حول تفعيل دور التبليغ
كيف نخرج من حالة الانسداد الحالية
السيد عباس نورالدين
{وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون} [القصص، 51]
كل من لديه اهتمام بتبليغ الحقائق والمعارف الدينية يعلم بأنّ هناك الكثير الكثير من الكلام الذي يجب أن يُقال ولا يُقال، سواء كان ذلك على مستوى المضمون أو الإيصال. في مجتمعنا هذا، الذي نمارس فيه هذا الدور منذ أربعة عقود، نكتشف كل يوم حجم الفراغ الذي يعيشه الكثير من الناس بسبب عدم وصول كلامنا إليهم. نتعجب من تعجب الكثيرين أنهم يسمعون لأول مرة عن كتاب أصدرناه قبل ثلاثة عقود، وأنهم لو عرفوا به قبل ذلك لتغيرت حياتهم! فكيف إذا نظرنا إلى المجتمعات الأخرى التي لم تسمع بالأبجديات الأولى لمعارفنا.
إنني أصف هذه الحالة بكلمة الانسداد. فإذا كان التبليغ والإعلام هما القناة الطبيعية لإيصال هذه المعلومات إلى الآخرين، ووجدنا كل هذه الطاقات والشخصيات التي تمتلك الكثير من المعلومات من جهة، والناس الذين لا يعرفون عنها شيئا من جهة أخرى، فإنّنا نعتبر أن وسائل التبليغ وبرامجه وخططه قد أصابها شيءٌ اسمه الانسداد. تمامًا كما يحصل حين تنسد القنوات التي يُفترض أن تنقل المياه العذبة إلى أماكن أخرى، فمهما كانت هذه المياه صافية وكثيرة، فإنّها لن تصل إلى المحتاجين. هذا هو حالنا اليوم.. ويُفترض أن نفكر مليًا بهذه المشكلة، لأنه على ضوئها سيتغير مصير مجتمعنا، بل مصير العالم كله.
سيكون لهذه الحقائق التي آمنا بها وشاهدنا مدى عمق تأثيرها على حياتنا أكبر الأثر في تغيير النفوس وإحداث تحولات اجتماعية هائلة في كل العالم.. إنّ الكلام عن أي شيء آخر قبل التأكد من وصول هذه المعارف والمعلومات إلى الناس لن يوصلنا إلى ما نطمح إليه من نصرٍ وفوز ونجاح.. كل كلام عن أي نوع من الأعمال والمشاريع الأخرى يصبح في محله بعد أن نتأكد من أنّ الناس في المجتمع الذي نستهدفه قد اطّلعوا على المعارف والقضايا الأساسية في حياتهم من وجهة نظر الإسلام الأصيل.
لا أعلم لماذا الذين يفكرون في تغيير المجتمعات وإصلاحها والتأثير عليها، يدورون في حلقاتهم المفرغة من دون أن يلتفتوا إلى هذه القضية وهي أنّ إتمام الحجة على الناس هي نقطة التحول الكبرى والممهد الأساس لكل المشاريع والخطط التي تلي. إنّ إتمام الحجة يحصل حين نتأكد من أن هذه المعلومات قد وصلت إلى كل فرد من أفراد البشر، وكما يُقال في الرواية التي تشير إلى مقدمات ظهور الإمام المهدي ستخلو كُوفَةُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَيأزر [يَأْرِزُ] عَنْهَا الْعِلْمُ كَمَا تأزر [تَأْرِزُ] الْحَيَّةُ فِي جُحْرِهَا ثُمَّ يَظْهَرُ الْعِلْمُ بِبَلْدَةٍ يُقَالُ لَهَا قُمُّ وَتَصِيرُ مَعْدِنًا لِلْعِلْمِ وَالْفَضْلِ حَتَّى لَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مُسْتَضْعَفٌ فِي الدِّينِ حَتَّى الْمُخَدَّرَاتُ فِي الْحِجَالِ وَذَلِكَ عِنْدَ قُرْبِ ظُهُورِ قَائِمِنَا فَيَجْعَلُ اللَّهُ قُمَّ وَأَهْلَهُ قَائِمِينَ مَقَامَ الْحُجَّةِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَسَاخَتِ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا وَلَمْ يَبْقَ فِي الْأَرْضِ حُجَّةٌ فَيُفِيضُ الْعِلْمُ مِنْهُ إِلَى سَائِرِ الْبِلَادِ فِي الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فَيَتِمُّ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى الْخَلْقِ حَتَّى لَا يَبْقَى أَحَدٌ عَلَى الْأَرْضِ لَمْ يَبْلُغْ إِلَيْهِ الدِّينُ وَالْعِلْمُ". [بحار الأنوار، ج57، ص 213]؛ والمستضعف هنا بحسب هذه الرواية هو الذي لم يكن قادرًا على الوصول إلى الحقيقة بنفسه، خصوصًا حين تكون الموانع اجتماعية وسياسية.
إنّ التحول الكبير الذي ينتظره المؤمنون في هذا العالم لن يحصل بفضل تغيرات أمنية وسياسية واجتماعية وأخلاقية وسلوكية، وإن كانت هذه الأمور مهمة؛ بل سيكون بالدرجة الأولى نتيجة تحقق هذا الشيء المهم الذي نعبر عنه بإتمام الحجة على الناس؛ وهو ما يحدث حين يتعرفون على الحقائق المرتبطة بقضاياهم الأساسية، مثل: معرفة واقعهم وإلى أين يسيرون وما هي العوامل التي أوصلتهم إليه.
أجل، إنّنا نحتاج إلى مهاراتٍ عظيمة، ولا أتصور أنّ أعظم وسائل الإعلام وأعتاها قد توصلت إليها، ذلك لأن الكثير من هذه المهارات يعتمد على الفهم العميق لقضية الحق والحقيقة وعلاقة ذلك كله بالباطل بأشكاله وظهوراته المختلفة.
إنّ أهم ما نحتاج إليه اليوم هو حل مشكلة الانسداد في قنواتنا التبليغية التي تعيش احتقانات مزمنة نتيجة ذهنية سيطرت على مسؤوليها على مدى عقود؛ وإن كان عصر وسائط التواصل المختلفة اليوم قد فرض عليهم أن يعيدوا النظر بالمناهج التي اعتمدوها في هذا المجال. يجتمع عشرات بل مئات الأشخاص في وسيلة إعلامية كبرى لتغطية خبر أو قضية معينة، لكنّهم يفشلون في تحقيق التأثير المطلوب مقارنةً بشخص واحد لديه إطلالة مميزة عبر هذه الوسائط الجديدة. إنّ الانفجار الذي نشهده اليوم على صعيد تمكين الأفراد من عرض أفكارهم بمختلف الأشكال والقوالب والأساليب الإعلامية، يجعلنا نفكر مليًا في دور كل فرد في مجتمعنا، وهو الأمر الذي أهملناه طويلًا بالتركيز على مجموعة من النخب التي فرضنا معاييرها على الناس وعلى أنفسنا.
سيكتشف بعض هؤلاء المهتمين عاجلًا أو آجلًا مدى أهمية الإعلام الفردي، ليس على صعيد القضايا السطحية والعادية فحسب، بل على مستوى تبليغ معارف الدين؛ وذلك حين يلتفتون إلى أمرٍ بديهي يرتبط بأهمية أي حقيقة مهما كانت صغيرة. وبالرجوع إلى مثال القنوات المائية، لو أصرينا على نقل الأحجار الكبيرة عبر هذه الأنابيب والقنوات فإنّه بلا شك سيحصل لها الانسداد السريع جدًّا، بخلاف لو أنّنا نقلنا عبرها المياه، فإنّ كل قطرة منها ستكون قادرة على عبور العديد من الموانع.
هكذا هي قضية تبليغ الإسلام، فهو وإن كان فيه حقائق كبرى ومعارف عظمى لا يدركها إلا المتخصصون والمتبحرون، إلا إنّ الحقائق التي يدركها الناس العاديون (الذين نصفهم بالعوام) ويتحدثون بها ليست بقليلة الأهمية والأثر؛ وستكون حقائق مصيرية بالنسبة لمن يجهلها. فلو استطعنا أن نفسح المجال لكل من يحمل قطرة ماء أن يوصلها إلى العطاشى في هذا العالم، لتمكّنا من إحداث هذا التحول المنشود. ومع كل قطرة سيتحرك السيل العظيم لمعارف الإسلام ليزيل من أمامه كل أشكال الجهل والباطل.
روح المجتمع
كتابٌ يُعدّ موسوعة شاملة ومرجعًا مهمًّا جدًّا يمتاز بالعمق والأصالة لكلّ من يحمل همّ تغيير المجتمع والسير به قدمًا نحو التكامل، يحدد للقارئ الأطر والأهداف والسياسات والمسؤوليات والأولويّات والغايات المرحليّة والنهائيّة في كلّ مجال من المجالات التي يمكن أن تشكّل عنصرًا فعّالًا في حركة التغيير، على ضوء كلمات قائد الثورة الإسلاميّة المعظّم روح المجتمع الكاتب: الإمام الخامنئي/ السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*25غلاف كرتوني: 932 صفحةالطبعة الأولى، 2017م ISBN: 978-614-474-020-0 سعر النسخة الملوّنة: 100$سعر النسخة (أبيض وأسود): 34$ للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراءه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:
على طريق بناء المجتمع التقدمي
المجتمع التقدّمي هو المجتمع الذي يتحرّك أبناؤه نحو قمم المجد والفضيلة والكمال.المجتمع التقدمي هو التعبير الأمثل عن استجابة الناس لدعوة الأنبياء الذين أرادوا أن يخرجوا البشرية من مستنقع الرذيلة والحيوانية والعبثية لإيصالها إلى أعلى مراتب الإنسانية والنور..فما هي سبل إقامة هذا المجتمع؟وما هي العقبات التي تقف في طريق تحقّقه؟ على طريق بناء المجتمع التقدّمي الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14.5*21عدد الصفحات: 376الطبعة الأولى، 2019Isbn: 978-614-474-081-1السعر: 14$
كيف أجعل مجتمعي قويًا؟
في ظل هذا المجتمع المنيع يتمكن الشاب المسلم من الحفاظ على قيم دينه الذي أنزله الله ليكون أعظم هدية لكل مجتمعات العالم وشعوبه التي تتوق إلى الانعتاق من قيود الظلم والضياع. فما هي مكونات المجتمع القوي، وكيف يمكن للشباب أن يجهّزوا أنفسهم ليشاركوا في أجمل الأعمال وأكثرها تشويقًا. كيف أجعل مجتمعي قويًّا؟ الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 112 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:
كيف نقرأ الدين كمنظومة واحدة؟
كيف يمكن للإنسان أن يصل إلى مرحلة ينظر فيها ويقرأ هذا الدين كمنظومة واحدة بجميع أحكامه ومفاهيمه وقيمه ويحاول أن يربط بين كل هذه الأمور ، بحيث لو مر بحدث معين لا يتعامل معه بنظرته الخاصة أو من الزاوية التي يراها هو، بل يكون تعامله أوسع وأعمق؟
ما الذي يمنع الناس من الإقبال على الدين؟ الدين وتحديات العصر
من القضايا الكبرى الأساسية هي علاقة الدين بواقع الحياة البشرية. حين يجد الناس أنّ هذا الدين قريب من واقعهم وقضاياهم ومشاكلهم ومعاناتهم واحتياجاتهم وتطلّعاتهم وآمالهم، فإنّهم يقبلون عليه ويشعرون بأنّه يمثّل إنسانيتهم وما يبتغونه وما يصبون إليه. هذا هو التحدّي الأكبر الذي يواجه أي منظومة فكرية أو دين أو مذهب في الحياة وهو: كيف يكون قريبًا من واقع الناس؟
حين تتزاوج المذاهب الدينية مع السلطة الجائرة
حين كان الناس على مذهب واحد تجمعهم السذاجة وينحصر اهتمامهم بهذه الحياة الدنيا ويخضعون لسلطان واحد يقوم بجميع أمورهم، كان لا بدّ من بعث الأنبياء لأجل إعادة المسيرة البشرية نحو وجهتها الصحيحة وهي الحياة الآخرة. ولأنّ هذه الوجهة بطبيعتها وماهيّتها ستهدّد مصالح السلاطين الذين لا همّ لهم سوى هذه الحياة الدنيا، فقد انبرى هؤلاء لمواجهة الأنبياء بكل ما أوتوا من قوّة. وقد اكتشف سلاطين الجور قوّة المعارف التي أتى بها الأنبياء، بعد أن خبروا تأثيرها العجيب على الناس. وكانت وسيلتهم الوحيدة لاستخدام هذه المعارف علماء وفقهاء من قلب البيئة الدينية.
ما العمل لجعل مذهب التشيّع متفوقًا.. السيد عباس نورالدين يكمل الحديث عن مستقبل التشيع كمذهب عالمي
أن تكون عالميًّا لا يعني بالضرورة أن تكون على هدى أو أن تمتلك الحقيقة؛ فقد تعرض مذهبك أو مدرستك ضمن الأطر والقوالب الفطرية، فيُقبل الناس عليها أفواجًا أفواجا، ليكتشفوا فيما بعد خواء ما هو خاوٍ منها أو كذب ما كان مناقضًا للادّعاء. فالدعاية هي فن تجميل القبيح، وهي صناعة كبرى تنفق فيها مئات مليارات العملة الصعبة سنويًّا؛ لكن أن تكون على حق وأن تكون مؤمنًا وتابعًا لمذهبٍ جامعٍ للكثير من الأمور التي يحتاج إليها الناس بحسب فطرتهم، يوجب عليك انطلاقًا من إنسانيتك أن توصل لهم هذه البضاعة الجميلة التي تعرفت إليها وخبرتها؛ ولكي تفعل ذلك تحتاج إلى عرضها بطريقة جذابة وسلسة وعالمية.
وجدت الإسلام في أوروبا! هل يُطبق الدين الاجتماعي في أوروبا والفردي في بلادنا؟
محمد عبده مفكر إسلامي مصري من رواد النهضة العربية الذين واجهوا الغزو الثقافي الأجنبي وسعوا لتحقيق الإستقلال، نُسب إليه مقولة "وجدت الإسلام في أوروبا ووجدت المسلمين في بلادنا"، وقد شاعت هذه المقولة ونسبها كثيرون إلى شخصيات نافذة مختلفة، حتى صارت كالأحاديث الشريفة، تحدد عند العديد من المسلمين موقفهم من الحضارة الغربية.. فالإنسان الأوروبي بحسب هذه المقولة قد طبق الإسلام في حياته العمرانية والمدنية، وإن لم يفعل ذلك على مستواه الشخصي.في حين أنّ أهل بلادنا لم يطبقوا من الإسلام سوى ما يرتبط بحياتهم الفردية.فإلى أي مدى يمكن أن يكون هذا الكلام صحيحًا؟ وما الذي تنطوي عليه مثل هذه المقولات؟
مسؤوليّتنا تجاه نشر المعارف الدينيّة. ما الذي ينبغي أن نفعله لجعل مجتمعنا إسلاميًّا بالكامل؟
ينبغي أن نعترف قبل أي شيء بأنّنا لم نحدّد جميع المعارف الدينيّة ونضعها في مكانٍ ما؛ كما أنّنا لم نقم لحدّ الآن بتصنيفها ضمن مراتب تتدرّج مع الإنسان بحسب قدرته على الاستيعاب أو التطبيق. لهذا، ليس من السهل أن نحدّد نسبة المعرفة الدينيّة العامّة في مجتمعنا.
ضرورة رواج التعمق الفكري... السيد عباس نورالدين يطرح قضية التعمق الفكري مجدّدًا
التعمّق الفكري يرتبط بالبحث عن أسرار وخبايا وخفايا أي ظاهرة أو قضية يمكن أن يواجهها الإنسان؛ هذا بالإضافة إلى أنّ التعمّق الفكري من شأنه أن يفتح على الإنسان أبواب الكثير من القضايا المجهولة. فالمتعمق بفكره لا يرضى بأن تكون حياته سطحية وهامشية، خصوصًا حين يرى الوجود وهذا الكون بما فيه من حوادث وظواهر مليئًا بالقضايا المثيرة والعجائب المدهشة، وهذا ما يحفز على التفكر فيما وراء الأشياء لمعرفة أسبابها وعللها.إنّ مجتمعنا بأمسّ الحاجة إلى التعمّق الفكري، لأنّه يواجه ظاهرة خطرة هي ظاهرة الغزو الثقافي بكل أشكاله، في الوقت الذي تعشعش فيه حالة الانبهار وغلبة الأوهام، ولا يمكن الخروج من كل هذه الحالات السلبية إلا بالوعي والبصيرة التي تتحقّق بواسطة التعمق.
حقائق وأسرار الدين للعلن.. لماذا يشطح البعض وينحرفون بالمعرفة؟
يحفل التراث الإسلامي الواسع بذكر قضايا غريبة وعجيبة لا يعرفها عامة الناس، بحيث لو اطّلعوا عليها لأنكرها بعضهم أشد الإنكار واستهجنوها. والأسوأ من ذلك أن ينهضوا لتكفير أصحابها ورميهم بكل أشكال التهم الشنيعة.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...