
الإنسان محورًا في التعليم
ما زال هناك الكثير ممّا ينبغي معرفته
السيد عباس نورالدين
الإنسان ظاهرة كونية عظيمة وآية فريدة تدل على الله بصورة لا نظير لها؛ فلا يوجد أعظم من الإنسان كوسيلة إلى معرفة الله التي تعبّر عن غاية وجوده. لكن هذه الآية قد احتجبت وراء ستارين كثيفين:
الأول: المظهر البشري أو الظهور الجسماني الذي يشغل الناس عن الأبعاد الأخرى الأشد عمقًا وروعة.
والثاني: الكثرة العددية الهائلة لأبناء الإنسان والتي جعلت هذه الظاهرة تبدو أمرًا عاديًّا لا يثير الفضول.
تعتني مناهج التعليم الحالية بالبعد الجسماني للإنسان وتوليه أهمية فائقة، وتتعامل مع الأبعاد الأخرى بنوعٍ من التساهل والاعتباطية، ممّا يؤدي إلى اختفاء الأبعاد كلها وراء حجاب من الجهل المهلك. فلا يمكن فهم الجسد فهمًا صحيحًا بعيدًا عن الروح، كما لا يمكن فهم الدنيا إلا على ضوء الآخرة.
إنّ معرفة الإنسان ترتبط بصورة عميقة بقضية إعداده وكماله وطاقاته التي يحتاج إليها المتعلّم للتعامل مع هذه الحياة بنجاح. فالقدرات الذاتية هي أساس النجاح والتفوق والسعادة، ولا يمكن للإنسان أن يهنأ ويسعد لمجرد امتلاك الماديات والإمكانات الخارجية. والملاحظة الأولى هي أنّ مناهجنا التعليمية لم تتمكّن من إظهار هذا المبدأ وتغليبه رغم أهميته والاتّفاق عليه. ولعلّ ذلك يعود إلى انقطاع هذه المناهج عن التراث، الذي يمكن أن يحقق هذا الهدف، واكتفائها بأدبيات سطحية تتبخر عند أول استحقاق أو مواجهة بين المادة والروح في عالم الحياة الواقعية.
ولأجل ذلك، يجب عرض ودراسة وتحليل الجانب المرتبط بحقيقة الإنسان وماهيته وكماله وسعادته وقدراته وعالمه الروحي المعنوي في تلك المناهج على ضوء الهدف المنشود، ألا وهو إرساء قواعد السعادة والنجاح والفوز والفلاح على بنى الحياة الروحية الحقيقية.
إنّ في الإنسان أسرارًا كثيرة ينبغي أن يكون البحث عنها واكتشافها هدفًا أساسيًّا لكل متعلّم؛ ويجب جعل رحلة البحث هذه قضيةً مركزيةً في المناهج التعليمية، وعدم إيهام الطالب بأنه لا يوجد وراء المواد التعليمية التي تُقدّم له أشياء كثيرة جديرة بالاكتشاف، كقول القائل: لا يوجد وراء عبادان قرية. والتأكيد على أنّ البحث عن أسرار الإنسان لا ينحصر في إطار إشباع فضوله العلمي، وإنّما يندرج في إطار قضية بناء الذات وتكميلها وتقويتها. فأبعاد الوجود الإنساني ليست سوى قنوات الاتّصال بفيض الكمال الإلهي المطلق.
ولأجل ذلك، يحتاج الطالب إلى معرفة النماذج البارزة للذين تحققوا بحقائق الكمال معرفةً تتصل بواقعه المعاش وتحديات حياته المعاصرة وتجعل من هذا البعيد المجهول قريبًا ممكنًا. فالنماذج الراقية للإنسان الكامل ليست سوى تجسيد لتلك الحقيقة العظيمة التي يُفترض أن تكون هدفًا أعلى للحياة كلها.
كما أنّ معرفة أدوار وإنجازات وموقعية الكاملين من البشر ستكون بمثابة الدليل المرشد في كل قضايا الحياة وشؤونها والمفسّر الأوضح والأشمل لمسيرة التاريخ الإنساني؛ لأن هؤلاء العظماء هم الذين صنعوا الأمجاد الواقعية التي بُنيت عليها الحضارات، وإن انحرف بعضها. فما من خير في هذا العالم إلا والأنبياء والمرسلون والأوصياء وورثتهم هم الذين فتحوا أبوابه وشقوا طرقه. وباختصار، يجب أن نفهم التاريخ الواقعي انطلاقًا من الدور المحوري للإنسان الكامل. وهكذا، يدرك المتعلّم أن الإنسان الكامل على مدى التاريخ هو الذي امتلك القدرات المطلوبة لإقامة المجتمعات الراقية وهو الذي استطاع أن يتغلب على أعتى القوى الطاغوتية بواسطة تلك الخصائص الإنسانية العظيمة؛ حيث انتصرت الأخلاق الرفيعة والحكمة والذكاء والصبر والعلم الغيبي على الجيوش المدججة والإرهاب والتنكيل والبطش والدهاء والخبث والأكاذيب.
إنّ عصرنا الحالي ينشر الوهم بأنّ دور الإرادة الإنسانية وقيمها قد انحسر لصالح المادة والتكنولوجيا، وأنّ الآلات هي التي ستصنع المستقبل وتحدد المصير. وهذا اشتباهٌ كبير وخطأٌ قاتل يجب العمل على بيانه من خلال التركيز على الدور المحوري للفكر والعاطفة والروح والمعنويات والإرادة والذكاء المتميز للإنسان، والذي لن يتمكن الذكاء الاصطناعي مهما بلغ من التغلب عليه؛ وذلك لأنّ سر الذكاء الإنساني الأعلى هو من عالمٍ آخر، مواده ونتاجاته لا تشبه عالمنا. وعليه، ينبغي أن يصبح الوصول إلى هذا الذكاء هدفًا أعلى لكل متعلم. فلا شك بأنّ الذكاء الاصطناعي في الأيام المقبلة سيتفوق على الذكاء العام أو الذكاء الذي يتشكل من التعليم الحالي ونتاجات العلوم المادية، وسيكون لهذا التفوق دورٌ كبير في تقوية أي مجتمع أو قوة تمتلكه. وهو ذكاء لا ينحصر في توجيه الصواريخ المعقدة أو الأسلحة الذكية التي تصيب أهدافها بدقة فائقة، بل إنّ مجاله الأخطر والأشد تأثيرًا سيكون في عالم الاتّصالات والتواصل الاجتماعي للشبكة العالمية، حيث السعي للسيطرة على العقول والقلوب والتحكم بالجماهير والشعوب. وبالتالي، فإنّ التحدي الأكبر الذي يقع على عاتق المناهج التعليمية اليوم يكمن في توجيه الإنسان نحو ذلك الذكاء المختلف الذي لا يتحقق إلا في ظل الرابطة القوية بالله!
إنّ سعي المناهج التعليمية لبناء الذكاء الاصطناعي الذي يعتمد على التطورات التكنولوجية في عالم البرمجة والرقاقات الإلكترونية الفائقة السرعة واعتباره المجال الوحيد للتطور والتفوق والبقاء، لا يبدو أنّه سيحقق السبق للدول الصغيرة والمجتمعات الضعيفة، بل سيزيدها ضعفًا وتبعية لغيرها، كما شاهدنا ونشاهد تأثير امتلاك الأفراد للهاتف الذكي في توجيه آرائهم ورغباتهم وأفكارهم وحتى طموحاتهم وعواطفهم؛ حيث تتمكن الشركات والمؤسسات والأجهزة المخابراتية الضخمة من امتلاك القرار النهائي بفضل قدراتها المتفوقة على صعيد البرمجة والتحكم. وهنا لا بد من التأكيد على أنّه لا يوجد سوى طريق واحد للخروج من هذا الأسر والتبعية وهو باكتشاف معادلة جديدة للتفوق، تعتمد على الذكاء الإلهي الذي لا يمكن فك شيفرته إلا بواسطة الارتقاء الروحي.
لقد اختلطت إنسانية اليوم بحيوانية الشهوة المتفلتة والخصائص البشعة للبهائم، ويجب أن تجعل المناهج التعليمية من التمييز بين النوعين قضية أساسية حتى لا يصبح هذا الإنسان الظاهري أضل وأسوأ من الأنعام. فاكتشاف المتعلّم للخصائص الإنسانية ولوازمها الراقية مع تحديد مضامير الارتقاء بها واستعمالها يبين المميزات الفريدة للسعادة الإنسانية التي تم التضحية بها على مذبح الشهوة الرخيصة.
وباختصار، يجب أن يدرك الطالب الفوارق الجوهرية بين إنسان الثقافة الغربية المنحطة وإنسان الإسلام الأصيل لأن هذا الإدراك هو أهم عوامل المناعة والحصانة مقابل الهجمات الهمجية لأعداء الإنسانية في كل العالم.

المدرسة الإسلامية
يعرض لأخطر المشاكل وأهم القضايا حول أوضاع المدارس الحالية، التي تبنت المناهج الغربية، وذلك بالطبع بحثًا عن المدرسة المطلوبة التي تنسجم مع حاجات المجتمع وثقافته. كل ذلك من أجل بعث حركة فكرية جادة بين المهتمين بالتعليم عن طريق بناء الرؤية الشاملة للتربية التعليمية في الإسلام. المدرسة الإسلاميّة الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 232 صفحةالطبعة الأولى، 2014مالسعر: 10$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

روح المجتمع
كتابٌ يُعدّ موسوعة شاملة ومرجعًا مهمًّا جدًّا يمتاز بالعمق والأصالة لكلّ من يحمل همّ تغيير المجتمع والسير به قدمًا نحو التكامل، يحدد للقارئ الأطر والأهداف والسياسات والمسؤوليات والأولويّات والغايات المرحليّة والنهائيّة في كلّ مجال من المجالات التي يمكن أن تشكّل عنصرًا فعّالًا في حركة التغيير، على ضوء كلمات قائد الثورة الإسلاميّة المعظّم روح المجتمع الكاتب: الإمام الخامنئي/ السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*25غلاف كرتوني: 932 صفحةالطبعة الأولى، 2017م ISBN: 978-614-474-020-0 سعر النسخة الملوّنة: 100$سعر النسخة (أبيض وأسود): 34$ للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراءه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

ثورة التربية والتعليم
يتطرّق الكتاب الرابع في سلسلة الأطروحة التربوية التعليمية التي يقدمها السيد عباس نورالدين إلى أهم القضايا التي تواجه أي ثورة حقيقية تريد إعادة إنتاج التربية التعليمية وفق استحقاقات العصر ومتطلّبات الزمان وبما يتناسب مع التحدّيات التي يعيشها مجتمعنا.الثورة التي يدعو إليها الكاتب تطال جميع مفاصل التربية التعليمية من رؤى ومناهج وقيم وحتى تلك التفاصيل التي تعني كل عامل أو مهتم بهذا المجال المصيري. ثورة التربية والتعليم الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 216 صفحة الطبعة الأولى، 2019مISBN: 978-614-474-033-0 السعر: 12$

المدرسة النموذجية
إنّ القوّة الأساسيّة للمدرسة النموذجيّة تكمن في برامجها ومناهجها التي تتميّز بقدرتها على تقديم المعارف والمهارات بأحدث الطرق وأسهلها، وتعتصر كل التراث العظيم للبشريّة وتتّصل بكامل التّراث الاسلامي وتقدّمه لطلّابها عبر السنوات الدراسيّة كأحد أعظم الكنوز المعرفيّة. وهكذا يتخرّج طلّابنا وهم متّصلون بهذا البحر العظيم لكلّ الإنجازات الحضاريّة في العالم كلّه ويمتلكون القدرة التحليليّة اللازمة لتمييز الخير من الشرّ في جميع أنحائه. المدرسة النموذجيّة الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 140 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

روح التربية
الإنسان لا يأتي إلى الدنيا فاسدًا. في البداية يأتي إلى الدنيا بفطرة جيّدة وهي الفطرة الإلهية "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَة"، وهذه هي الفطرة الإنسانية فطرة الصراط المستقيم والإسلام والتوحيد. أنواع التربية هي التي تفتح هذه الفطرة أو تسد الطريق على الفطرة. التربية هي التي يمكن أن توصل المجتمع إلى كماله المنشود، وهي التي تجعل البلاد إنسانية نموذجية كما يريدها الإسلام روح التربية الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 192 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

حول أسلمة العلوم الطبيعية أو التطبيقية.. مبادئ أساسية لبناء المناهج
لا ينظر المؤمنون بالإسلام وقيمه إلى الحركة العلمية الغربية بارتياح عمومًا، ومنها ما يرتبط بالعلوم التي تمحورت حول دراسة الكون والطبيعة والإنسان؛ هذه العلوم التي عبّرت عن نفسها بمجموعة من الاختصاصات والفروع، وظهرت بنتاج هائل استوعب جهدًا كبيرًا للبشرية، فأصبح بسبب ضخامته وحضوره مدرسة عامة يتبنّاها العالم كلّه. فالمنهج الغربيّ في التعامل مع الطبيعة والكون والإنسان هو المنهج المعتمد اليوم في كل بلاد العالم دون استثناء. إلا إنّ المؤمنين بالإسلام متوجّسون من حركة الغرب عمومًا، لا سيّما حين ينظرون إلى نتائج هذه العلوم على مستوى علاقة الإنسان بربّه. لقد أضحت هذه العلوم علمانية بالكامل، ليس أنّها لا ترتبط باكتشاف مظاهر حضور الله وعظمته وتدبيره وربوبيته فحسب، بل أصبحت سببًا لحصول قطيعة بين الإنسان وخالقه؛ في حين أنّ هذه العلاقة هي أساس سعادة الإنسان وكماله. أضف إلى ذلك، الآثار الهدّامة المشهودة لهذه العلوم على مستوى التطبيق والتكنولوجيا.من هنا، فإنّنا ندعو إلى إعادة النظر في هذه المقاربة، والعمل على تأسيس مقاربة أدق وأوسع وأشمل تجاه الكون والإنسان والوجود تنطلق من فهم فلسفة الوجود وغايته، فتكون عاملًا مساعدًا لتحقيق الأهداف الكبرى.

التعليم لأجل صناعة أبناء الآخرة.. أين هي القضية الأولى في المناهج؟
إن أردنا أن ننسجم مع رؤيتنا الكونية للوجود والمصير، ينبغي أن يكون للحياة الآخرة حضور أقوى في المناهج المدرسية، يتناسب إلى حدٍّ ما مع محوريتها وأولويتها. فكيف يمكن أن نعد الطالب المدرسي ليكون من أبناء الآخرة بدل أن يكون من أبناء الدنيا امتثالًا لقول أمير المؤمنين عليه السلام؟ المبدأ الأول الذي ينبغي أن تُبنى عليه مناهج التعليم هو ضرورة إعداد المتعلّم للتعامل مع قضايا الحياة الأساسية بما يتناسب مع أهميتها وتأثيرها ودورها في حياته. ولا شك بأنّ الحياة الآخرة هي القضية الأولى

المشروع الحضاري للتعليم العام.. كيف ننزل هذا المشروع في قالب المناهج المدرسية
السؤال الأساسي هنا هو أنّه كيف يمكن أن نجعل من المشروع الحضاري الكبير الذي نؤمن به منهاجًا دراسيًّا، بل محورًا أساسيًّا في التعليم العام، بحيث يمكن الوصول بالمتعلم إلى مستوى من الفهم والإيمان والتبني والمسؤولية تجاهه، حتى ينتقل إلى الحياة التخصصية والمهنية وقد جعل ذلك كله قائمًا عليه ومتوجهًا إليه.حين يتمكن المتعلم من رؤية الحياة كما هي في الحقيقة، لن ينخدع بعدها بهذه الظواهر: ناطحات السحاب، التكنولوجيا، الطائرات، العدد الكبير لسكان دولة، الدخل القومي الكبير.. فكل هذه المدنية وهذا العمران وهذه الآلات والأدوات لن تكون عاملًا يصرف ذهن هذا المتعلم عن حقيقة ما يجري، وسوف يجد نفسه منخرطًا بسهولة في المكان والموقف الحق الذي يعمل بصدق ووفاء على تحقيق صلاح البشرية والأرض.

أفضل مناهج دراسة الطبيعة، لماذا يجب أن نعيد النظر في تعليم هذه المواد؟
عرفت البشرية طوال تاريخها المديد منهجين أساسيين لدراسة الطبيعة. وقد انتصر ثم هيمن أحد هذين المنهجين بعد صراع لم يدم طويلًا. كان الأول يعتمد على فلسفة البحث من خلال طرح الأسئلة المرتبطة بالموقعية الوجودية لأي كائن أو عنصر طبيعي والبحث عن سر وجوده وعلاقته بغيره.

المجتمع والتاريخ محورًا في التعليم .. في المقاربات والمناهج والأهداف
للمجتمع في حركته دورٌ كبير في تكوين شخصية الإنسان وتحديد مصيره، فضلًا عن كونه من أبلغ الآيات الدالات على صفات الرب المتعال وحضوره. وكلما استطعنا ترسيخ هذه النظرة وتعميقها أصبح الإنسان أكثر تفاعلًا مع إحدى أهم سبل الوصول إلى كماله. وباختصار، يجب أن تأخذ المناهج التعليمية على عاتقها مهمة أساسية تتجلى في إيصال الإنسان إلى أعلى درجات التفاعل الإيجابي مع مجتمعه والمجتمعات البشرية قاطبة.

كيف تكون الأرض مشروعًا تعليميًّا أساسيًّا؟ بدل التشرذم، تتضافر العلوم والمناهج
منذ أن حصل الطلاق بين العلوم التجريبية والفلسفة، والأرض تئن تحت وطأة التفلت العجيب في استخدام عناصرها ومكوّناتها بطريقة تنذر بكارثة وجودية. حين أصبح ما يُسمى اليوم بالعلم (أو الساينس) يمارَس لأجل "العلم" كما يُقال، فقد العمل البحثي في كل ما يتعلق بالأرض أي نوع من التوجه الهادف والمسؤول تجاه هذا الكوكب الذي يبدو أنّه الوحيد الحاضن للحياة.

كيف تتغلب المدرسة على العقبة الأولى أمام بناء المجتمع؟ لماذا تعزز مناهج اليوم النزعات الفردية وفرار الأدمغة
بالنسبة لأي مجتمع في العالم، لا يوجد ما هو أسوأ من تضييع الطاقات الشابة الخلاقة والفعالة التي يحتاج إليها للتقدم والازدهار وحتى البقاء.. شباب اليوم هم مدراء البلد والمسؤولون عن تقرير مصيره، والفارق الزمني الذي يفصل بينهما لا شيء مقارنة بعمر الأوطان؛ لهذا، فإنّ أي مجتمع سرعان ما سيلحظ الخسارة الكبرى من تضييع الطاقات الشابة.

كيف تصنع المناهج هم تهذيب النفس؟ إطلالة معمقة على دور المدرسة في التربية
يمكن للتعليم المدرسي أن يساهم مساهمة كبرى في توجيه المتعلم نحو أحد أكبر قضايا الحياة وأهمها وأكثرها تأثيرًا على حياته ومصيره، ألا وهي قضية تهذيب النفس والسير التكاملي إلى الله. ولا نقصد من التعليم المدرسي تلك البيئة الفيزيائية المتعارفة، التي يمكن أن تكون معارضة تمامًا لهذا النوع من التربية والتأثير، وإنّما المقصود هو المناهج التعليمية التي يمكن صياغتها وتطويرها بحيث تصبح قادرة على جعل قضية التكامل المعنوي الجوهري همًّا واهتمامًا أساسيًّا، يعيشه المتعلم ويمارسه في هذه المرحلة العمرية الحساسة.

الدين كقضية أساسية في المناهج التعليمية.. مبادئ ومنطلقات
للمعارف المرتبطة بالأديان والمذاهب وخصوصًا الإسلام ميزة مهمة لا يمكن أن نجدها في أي مجال معرفي آخر مهما كان واسعًا؛ ويمكن أن نجعل من هذه الميزة نقطة تفوّق نوعي في شخصية المتعلم، الأمر الذي يرفع من شأنه ومن دوره وموقعيته في المجتمع. إنّ القدرة التي تمنحها العلوم المختلفة، مهما بلغت، لا يمكن أن ترقى إلى قدرة المعارف الدينية (وهذا بمعزل عن الحق والباطل). فالمهندسون والمخترعون والأطباء والتجار ورجال الأعمال لا يمكن أن يكون لهم من القدرة والتأثير في المجتمع كما يكون لمن يمتلك المعارف المرتبطة بحياة الإنسان ومصيره وسلوكه وروحه وتاريخه ومستقبله ونمط عيشه. ولو التفتت المناهج التعليمية في مدارسنا إلى هذه القضية وجعلتها محورًا أساسيًّا في التعليم لشهدنا عمّا قريب هذا التفوّق الذي نطمح إليه.

حول أسلمة العلوم التطبيقية والطبيعية... مبادئ أساسية لإعداد المناهج
لا ينظر المؤمنون بالإسلام وقيمه إلى الحركة العلمية الغربية بارتياح عمومًا، ومنها ما يرتبط بالعلوم التي تمحورت حول دراسة الكون والطبيعة والإنسان؛ هذه العلوم التي عبّرت عن نفسها بمجموعة من الاختصاصات والفروع، وظهرت بنتاج هائل استوعب جهدًا كبيرًا للبشرية، فأصبح بسبب ضخامته وحضوره مدرسة عامة يتبنّاها العالم كلّه. فالمنهج الغربيّ في التعامل مع الطبيعة والكون والإنسان هو المنهج المعتمد اليوم في كل بلاد العالم دون استثناء. إلا إنّ المؤمنين بالإسلام متوجّسون من حركة الغرب عمومًا، لا سيّما حين ينظرون إلى نتائج هذه العلوم على مستوى علاقة الإنسان بربّه. لقد أضحت هذه العلوم علمانية بالكامل، ليس أنّها لا ترتبط باكتشاف مظاهر حضور الله وعظمته وتدبيره وربوبيته فحسب، بل أصبحت سببًا لحصول قطيعة بين الإنسان وخالقه؛ في حين أنّ هذه العلاقة هي أساس سعادة الإنسان وكماله. أضف إلى ذلك، الآثار الهدّامة المشهودة لهذه العلوم على مستوى التطبيق والتكنولوجيا.من هنا، فإنّنا ندعو إلى إعادة النظر في هذه المقاربة، والعمل على تأسيس مقاربة أدق وأوسع وأشمل تجاه الكون والإنسان والوجود تنطلق من فهم فلسفة الوجود وغايته، فتكون عاملًا مساعدًا لتحقيق الأهداف الكبرى.

هل يصح تدريس العلوم الطبيعية بمناهجها الحالية؟ وما هي الشروط التربوية لنجاح هذا التعليم؟
تعمد الأطروحة الجديدة للمدرسة النموذجية إلى إعادة النظر بشأن تعليم العلوم الطبيعية كالفيزياء والكيمياء والأحياء وكذلك الرياضيات، وذلك بما يتناسب مع الرؤية المرتبطة بدور العلم في الحياة البشرية. لقد تم التركيز على هذه العلوم في المناهج الغربية باعتبار الموقعية المركزية لعالم المادة والطبيعة في الحياة البشرية. ففي الفكر الغربي المادي يُعد تسخير الطبيعة وعناصرها أساس السعادة البشرية، وذلك باعتبار أنّ المنشأ الأساسي للقدرة هو المادة. وبحسب هذا الفكر، بالقدرة يتمكن البشر من الوصول إلى السعادة أو حلّ المشكلات المختلفة... في حين أنّه بحسب الرؤية الكونية الدينية، فإنّ القدرة الأساسية (أي قدرة التغيير والتأثير) إنّما تتجلى في إرادة البشر. وهذه الإرادة لا تظهر فقط بالسيطرة على عناصر الطبيعة، وإنّما تظهر في سلوكياتهم وتعاملهم فيما بينهم في الاجتماع والسياسة. كما أنّ مستوى القدرة يتحدد وفق طبيعة استخدام عناصر الطبيعة وآلياتها وبرامجها؛ ممّا يعني أنّ هذه القدرة الناشئة من تسخير مواد الطبيعة إنّما تتبع أهداف البشر ونواياهم وكيفية استعمالهم لهذه المواد، لا مجرد تسخيرها كيفما كان.لذا يجب قبل أي شيء العمل على بناء الرؤية السليمة المرتبطة بدور الانسان في تسخير عالم المادة، ومدى تأثير ذلك على سعادة البشرية أو شقائها، وتعريف المتعلم إلى كل عناصر القدرة التي يمكن أن يحقق من خلالها سعادته وسعادة مجتمعه.

المحور الأوّل للنّظام التعليميّ السّليم
من أهم القضايا التي تشغل بال أهل التربية والتعليم هي قضيّة العلم. لذا من أراد أن ينبي رؤية واضحة في التربية والتعليم يحتاج إلى تحديد موقفه من العلم.

المدرسة النموذجية: كيف ستكون المدرسة في المستقبل
إنّ القوّة الأساسيّة للمدرسة النموذجيّة تكمن في برامجها ومناهجها التي تتميّز بقدرتها على تقديم المعارف والمهارات بأحدث الطرق وأسهلها، وتعتصر كل التراث العظيم للبشريّة وتتّصل بكامل التّراث الاسلامي وتقدّمه لطلّابها عبر السنوات الدراسيّة كأحد أعظم الكنوز المعرفيّة. وهكذا يتخرّج طلّابنا وهم متّصلون بهذا البحر العظيم لكلّ الإنجازات الحضاريّة في العالم كلّه ويمتلكون القدرة التحليليّة اللازمة لتمييز الخير من الشرّ في جميع أنحائه.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...