
تعالوا إلى بساطة العيش
كيف تكون الحياة البسيطة وسيلة لتكامل الإنسان؟
السيد عباس نورالدين
كثيرًا ما نسمع في أوساطنا مدحًا وتمجيدًا لبساطة العيش. ولطالما ذُكرت هذه المزيّة كإحدى أهم خصائص العالِم الزاهد. وما أكثر ما تُطلق الدّعوات الموجّهة لطلّاب العلوم الدينيّة ليختاروا بساطة العيش.
كنت أشاهد برنامجًا حول حياة بعض العشائر في إيران، ولفت نظري مدى ثناء المعلّق وإغراقه في مدح بساطة عيشهم واكتفائهم بأدنى متطلّبات الحياة. فهم يعيشون بترحالٍ دائم ولا يملكون سوى بعض المواشي والخيام وعدّة فساطيط يجلسون وينامون عليها و.. ولوهلة شعرتُ أنّ أبناء المدينة سيتحرّقون شوقًا إلى هذا العيش البسيط المفعم بالهدوء والنقاء والبعيد عن التعقيد القاتل والسعي المضني الذي لا ينتهي.
لا يخفى أنّ لهذه الأدبيّات تاريخًا يرجع إلى ما عُرف بالعصر الرومنطيقيّ، حيث راجت الدّعوة للعودة إلى الطّبيعة بين شعراء أوروبا وأدبائها كردّة فعل على الثورة الصناعية وما جلبته للإنسان من مآسٍ وفجائع.
تذكّرتُ حينها أحد أهم حيل إبليس اللعين الذي ما فتئ يستخدمها مع الإنسان منذ أن وُجد في هذا العالم؛ وهي حيلة الخيارين اللذين لا ثالث لهما. فهنا يقول لنا إمّا أن تعيش في المدينة وتحصل على كل هذه المكتسبات، وإن كان على حساب صحّتك، وإمّا أن تعيش في القرية وسط الطّبيعة الجميلة مع خسارة الكثير من الفرص المتاحة على صعيد العلم والمعرفة وتحقيق الذّات وتنمية المهارات والتواصل مع الناس و... وكأنّه لا يوجد في الأرض طريق أو نمط ثالث وهو الجمع بين كل مكتسبات المدينة والقرية. أي الاستفادة القصوى من كل مكتسبات الحضارة الإيجابيّة والعيش وسط بيئة طبيعيّة نقيّة.
فأمام هذين الخيارين قد يجد بعض النّاس السّلوة والعزاء في بساطة العيش ليَدَعوا همّ الدّنيا لأهلها ويكتفوا بالحدّ الأدنى من زادها، كما ورد في الكلمات الرّائعة لأمير المؤمنين عليه السّلام في الدّعوة إلى الإعراض عن الدنيا!
"أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا الدُّنْيَا دارُ مَجَاز، وَالاْخِرَةُ دَارُ قَرَار، فَخُذُوا مِنْ مَمَرِّكُمْ لِمَقَرِّكُمْ".[1]
"أَلاَ وَإِنَّ إِمَامَكُمْ قَدِ اكْتَفَى مِنْ دُنْيَاهُ بِطِمْرَيْهِ، وَمِنْ طُعْمِهِ بِقُرْصَيْهِ".[2]
ولكن، هل حقًّا فهمنا هذه الدّعوة حتى أصبح العيش في تلك القفاري حلمًا نتمنّى أن يتحقّق يومًا؟ وهل أنّ بساطة العيش في أن يختار الإنسان حياة الزّهد بعيدًا عن مشاكل العالم وما يجري فيه؟
إنّ أهم ما أفهمه من كلمات أمير المؤمنين عليه السلام هو أن ننظر إلى دنيانا انطلاقًا من نظرتنا إلى الآخرة ودورنا ومسؤوليتنا تجاهها؛ وأنّ علينا التّعامل مع هذه الدنيا بحسب متطلّبات الحياة الآخرة ومقتضياتها.. وبما أنّ هذا العالم الأرضيّ هو منصّة عروجنا وسبيل عبورنا إلى العوالم السّماويّة، ومنها إلى جنّة الخلد، فينبغي أن يكون تعاملنا معه وفق خطّة العروج والعبور هذه.
ولا أشك بأنّ هذه الأرض تحتاج إلى عمارةٍ وإحياءٍ وتبديلٍ جوهريّ حتى تصبح صالحة لهذا العروج والنفوذ. ولأجل ذلك يجب علينا أن نهتم كثيرًا بكل ما يرتبط بها من شؤون الحياة النباتية أو الحيوانية أو التحوّلات الجمادية. فكل هذه الكائنات والعناصر هي أجزاء المركبة الكبرى التي يجب علينا بناءها من أجل تلك الرحلة الرائعة.
وهكذا، تتبدّل نظرتنا إلى الأرض من كونها غاية إلى وسيلة، ولا تعود هدفًا لمساعينا، ولن نتعامل مع مكتسباتها ونعمها باعتبارها عنوان شرفنا وكرامتنا وسعادتنا؛ وإنّما باعتبارها مسؤوليّة سنُسأل عنها يوم القيامة؛ فلا نأخذ منها إلّا بمقدار ما يعيننا على عمارتها وإصلاحها، ولو تطلّب الأمر الاشتغال بذهبها وفضّتها وأحجارها الكريمة وأصوافها وأوبارها وعسلها ولبانها وفاكهتها وثمارها وشجرها وبشرها وكل ما فيها.
إنّنا مسؤولون عن هذه الأرض بكل ما فيها. وقد خلق الله تعالى كل هذه الأشياء لتكون عناصر أساسيّة في صناعة تلك المركبة السّماويّة. فحياة البساطة لا تكون في إهمال هذه العناصر، بل في عدم اعتبارها شأنًا ذاتيًّا لنا.
لقد قرأنا الكثير من الرّوايات التي تصف ما كان الأنبياء ـ الذين عاشوا حياة الزهد ـ يقتنون في بيوتهم. فوجدنا فيها أمشاط العاج واللبان والعسل وأنواع الفاكهة والحليب والجياد والأنعام وكل ما أتاحه الله للإنسان ليتداوى وليعيش بكرامة ونظافة ولطافة.
أجل كانت بيوتهم خالية من التماثيل والزخارف والخزائن التي تكدّس الذهب والفضّة؛ فلا يجمع أو يقتني مثل هذه الزّوائد إلّا من جهل دورها وعلاقتها بوضع الأرض ومستقبلها.
لقد وُجدنا على هذه الأرض لنقوم بدور الخلافة عن الله في تدبيرها وتربيتها وتكميلها. وقد استحقّ آدم مقام الخلافة هذه لأنّه علم أسماء كلّ الأشياء عليها، حتى الفسطاط الذي كان الإمام الصادق عليه السلام يجلس عليه، كما جاء في كلامه المفسّر لقول الله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها}.[3]
لم يعتنِ آدم بجهات الاعتبار في الأشياء، لأنّها زخارف لا تفيد ولا تنفع، بل عرف الجهات الإلهيّة فيها، لأنّها حقيقتها ومآلها وغاية كمالها. وبهذه المعرفة كان قادرًا على قيادة قافلة البشرية نحو الهدف النهائيّ حيث لقاء الله.
ليست حياة البساطة أو بساطة العيش في الترك والإهمال وعدم تحمّل المسؤوليات الكبرى، بل في تفريغ القلب من كل ما يصد عن الله، وتفريغ البدن من الاشتغال بغير ما خُلقنا لأجله.
حياة البساطة هي العيش الذي نعمل فيها ليل نهار على جعل كل شيء في هذا العالم ظاهرًا بمظهر صفات الله، حتى تشرق الأرض بنور ربّها.
[1]. نهج البلاغة، ص 203.
[2]. نهج البلاغة، ص 677.
[3]. سورة البقرة، الآية 31.

معادلة التكامل الكبرى
يقدّم رؤية منهجيّة تربط بين جميع عناصر الحياة والكون وفق معادلة واحدة. ولهذا، فإنّك سوف تلاحظ عملية بناء مستمرّة من بداية الكتاب إلى آخره، تشرع بتأسيس مقدّمات ضروريّة لفهم القضية ومنطلقاتها، ثمّ تمرّ على ذكر العناصر الأساسية للحياة، لتقوم بعدها بالجمع بينها والتركيب، لتخرج في النهاية بمعادلة شاملة لا تترك من مهمّات الحياة شيئًا. معادلة التكامل الكبرى الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 21.5*28غلاف ورقي: 336 صفحةالطبعة الأولى، 2016مالسعر: 15$ تعرّف إلى الكتاب من خلال الكاتب للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم أن تطلبوه عبر موقع جملون على الرابط التالي:

كنوز الأرض
لقاءٌ جديد، ورحلة جديدة يجول فيها الجد مع حفيديه للبحث عن الكنوز الحقيقيّة.فما هي قصة كنوز الأرض؟ وما الذي سيكتشفه كل من إبراهيم وسارة في هذه الرحلة الممتعة؟وهل يمكن للبشر أن يصنعوا من الأرض مركبة فضائية لعبور السماوات السبع؟ تابعوا معنا أجمل الرحلات الاستكشافية في البحث عن كنوز الحياة. كنوز الأرض الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 12*17غلاف كرتوني: 64 صفحةللناشئة: عمر 11 - 13 سنة الطبعة الأولى، 2018م ISBN: 978-614-474-001-9السعر: 7$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

الإسلام كما عرفته وآمنت به
هذا الكتاب مساهمة في ترسيخ حوار القيم والمشتركات في زمن يبحث فيه الجميع عن التلاقي. ولا شيء أفضل في هذا المجال من إظهار بعض جمال ما نؤمن به ونعتنقه. الإسلام كما عرفته وآمنت به الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 198 صفحةالطبعة الأولى، 2017مللحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

مختصر معادلة التكامل
هذه الطبعة المختصرة لكتاب "معادلة التكامل الكبرى" الذي يبيّن مدى سعة الإسلام وشمول رؤيته ومنهجه لكلّ شيء في الوجود. كيف لا؟ والله عزّ وجل هو المبدأ والمنتهى.. نقدّمها لقرّائنا الذين يودّون أن يحصلوا على معرفة أوّليّة بتلك المعادلة الكبرى، أو للذين لا يجدون الوقت الكافي لمطالعة الكتب الكبيرة. مختصر معادلة التكامل الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 200 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

الطريق الصحيح لتأمين المعيشة : كيف نتجنب فتنةً لا تصيب الذين ظلموا خاصّة؟
تحفل النّصوص الدّينيّة بالتّصريحات والإشارات الهادية إلى حياة الكفاف والغنى والنّجاة من الحرمان والفقر. وأوّل دلالات هذه النّصوص (من آيات وأحاديث وأدعية) هي أنّ الله تعالى لا يريدنا أن نعيش في حالٍ من العوز والهمّ المانع من تحصيل الفضائل والسّعي نحو الكمال وبلوغ المقصد الأعلى في ظلّ عبادة الله.وباختصار، لا يمكن مع كلّ هذه الشّواهد أن يظنّ المسلم أنّ الفقر أمرٌ جيّد أو مقبول في الدّين والرّؤية الإسلاميّة، حتّى أنّه قد ورد في بعض الأحاديث "كاد الفقر أن يكون كفرًا".

بحث: القناعة سبيل الانعتاق
تدل عشرات الشواهد المقدّسة والمشهودة في حياة الأمم على أنّ من جملة عناصر قوّة أبناء المجتمع انعتاقهم من سلطة الشهوات. ومن المعروف أنّ عصرنا الحالي يتميّز بالتنوّع الهائل لإغراءات الشّهوة التي تُعرض بصورة السلع والبضائع، والتي أحدثت تغييرًا قيميًّا عُرف بثقافة التسوّق والاستهلاك.

أصول مكافحة الفساد
الإصلاح في الأرض هو أحد أهم مهمّات الأنبياء والأولياء. ولهذا الإصلاح برنامجه الإلهيّ الذي يهدف إلى جعل الأرض وسيلة لعروج النّاس وسلوكهم طرق السّماوات. لقد وقف الإمام عليّ عليه السّلام كثيرًا وهو يدعو النّاس إلى علمه، وهو يقول لهم "سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، فَواللَّهِ إِنِّي بِطُرُقِ السَّمَاءِ أَعْلَمُ مِنِّي بِطُرُقِ الْأَرْضِ".

تعالوا نرتقي بهمومنا
لما كان الهمّ نابعًا من الاهتمام الممتزج بالقلق، ولمّا كان الهمّ أمرًا طبيعيًا في سنّة الكون ونظام الحياة الدنيا، فسوف يكون عنصرًا مفيدًا إن ارتبط بالنظام الكوني الأعلى.

6 أصول للغنى والكفاف في المعيشة
لقد استضافنا الله في هذه الأرض لا ليحرمنا ويجعل عيشنا كدًّا كدًّا، بل أراد لنا أن نسعى فيها نحو الآخرة. وقد صرّح النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) بهذه الضمانة حين قال: "أيُّهَا النَّاسُ أَقْبِلُوا عَلَى مَا كُلِّفْتُمُوهُ مِنْ إِصْلَاحِ آخِرَتِكُمْ وَأَعْرِضُوا عَمَّا ضُمِنَ لَكُمْ مِنْ دُنْيَاكُم".

الحياة الغنيّة للمؤمن
قال أمير المؤمنين عليه السلام في صفة المؤمن: "الْمُؤْمِنُ... بَعِيدٌ هَمُّهُ، كَثِيرٌ صَمْتُهُ، مَشْغُولٌ وَقْتُه".[1] تتميّز حياة المؤمن الواقعيّ بغنًى واسعٍ يثري نفسه بأعمق المشاعر وأجملها. وليس هذا بعجيب لمن أدرك سعة الفرص التي جعلها الله تعالى في هذا الكون. فلو نظرنا إلى العالم المحيط بنا لرأينا الكثير الكثير ممّا يمكن أن نقوم به في الليل والنهار، ويعود علينا بالنفع والفائدة.

تعالوا نجتمع على مشروع تغيير العالم
بالنسبة للمهتمّين بمصير مجتمعهم، والعارفين بما يعنيه مصطلح السّير الاجتماعيّ التّقدّمي، لا شك بأنّ وجود أطروحة شاملة هو العنصر الأوّل عندهم. أن تصبح مهتمًّا بمصير مجتمعك، فهذا دليل على وجود نوع راقٍ للحياة التي تسري فيك؛ هذا يعني أنّ عقلك يفكّر بما هو أوسع من ذاتك وشؤونك المحدودة؛ هذا يعني أنّك تبحث عن الأسباب؛ هذا يعني أنّك إنسان منطقيّ عقلانيّ. هنيئًا لك!

معيشتنا تحدّد مصيرنا
أجل، معيشتنا تحدّد مصيرنا الأبديّ. فقليل من التأمّل في تحدّيات العيش في الدنيا يجعلنا ندرك كم هي عميقة هذه القضيّة وكم هي مرتبطة بقضايا الكون الكبرى.

الاقتصاد الحقيقيّ: من منّا لا يحلم باقتصادٍ مزدهر يحقّق أعلى درجات الرّفاهية!
تصوّر أنّك تعيش في بلدٍ لا يهمّك فيه تحديث سيّارتك ولا تلفازك ولا هاتفك ولا أجهزتك الإلكترونيّة!وتصوّر أنّك لا تعيش همّ كلفة الطّاقة التي تحتاج إليها لاستعمال سيّارتك وأجهزة التدفئة والتبريد وما لا يحصى من الآلات والوسائل!
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...
مجالات وأبواب
نحن في خدمتك

دورة في الكتابة الإبداعية
الكتابة فن، وأنت المبدع القادم دورة مؤلفة من عدة فصول نواكبك حتى تنتج روايتك الأولى