
فتح آفاق المعرفة شرط للانتصار
حول القوة العظمى في المواجهة الحضارية
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب على طريق بناء المجتمع التقدمي
يُعد العلم بمفهومه المُطلق أحد أبرز عناصر قوة الحضارة الغربية المادية، حيث يتم استغلاله بدهاءٍ بالغ في مجال الحرب الناعمة والغزو الثقافي. هنا يتم تصوير التفوُّق العلمي في الغرب وعرضه بشتى الأشكال التي تخلب القلوب، بدءًا من ادعاء امتلاك تصوُّر شامل للوجود والحياة والمصير، وانتهاءً بالقدرات التقنية الاستثنائية الناشئة من العلم نفسه.
سلطة العلم لا تقل أبدًا عن سلطة السلاح، فكيف إذا امتزجا وأضحى السلاح نتاج التفوق العلمي الهائل!
قبل مناقشة حجم تأثير العلم الغربي بكل أبعاده، نحتاج إلى معايير دقيقة ترتبط بفهمنا للتأثير الحقيقي. وحينها يصح أن نطرح هذا السؤال حول ما إذا كان تأثير العلم الغربي ناشئًا من انفعال الآخر وتوهمه، أو بسبب مهارة استخدام الغربيين له؟
ولا شك بأن هناك الكثير من الشواهد التي تدل على أنّ انهزام المسلمين الناشئ من التوهُّم والانبهار (إلى درجة الانسحاق) هو العامل الأول الذي أدى إلى وضعية الانفعال المزمنة التي تعيشها مجتمعاتنا.
وفي المقابل، يعرض البعض رؤية لتجاوز هذا الانبهار عبر طي مسيرة العلم الغربي نفسه، حذو النعل للنعل، ويعتبر أنّ السير بخطوات متسارعة ـ وإن كانت المسافة الفاصلة طويلة جدًّا ـ من شأنه أن يبعث الأمل في النفوس التي اعتقدت ردحًا طويلًا من الزمن باستحالة اللحاق.
وبمعزل عن مدى صوابية هذه الرؤية، وما يمكن أن تجلبه على المجتمعات التائقة للتحرر من تبعيةٍ وانتكاسات، فإنه بالإمكان عرض رؤية مختلفة تمامًا للعلم، بإمكانها أن تعالج الحالة النفسية المأزومة أولًا، ثم ترقى بالمجتمعات المسلمة إلى آفاق جديدة مختلفة جدًّا عما هو معروف بشأن العلم.
سلطة العلم وسلطانه على النفوس لا ينشأ فقط من القدرة التي يمنحها في مجال تسخير الطبيعة. فللعلم سلطة عظيمة على النفوس، تتجلى أولًا في اكتشاف عجائب الوجود وغرائبه المذهلة. ثم تتجلى ثانيًا في التأثير الروحي والمعنوي على أولئك الذين سيتأملون في هذه النفوس المذهولة.. فسحر التحول بواسطة العلم لا يقل عن سحر التأثر باكتشافاته.
الشعور بالغنى والثراء والاستغناء والإشباع يشكل مناعة كبيرة جدًّا أمام سحر العلم الغربي. فحين تشعر بأن ما لديك من علم يقدم رؤية عميقة متشعبة متصلة بعوالم ما وراء الطبيعة، (وهي عوالم يتصاغر أمامها كل هذا الكون المادي)، فإنّك ستستصغر أيضًا كل علم لم يتعدّ هذا العالم المحدود.
نظرة فاحصة في التراث العلمي المحلي الذي يعتز به الكثيرون، تُّبين لنا أن الجزء الأكبر منه مرتبط بالجدل والاستدلال المستفيض، أو بقضايا كلية عامة، يصعب ملاحظة حضورها في تفاصيل الحياة وقضايا الزمان.. لن نناقش الآن ما الذي أشغل الذهن العلمي المحلي، على مدى أكثر من ألف عام، بمثل هذه الجدالات؛ لكن ما يتبقى من هذا التراث على صعيد المعلومة الجاهزة للاستخدام، وإن كان جديرًا، لكنه غير كاف لخوض هذه المواجهة الحضارية.
إنّ تحرير التراث من جدلياته المستفيضة يساعدنا على إدراك عناصر جماله وقوته. ويكشف عن طرق أخرى للوصول إلى تلك المعارف، بغير الطريق الذي شقه ابن سينا وأكمله الملا صدرا. والأهم من ذلك إنه سيسمح لنا بالسير قدمًا على صعيد عرض تلك المعارف وإظهارها بصورة جذابة.. أتخيل لماذا لا يبقى أي نَفَس عند من يلهث جاهدًا على مدى سنوات من أجل أن يفهم الحركة الجوهرية أو مبدأ اتحاد العالم والمعلوم (وفق المنهج المشهور)، حتى يتفكر في هذه القضايا ويعرضها بعيدًا عن الاستدلال والجدال.
هناك من لم يشغل باله كثيرًا في إثبات حقانية المعلومات التي توصّل إليها، للآخرين. مما سمح له بأن يجد المتسع اللازم لعرض الكثير العجيب منها، والذي يمكن أن نعتبره تراثًا يشعرك بانبهار ساحق يفوق بدرجات انبهار المنبهرين بالغرب. وبالمناسبة كان هذا هو نفسه من ألهم صدر المتألهين الذي نحى منحى الاستدلال والإثبات.
ولأنّه اعتمد على القرآن والحديث، ولم يشتغل كثيرًا بما تُرجم عن الآخرين، فقد ظهر تراثه شديد الأصالة وعميق الانتماء وواضح الهوية. فلا يمكن لكل من يطالعه إلا أن يشعر بالعلو والاستعلاء على كل آخر مهما بلغ شأنه.
إن استطعنا أن نتحرر من عقدة الجدل والإثبات، وانطلقنا في آفاق عرض المعارف الموجودة في تراثنا الإسلامي الواسع، فسنكتشف أنّ هناك الكثير من الكلام الذي ما زال يمكن أن يُقال، وما زال ينتظر من يسمعه. وهذا الذي سيقدم لنا هامشًا واسعًا للانطلاق بحركة علمية هادرة، تبث الأمل في نفوس المسلمين، وترسم معالم تيار معنوي يُشعر أبناء مجتمعنا بالاعتزاز إلى حد الثمالة.
مشكلة العديد من القائمين على هذا التراث تكمن في رسوخ منهج الجدل والإثبات في نظرتهم التي انعكست على عملهم، بحيث بات تصورهم بوجود قناعة عامة عند الناس بما يؤمنون، يكفيهم لكي يشعروا بأنهم قاموا بما عليهم في مجال التعليم والعلم.
إذا كان العالِم يحصر علمه بالإمامة الإلهية في دائرة الأدلة والبراهين التي تثبتها، ثم رأى أنّ جمهور الناس بات مقتنعًا بها، فإنّ علمه سينفد، وبه سيزهد، لأنّ سوق هذه القضية سيكسد. فما هي الآثار والنتائج التي يبتغيها بعد الإثبات والإقناع؟!
هذا هو العامل الأول الذي يقف وراء ضعف حماسة القائمين على مسيرة العلم والتعليم في مجتمعنا. فإذا كان تراث صدر المتألهين هو أعلى وأعمق ما يمكن أن نقدمه من فكر وعلم للبشرية، وكان الطريق إليه مشروطًا بدراسة أكاديمية تتطلب تفرغًا بعيدًا عن يوميات الحياة، فيمكننا أن نفهم سبب ضعف مسيرة العلم وحركته في هذا المجتمع.
أجل ما زال هناك الكثير مما يمكن أن يُقال، ويجب أن يدرك الناس مثل هذا الغنى قبل أن يتناولوا منه..

على طريق بناء المجتمع التقدمي
المجتمع التقدّمي هو المجتمع الذي يتحرّك أبناؤه نحو قمم المجد والفضيلة والكمال.المجتمع التقدمي هو التعبير الأمثل عن استجابة الناس لدعوة الأنبياء الذين أرادوا أن يخرجوا البشرية من مستنقع الرذيلة والحيوانية والعبثية لإيصالها إلى أعلى مراتب الإنسانية والنور..فما هي سبل إقامة هذا المجتمع؟وما هي العقبات التي تقف في طريق تحقّقه؟ على طريق بناء المجتمع التقدّمي الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14.5*21عدد الصفحات: 376الطبعة الأولى، 2019Isbn: 978-614-474-081-1السعر: 14$

ما هي مسؤوليات طالب العلم الدينية؟
ما هو تكليف العصر فيما يختص طلب العلم الديني؟ هل أنكب على الكتب الفقهية والاصولية او على الفلسفة والامور العقائدية ؟ كيف امكن نفسي لمتطلبات العصر لاسيما الفلسفة الغربية

هل يمكن الوصول إلى المعارف العظيمة من دون سلوك طريق العلم المعروف؟
هل صحيح أن الحاج دولابي أصبح عارفًا من دون أن يدرس أصول الدين؟ لأن هناك أناس يحتجّون بذلك ليقولوا أنه يمكن الوصول من دون طلب العلم؟

هل كتم العلم لحفظ مورد الرزق مصداق للحديث من كتم علمًا؟
يقول الرسول (ص): "من كتم علما نافعا الجمه الله يوم القيامة بلجام من نار". هل أن كتم بعض أسرار العلم عن الغير، بحيث إن هذه الأسرار تشكل نقطة قوة وتميز للإنسان المؤمن عن غيره، بحيث تكون مصدرًا للكسب والعيش، وفي حال تمت إشاعتها قد يفقد هذا الإنسان مصدر قوته وأفضليته وبالتالي رزقه, خاصة بعد بذله الوقت والجهد لتحصيلها، فهل هكذا إنسان هو من مصاديق من يتعرض له هذا الحديث الشريف؟

كيف أحدد العلم المطلوب والعلم غير المطلوب؟
هل يمكنني التهرب من تعلم علم معين حتى لا أتحمل تبعات مسؤولياته، كأن لا أتعلم قيادة السيارة حتى لا أُستنزف من قبل العائلة في تلبية طلباتهم وإيصالهم إلى هنا وهناك؟

بين القيادة العلمية والقيادة الذرائعية
لعله لا يوجد نعمة أهم وأعظم من نعمة القيادة المخلصة لأي مجتمع بشري. ففي ظل هكذا قيادة يمكن أن نرجو للمجتمع أن ينهض ويزدهر ويصل إلى أعلى مراتب القدرة؛ وفي ظل غياب هكذا قيادة، فإن المجتمع، وإن كان يتوافرعلى جميع أنواع الإمكانات والاستعدادات البشرية والطبيعية والمادية والتاريخية والثقافية، لن يسير إلا نحو الانحدار والتخلّف والخسران المبين.

ثورة العلم الحقيقية.. الطريق الأقصر لإصلاح المجتمع
إنّ الطريق الوحيد لنشر الفضائل في أي مجتمع، والحد من مخاطر الرذيلة وانتشار المعاصي، يكمن في أمرٍ واحد وهو: رواج روحية طلب العلم؛ فالعلم هو الخير الفريد الذي يمكن أن يشبع روح الإنسان إلى الدرجة التي لن يشعر معها بالرغبة في طلب الدنيا ومتاعها الزائل؛ ومتى ما انعدمت هذه الرغبة الدنيئة وزالت دوافعها المنحطة انقطع معها أصل الخبائث واستؤصل جذر الرذائل.

معضلة العلم الكبرى
كل من يتأمّل قليلًا في أحوال المجتمعات الاقتصاديّة والأمنيّة والمناخيّة والبيئيّة، يدرك أنّ هناك مشاكل كبرى يصل بعضها إلى حدّ التّهديد بالفناء والكارثة العظمى. هذا، بالرّغم ممّا يُقال عن بلوغ البشريّة شأوًا عظيمًا في العلم والمعرفة. وقد أطلق بعض المفكّرين على هذا العصر عصر العلم، باعتبار أنّ المجتمعات البشريّة باتت تلجأ إلى العلم والعلماء لحلّ مشاكلها أو تحقيق مآربها المختلفة.

متى يكون العلم قوة وسلطانًا؟
تثبت التجارب الكثيرة أنّ من يعلم قوانين الأشياء يمكن أن يمتلك القدرة على تسخيرها؛ سواء كانت هذه الأشياء جمادات أو كائنات حية، وسواء كانت هذه الكائنات الحية أفرادًا أو مجتمعات. لهذا، فإنّ الهدف الأساسي لأي باحث في المجالات العلمية المختلفة هو أن يكتشف القوانين، والتي يمكن التعبير عنها أحيانًا بصورة معادلات رياضية أو رموز اختصارية.

هل جربنا العلم لحل مشاكلنا الاقتصادية؟ إن لم نعبر الرؤية لن ندرك العلم
رغم أنّ الاقتصاد يُعد من فروع العلوم الأكاديمية، لكنّنا نرى أنّ معظم السياسيين والمسؤولين في العالم يتعاملون معه كمذهبٍ أو رؤية فلسفية نابعة من الفلسفة. ولعلّ سبب هذه المقاربة يرجع بالدرجة الأولى إلى مشاهدتهم لإخفاق الاقتصادات التي يُفترض أنّها اعتمدت على العلم.

اختناق مسيرة العلم في المجتمع.. هل هي سبب الأزمة الحالية؟
“ما زال هناك الكثير مما يمكن أن يقال ويكتب حول الإسلام”، المرشد الأعلى آية الله العظمى الخامنئي حين نتأمل في عمق الثورة الإسلامية في إيران ـ والتي اعتُبرت أعظم حدث وقع في القرن العشرين، ما زالت تردداته مستمرة وستستمر إلى وقت طويل ـ فإننا نلاحظ بأن هذه الثورة كانت انفجارًا وقع بعد أن تهيأت إحدى مقدماته الأساسية، والتي قلما يشار إليها في أدبيات الثورة ـ سواء من قبل محبيها أو أعدائها. وهذه المقدمة الأساسية كانت عبارة عن حدوث طفرة نوعية في إنتاج ونشر الفكر الإسلامي داخل المجتمع الإيراني. ولم تكن هذه الطفرة سوى ثمرة جهود متضافرة لمجموعة من المفكرين والعلماء الذين أعادوا النظر إلى الإسلام من زواية المجتمع والسياسة.

عن أولوية العلم في مجتمعنا.. كيف يجب أن تكون العلاقة بين القيادة والعلماء؟
لا ينحصر النقاش حول العلم في أهميته ودوره وتأثيره على صعيد إدارة المجتمع، ولا ينحصر هذا النقاش في حقيقة العلم وتمييزه عن الجهل، وإنّما يتعدى ذلك إلى قضية ذات أهمية فائقة ترتبط بأولوية العلم على صعيد اهتمامات قادة المجتمع وإدارتهم. إن فرغنا من تثبيت قيمة العلم كسلطانٍ وقدرة، واستطعنا أن نتفق على المعنى الدقيق للعلم، يبقى الكلام بشأن موقعيته ضمن دائرة الأولويات؛ وذلك لأنّ العلم لا يأتي لنجدة القادة والمسؤولين كيفما شاؤوا، وإنّما يتطلب منهم سعيًا وطلبًا وتدبيرًا واجتهادًا.

أهمية التفكر العلمي في قضايا الوجود
رحم الله امرئ عرف من أين؟ وفي أين؟ وإلى أين؟

2. من أين ننطلق لنصنع المجتمع العلميّ؟
هل تعلم أنّ المجتمعات البشرية تعاني كثيرًا من الجهل؟ المجتمعات الإسلامية اليوم لا تمتلك الكثير من المعارف والعلوم التي تحتاج إالها في إدارة شؤونها وتحقيق التقدم والازدهار.. هل تعلم أنّ القرآن الكريم يتضمن كل ما تحتاج إليه البشرية من معارف وإنّه المصدر االوحيد للعلم فكيف نصل إلى معارف القرآن؟

3. أركان المجتمع العلمي، دور المفكّر في بنائه
لكي يتحقق المجتمع العلمي لا بد من تشكّل سلسلة من الحلقات تبدأ من المنبع الحقيقي لتصل إلى الإبداع والفن فما هي هذه الحلقات وكيف تتصل وتتواصل؟

6.لا طبقيّة في المجتمع العلمي
إن تقسيم المجتمع الى طبقتين عالمة وعامية له جذوره في الرؤية التي سادت في أوساط أهل العلم طيلة قرون من الزمن، باعتبار أن العلم الذي ينبغي الوصول إليه حكر على عدد قليل من الذين يتمتعون بالمقدرة العلمية والذهنية، وعلى باقي الناس أن يعملوا وفق ما تقوله هذه الفئة القليلة. لكن الرؤية الصحيحة للعلم تبيّن أنّ العلم متاح للجميع ويمكن لهم أن يصلوا إليه بسهولة فتنتفي الطبقية العلمية التي هي أحد أسوأ أنواع الطبقيات في تجارب التاريخ.

5. ضرورة الإنتاج الفكري في المجتمع العلمي
يحتاج المجتمع العلمي إلى المفكرين لأنّهم يقومون بتطبيق مبادئ الإسلام والاجتهاد وأصول الشريعة على الواقع المُعاش والقضايا الزمانية، ففي كل عصر وزمان هناك مقتضيات تنشأ من التطوّر والتحوّل الاجتماعي والسياسي والتكنولوجي، وكل هذه تؤدي إلى نشوء قضايا تحتاج إلى عملٍ فكريٍ أصيل.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...