
نحو سينما تصنع المعجزات .. ما هي مميّزات الفيلم الأعلى؟
ما هي مميّزات الفيلم الأعلى؟
السيد عباس نورالدين
يتّفق الجميع على قدرة السينما الكبيرة في التأثير على مشاعر الإنسان وإدراكاته ووعيه. الكثير من معارف الناس وتوجّهاتهم في هذا العصر، يتم صياغته عبر هذا الفن المتشعّب. وتتمتّع الشاشة الكبيرة بإمكانية التأثير الشعوري بدرجة قلّما يضاهيها أيّ أسلوبٍ بيانيّ آخر. لهذا، تسعى كل حكومات العالم ومؤسّساته الكبرى للاستحواذ على هذا الفن واستخدامه بما يخدم مصالحها. لكن عمق وتعقيد وكلفة الصناعة السينمائية جعل الكثيرين منهم يتراجعون ويستسلمون.
إيران الإسلامية تسعى منذ أكثر من ثلاثين سنة ليكون لها فنّها السينمائيّ الخاص، حتى تقدّم للعالم ما يمكن أن يُسمّى بالسينما الإسلامية الأصيلة؛ لكنّها واجهت صعوبات كبيرة لم تنقلها إلى مستوى مواجهة آثار السينما الهوليوودية.
ربما كان السعي لمجاراة هوليوود أحد أكبر الأخطاء التي ارتكبها البعض. فقد اخترقت هذه المؤسّسة الكبيرة مجتمع المخرجين الإيرانيّين أنفسهم، بدل أن يخترقوها من خلال مجموعة من الخطوات الذكية (انظر إلى الأفلام الإيرانية التي فازت بجوائز الأوسكار). ولا يزال بعض هؤلاء المستقلّين يسعى جاهدًا لتقديم نموذجٍ بديل، ويجب الاعتراف بقيمة بعض الأعمال المهمّة في هذا المجال مثل "وداعًا يا صديقي" أو "محمد رسول الله (ص)" لمجيد مجيدي.
الإصرار والعمل الحثيث على المنافسة لا بدّ أن يؤتي ثمرةً في النهاية. لكنّ السعي لتحديد خصائص السينما المنافسة هو أمرٌ ضروريّ للنجاح والتفوّق النوعيّ. لهذا، سألنا أنفسنا عن أهم مميّزات الفيلم الناجح الذي ينبغي أن يكون وسيلة فاعلة في صناعة الثقافة الجميلة الراقية الإنسانية الروحانية الواعية والعميقة. وكانت هذه الأجوبة:
- عرض الحقائق
لا شيء يمكن أن يترك أثرًا عميقًا في النفوس يبقى على مدى الزمن مثل الكشف عن الحقائق. ويندرج ذلك تحت عنوان التوعية.
تتميّز هوليوود باستحواذها على القسم الأكبر من عرض حقائق الحياة (وربما تظهر كأنّها تحتكر هذا الميدان)، وخصوصًا في المجال السياسيّ (الأمر الذي تفتقد إليه السينما الإسلامية بشدّة)، بالإضافة إلى سرعة مواكبتها للأحداث العالمية والتحوّلات. يتعجّب الكثيرون من قدرة هوليوود على إنتاج أفلام تتناول وقائع مؤثّرة حدثت سنة إنتاج الفيلم نفسه. ويحلو للبعض أن يستنتج أنّ هوليوود هي التي تحيك المؤامرات وتصنع الأحداث قبل وقوعها.
بيد أنّ الكثير من حقائق العالم والوجود والحياة والمصير ما زالت خافية على أهل هوليوود؛ وباعتقادي من المستبعد أن يتمكّنوا من اكتشافها نظرًا لطبيعة تفكيرهم ورؤيتهم الكونيّة المحدودة. وهنا ستكون هذه الميزة المهمّة لمصلحة السينما الإسلامية، نظرًا لاتّصالها بمنبع عظيم للمعارف الوجودية وارتباطها برؤية واسعة وعميقة للحياة والفكر.
يمكن القول أنّ مؤسّسات الإنتاج السينمائي المحلّية ما زالت منقطعة عن هذه الذخائر العظيمة بدرجةٍ كبيرة، وممّا هو مؤسف أنّنا لا نلحظ همًّا كبيرًا للبحث عنها؛ ومن جانبٍ آخر لا نعفي العارفين بهذه الذخائر من التقصير بحقّ هذا الفن وما يتطلّبه من أساليب بيانية لم يعتادوا عليها.
كتّاب الأفلام الأمريكية متميّزون بسعة الاطّلاع والمواكبة وذهنية البحث الطويل. فتشاهد الغنى والسّعة والتنوّع في كتاباتهم. فقد أصبحوا طائفة كبيرة تشمل آلاف المتفرّغين الذين تشكّلوا ضمن نقابة نافذة ترعاهم وتدافع عن حقوقهم وتساعدهم على الإبداع في هذه المهنة الحسّاسة.
ليس من المبالغة القول بأنّ السرّ الأكبر في قوّة حضور السينما الأمريكية يرجع إلى هذه الطبقة الوسيطة التي تعمل ليل نهار، ودون كلل، من أجل نبش كل ما يُتاح لها من حقائق التاريخ والحياة، وإن كانت تتذمّر من حينٍ إلى آخر من عقلية مؤسّسات الإنتاج والإخراج.
الذي يختصر هوليوود بكونها سينما العبثية والإباحية والتشويق، يغضّ النظر عن أهم عناصر قوّتها. واستحواذ هذه البيئة على تقديم الحقائق والتفرّد بها إلى حدٍّ كبير ربما أغراها للتلاعب بها، وعرضها بما يتناسب مع الرؤى الخاصّة والمتطلّبات الفنية الموهومة. وهكذا فإنّ ظهور هوليوود بمظهر "مبيّن الحقائق وكاشف الوقائع"، لا يعني الدقّة والأمانة والموضوعية. ومع ذلك فقد نجحت هذه المؤسّسات في التعامل مع قضايا الحياة بدرجة عالية من الاهتمام، وإن كانت خائنة لها.
أحد أهم محرّكات الأعمال السينمائيّة الهوليوودية الكبيرة هو الكشف عن الحقيقة. وهذا ما يخاطب أهم أركان الفطرة الإنسانية. وقد عرف المنتجون أنّه كلّما ازدادت أهمية الوقائع المعروضة، فسوف تزداد فرص الفيلم في تحقيق النجاح. يشهد على ذلك عشرات الأعمال السينمائيّة الكبرى التي حازت على شهرة عالميّة واسعة.
نؤمن بأنّنا نقف على تراثٍ غنيٍّ ساحرٍ وعميق من المعارف والحقائق، ونؤمن بتلك القيم المعنويّة التي تفرض علينا الالتزام التامّ بالأمانة والموضوعية في البحث والعرض والتقديم. ولم نُبتلَ بعد بتلك المؤسّسات الرأسمالية العملاقة التي تتحكّم بالإنتاج والدعاية والعروض. ولو فتحت مؤسّسات الإنتاج السينمائي الإسلامي أذرعها للكتابات الجادّة، ودعمت وشجّعت على استخراج هذا التراث وصياغته بما يتناسب مع حاجاتها، فسوف نكون أمام ثورة حقيقيّة في الفن السابع.
تدور الأعمال السينمائية الكبرى في عصرنا بين سكر الخيال الياباني المغرق بالوهم، والتلاعب الأمريكي الماكر بالوقائع والحقائق؛ ورغم الإنجازات الفنّية الجذّابة والكبيرة في هذا المجال، إلّا أنّ البشرية ما زالت تتطلّع إلى سينما الحقائق الإسلامية العميقة.
أصحاب الاستعداد والمواهب من أهل القلم لا يجدون في بيئتنا الحد الأدنى من الرعاية أو الاهتمام. ومع ذلك يشكو المنتجون في المؤتمرات الصحفية من ندرة النصوص التي تنبع من قيمنا الإسلامية ورؤيتنا للحياة. أمّا أصحاب القرار، فلا يبدو أنّ لديهم القدرة اللازمة لحلّ هذه العقدة. وهكذا تبقى هذه السّاحة مسرحًا لعربدة هوليوود إلى وقتٍ غير معلوم.
يمكن القيام ببعض الأعمال التمهيدية المناسبة والتي يمكن أن يكون لها آثار مهمّة في مستقبل السّينما المحلّيّة. منها أن يعمد العلماء والعارفون إلى تدوين الحقائق العميقة والمصيريّة الموجودة في تراثنا الجميل وعرضها ضمن آلية سهلة، للانتقال إلى مرحلة الصياغة القصصية والنصوص السينمائية. ومن شأن هذه العملية أن توجد ثقافة وسيطة ملهمة للمخرجين الحريصين أو المنتجين الذين يبحثون عن أعمال استثنائية.
تراثنا الإسلاميّ حافلٌ بأجمل التجارب الإيمانية، التي تشكّلت بفعل سعي الكثيرين للوصول إلى الله تعالى وإلى مقامات القرب والكمال اللامتناهي. وفي قلب هذه العلاقة الجدلية والسعي العجيب يمكن أن يكتشف الناس أروع ما يمكن أن يعيشه الإنسان في حياته. ويتشعّب من هذه العلاقة وهذا السعي الكثير من المواقف والمقامات الساحرة التي تكشف عن عظمة هذه الحياة وما خفي من عوالم الوجود.
لا يبدو أنّ نطفة سينما السير والسلوك قد انعقدت لحدّ الآن. فأحد عناصر اللقاح لم يتوفّر بعد.
وفي الوقت نفسه، تنتظرنا أعظم أحداث التاريخ وأكبر مؤامرات العالم التي يمكن أن تجعل من كل أكوام النتاجات الهوليوودية السياسية والتاريخية رمادًا اشتدّت به الريح في يومٍ عاصف.
إذا أردنا أن نؤسس لسينما منافسة تتحدّى وتنتصر، فلا بدّ من تشجيع الأعمال البحثية المرتبطة بوقائع العالم والتاريخ والحث على الإنتاج الأدبيّ المبني عليها. - السينما القيميّة
أحد أهم عناصر نجاح السينما في هذا المعترك الثقافيّ الواسع هو أن تعمل بوعيٍ تامّ لقضيّة تشكّل القيم في المجتمع، وذلك طبعًا انطلاقًا من مشاريع وخطط مسبقة بعيدة الأمد.
الوعي التامّ يتطلّب حضور القيم في قلب عملية صناعة الأفلام. والتخطيط الهادف يستلزم الانطلاق من منظومة قيميّة شاملة، تأخذ بعين الاعتبار حاجات المجتمع وتحدّيات الزمان.
على سبيل المثال، يعاني المجتمع التائق للنّهضة من ضعف الشعور بأهمّيّة نمط العيش الإسلامي من جهة، والانبهار الكبير بنمط العيش الغربيّ من جهةٍ أخرى. ووراء هذه التوجّهات هناك مشاكل واقعية تتعلّق بالقيم السائدة في هذا المجتمع؛ وما لم يتم معالجتها، فمن المستحيل أن يتحقّق الاستقلال الحقيقيّ، الذي هو الاستقلال الثقافيّ، فتبقى كل بذور السقوط والتبعيّة للغرب المنحط.
السينما القيميّة، التي يمكن أن تكون عامل نجاة المجتمع والتغيير الثقافيّ المرجوّ، هي التي تبصر كل الاحتياجات القيميّة، فتعمل وفق خطّة واضحة ذات مراحل محدّدة لترسيخ القيم اللازمة والقضاء على القيم السلبيّة. حين يستشعر القيّمون على المال والسلطة أنّ مجتمعنا يعاني من ظاهرة ضعف الحجاب، فلا طريقة قويّة وفعّالة للتعامل مع هذه القضية الحسّاسة إلّا بسبر أغوارها القيميّة. وهذا ما يتطلّب الكشف عن تلك القيم، التي أدّت إلى مثل هذه الظاهرة التي تحمل معها العديد من مقدّمات التبعيّة للغرب الشيطانيّ.
نستطيع أن نقول أنّ ضعف الحجاب (الذي هو في الحقيقة عبارة عن تضعضع الحدود اللازمة بين الجنسين) قد نبع من مجموعة من القيم الوافدة مثل قيمة إثبات الذات، وقيمة الحرية، وقيمة المساواة مع الرجل، وغيرها من القيم السلبيّة التي ترسّخت عبر مراحل الاستعمار والغزو الثقافي. ولا يبدو أنّنا استطعنا أن نتعامل معها لحدّ الآن بالحكمة والبصيرة والمعرفة اللازمة. وهكذا تجلّت هذه القيم في حياة المرأة المعاصرة بالاندفاع نحو الظهور والبروز والتبرّج.
السينما، التي يمكن أن تكون عامل تغييرٍ ثقافيّ ومعنويّ كبير، هي التي تكشف عن عظمة المنظومة القيميّة الإلهيّة، التي حُفظت في الإسلام على مدى القرون، وظهرت في طيّات نصوصه وتراثه بطريقة قابلة لتكون أفضل أطروحة حضارية للحياة الإنسانية.
إنّنا نتحدّث عن عظمة الإنسانية في عمق ارتباطها بالله تعالى وتعاملها مع عالم الخلق من الطبيعة والبشر والكائنات.
نتحدّث هنا عن أروع مشاهد الرحمة والتفاني والحب والعطاء والشجاعة والبطولة.
نتحدّث عن كل ما يتوق إليه أي إنسان في عمق فطرته ويصبو إليه في نقاء وجدانه.
فإذا كان أحد أسرار نفوذ السينما وتأثيرها الكبير في عرضها للقيم الإنسانية، فسوف نكون على موعدٍ مع منافسة يُكتب فيها الفوز والعلوّ والتفوّق الهائل للسينما الإسلامية. وما نحتاج إليه هنا هو أن يدرك القيّمون ما تختزنه هذه السينما من إمكانات عظيمة في هذا الميدان القيميّ المصيري.
إنّ جميع مشاكل مجتمعاتنا ـ سواء على صعيد التخلّف والضعف، أو على صعيد مواكبة المشروع الحضاري الكبير ـ ترجع إلى القيم السائدة التي تُعدّ أساس ومنطلق كلّ السلوكيات والتوجّهات.
فالمعالجة ينبغي أن تكون قيمية، والسينما ستكون أفضل وسائل هذه المعالجة. - الشخصيّات العظيمة
ثمّ يأتي دور الأبطال والمُثُل العليا من الشخصيّات، التي ينبغي أن تُسقِط زخرفات المشاهير المزيّفين والوهميّين. هذه الأباطيل التي صنعتها دعايات السينما ومؤثّراتها.
نتساءل لماذا يحصل الممثّلون على أعلى نسبة من المعجبين المفتونين بسحرهم، رغم أنّهم ليسوا في الحقيقة سوى ممثّلين يتقاضون أجورًا على إظهار ما لا علاقة لهم به؟ والجواب باختصار هو: إنّ فقدان المثل الأعلى الواقعيّ، يجعل الناس يلجأون للمثال الوهمية. فلا يمكن للشباب أن يعيشوا دون نموذج ومثل أعلى يقتدون به أو يحلمون بالتمثّل به.
وهنا يأتي العنصر الحاسم للسينما الإسلامية فيما إذا رجِعت إلى تراثها العابق بعظمة الشخصيات الواقعية. هؤلاء العظماء الواقعيّون، الذين ملأوا صفحات التاريخ والحاضر بكل أنواع البطولات التي تأسر القلوب والعقول.
إنّ من أعظم مفاخر مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) هي تلك الأسس التي رسّخها أئمّتها، داخل بيئة الثقافة الإسلامية المتشعّبة، والتي بفضلها تمّت صيانة الكثير من عظمة الشخصيّات الحقيقيّة التي عرفتها البشريّة. أضف إلى ذلك ما تمتّعت به هذه المدرسة من قواعد متينة سمحت باستمرار مسيرة العظمة الواقعية.
ومن خلال المطالعة الواسعة والمستفيضة، يمكن لأي متتبّع أن يقف على حقيقة هذا الادّعاء. وإذا كانت سينما اليوم لا تمتلك سوى الأنواع الثمانية للأبطال البشريّين، فإنّ بإمكان السينما الإسلامية أن تعرض على العالم أنواعًا جديدة للبطولة والمجد، تصبح عندها كل تلك الشخصيات الأسطوريّة كريشةٍ في مهبّ الريح.
هذه هي أهم عناصر التفوّق السينمائي، التي نأمل أن نعيد تأسيس إنتاجنا السينمائيّ على قواعدها وذخائرها. ولا ننسى هنا أن نضيف تلك الرؤية الخاصّة للتشويق التي تقوم على فلسفة عميقة للجمال والحسن والخير والصلاح، وهي فلسفة تضمن الفوز الكاسح أمام عناصر المفاجأة والصدمة والغرابة.

روح المجتمع
كتابٌ يُعدّ موسوعة شاملة ومرجعًا مهمًّا جدًّا يمتاز بالعمق والأصالة لكلّ من يحمل همّ تغيير المجتمع والسير به قدمًا نحو التكامل، يحدد للقارئ الأطر والأهداف والسياسات والمسؤوليات والأولويّات والغايات المرحليّة والنهائيّة في كلّ مجال من المجالات التي يمكن أن تشكّل عنصرًا فعّالًا في حركة التغيير، على ضوء كلمات قائد الثورة الإسلاميّة المعظّم روح المجتمع الكاتب: الإمام الخامنئي/ السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*25غلاف كرتوني: 932 صفحةالطبعة الأولى، 2017م ISBN: 978-614-474-020-0 سعر النسخة الملوّنة: 100$سعر النسخة (أبيض وأسود): 34$ للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراءه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

ما هي السينما الإسلاميّة؟
إذا أردنا الحديث عن سينما تكون وسيلةً لترسيخ الالتزام بالقيم السّامية واكتساب المعارف العميقة وتوسعة البصيرة والوعي، فلا بدّ من الحديث عن سينما تنافس هوليوود أو تكون عاملًا أساسيًّا في إحباط باطلها وإزهاقه.

لماذا الإقبال على القصص والروايات؟
ينشط سوق القصّة والرواية حتى في العصر الرقمي. فما الذي يدفع القرّاء إلى مطالعة مجلّدات ضخمة في الوقت الذي اعتادت أذهانهم على المقاطع القصيرة في قنوات التواصل الاجتماعي؟ هذا السؤال يمكن أن يساعدنا في الكشف عن أحد أهم أسرار الكتابة الناجحة.

كيف يكون المعصوم قدوة؟ إذا كان وليّ الله معصومًا منذ طفولته ومؤيّدًا منذ صغره، فكيف يمكن أن نتّخذه قدوةً لنا؟
تثبت الأدلّة العقليّة والنقليّة أنّ الأنبياء والرّسل هم أشخاص معصومون عن الخطأ ولا يمكن أن يرتكبوا أي معصية في سلوكهم وفي تلقّيهم للوحي وفي تبليغهم للرسالة. وهم مؤيّدون بروح القدس الذي بفضله تنكشف لهم قبائح المعاصي وبشاعة الذّنوب إلى الحدّ الذي تكون في مذاقهم كالسمّ الزّعاف والجيفة النتنة. فهل رأيتم من يُقبل على تناول السمّ بإرادته أو أكل الجيفة برغبته؟

القدوة أعظم مؤثّر
لا يتحرك الناس بمجرد حصول القناعة والفهم، فالمحبة والرغبة والإنجذاب إلى الشيء هو الذي يشكل الدافع الأكبر نحوه. إذا قمنا بتحليل الدوافع الأساسية في أي تحرك أو نشاط يقوم به الإنسان، لوجدنا أن تمثّل النتيجة والأثر في صورة خياله، وما تعطيه من لذة أو مصلحة متصورة عنده، هي التي تدفعه نحو ذلك الشيء...

صناعة المثل الأعلى
إذا نظرنا إلى حياتنا وأردنا أن نكتشف قيمتها وأهمّيتها ودورنا فيها، فلا شيء يمكن أن يعيننا على ذلك مثل الأحداث الكبرى التي تقع فيها. إنّها الحوادث التي تخرج عن سياق الرّتابة والسّطحيّة والاهتمامات المادّيّة، وتجعلنا نعيد النّظر بأهم الأمور ونعمّق الفكر حول الوجود كلّه وحول الحياة والمصير ومن نحن، وأين وكيف سنكون.

كيف نتفوّق في السينما؟ إذا كنّا نريد العزّة لأمتنا فلا مناص من نهضة أدبية متفوقة
إذا كنّا ندرك حجم تأثير الإعلام والسينما والدراما، وأردنا الخلاص من براثن هذه القوّة الغربيّة المشؤومة، فلا مناص من العمل على بناء صرحٍ إعلاميّ إسلاميّ أصيل، ينبع من ثقافتنا وديننا ورؤيتنا الكونيّة.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...