم تعتني اليهودية بالتبليغ باعتبار أنّها في نظر أتباعها ديانة قومية تختص بشعب محدّد. ورغم الإمكانات الهائلة التي تمتّع بها اليهود على مدى الأزمنة، فإنّهم لم يتمكّنوا من بناء دولة أو كيان حضاري حقيقي. وما يُسمّى بإسرائيل ليس سوى قاعدة عسكرية متطوّرة أنشأها الغرب ويرعاها ويمدّها بكل عناصر البقاء.
يوجد في التاريخ الحديث تجربتان تمثّلان شاهدين على أهمية وضرورة وجود تلك النزعة الرسالية، انطلق كلٌّ منهما من داخل أوروبا التي نعرفها.. التجربة الأولى هي التي خاضتها إسبانية الاستعمارية على نطاق واسع؛ والثانية هي تجربة بريطانيا وشعوب المملكة المتحدة.
انطلقت الشعوب الإسبانية لاستعمار القارة الأمريكية المكتشفة حديثًا، وسرعان ما لحقتها بريطانيا إلى القسم الشمالي منها. وامتزجت الحوافز الاستعمارية بالدوافع الرسالية عند كلا الشعبين؛ إلا أنّ الثقافة الإسبانية لم تتمكّن من توليد أيّ رسالة يمكن أن تشكّل نسيجًا لاحمًا للمستعمرات الجديدة وشعوبها؛ وسرعان ما تحوّلت كل ثمار استعمارها إلى مشاكل أثقلت المملكة الأوروبية بأعباء عجزت عن حملها، وباتت هذه القوّة، التي كانت تغفو على ثروات هائلة وفّرتها لها تلك المستعمرات، عاجزة عن حماية مصالحها فيها.. أمّا الثقافة الإنكليزية التي انتشرت وهيمنت في القسم الشمالي للقارة الأمريكية، فقد استطاعت أن تشكّل نزعة رسالية ذات طابع عالمي، يمكن اعتبارها أحد أهم أسباب قيام الدولة الأمريكية العظمى.
ويعزو الكثيرون العجز في الأولى إلى طبيعة الثقافة المسيحية الكاثوليكية، في حين يرجعون القدرة في الثانية إلى طبيعة الثقافة المسيحية البروتستانتية. وبمعزل عن الأسباب الثقافية، فإنّ المحرّك الأول للكثير من النشاط الاستعماري في الشمال كان ذا طابع رسالي.
ورغم أنّ التوسع والتفوّق كان في البداية لصالح المملكة الإسبانية، حيث استعمر الأسبان ومن معهم كامل القارة الجنوبية والوسطى وقسمًا مهمًّا ممّا يُعرف اليوم بالولايات المتحدة؛ في حين لم يتمكّن الإنكليز (بريطانيون وإيرلنديون وإسكتلنديون) إلّا من السيطرة على الشاطئ الشرقي الشمالي من القارة الأمريكية؛ كما كان نصيب المملكة الإسبانية من الثروات والمناجم التي تمّ نهبها على مدى عشرات السنين من تلك القارة أكبر بكثير مما حصل عليه الإنكليز (الذين عمدوا فيما بعد إلى نهب القوافل البحرية الإسبانية القادمة من جنوب القارة والمحملة بأطنان الفضة والذهب)؛ إلا أنّ ذلك لم يشفع للأسبان ليتمدّدوا ويتحوّلوا إلى قوة عالمية عظمى للسبب الذي نشير إليه.
ونستفيد من هذه التجربة أنّ الثروات القومية الهائلة لن تكون عاملًا لتشكّل القوة العالمية، ما لم تقع بيد أطروحة ذات طابع رسالي يخرج للناس.
لم تكن الحسابات الخاطئة ولا القرارات الحمقاء وراء تدهور النفوذ الإسباني في المستعمرات وفي الداخل الأوروبي؛ بل هو العجز الذاتي عن تشكيل مهمة رسالية يفترض أن تصبغ السياسات الإسبانية بدل تركيز الاهتمام على النهب والسلب والتوسع.
وبدراسة عملية تشكيل دولة الولايات المتحدة الأمريكية، نجد أنّ أحد أهم العناصر التي أدت إلى تغلب الشماليين على الجنوبيين الكونفدراليين في الحرب الأهلية يرجع إلى تمتع الشماليين بأطروحة تتجاوز ولاياتهم ومصالحهم الخاصة. بينما سيطر الهمّ الاقتصادي على سكان الولايات الجنوبية. وهكذا أصبح الشمال مرتعًا خصبًا لتشكيل ثقافة أصبحت ركيزة قيام هذه الدولة العظمى..
وبالرجوع قليلًا إلى الوراء، فإنّنا إذا نظرنا إلى الحضارات التي كانت سائدة في مختلف بقاع الأرض، كالحضارة اليابانية أو الكورية أو الصينية أو المسيحية الأوروبية أو العثمانية أو حتى الصفوية، نجد أنّ ما جعل من الأوروبيين قوة عالمية متفوقة، تجوب العالم وتستعمر شعوبه وأراضيه، يكمن في الدرجة الأولى في تفاعل الأوروبيين مع رؤية فلسفية دينية علمانية للعالم، بعثت الاعتقاد بوجود مهمة أو رسالة ينبغي أن يحملها الإنسان الأبيض تجاه شعوب العالم كله، كما يعبّر الشاعر كيبلر.
وقد أنتجت الأدبيات الأوروبية، منذ ما بعد القرون الوسطى وخصوصًا في مخاض الصراع مع الكنيسة، ثقافة تدعو إلى استعمار الأرض كلّها، وفرض القيم الأوروبية على الشعوب الأخرى والعمل على جعلها متحضّرة وفق النسخة الأوروبية بالطبع.. وباعتقادي إنّ هذه الثقافة هي التي كانت الركيزة الأساسيّة للكثير من الأنشطة العلمية والاستكشافية والتكنولوجية، التي أّدت إلى صعود هذه القارة إلى مصاف القوة العالمية العظمى.
أمّا الأمبراطورية العثمانية، فقد بدأت بالتراجع والانحطاط حين سيطر عليها همّ واحد وهو الحفاظ على المناطق التي كانت تخضع لسلطانها والإبقاء على مكتسباتها في البلاد التي سيطرت عليها، لا كما يُقال حين انحسر نفوذها في القارة الأوروبية.. وهذا ما تجلّى بالانحطاط العجيب في أوضاع كل الشعوب التي رزحت تحت هذه الأمبراطورية طيلة أربعة قرون متواصلة. فالعثمانيون عجزوا عن تشكيل أيّ رسالة أو أطروحة عالمية، وسيطر عليهم الخوف أو الحذر من الآخر، وانتهجوا سياسات التعمية والتجهيل إلى أبعد الحدود.
لا ننسى أنّ جيوش الإمبراطورية العثمانية كانت تدكّ أسوار فيينا، التي تُعدّ قلب أوروبا، وتخضع شعوب رومانيا ويوغسلافيا وألبانيا واليونان ومقدونيا لسلطانها. ومع ذلك، فإنّها لم تستفد من هذا النفوذ الذي طال لعشرات السنين على صعيد تغيير العالم ومواكبة تحدّياته وتحوّلاته المتسارعة.
إذًا الكلمة الفصل في صراع القوى ليست للجيوش ولا للأسلحة ولا للتكنولوجيا ولا للثروة، بل للرسالة والمهمة العالمية، حتى لو تم استغلالها لأجل المصالح الضيّقة أو لمنافع طبقة من الحكام والنافذين. وهنا ينبغي أن أتوقّف عند واحد من أهم عناصر نهج الإمام الخميني، مؤسّس الدولة الثورية الحديثة في منطقة إيران، وهو العنصر الذي أكّد عليه الإمام منذ قيام الثورة وبدء عملية تشكيل النظام وبناء الدولة وهو ضرورة العمل على تصدير الثورة.
ببالي أنّ قسمًا مهمًّا من رجال الثورة في الداخل لم يكونوا متسلحين بالقدر الكافي من المعرفة اللازمة لفهم أطروحة الإمام فيما يتعلّق بتصدير الثورة؛ وهذا ما أدّى إلى تراجعهم عن هذه الأطروحة تحت وطأة الضغوط الخارجية التي صاحبتها عمليات حصار وحروب مختلفة. وللذين تخلّوا عن هذا المبدأ أو ضعفوا عن نصرته وتأمين مستلزماته، وشعروا بالحرج الشديد من الاستمرار عليه ينبغي أن يُقال أنّهم في الواقع قد تخلّوا عن العنصر الأول في القوة اللازمة لبقاء الثورة والدولة المنبثقة منها، وهم يخسرون ما يحتاجون إليه لتحويل هذه الثورة إلى قوة عالمية.
لا ينقص أتباع نهج الإمام الخميني أيّ شيء لبلورة الرسالة التي يجب عليهم تصديرها إلى مختلف بقاع الأرض. وصحيح أنّ وهج الثورة الأول كان عاملًا مهمًّا للشعوب المستضعفة لاستقبال أفكارها وأطروحتها، لكن زماننا هذا ما زال يعيش كل الظروف والأوضاع المناسبة لتقديم الأطروحة الإنقاذية والانطلاق في مهمة عالمية، لأنّه زمن سقوط الأطروحات وفشل الأيديولوجيات وتصدّع الأنظمة. إنّه أفضل فرصة لبعث الروح الرسالية الأصيلة التي تأسّست في الزمن الأول، بعد أن سقط كل الأدعياء الذين علا ضجيجهم طيلة هذه القرون الممتدة.

الخميني القائد
البحث عن السيرة القيادية للإمام التي ظهرت في كل أفعاله ومواقفه، وكانت العامل المحوري لجميع إنجازاته ومفاخره. فشكلت أعظم الدروس القيادية التي يمكن تشييد مدرسة كاملة عليها. ما هي أهداف الإمام الخميني وما هي أهم انجازاته وكيف حقق ذلك على مدى عمره وكيف أسس لأعظم انجاز حضاري عرفته البشرية في العصر الحديث.. الخميني القائد الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 448 صفحةالطبعة الأولى، 2012م يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقعي: النيل والفرات: https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=0وموقع جملون:https://jamalon.com/ar/catalogsearch/result/?q=مركز+باء

الخامنئي القائد
في هذا الكتاب، تتمثّل لنا تجربة عالمٍ فقيه وهو يقود مشروعًا حضاريًّا كبيرًا فنسعى للبحث في طيّات كلماته ومواقفه عن معالم هذا المشروع ومراحله، وما هي العقبات التي تواجهه والإنجازات التي تحقّقت بفضل الجهاد الكبير. وفي هذا المعترك الواسع، نشاهد هذا القائد وهو يعمل ليل نهار من أجل المحافظة على إنجاز سلفه، الذي تمثّل بإحضار الناس إلى الميادين الاجتماعية، وإقناعهم بأنّهم أصحاب الدولة الواقعيون، وأنّهم قادرون على إنجاز المستحيل. الخامنئي القائد الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 400 صفحةالطبعة الأولى، 2012م يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقعي: النيل والفرات: https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=0وموقع جملون:https://jamalon.com/ar/catalogsearch/result/?q=مركز+باء

الإمام يقود الثورة
يمثّل هذا الكتاب مساهمة أخرى في الكشف عن معالم الفكر السياسي للإمام الخميني "قده" ومراحل حركته الجهادية ضد الشاه ومن خلفه الاستكبار العالمي. هذه الدراسة الممتعة بين يدي القارئ استفادت من كتابي "الحكومة الإسلامية" للإمام الخميني و"الحياة السياسية للإمام الخميني" لمؤلفه حسن رجبي. كي تقدم للمهتمين الدروس السياسية العظيمة من حياة الإمام. الإمام يقود الثورة الكاتب: الإمام الخميني(قده)إعداد: مركز باء للدراساتالناشر: الدار الإسلامية (مركز باء للدراسات) حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 256 صفحةالطبعة الأولى، 2001م ISBN: 9953-22-015للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

روح المجتمع
كتابٌ يُعدّ موسوعة شاملة ومرجعًا مهمًّا جدًّا يمتاز بالعمق والأصالة لكلّ من يحمل همّ تغيير المجتمع والسير به قدمًا نحو التكامل، يحدد للقارئ الأطر والأهداف والسياسات والمسؤوليات والأولويّات والغايات المرحليّة والنهائيّة في كلّ مجال من المجالات التي يمكن أن تشكّل عنصرًا فعّالًا في حركة التغيير، على ضوء كلمات قائد الثورة الإسلاميّة المعظّم روح المجتمع الكاتب: الإمام الخامنئي/ السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*25غلاف كرتوني: 932 صفحةالطبعة الأولى، 2017م ISBN: 978-614-474-020-0 سعر النسخة الملوّنة: 100$سعر النسخة (أبيض وأسود): 34$ للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراءه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

الإمام الخميني مسيرة الثورة والجهاد
الإمام الخميني مسيرة الثورة والجهاد الكاتب: الإمام الخميني الناشر: مركز بقيّة الله الأعظم (مركز باء للدراسات)حجم الكتاب: 14.5*21.5غلاف ورقي: 64 صفحةالطبعة الأولى، 1998محالة الكتاب: نافد

قرأتُ لك: قوانين واشنطن
عنوانٌ يحمل في الصياغة الإنجليزية معنًى آخر هو "واشنطن تحكم"، ينطلق فيه الكاتب وهو عقيد متقاعد وأستاذٌ جامعيّ مرموق في التّاريخ والعلاقات الدوليّة في جامعة بوسطن، من اكتشافٍ حدث له، أبان سقوط جدار برلين، حين انتقل مع بعض زملائه إلى القسم الشرقيّ من العاصمة؛ ليتعرّف هناك على حجم الجهل الذي كان يعيشه، والذي أوقعته فيه المؤسّسة التي خدم فيها لأكثر من عشرين سنة. كان حينها ينظر إلى العالم بمنظار الأبيض والأسود ووفق القيم والمعايير الأمريكيّة التي أصبحت بالنسبة لمعظم الشّعب الأمريكيّ من المسلّمات التي لا تتعرّض للمساءلة والنقاش.

بين القيادة التجريبية والقيادة العقلانية
القيادة التي تُعنى بتوجيه الطاقات والإمكانات هي ميدان مهم لاختبار القدرات الإدراكية للقائد. وكلّما كان المعني بهداية الموارد البشرية والمادية قوي الإدراك، كان أقدر على القيام بعمله على أفضل وجه.

المقاومة من أجل الحضارة.. لماذا يجب أن نصرّ على هذه الأطروحة؟
إذ كنت مهتمًّا بمستقبل مجتمعك وشعبك، فأنت بحاجة إلى التفكير بموقعيّته الحضارية في عالم الغد؛ فلا شيء يحدّد مستقبل أي شعب مثل إدراك ما سيكون عليه على المستوى الحضاريّ في الزّمن الآتي.

هل بقي نهج الإمام الخميني؟
إنّ أحد أعظم منجزات الثّورة الإسلامية التي جرت في إيران وامتدّت عبر العالم: ابتكار وترويج مفهوم جديد هو مفهوم النهج. والنهج ـ أو نهج الإمام الخميني بالخصوص ـ اصطلاحٌ شاع مع انطلاقة تلك الثورة، ثمّ نما وتكامل حتى وصل إلى أوجه في غمرة الجدل الثوريّ بين الأجنحة والتيّارات التي شاركت في الثورة أو سعت ليكون لها نصيبٌ منها.

قضايا الحياة الكبرى
حين تبدأ بالإحساس بوجود مجتمعات بشريّة ذات هويّات متعدّدة تعيش فيما بينها تفاعلًا قويًّا، وحين تدرك طبيعة هذا التّفاعل الذي يتّخذ سمة الصّراع في العديد من الموارد، وحين تكتشف مفاعيل ونتائج هذا الصّراع؛ فأنت إنسانٌ حيٌّ شاعرٌ مدرك. وهنا، ستحتاج إلى أن ترتقي بوعيك إلى المستوى الأعلى، حيث تفهم طبيعة ما يتولّد عن هذا التّفاعل الكبير من قضايا ـ تكون بمنزلة محدِّدات المسارات الكبرى.

أحد أعظم أسرار القيادة الإلهية... ماذا تعرف عن إدارة القادة الإلهيّين؟
إنّ أحد أبعاد القيادة الإلهية ومميّزاتها يكمن في القدرة العجيبة على متابعة شؤون الناس التفصيلية ومواكبة قضاياهم المختلفة دون التفريط بأي صغير بحجّة الاهتمام بالكبير؛ وهذا ما يوصي به أمير المؤمنين (عليه السلام) مالك الأشتر حين ولاّه مصرا: "ولا تدع تفقّد لطيف أمورهم اتّكالًا على جسيمها، فإنّ لليسير من لطفك موضعًا ينتفعون به، وللجسيم موقعًا لا يستغنون عنه".[1]

كيف نتفوّق على الغرب؟
كل من يمتلك الحدّ الأدنى من الوعي والاطّلاع، يدرك مدى هيمنة الغرب على المجتمعات المسلمة ومدى نفوذه فيها وإيغاله في مكوّناتها الاجتماعيّة والنفسيّة والفكريّة، ويلاحظ بوضوح عمله المعلن على إخضاعها واستعبادها.

بين السيّئ والأسوأ: كيف يفضّل الغربيّون نظامهم السّياسيّ الاجتماعيّ؟
من يظن أنّ الغربيّين عمومًا، والأمريكيّين خصوصًا، لا يرون مساوئ نظامهم الاجتماعيّ السّياسيّ (بما يشمل الاقتصاديّ والإعلاميّ والتّعليميّ و..) فهو مخطئ حتمًا. وإذا كنتُ أريد أن أتوجّه بالكلام إلى القارئ العربيّ، فلا شك أنّ هذا القارئ سيكون محكومًا ـ في نظرته وتقييمه للنّظام الغربيّ ـ لواقعه الذي يعيش فيه.

أعظم الدروس من سيرة الإمام... كيف تعامل هذا القائد مع الاختلافات الفكرية
إنّ الخلافات الفكرية، وما ينتج عنها من مشاحنات، لهي أمور متوقّعة وطبيعية في أي مجتمع أو بيئة لا ترى العالم إلا بمنظار الأفكار والجدالات الفكرية؛ لكنّها أمور سيئة ومضرة إن نظرنا إليها بمنظار القيم المرتبطة بحركة المجتمع التقدمية.

لماذا لا نستفيد من الغرب؟ وإلى متى تستمر هذه القطيعة؟
كلّ عاقلٍ لا يمكن إلّا أن يستفيد ممّا حوله من وقائع وحوادث ومعطيات. والغرب واقعيّة كبرى، لأنّه عبارة عن حضارة ذات حضور وتأثير هائل على البشريّة والأرض. فالغض عن الغرب يشبه دفن الرأس في التراب. ولهذا، ليس الكلام في أن نستفيد أو لا نستفيد من هذه الحضارة الضخمة، وإنّما في كيفيّة الاستفادة الصحيحة والمُثلى منها.

بين القيادة الانفعالية والقيادة الاستراتيجية.. كيف يعمل الأعداء على تشكيل القيادات
منذ زمن بعيد وأنا أدأب على التفكير في كل ما يرتبط بواحدة من أهم قضايا المجتمع وأكثرها خطرًا، وهي قضية القيادة. ووجدت أنّ أكثر ما كان يخشاه المستعمرون ـ الذين غيّروا ألبستهم وبقوا على مخططاتهم ـ وما زالوا هو تبلور قيادة حقيقية في المجتمعات التي يهيمنون عليها؛ قيادة تستطيع توجيه طاقات المجتمع نحو الأهداف الكبرى، تقلب الطاولة عليهم وتبدّل المعادلات الدولية التي تعمل لمصلحتهم.

لماذا نكره الحضارة الغربية؟
نظر المؤمنون بالإسلام والأحرار في العالم إلى الحضارة الغربية من موقع العداء، لكن قد تتفاوت أسباب عدائهم. وهنا يتقدم السيد عباس نورالدين لتقديم رؤية موضوعية بعيدًا عن العداء الشخصي. وبهذه الطريقة نتقدم خطوة مهمة نحو فهم هذه الحضارة التي تسعى للهيمنة على العالم وإبادة ثقافات الآخر.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...