
حين يكون التعليم عدوّ التربية
لماذا يجب تغيير التعليم لإنجاح التربية؟
السيد عباس نورالدين
تعاني المدارس الإسلامية بشكل خاص، والمدارس العلمانية بشكل عام، من مشكلة كبرى تكمن في أنواع الخلل التربوي الذي يجتاح نفوس الطلاب وينذر بكوارث نفسية ومعنوية وأخلاقية ومسلكية كبرى. وفي المدارس الإسلامية قد يتحول التأزم النفسي والأخلاقي إلى نوع من التمرد على أهم ما تمثّله هذه المدارس وهو الدين؛ فنجد في بعضها حالات من الإلحاد والزندقة وإنكار الدين، لا لشيء سوى لأنّ هذا يُعد أفضل طريقة للانتقام من المؤسسة التي مارست أشكال القمع والكبت والضغط باسم الدين بحسب ما يراه طلابها.
لعلّ الضغوط التي تُمارس على أطفال اليوم من أشد ما مر على البشرية عبر عصورها المتمادية، وما لم تتفهّم المدارس الإسلامية هذا الواقع وتعمل على مواجهته والتعامل معه بحكمة ودراية، فإنّها ستكون المسؤول الأول عن أخطر الآثار التي ستنشأ من تلك الضغوط المختلفة. وللأسف لا يبدو أنّ هذه الحكمة متوفرة لحد الآن؛ وأحد أسباب ذلك هو خضوع هذه المدارس لشهوة النجاح في الامتحانات الرسمية والتي باتت الهاجس الأكبر في كل عملية التعليم التي تتولّاها بدءًا من صفوف الروضات وحتى آخر مراحل الدراسة.
يتجلّى هذا الهاجس في كل مناحي التعليم وفي علاقة الإدارات بالمعلمين والمعلمين بالتلامذة، حتى لو لم تكن السنة الدراسية سنة الاستحقاق والامتحان. ولأنّ هذه المدارس تكافح لأجل إثبات مصداقيتها وسط بيئة مشكّكة بطبيعتها، فإنّ تسجيل نسب عالية في "النجاح" أصبح الهدف الأكبر الذي يتحكم بنظرتها لقضية التعليم، حتى لو كانت على حساب التربية التي هي بحسب المبادئ التي تؤمن بها أولى وأهم من التعليم نفسه.
إنّ جدلية التعليم والتربية قديمة قدم البشرية حين كان الناس أمة واحدة، لكنّها في المؤسسات التعليمية لم تخضع للدراسة الكافية، فبقيت في إطار الجدل والتضاد؛ وحيث يغلب التوجه لإنجاح التعليم سنجد تراجعًا في البعد التربويّ بشكل ملحوظ؛ وذلك لسببٍ واضح وهو أنّ مناهج التعليم الحالية تضع الجميع تحت ضغط كبير، بمن فيهم المعلمين والمعلمات الذين سيكون لأدائهم أكبر الأثر على نفوس التلامذة.
الحجة السائدة هي أنّنا إن لم نكمل المنهاج الدراسي فلن نتمكن من اللحاق (والمقصود هنا تسجيل نسبة النجاح 100٪) والضغط يُمارس على الجميع؛ فكما أنّ التلامذة مظلومون فنحن كذلك، هكذا يقول المعلم الذي يحمل بيده أوراق الضغط وممارساته. الإنهاء والإتمام يصبح غاية حتى على حساب الإتقان والاستيعاب؛ وعلى الطالب أن يخضع لشتى أنواع الضغوط من أجل أن يثبت أنّه جدير وأنّه يفهم وأنّه ليس متخلّفًا وليس كسولًا؛ وحين يخفق في هذا اللهاث، تكون النتيجة شديدة الخطورة؛ فما سيتعرض لأكبر ضربة هنا هو العمود الفقري لشخصيته، وهو ما يعبر عنه بثقته بنفسه بأنّه يمكن أن يكون إنسانًا جيدًا وصالحًا وعظيمًا.
إنّ هذا النمط من التعليم هو المسؤول الأول عن معظم النتائج السلبية التي يعاني منها تلامذة المدارس الإسلامية على وجه الخصوص، لأنّ حجم ردة الفعل هنا سيكون كارثيًّا بطبيعة الحال. فهذه المدارس تتظاهر بتمثيل الإسلام في عناوينها وأسمائها؛ ولذلك يضعف تدين التلامذة في أجواء هذه المدارس بحسب قياس التوقّع، ويضعف قبله الانتماء إلى الإسلام نفسه.
إنّ الخطأ الذي يرتكبه من يعمل باسم "الإسلام" وتحت عنوان "الدين" سيتضاعف كثيرًا وتتضاعف معه آثاره السلبية. ولأجل ذلك ينبغي أن تعيد هذه المدارس صياغة نفسها بدءًا من التعليم وانطلاقًا من التربية، لا أن تتخلى عن هويتها وشعاراتها.
وما لم تصبح التربية أولوية بكل ما تعنيه هذه الكلمة، فمن الصعب أن تُعاد صياغة عملية التعليم بمناهجها وتقنياتها وأساليبها وممارساتها. والأولوية تعني أنّه حين يتزاحم التعليم مع التربية فيجب تقديم التربية حتمًا. ونحن هنا نتحدث عن التربية بمفهومها العميق، لا بشكلياتها ومسلكياتها التي تدور حول الانضباط والالتزام بقوانين المدرسة وضوابطها التي غالبًا ما لا تنشأ من روح الدين.
إنّ هذه المدارس غالبًا ما تفرض من القوانين والضوابط ما لا علاقة له بقيم الدين الكبرى، ولا ينطلق من روح الشريعة وسماحتها، وإنّما ممّا ورثته من التقاليد المدرسية البائدة.. ولو أخضعت هذه المدارس قوانينها لأحكام الدين، لوجدت العديد منها مخالفًا لروحه ورؤيته.
التربية الإسلامية تقوم على مبدإ احترام الطفل وتعزيز شخصيته، لا تحطيمها وإخضاعها، كما يحصل في جيوش العالم وسجونه.
واحترام الطفل يستلزم رعاية حريته ومساعدته على إدراك عظمة كرامته (فكل أسباب المشاغبة ترجع إلى ضعف الشعور بالكرامة الذاتية).
ولا يمكن تحقيق هذا الهدف مع الغفلة عن مبدإٍ أساسي في التعليم، وهو أنّ المدرسة لا يجوز لها أن تفرض على الطالب أن يدرس ولا يحق لها أن تعاقبه أو تؤنّبه أو توبّخه لتقصيره في الدراسة. لأنّ الدراسة شأن خاص ينبغي أن ينبع من الاختيار الذاتي ولا يمكن أن تنتج علمًا حقيقيًّا بمعزل عن الوعي التام بشأن دورها في مصير الإنسان.
وحين يتم فرض المواد والموضوعات على التلامذة ومنعهم من رفض ما لا يقتنعون بدراسته والضغط عليهم بشتى أنواع الضغط لدراسة ما لا يرونه متناسبًا مع غاية حياتهم (وإن كانوا مخطئين في ذلك) فإنّ هذا لهو القمع المبين.
لأجل ذلك تحتاج التربية كأولوية إلى إخضاع التعليم لرؤيتها ومنهجيتها حتى لا يكون عاملًا مضادًّا كما يحصل اليوم كثيرًا. وسوف نشير إن شاء الله إلى الركن الثاني من التعليم التربويّ حيث يمكن بناء مناهج تعليمية تحقق جميع الأغراض المنشودة من التربية التي يقف على رأسها بناء الإنسان الكامل الواعي الفاعل الذي يؤمن بالله ويؤمن بعظمة هذه الحياة.

ثورة التربية والتعليم
يتطرّق الكتاب الرابع في سلسلة الأطروحة التربوية التعليمية التي يقدمها السيد عباس نورالدين إلى أهم القضايا التي تواجه أي ثورة حقيقية تريد إعادة إنتاج التربية التعليمية وفق استحقاقات العصر ومتطلّبات الزمان وبما يتناسب مع التحدّيات التي يعيشها مجتمعنا.الثورة التي يدعو إليها الكاتب تطال جميع مفاصل التربية التعليمية من رؤى ومناهج وقيم وحتى تلك التفاصيل التي تعني كل عامل أو مهتم بهذا المجال المصيري. ثورة التربية والتعليم الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 216 صفحة الطبعة الأولى، 2019مISBN: 978-614-474-033-0 السعر: 12$

المدرسة الإسلامية
يعرض لأخطر المشاكل وأهم القضايا حول أوضاع المدارس الحالية، التي تبنت المناهج الغربية، وذلك بالطبع بحثًا عن المدرسة المطلوبة التي تنسجم مع حاجات المجتمع وثقافته. كل ذلك من أجل بعث حركة فكرية جادة بين المهتمين بالتعليم عن طريق بناء الرؤية الشاملة للتربية التعليمية في الإسلام. المدرسة الإسلاميّة الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 232 صفحةالطبعة الأولى، 2014مالسعر: 10$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

المدرسة النموذجية
إنّ القوّة الأساسيّة للمدرسة النموذجيّة تكمن في برامجها ومناهجها التي تتميّز بقدرتها على تقديم المعارف والمهارات بأحدث الطرق وأسهلها، وتعتصر كل التراث العظيم للبشريّة وتتّصل بكامل التّراث الاسلامي وتقدّمه لطلّابها عبر السنوات الدراسيّة كأحد أعظم الكنوز المعرفيّة. وهكذا يتخرّج طلّابنا وهم متّصلون بهذا البحر العظيم لكلّ الإنجازات الحضاريّة في العالم كلّه ويمتلكون القدرة التحليليّة اللازمة لتمييز الخير من الشرّ في جميع أنحائه. المدرسة النموذجيّة الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 140 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

روح التربية
الإنسان لا يأتي إلى الدنيا فاسدًا. في البداية يأتي إلى الدنيا بفطرة جيّدة وهي الفطرة الإلهية "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَة"، وهذه هي الفطرة الإنسانية فطرة الصراط المستقيم والإسلام والتوحيد. أنواع التربية هي التي تفتح هذه الفطرة أو تسد الطريق على الفطرة. التربية هي التي يمكن أن توصل المجتمع إلى كماله المنشود، وهي التي تجعل البلاد إنسانية نموذجية كما يريدها الإسلام روح التربية الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 192 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

أهمية حضور السينما في المدارس... أي دور تربويّ وتعليمي يمكن أن يتحقّق هنا؟
إنّ قدرة السينما على إمتاع حواس وخيالات وعقول الناس وحتى أرواحهم، جعلها تستحوذ على ثروات وإمكانات هائلة؛ الأمر الذي مكّنها من الاتّصال القويّ والواسع بالتراث المعرفيّ البشريّ والهيمنة على العديد من مجالات إنتاجه.

كيف نعلّم أطفالنا الدين؟ مبادئ متينة لتعليمٍ قويم
عن أمير المؤمنين(ع): "أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ".[1]إنّ الهدف الأكبر لنزول الدين هو تعميق الرابطة المعنويّة بين الإنسان وربّ العالم. ويجب أن يكون هذا الهدف هدف التعليم الدينيّ حتمًا. ولا بأس من الإشارة بدايةً إلى بعض أبعاد هذا الهدف وتجلّياته في الواقع النفسيّ والعمليّ، لما لهذا الكلام من تأثير على توجيه التّعليم نفسه.

التربية اللغوية أو تعليم البيان.. ودور القرآن في تكميل القوى الإنسانية
ليست اللغة مجرّد وسيلة للتواصل والتفاهم بين البشر، بل هي إحدى أفضل طرق تنمية العقل وسائر القوى الإنسانية الأصيلة أيضًا. إنّ الطفل الذي يمتلك الذكاء اللغويّ أو البيانيّ سيكون صاحب استعداد مميز للتفوّق والتطوّر بسرعة وسهولة في أنواع الذكاءات والمهارات المختلفة. والمقصود بالذكاء اللغويّ سرعة الوصول إلى المقصود من المفردة المعروضة وسرعة استخراج المفردة المناسبة للعرض والبيان. وهذا الذكاء، وإن كان في قسمٍ منه موهبة ووراثة، لكنّ القسم الأكبر منه قابلًا للتحصيل بواسطة التربية، التي يهمّنا أن نفسح مجال الحديث عن أصولها وأساليبها وطرقها.

كيف يُصنع الطالب المتفوّق؟ التعليم المتمحور حول القضايا الكبرى
بالنظر إلى التجارب التربوية للإسلاميّين في مختلف مناطق العالم، يمكن أن نتحدّث عن نجاحات مميّزة على صعيد تأهيل الطلّاب للدخول إلى أفضل جامعات العالم في مجالات الهندسة والطب والعلوم التقنية المختلفة.

تعالوا نقضي على الأمّية اللغويّة... لماذا يجب تطوير برامج تعليم اللغة العربية؟
إنّ مطالعة سريعة لمستوى اللغة العربيّة في خرّيجي المدارس الثانويّة يدلّ على مشكلة حقيقيّة، تتفاقم آثارها لتطفو على سطح الشخصية في جميع مجالات الحياة. وإذا كان ثمّة اتّفاق حول دور اللغة في بناء الفرد وأهمّيتها في حفظ ثقافة المجتمع، فإنّ الخطوة الأولى على طريق المعالجة تكمن في تحديد المستوى المطلوب لتحقيق هذه الأهداف الإسلامية.

الدور التربويّ والتعليميّ للقرآن الكريم... سيذهلك ما يمكن أن يحقّقه هذا الكتاب
إنّ إدراكنا للدور التربويّ والتعليميّ لكتاب الله المجيد ينبع من فهمنا ومعرفتنا بماهيّته وحقيقته. ولأنّه كلام الله، ولأنّ كلام الله عين إرادته، ولأنّ إرادة الله عين صفاته وأسمائه، ولأنّ الإنسان قاصرٌ عن الإحاطة بصفات الله وكنه أسمائه، فلا يمكن لأحدٍ أن يحيط بحقيقة القرآن ويستوعب ما يتضمنّه؛ إلّا أنّ ذلك لا يعني أنّ البشر قاصرون عن فهم الكثير من مراتب تنزّله وعاجزون عن معرفة كلّياته وما يمثّله.

أفضل مناهج دراسة الطبيعة، لماذا يجب أن نعيد النظر في تعليم هذه المواد؟
عرفت البشرية طوال تاريخها المديد منهجين أساسيين لدراسة الطبيعة. وقد انتصر ثم هيمن أحد هذين المنهجين بعد صراع لم يدم طويلًا. كان الأول يعتمد على فلسفة البحث من خلال طرح الأسئلة المرتبطة بالموقعية الوجودية لأي كائن أو عنصر طبيعي والبحث عن سر وجوده وعلاقته بغيره.

ضرورة إصلاح نفقات التعليم، لماذا يعجز التعليم العام عن مواكبة التطورات؟
حين قررت الدول القومية جعل التعليم عامًا غير مقتصر على الطبقات الغنية تم اختراع الصفوف الدراسية والمدارس كما نعرفها اليوم؛ أماكن تستوعب أعدادًا كبيرة من الطلاب ضمن مراحل دراسية تتناسب مع المراحل العمرية، وتنسجم مع الرؤية الغربية لسن الرشد المحدد بالثامنة عشر.

حلّ معضلة تعليم الرياضيات والحساب
لعل الذي أطلق مصطلح الرياضيات على هذا العلم كان يرى أنه يحتاج إلى الكثير من التمرين. فهو ليس مجرد رياضة واحدة بل رياضيات! لكن ماذا عن المناهج المدرسية التي يُفترض أن تهيئ الطالب للتخصّص الجامعي؟ هل يجب أن تعاني الأغلبية الساحقة من تلامذة المدرسة من هذه الرياضات الذهنية الشاقة لكي يتمكن عدد قليل منهم من الدخول إلى بعض الاختصاصات الجامعية؟

تعرّف إلى: مؤلّفاتنا في التربية والتعليم
المدرسة النموذجيّة، المدرسة الإسلامية، التربية الروحيّة

المحور الأوّل للنّظام التعليميّ السّليم
من أهم القضايا التي تشغل بال أهل التربية والتعليم هي قضيّة العلم. لذا من أراد أن ينبي رؤية واضحة في التربية والتعليم يحتاج إلى تحديد موقفه من العلم.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...