
حين يكون التعليم عدوّ التربية 2
السيد عباس نورالدين
إنّ حاجة المؤسسات التعليمية إلى برامج واضحة تنتظم في إطار الأهداف والمراحل والأزمنة هو أمر ظاهر؛ فبدونه لا يمكن لها أن تعمل بشكل صحيح.
إنّ إدارة عمل المعلمين يتطلّب نوعًا من الاتّفاق على تقديم مجموعة من المعارف والمعلومات في مدة زمنية محددة؛ ولأجل ذلك يتم التأكيد على إنهاء المقرر الدراسي وفق تقسيم دقيق للموضوعات.
لكن ماذا عن الآثار السلبية الكبيرة التي تنجم عن هذا التخطيط والبرمجة، والتي غالبًا ما تؤدي إلى عكس الغرض المنشود؟
حين تصبح أولوية المعلّم إتمام المنهاج وفق هذا التقسيم والتخطيط مهما كلّف الأمر، فما الذي يحدث غالبًا؟
سل أي معلّمة خضعت لهذا النوع من الإدارة التعليمية، وسوف تجيبك مباشرةً بأنّ هذا الأمر يضطرها إلى الضغط بقوة على التلاميذ لكيلا يعارضوا أو يعترضوا سير الدروس والإلقاء.. ولكن هل سيخضع التلامذة؟ وهل سينساقون وفق رغبات المعلمة وتمنياتها؟
والجواب يمكن الحصول عليه ببساطة في عمليات تقييم ودراسة أداء الطلاب أنفسهم. لكن ما يتم إهماله أو إغفاله ها هنا هو أنّ السعي لإخضاع التلميذ ـ بواسطة أساليب الضغط المختلفة ـ من شأنه أن يترك آثارًا سلبية لا تظهر في تلك المؤشرات المتعلقة بالأداء المباشر في المواد الدراسية. إنّه الشيء الذي لطالما تحدثنا عنه تحت عنوان التربية. ونقصد ها هنا بالتحديد علاقة الطالب بالعلم نفسه.
فلكي يعطي التعليم النتائج المطلوبة، ينبغي أن يحصل ضمن بيئة تفاعلية إيجابية تقوم على إيجاد الوعي العميق بين الطالب والعلم؛ الأمر الذي يبدأ عند الإنسان بشيء جوهريّ نسميه حب العلم. وما لم تتفاعل فطرة الإنسان الطالبة للكمال (ومن الكمال العلم) مع مصاديق العلم في الواقع التعليمي والإدراكي، لا يمكن أن تنشأ هذه العلقة المعنوية التي يفترض أن تكون خطوة أساسية نحو ذلك الوعي العميق.
الوعي العميق يعني إدراك: لماذا أتعلم؟ وما هي حقيقة العلم؟ وكيف يحصل التعلم في النفس (أعلم كيف أتعلّم)؟
وما دامت أساليب التعليم تقوم على إخضاع المتعلّم وإكراهه على اتّباع نمط محدد في التلقي والدراسة والأداء، فمن المستحيل أن يتحقق هذا الوعي؛ خصوصًا إذا عرفنا أنّ لكل إنسان نمطه الخاص في التعلّم (والذي قد يُصطلح عليه بعنوان الذكاء المتعدد).
إنّ الخطوة الأولى نحو إيجاد الوعي الذاتي تجاه العلم والتعلّم تكمن في تحرير التعليم من شتى أنواع الضغط والإكراه والإجبار. فمع كل إكراه تتشكل طبقة من الحجاب بين الوعي والشيء الذي يتم إكراه الطالب عليه. ولأجل ذلك علينا أن ندرس أولًا العوامل التي تفرض على المعلم ممارسة هذه الضغوط، سواء كانت تلك العوامل سيكولوجية نفسية وراثية ذات جذور عقدية، أو كانت إدارية تخطيطية يكون المنسقون والمشرفون جلاوزتها، أو كانت فيزيائية مادية ناشئة من البيئة الصفية، حيث يتم حشر أكثر من عشرين تلميذًا في مربع لا يوحي إلا بالسجن والتعذيب.
ولأجل ذلك، نجد التعلّم الذاتي أو التعليم المنزلي يحقّق نتائج أعلى بكثير من التعليم المدرسي الذي يجري وفق هذه العوامل الإكراهية.
إنّ تحرير المعلمة وتحررها من العقد والأزمات النفسية التي تضغط بقوة على أدائها الصفي هو شرط أساسي لكي تستوعب حجم الضغط الذي تمارسه على تلامذتها. فغالبًا ما تنقلب تلك العقد إلى مبررات ويصبح الظالم مظلومًا؛ وإذ بالتلامذة هم الذين يفرضون على هذه المعلمة ويضطرونها لمعاقبتهم وتأديبهم وتوبيخهم وتوجيه شتى أنواع الإهانات والتحقيرات بحقهم. فقد تجاوزوا حدود الأدب وخرجوا عن السيطرة ومارسوا شتى أنواع المشاغبات التي لا تُحتمل.
ضع أي إنسان في مثل هذه البيئة (ومنهم هذه المعلمة الوقورة) وسوف تجده يفعل ما يفعله ذلك الطالب المشاغب غير المؤدب.
إنّ الطبيعة النفسية للإنسان السوي تؤدي غالبًا إلى التمرّد على أي نوع من الإكراه، حتى لو كان إكراهًا على شيء جميل كالعلم. فلا يكفي أن نقول أنّنا نبذل كل طاقتنا وعمرنا ونهدر زهرة شبابنا من أجل هؤلاء الأولاد الأشقياء؛ لأنّنا في الوقت نفسه لا ندرك أنّنا نقوم بقتل أجمل ما فيهم من خلال السعي لإخضاعهم والسيطرة عليهم.
كما أنّ إصرارنا على إنهاء المنهاج المقرر بأي شكل كان لهو ضرب آخر من الغباء التعليمي، لأنّ الأصل الذي اتّفق عليه عقلاء العالم هو أن يتمكّن التلميذ من فهم واستيعاب الموضوعات بالإضافة إلى إتقان المهارات المتناسبة معها. فلا يكون الكم على حساب الكيف إلا عند من غابت عنه هذه السيرة.
فلو أتقن التلميذ فصلًا أو موضوعًا واحدًا من أصل عشرين، لهو أفضل بكثير من أن لا يتقن شيئًا منها. والإتقان هو الذي يحقق العنصر المحوري في التعلم، وهو شعور الطفل أو الشاب بأنّه قادر على أن يكون متعلّمًا ناجحًا (يعبّر عنه بالثقة بالنفس). وغالبًا ما يخدع المدراء والمعلمون أنفسهم من خلال مؤشرات غير سليمة وغير دقيقة، كالعلامات الدراسية والنجاح في الإمتحانات الرسمية.
إنّنا نقوم بتخريج جحافل الخاضعين الذين لا يمتّون إلى العلم والإبداع والابتكار بصلة؛ ثمّ نتوقع أن ينهض هذا المجتمع ويقدم أفلاذ كبده على طريق التضحية والفداء والمواجهة الحضارية الكبرى.

ثورة التربية والتعليم
يتطرّق الكتاب الرابع في سلسلة الأطروحة التربوية التعليمية التي يقدمها السيد عباس نورالدين إلى أهم القضايا التي تواجه أي ثورة حقيقية تريد إعادة إنتاج التربية التعليمية وفق استحقاقات العصر ومتطلّبات الزمان وبما يتناسب مع التحدّيات التي يعيشها مجتمعنا.الثورة التي يدعو إليها الكاتب تطال جميع مفاصل التربية التعليمية من رؤى ومناهج وقيم وحتى تلك التفاصيل التي تعني كل عامل أو مهتم بهذا المجال المصيري. ثورة التربية والتعليم الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 216 صفحة الطبعة الأولى، 2019مISBN: 978-614-474-033-0 السعر: 12$

المدرسة الإسلامية
يعرض لأخطر المشاكل وأهم القضايا حول أوضاع المدارس الحالية، التي تبنت المناهج الغربية، وذلك بالطبع بحثًا عن المدرسة المطلوبة التي تنسجم مع حاجات المجتمع وثقافته. كل ذلك من أجل بعث حركة فكرية جادة بين المهتمين بالتعليم عن طريق بناء الرؤية الشاملة للتربية التعليمية في الإسلام. المدرسة الإسلاميّة الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 232 صفحةالطبعة الأولى، 2014مالسعر: 10$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

المدرسة النموذجية
إنّ القوّة الأساسيّة للمدرسة النموذجيّة تكمن في برامجها ومناهجها التي تتميّز بقدرتها على تقديم المعارف والمهارات بأحدث الطرق وأسهلها، وتعتصر كل التراث العظيم للبشريّة وتتّصل بكامل التّراث الاسلامي وتقدّمه لطلّابها عبر السنوات الدراسيّة كأحد أعظم الكنوز المعرفيّة. وهكذا يتخرّج طلّابنا وهم متّصلون بهذا البحر العظيم لكلّ الإنجازات الحضاريّة في العالم كلّه ويمتلكون القدرة التحليليّة اللازمة لتمييز الخير من الشرّ في جميع أنحائه. المدرسة النموذجيّة الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 140 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

روح التربية
الإنسان لا يأتي إلى الدنيا فاسدًا. في البداية يأتي إلى الدنيا بفطرة جيّدة وهي الفطرة الإلهية "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَة"، وهذه هي الفطرة الإنسانية فطرة الصراط المستقيم والإسلام والتوحيد. أنواع التربية هي التي تفتح هذه الفطرة أو تسد الطريق على الفطرة. التربية هي التي يمكن أن توصل المجتمع إلى كماله المنشود، وهي التي تجعل البلاد إنسانية نموذجية كما يريدها الإسلام روح التربية الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 192 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

ابني لا يستجيب للتعليم سوى بالصراخ
تشكو إحدى الأمهات من كون ولدها مشاغبًا، كثير الحركة، عنيد، لا يستجيب لمسألة الدراسة، لا يتفاعل معها سوى بالصراخ والتهديد.. فما هو الحل؟

التربية اللغوية أو تعليم البيان.. ودور القرآن في تكميل القوى الإنسانية
ليست اللغة مجرّد وسيلة للتواصل والتفاهم بين البشر، بل هي إحدى أفضل طرق تنمية العقل وسائر القوى الإنسانية الأصيلة أيضًا. إنّ الطفل الذي يمتلك الذكاء اللغويّ أو البيانيّ سيكون صاحب استعداد مميز للتفوّق والتطوّر بسرعة وسهولة في أنواع الذكاءات والمهارات المختلفة. والمقصود بالذكاء اللغويّ سرعة الوصول إلى المقصود من المفردة المعروضة وسرعة استخراج المفردة المناسبة للعرض والبيان. وهذا الذكاء، وإن كان في قسمٍ منه موهبة ووراثة، لكنّ القسم الأكبر منه قابلًا للتحصيل بواسطة التربية، التي يهمّنا أن نفسح مجال الحديث عن أصولها وأساليبها وطرقها.

حين يكون التعليم عدوّ التربية... لماذا يجب تغيير التعليم لإنجاح التربية؟
تعاني المدارس الإسلامية بشكل خاص، والمدارس العلمانية بشكل عام، من مشكلة كبرى تكمن في أنواع الخلل التربوي الذي يجتاح نفوس الطلاب وينذر بكوارث نفسية ومعنوية وأخلاقية ومسلكية كبرى. وفي المدارس الإسلامية قد يتحول التأزم النفسي والأخلاقي إلى نوع من التمرد على أهم ما تمثّله هذه المدارس وهو الدين؛ فنجد في بعضها حالات من الإلحاد والزندقة وإنكار الدين، لا لشيء سوى لأنّ هذا يُعد أفضل طريقة للانتقام من المؤسسة التي مارست أشكال القمع والكبت والضغط باسم الدين بحسب ما يراه طلابها.

تعالوا نقضي على الأمّية اللغويّة... لماذا يجب تطوير برامج تعليم اللغة العربية؟
إنّ مطالعة سريعة لمستوى اللغة العربيّة في خرّيجي المدارس الثانويّة يدلّ على مشكلة حقيقيّة، تتفاقم آثارها لتطفو على سطح الشخصية في جميع مجالات الحياة. وإذا كان ثمّة اتّفاق حول دور اللغة في بناء الفرد وأهمّيتها في حفظ ثقافة المجتمع، فإنّ الخطوة الأولى على طريق المعالجة تكمن في تحديد المستوى المطلوب لتحقيق هذه الأهداف الإسلامية.

كيف يُصنع الطالب المتفوّق؟ التعليم المتمحور حول القضايا الكبرى
بالنظر إلى التجارب التربوية للإسلاميّين في مختلف مناطق العالم، يمكن أن نتحدّث عن نجاحات مميّزة على صعيد تأهيل الطلّاب للدخول إلى أفضل جامعات العالم في مجالات الهندسة والطب والعلوم التقنية المختلفة.

أفضل مناهج دراسة الطبيعة، لماذا يجب أن نعيد النظر في تعليم هذه المواد؟
عرفت البشرية طوال تاريخها المديد منهجين أساسيين لدراسة الطبيعة. وقد انتصر ثم هيمن أحد هذين المنهجين بعد صراع لم يدم طويلًا. كان الأول يعتمد على فلسفة البحث من خلال طرح الأسئلة المرتبطة بالموقعية الوجودية لأي كائن أو عنصر طبيعي والبحث عن سر وجوده وعلاقته بغيره.

الدور التربويّ والتعليميّ للقرآن الكريم... سيذهلك ما يمكن أن يحقّقه هذا الكتاب
إنّ إدراكنا للدور التربويّ والتعليميّ لكتاب الله المجيد ينبع من فهمنا ومعرفتنا بماهيّته وحقيقته. ولأنّه كلام الله، ولأنّ كلام الله عين إرادته، ولأنّ إرادة الله عين صفاته وأسمائه، ولأنّ الإنسان قاصرٌ عن الإحاطة بصفات الله وكنه أسمائه، فلا يمكن لأحدٍ أن يحيط بحقيقة القرآن ويستوعب ما يتضمنّه؛ إلّا أنّ ذلك لا يعني أنّ البشر قاصرون عن فهم الكثير من مراتب تنزّله وعاجزون عن معرفة كلّياته وما يمثّله.

كيف نعلّم أطفالنا الدين؟ مبادئ متينة لتعليمٍ قويم
عن أمير المؤمنين(ع): "أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ".[1]إنّ الهدف الأكبر لنزول الدين هو تعميق الرابطة المعنويّة بين الإنسان وربّ العالم. ويجب أن يكون هذا الهدف هدف التعليم الدينيّ حتمًا. ولا بأس من الإشارة بدايةً إلى بعض أبعاد هذا الهدف وتجلّياته في الواقع النفسيّ والعمليّ، لما لهذا الكلام من تأثير على توجيه التّعليم نفسه.

ضرورة إصلاح نفقات التعليم، لماذا يعجز التعليم العام عن مواكبة التطورات؟
حين قررت الدول القومية جعل التعليم عامًا غير مقتصر على الطبقات الغنية تم اختراع الصفوف الدراسية والمدارس كما نعرفها اليوم؛ أماكن تستوعب أعدادًا كبيرة من الطلاب ضمن مراحل دراسية تتناسب مع المراحل العمرية، وتنسجم مع الرؤية الغربية لسن الرشد المحدد بالثامنة عشر.

حلّ معضلة تعليم الرياضيات والحساب
لعل الذي أطلق مصطلح الرياضيات على هذا العلم كان يرى أنه يحتاج إلى الكثير من التمرين. فهو ليس مجرد رياضة واحدة بل رياضيات! لكن ماذا عن المناهج المدرسية التي يُفترض أن تهيئ الطالب للتخصّص الجامعي؟ هل يجب أن تعاني الأغلبية الساحقة من تلامذة المدرسة من هذه الرياضات الذهنية الشاقة لكي يتمكن عدد قليل منهم من الدخول إلى بعض الاختصاصات الجامعية؟

تعرّف إلى: مؤلّفاتنا في التربية والتعليم
المدرسة النموذجيّة، المدرسة الإسلامية، التربية الروحيّة

المحور الأوّل للنّظام التعليميّ السّليم
من أهم القضايا التي تشغل بال أهل التربية والتعليم هي قضيّة العلم. لذا من أراد أن ينبي رؤية واضحة في التربية والتعليم يحتاج إلى تحديد موقفه من العلم.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...