
في الحرب الناعمة
كيف نتعرف على قدراتنا الحقيقية؟
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب أي مجتمع نريد
{وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم}[1]
سعيُ الغرب لتحويل الشعوب وتبديلها لتكون طيّعةً لمشاريعه ليس بالأمر الجديد أو الخفي. يعترف الغربيون بفعلتهم هذه، وإن أخفوا الأهداف الواقعية التي تقف وراءها. مجرد وجود شعوب مختلفة بثقافتها يثير الرعب في قلوب النخبة القلقة على مستقبل الحضارة الغربية.
سعيُ المؤمنين بالحضارة الإسلامية لتحويل الآخر، لا يأتي ضمن تلك الأهداف المشؤومة. إنه مجرد رغبة وتوق إلى هدايته نحو السعادة المنشودة. وحين يرفض هذا الآخر دعوتنا، علينا أن نعفو ونصفح، حتى يأتي الله بأمره.
استخدام القوة الناعمة كعنصرٍ أساسي في الصراع، يُشكّل قناعة واسعة عند الطبقة الحاكمة في الغرب، وذلك نظرًا للكلفة الباهظة وغير المُجدية للحروب الصلبة من جهة، وانطلاقًا من الآثار الملموسة والنتائج البارزة الناجمة عن تلك القوة الناعمة.
ولا شك بأن القوة الناعمة في أي حضارة، تعتمد بشكل أساسي على ما فيها من عناصر جذب، تتمثّل فيما لا يملكه الآخر؛ وأنه يمكن قياس قوة كل حضارة بحسب عدد هذه العناصر ومستوى تأثيرها. وهي عناصر ملموسة يُفترض أن تُعرض وتُقدَّم على الملأ، فكمونها وإخفاؤها لا يخدم أهداف الحرب الناعمة بتاتًا. وهنا يأتي دور الإعلام في تظهير هذه العناصر والإقناع بها.
ولأجل معرفة نقاط القوة الحقيقية في هذه المواجهة، يجب أن نرى ما تمثله عند الآخر تحديدًا، وأن ننظر إليها من زاويته قبل أي شيء؛ لأن فعالية أي عنصر فيها يعتمد على تحقيق حالات الانبهار والخضوع والاستسلام في معسكره.
في هذه المواجهة، من الطبيعي أن تُجري شعوب المعسكرين تلك المقارنات الدقيقة بين ما لديها ولدى الآخر. وسوف تحدد حصيلة هذه المقارنة من سيكون المنتصر والمهزوم في النهاية.
المضامين الحضارية التي تُمثل جوهر القوة الناعمة، غير كافية بدون الوسائل والأدوات. فإذا كنّا نمتلك أعظم ثقافة أو دين، ولم نتمكّن من عرضه بعظمته الواقعية، أو قدّمناه بطريقة غير جذابة، فلن يُحسب من نقاط قوتنا، بل الأرجح أنه سيكون أحد عوامل ضعفنا في هذه المواجهة. وفي المقابل، الباطل المغلّف بجاذبية الحضارة لن يدحضه سوى الحق القوي الجميل، وإن كان الباطل بذاته زهوقا.
وبالنظر إلى الأدوات والوسائل، يمكن أن نُجري مقارنة سريعة بين معسكري المواجهة في الحرب الناعمة الحالية، حيث يُسجَّل للغرب تفوّقٌ ملحوظ على صعيدين فائقي الأهمية، وهما:
1. الجامعات
2. والإعلام بمفهومه الواسع الذي يشمل السينما وبرامج الشاشة المختلفة.
هذا في الوقت الذي نجد العجز في الطرف المقابل عن بلورة مؤسسات أكاديمية قادرة على مقابلة ذلك الرقي والأناقة التي تتمتع بها جامعات الغرب بفروعها المختلفة.
أما الإنتاج الإعلامي المحلي فما أبعده اليوم عن تقديم صورة حضارية جذابة، تعكس نقاط القوة الكامنة وتمتلك ذلك البعد العالمي في رسالتها وخطابها.
يعمل مفكّرونا بدؤوب على تفتيت عناصر القوة عند الآخر من خلال الكشف عن باطلها وقبحها المستور. لكن تأثيرهم كان ولا يزال لا يتعدى الأفراد، في الوقت الذي تدور رحى الحرب الناعمة حول السيطرة على الجماهير والشعوب، ويكون المغزى منها صناعة الرأي العام في مختلف المجتمعات.. ولذلك يمكن تحديد المنتصر في هذه المواجهة مسبقًا، إلا إذا قمنا بتدارك الأمر في هذه المرحلة الحساسة وعملنا على تفعيل العناصر المُتاحة لقوتنا الناعمة بحسب الأولويات. وهذا ما يتطلّب معرفة دقيقة بما نمتلكه من عناصر قوة ضمن هذه المجالات الأكاديمية والإعلامية، الأمر الذي لا يقدر عليه المنبهرون بمناصبهم الحالية وبإنجازاتهم المحلية.
فلا شك بأننا لن نتمكن في القريب العاجل من تحقيق التفوق العلمي على صعيد الجامعات لنجعلها أحد عناصر المواجهة في الحرب الناعمة. ولا يبدو أننا سنتمكن من إنتاج ذلك النوع من الأفلام الذي يضاهي أفلام هوليوود الكبرى ذات الطلب العالمي. لكن بإمكاننا أن نصنع نوعًا جديدًا من الجامعات الفريدة ذات الجاذبية العالمية عبر إجراء سلسلة من التغييرات الإدارية التي تنبع من رؤيتنا الكونية ومنظومتنا الأخلاقية العميقة. وهكذا سيكون العالم أمام نموذج فريد من البيئات العلمية التي تُعطي مكانة مرموقة جدًّا لطلاب العلم. وباستطاعتنا أيضًا إنتاج أفلام عالمية في خطابها، متميزة في مضمونها، دون الحاجة إلى منافسة هوليوود في نفقاتها الهائلة.
إنّ عناصر الجذب الحضاري التي تُعتبر أركان القوة الناعمة لأي معسكر، إنما تقوم على عرض تجربته الاجتماعية بكل مكوّناتها على الشعوب الأخرى، وذلك في مقاربة تراعي أولوية المقارنة وكيفياتها. ولا شك بأن أهم هذه المكوِّنات هي العدالة الاجتماعية المتمثلة بزوال الفوارق الطبقية، والأمن الداخلي المتمثل بانخفاض معدلات الجريمة، واحترام الإنسان المتمثل بحسن استقبال الأجنبي وضيافته، والخدمات العامة العالية الجودة المتمثلة بالرضا الشعبي عن المسؤولين، ووجود نظم ميسرة لمضامير الفضيلة والتي تتمثل في الإنتاجية الكبيرة، وغيرها من المجالات، التي ينبغي أن تُبنى عليها ثقافة الإعلام وبرامجه.
لا شك بأن المظلومية الكبيرة لأي شعب ـ والتي تظهر في مقاومته ـ هي من عناصر القوة الناعمة التي تجذب الشعوب المضطهدة والتواقة للحرية والانعتاق من المستعمر الغربي، وهي تكشف عن زيف هذا الغرب وقبحه أيضًا، ولأجل ذلك، بإمكانها أن تحقق نجاحات مهمة في معارك هذه الحرب الناعمة، شرط إظهارها بلغة عالمية تبعث على الافتخار المحلي أولًا.
لكي نفهم ما يجري في هذه المواجهة الحضارية نحتاج إلى استحضار عناصر قوة كل معسكر ودراستها وتحليلها بحسب مآلاتها وتأثيراتها النفسية؛ وهو أمر قد يتجنبه المندفعون بحماسة المظلومية وادعاء الحقانية، ويؤدي إلى المزيد من الضعف والتراجع. فهذه الحرب، كغيرها من الحروب، إنما تستجلب النصر بفضل سلوك طريق العقلانية والتخطيط الذكي والإبداع والمثابرة، ولن يكون النصر حليف المظلومين الذين لا يؤمنون بهذه السُنّة الإلهية الكبرى.
[1]. سورة البقرة، الآية 120.

على طريق بناء المجتمع التقدمي
المجتمع التقدّمي هو المجتمع الذي يتحرّك أبناؤه نحو قمم المجد والفضيلة والكمال.المجتمع التقدمي هو التعبير الأمثل عن استجابة الناس لدعوة الأنبياء الذين أرادوا أن يخرجوا البشرية من مستنقع الرذيلة والحيوانية والعبثية لإيصالها إلى أعلى مراتب الإنسانية والنور..فما هي سبل إقامة هذا المجتمع؟وما هي العقبات التي تقف في طريق تحقّقه؟ على طريق بناء المجتمع التقدّمي الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14.5*21عدد الصفحات: 376الطبعة الأولى، 2019Isbn: 978-614-474-081-1السعر: 14$

كيف نقضي على العنجهية الغربية؟
ذكرتم أنه ما لم نجعل القضاء على العنجهية الغربية هدفًا أساسيًا للمواجهة الحضارية، فإن هذا الغرب لن يرتدع... فكيف نعمل للقضاء على عنجهيته؟

لماذا يقوم الغرب بسياسات لمحاربة الإنجاب؟
في الفيديو الأخير تكلمتم عن أهمية الإنجاب لتقوية الدول و المجتمعاتو لكن لماذا نرى الدول الغربية تقوم بسياسات كبيرة تحارب فيها قيام الأسرة او الإنجابأليس هذا مناقضا لرغبة تلك الدول بازدياد قوتها و سيطرتها على العالم؟

إذا كان الغرب هو النموذج للعيش الكريم لماذا لا نعيش هناك؟
أخي بات مقتنعا أن الحل لتحسين حياته و للعيش بكرامة هو الهجرة إلى كندا أو بلاد مماثلة ، ويقول أنها نموذج قدمه الغرب للعيش الكريم ، بالمقابل أين النموذج الذي قدمه المسلمين الذين ينتقدون هذه الدول.. بماذا أجيبه؟

لماذا لا نستفيد من الغرب؟ وإلى متى تستمر هذه القطيعة؟
كلّ عاقلٍ لا يمكن إلّا أن يستفيد ممّا حوله من وقائع وحوادث ومعطيات. والغرب واقعيّة كبرى، لأنّه عبارة عن حضارة ذات حضور وتأثير هائل على البشريّة والأرض. فالغض عن الغرب يشبه دفن الرأس في التراب. ولهذا، ليس الكلام في أن نستفيد أو لا نستفيد من هذه الحضارة الضخمة، وإنّما في كيفيّة الاستفادة الصحيحة والمُثلى منها.

نحن والغرب، ما لديهم وليس لدينا.. بحثًا عن روح التقدم والتفوق
كتب الكثيرون وتكلموا حول الفرق بين الشرق والغرب، ثمّ نهض الشرق الأقصى وصار في مصاف الغرب، فتركز الكلام حول الشرق الأوسط الذي يتميّز بهويته الإسلامية المتشابهة. وصار الشرق هنا عبارة عن المسلمين. أمّا الغرب فقد اتّسع ليشمل كل من يحذو حذوه في الفكر ونمط العيش. فنحن في هذه المنطقة نعاني من أسوأ أنواع التخلّف والظروف التي تجعل حياتنا شبه جحيم حيث يتم تصنيفنا على أنّنا أمم ودول فاشلة لا تأثير لها على بقية العالم، خصوصًا فيما يتعلق بالإنسانيات التي ترتبط بالكرامة والعزة والارتقاء. لقد اندفع الغرب للنهب والسلب والاستعمار بروحٍ مفعمة بالنظر إلى المستقبل والتطلع إلى تسخير كل شيء وتغيير كل شيء؛ وكانت هذه الروحية تتشكل وتتطور على مدى الأجيال، لكنها حافظت على جوهرها ولبّها. وفي المقابل كانت مجتمعاتنا المسلمة تغط في سُباتٍ عميق، وهي فاقدة لأي نوع من معاني الحياة الاجتماعية والروح المشتركة والتفاعل مع عناصر ثقافتها التي يمكن أن ينبثق منها روح رسالية عالمية تدفع الناس باتّجاه آفاقٍ واسعة

أهمية إدانة الغرب.. لماذا يجب تسليط الضوء على الاستعمار؟
لكلمة الاستعمار في الضمير الغربي تردّدات سلبية لا تتناسب أبدًا مع الادّعاء السائد فيه بأنّه قد تخلّى عن هذه النزعة الوحشية والمنحطة. فالأغلبية الساحقة للشعوب الغربية تظن أنّ استعمارها لشعوب العالم وأراضيه كان خطأ فاحشًا، ويجب الاعتذار منه؛ حتى إنّ هناك تيارات تدعو إلى التعويض لمن لحقه الأذى والضرر منه. يتصور الكثيرون من أبناء تلك المجتمعات ونخبها أنّ دولهم وحكوماتهم قد تخلت عن هذه النزعة إلى غير رجعة؛ خصوصًا عند من أدرك بعض الآثار الوخيمة للاستعمار على المستعمر نفسه، نفسيًّا وثقافيًّا وحتى اقتصاديًّا، هذا بالرغم من الثروات الهائلة المنهوبة التي يمكنك أن ترى آثارها في كل شوارع ومباني ومتاحف ومصانع وجامعات الغرب ومشاريعه الكبرى.

كيف نتفوّق على الغرب؟
كل من يمتلك الحدّ الأدنى من الوعي والاطّلاع، يدرك مدى هيمنة الغرب على المجتمعات المسلمة ومدى نفوذه فيها وإيغاله في مكوّناتها الاجتماعيّة والنفسيّة والفكريّة، ويلاحظ بوضوح عمله المعلن على إخضاعها واستعبادها.

بين السيّئ والأسوأ: كيف يفضّل الغربيّون نظامهم السّياسيّ الاجتماعيّ؟
من يظن أنّ الغربيّين عمومًا، والأمريكيّين خصوصًا، لا يرون مساوئ نظامهم الاجتماعيّ السّياسيّ (بما يشمل الاقتصاديّ والإعلاميّ والتّعليميّ و..) فهو مخطئ حتمًا. وإذا كنتُ أريد أن أتوجّه بالكلام إلى القارئ العربيّ، فلا شك أنّ هذا القارئ سيكون محكومًا ـ في نظرته وتقييمه للنّظام الغربيّ ـ لواقعه الذي يعيش فيه.

كيف يتآمر الغرب على بلاد المسلمين.. ولماذا نرفض نظرية المؤامرة؟
يقارب الغرب مصالحه في بلاد المسلمين انطلاقًا من طبيعة براغماتية مطلقة، لا يمكن الانحياز عنها نحو أي نوع من العقائد والميول مهما كانت قوية. فلا شك بأنّ هناك تيارات دينية نافذة في بعض دوائر الحكومات الغربية تسعى لفرض أجندتها، مثلما أن هناك تيارات اسلاموفوبية

الأسس الفكرية للديمقراطية الغربية
إذا أردنا أن نعرف من أين تنبع نزعة الاستعلاء الغربية، فلنتعرف إلى الداورينية والماركسية والآدم سميثية.

زيف الغرب في الدفاع عن المرأة
يُطرح هذه الأيام الكثير من الإشكالات حول أحكام الإسلام فيما يتعلق بالمساواة بين المرأة والرجل. نعلم جميعًا أنّ قضية المساواة بين المرأة والرجل هي قضيّة أساسيّة في الغرب، ومنطلقات هذه الحضارة وتلك الثقافة تختلف تمامًا عن منطلقات الإسلام ورؤيته الكونيّة ونظرته للحياة. لكن الغربيين بفعل ما يمتلكونه من أدوات ضغط وقوّة ونفوذ يصرّون أن يملوا علينا ما يفهمونه حول هذه القضيّة، بل يشكلون على أساسها مواقف دولية تصل إلى حد الضغوط السياسية والاقتصاديّة. نحن إذا أردنا أن نفهم هذه القضيّة جيدًا، علينا أن نلتفت أن نظام التشريعات الإسلامي يقوم على نظامٍ قيميّ.

لماذا يمعن الغرب بظلم الشعوب؟
يوجد عنصران أساسيان تبلورا في ذهنية الإنسان الغربي تجعله يدعم التحركات المشؤومة لحكوماته:1- يرى حكومته من منظار ما تقدمه له من امتيازات معيشية.2- الصورة التي يحملها عن شيطنة الآخر والتي رسختها وسائل الإعلام والأدبيات والتعليم في ذهنه على مدى سنوات.

لماذا نكره الحضارة الغربية؟
نظر المؤمنون بالإسلام والأحرار في العالم إلى الحضارة الغربية من موقع العداء، لكن قد تتفاوت أسباب عدائهم. وهنا يتقدم السيد عباس نورالدين لتقديم رؤية موضوعية بعيدًا عن العداء الشخصي. وبهذه الطريقة نتقدم خطوة مهمة نحو فهم هذه الحضارة التي تسعى للهيمنة على العالم وإبادة ثقافات الآخر.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...