لتحقيق الازدهار الاقتصادي
يجب البدء أولًا من نقطة واحدة
هل يوجد فرق بين الحرمان وعدم التمكن؟
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب معادلة التكامل الكبرى
منذ أن تأسّس ما يمكن أن نعبّر عنه بعلم الاقتصاد العام، والذي يدور حول دراسة اقتصاد المجتمعات والدول والمؤسسات، فإن معظم النشاط البحثي الذي جرى فيه كان بمثابة التفسير للواقع. حتى تلك النظريات التي تناولت الاقتصاد الناجح أو المزدهر إنّما كانت تستنبط رؤاها من واقع بعض المجتمعات أو المؤسسات التي اعتبرتها ناجحة ومزدهرة.. باختصار، كانت التجربة هي التي تسبق النظرية وتوجهها في هذا المجال (وهو حال جميع مجالات العلوم الإنسانية عمومًا).
بالعودة إلى هذه التجربة، يجب الالتفات إلى أنّ الأنشطة الاقتصادية التي خضعت للدراسة والتحليل كانت تنطلق من رؤية للحياة والمصير ومن تحليل لنمط عيش لم يخرج عن الدوافع المادية والأهداف الدنيوية. لم تتحقق تجربة واحدة على هذه الأرض انطلقت من نمط عيش يرى الدنيا وسيلة للآخرة ويعتبر النشاط الاقتصادي مسؤولية إلهية. ولأنّ الذهن التجريبي سيعجز عن تصور مثل هذا التجربة وهي غير متحققة، فإنّ كل العلم الاقتصادي الذي سيفرزه سوف يكون ناقصًا وعاجزا.
إنّ تعقيد الاقتصاد العام الذي يزداد يومًا بعد يوم بفعل التطورات التقنية الهائلة، جعل تناوله أمرًا صعبًا على الأذهان التي لم تدخل في هذا المضمار. يعترف بعض كبار القادة والمسؤولين بأنّهم غير ملمّين بهذا الشأن، ويوكلون الأمر إلى الاختصاصيين. يجب علينا أن نفكر مرة أخرى فيما يعنيه التخصص هنا.
الاقتصاد الاجتماعي أو اقتصاد الدول يجب أن يُبنى لا أن يُحلّل ويُدرس. ما بدأ خاطئًا لا يمكن أن يُفهم أو يُرى فيه وجه الصواب أبدًا. والبناء يكون من المرحلة التي نطرح فيها أسئلة حول فلسفة الاقتصاد.
كل النشاط الاقتصادي يجب أن يكون لمصلحة الأهداف الحقيقية التي وُجد لأجلها هذا الإنسان على الأرض. لا ينبغي أن يصبح نمط العيش والحياة تابعين للاقتصاد بأي وجه. هذا ما كان يجري في المجتمعات الغربية ومن تبعها منذ مئات السنين. لم تكن المقولة الماركسية هنا بعيدة عن الصواب. إنّها إحدى التفسيرات القريبة من هذا الواقع المادي. أخطاؤها في محلٍّ آخر.
للإنسان هدفٌ يجب أن يصل إليه؛ وهذا ما يحدد نمط عيشه وعلاقته بموارد الأرض واستخدامها. يجب أن تُبنى حياته على أساس الكرامة لكي يتمكن من التحرُّر من كل أشكال الكبت والقمع والاستعباد، فينطلق نحو الهدف الذي خُلق من أجله ويسمو في مراتب الكمال والسعادة. ما نراه بشكلٍ واضح هو أنّه حين تنفصم العلاقة بين الكرامة والحرية يخسر الناس كلًا منهما. المجتمعات المادية هي أكبر شاهد على ما نقول. ومع فقدان الحرية، تُصبح الأنشطة الاقتصادية خاضعة لإرادة ورغبات طواغيت المجتمع وشياطينه الذين يفرضون كل أشكال الاحتكار، فيعظم الفارق وتتسع الفجوة وتزداد الهوة.
الحرية الممتزجة بالكرامة لن تسمح بتسخير الأرض المؤدي إلى دمارها وخرابها. لأنّ من أهم شروط العيش الكريم أن تكون الأرض مزدهرة مطمئنة هانئة سليمة وصحية. يمكن للناس في ظل الحرية أن يكتشفوا بسهولة عوامل تخريب الأرض. لن يحتاجوا إلى وقتٍ طويل حتى يدركوا العلاقة الوثيقة بين إنتاج المشروبات الكحولية والدمار البيئي الهائل.
الكرامة الإنسانية تقتضي حفظ العقل وعدم المس به؛ وهذا ما يؤدي تلقائيًّا إلى رفض تناول هذه المشروبات المهلكة. وبذلك نمنع من تخريب قسمٍ كبير من البيئة. وهذا مثال مما لا يُحصى من الأمثلة والمصاديق التي ترتبط بالأنشطة الاقتصادية التي تسلب البشرية كرامتها وحريتها.
لا يدرك الكثيرون طبيعة العلاقة بين الأنشطة الاقتصادية والأبعاد المعنوية، لكن قسمًا منهم يضحون بها من أجل البقاء، مختارين الحياة البهيمية. ولأجل ذلك لم يكن بالإمكان تغيير اقتصاد أي مجتمع قبل تغيير ثقافة شعبه وأهله. كلما اكتشف الناس مدى أهمية الكرامة وعرفوا معاني الإنسانية وفهموا العلاقة بينها وبين السعادة الواقعية تراءت لهم طبيعة الأنشطة الاقتصادية وتأثيرها على موارد الأرض والمصير.
لهذا، من الصعب بل من المستحيل للمجتمعات المادية أن تكون حامية للبيئة. الاجتماعات التي تضم كبار الناشطين في مجال البيئة يتشارك فيها هؤلاء أنخاب المشروبات والمنتجات التي هي أكبر مخرب للبيئة!
يوجد معضلة واقعية هنا، وهي أن بعض المجتمعات التي يكافح قادتها من أجل إقناع شعوبهم بأهمية الحياة الإنسانية الكريمة، لا تتقبل أيًا من هذا الكلام والطرح ما لم يتأمن قوت يومها أولًا. إنّها تنظر إلى كل هذه الدعوات من زاوية النجاح الاقتصادي أولًا: أعطني خبزي وخذ مني ما تريد.
لكن هذا الخبز الذي سيكون على حساب الكرامة كيف سيكون خبزًا. أصبح لدينا ما يشبه الدور المستحيل. فالاقتصاد الناجح متوقّف على اقتناع الناس بالأُطروحة الإنسانية، والأطروحة الإنسانية غير مقنعة إلا في ظل اقتصاد ناجح.
الأمر ليس كذلك؛ هؤلاء المسؤولون الذين يرون الناس هكذا إنّما يحمّلون أنفسهم أكثر مما تتحمل. الشعوب مستعدة لتحمُّل الجوع إن وجدت من يحسن مخاطبتها ويدرك همومها ويعيش معاناتها ويواسيها حقًّا. ليس مطلوبًا لأي قائد سوى أن يواسي شعبه بأضعف الناس وأكثرهم حرمانًا. يجب أن يكون عيش القائد بطريقة تفهمها هذه الطبقة المعدمة، لا أن يكون الأمر كذلك في نفسه فحسب. بساطة عيش القائد أو الطبقة الحاكمة (صاحبة الدعوة) يجب أن تكون واضحة ومفهومة. وهذا ما يحتاج إلى إبداع خاص في هذا العصر المعقد.
لا يكفي أن يعيش هذا القائد ومن معه عيشة الفقراء في بيوتهم، بل يجب أن يظهر ذلك في كل شؤونهم. قد لا يمتلك أعضاء الطبقة الحاكمة أي نوع من المدخرات والأموال والممتلكات بحيث إذا توفي أحدهم لم يورث شيئًا. لكن هذا لا يكفي في زمنٍ يمكن أن يظهر فيه الغنى والثراء بأشكالٍ مختلفة، كركوب السيارات الفارهة وإن لم تكن ملكًا شخصيًّا أو الطائرات والسفر عبرها إلى أقاصي الأرض لعقد المؤتمرات ومتابعة العلاقات الدولية! هذه أمور لا يفهمها المحرومون ولا يرونها سوى مظهرًا للثراء والتمكُّن.
الحرمان يعني عدم التمكُّن ولا يعني عدم الامتلاك. ولكي نقضي على الحرمان لا ينبغي أن ينصب اهتمامنا على تمليك الفقراء والمحرومين بل تمكينهم. وهذا ما يتطلب فسح المجال لانخراطهم في أكبر الأنشطة والأعمال التي يحتاج إليها المجتمع. هنا يكمن الابداع الذي لا يحتاج إلى عقول جبارة.
مشكلة بعض المسؤولين هي أنّهم يستخفّون بالناس ولا يقدرون على رؤية ما يمكن أن يقدّموه سوى في أُطُرٍ وأنماطٍ محددة. المحرومون عندهم ليسوا طبقة معدمة فحسب، بل طبقة غير قادرة. وهذا ما يجعل هذه الطبقة عاجزة عن فهمهم ومعرفة طبيعة نمط عيشهم. إنّها الدوامة التي تعيشها بعض المجتمعات الثورية والنهضوية منذ عشرات السنين.
إنّ سعي المسؤولين لتمليك الناس بدل فسح المجال لهم لتقديم ما يستطيعون، هو الذي يُثقل كاهل الاقتصاد العام ويجعله مشلولًا. يستطيع المحرومون أن يعملوا لتحسين نمط عيشهم والوصول إلى الرفاهية المطلوبة، لكنّهم يحتاجون إلى إدارة ناجحة ومشاريع واضحة. تكريم الفقراء يستلزم عدم التعامل معهم على أنّ أولويتهم في الحياة هي الخبز والغذاء. هذا رزق الله الذي ينزل سواء كان المسؤولون أو لم يكونوا. الجوع والحرمان ينشآن من عدم سير الناس على الطريق الصحيح. ومسؤولية القيادة والحكومة هي أن تعبّد هذا الطريق وتوسعه وتجعله مضمارًا للسباق.
مختصر معادلة التكامل
هذه الطبعة المختصرة لكتاب "معادلة التكامل الكبرى" الذي يبيّن مدى سعة الإسلام وشمول رؤيته ومنهجه لكلّ شيء في الوجود. كيف لا؟ والله عزّ وجل هو المبدأ والمنتهى.. نقدّمها لقرّائنا الذين يودّون أن يحصلوا على معرفة أوّليّة بتلك المعادلة الكبرى، أو للذين لا يجدون الوقت الكافي لمطالعة الكتب الكبيرة. مختصر معادلة التكامل الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 200 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:
على طريق بناء المجتمع التقدمي
المجتمع التقدّمي هو المجتمع الذي يتحرّك أبناؤه نحو قمم المجد والفضيلة والكمال.المجتمع التقدمي هو التعبير الأمثل عن استجابة الناس لدعوة الأنبياء الذين أرادوا أن يخرجوا البشرية من مستنقع الرذيلة والحيوانية والعبثية لإيصالها إلى أعلى مراتب الإنسانية والنور..فما هي سبل إقامة هذا المجتمع؟وما هي العقبات التي تقف في طريق تحقّقه؟ على طريق بناء المجتمع التقدّمي الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14.5*21عدد الصفحات: 376الطبعة الأولى، 2019Isbn: 978-614-474-081-1السعر: 14$
معادلة التكامل الكبرى
يقدّم رؤية منهجيّة تربط بين جميع عناصر الحياة والكون وفق معادلة واحدة. ولهذا، فإنّك سوف تلاحظ عملية بناء مستمرّة من بداية الكتاب إلى آخره، تشرع بتأسيس مقدّمات ضروريّة لفهم القضية ومنطلقاتها، ثمّ تمرّ على ذكر العناصر الأساسية للحياة، لتقوم بعدها بالجمع بينها والتركيب، لتخرج في النهاية بمعادلة شاملة لا تترك من مهمّات الحياة شيئًا. معادلة التكامل الكبرى الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 21.5*28غلاف ورقي: 336 صفحةالطبعة الأولى، 2016مالسعر: 15$ تعرّف إلى الكتاب من خلال الكاتب للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم أن تطلبوه عبر موقع جملون على الرابط التالي:
أي مجتمع نريد؟
ما هي أهمية البحث عن المدينة الفاضلة؟ وكيف نرتقي بوعينا ومسؤوليتنا الاجتماعية؟ ما هي القضايا التي لا بد من دراستها وفهمها لرسم معالم الطريق الموصل إلى المجتمع الأمثل. وما هي العوائق الكبرى على هذا الطريق.
هل جربنا العلم لحل مشاكلنا الاقتصادية؟ إن لم نعبر الرؤية لن ندرك العلم
رغم أنّ الاقتصاد يُعد من فروع العلوم الأكاديمية، لكنّنا نرى أنّ معظم السياسيين والمسؤولين في العالم يتعاملون معه كمذهبٍ أو رؤية فلسفية نابعة من الفلسفة. ولعلّ سبب هذه المقاربة يرجع بالدرجة الأولى إلى مشاهدتهم لإخفاق الاقتصادات التي يُفترض أنّها اعتمدت على العلم.
في السعي لحل الأزمة الاقتصادية.. لا بد من الرجوع إلى الأسباب
كثيرة هي الدول التي تشكلت بإرادات خارجية ومشاريع استعمارية. حين قام المستكبرون الغربيون بإنشاء الدول كان أول ما أخذوه بعين الاعتبار هو مصالحهم الآنية وما بدا لهم بعيد المدى. كانت التبعية الاقتصادية أهم ركن في تشكيل الدول.
ما هي عوامل الازدهار الاقتصادي المستديم؟ وكيف نفسّر الأوضاع الاقتصادية لدى المسلمين؟
كيف يمكن لأي مجتمع أن يحقّق الاستقلالية الاقتصادية في زمن السوق الحرة ومنظمة التجارة العالمية، وفي ظل النظام العالمي الذي تهيمن عليه قوى الرأسمالية المتكبرة؟
مستقبلنا الاقتصادي القاتم.. وسبل الخروج منه
لماذا صارت بيئتنا الفكرية بعيدة عن دراسة كل ما يتعلق بالأنظمة الاقتصادية والاقتصادات العامة؟ ما الذي سنفعله فيما إذا زادت الثروة القومية، وأصبح الناس أقدر على تأمين ما يبتغون من حاجات وسلع ومنتجات وخدمات؟
أيها أهم: المصالح الاقتصادية أم الكرامة الوطنية؟
حين يرتبط ابن البلد بالأجنبي ضمن شبكة واسعة من المصالح التي يشرك فيها عددًا كبيرًا من أقاربه وأبناء طائفته، تصير الوطنية في الحفاظ على هذه المصالح، أو يموت الوطن!
6 عوامل.. من أجل اقتصادٍ مزدهر
إنّ المعادلة الكبرى لأي ازدهار اقتصادي تكمن في حقيقة أساسيّة وهي كفاية الأرض لتأمين الحاجات الأساسية لأهلها. لكن هذا العطاء يحتاج إلى عملٍ ذكيّ وتعاملٍ حكيم. وحين يجوع أي شعب في الأرض فهذا يدل على وجود خطأ ما في سلوكه ونمط عيشه وإدارته. وانطلاقًا من هذه القاعدة يوجد ستّة عوامل أساسيّة لتحقيق الازدهار، هي في الواقع بمثابة تطبيق وتفصيل لها.
الجوانب المظلمة للاقتصادات الناجحة.. والبحث عن الأطروحة الاقتصادية الناجحة
المشكلة الأساسية في الاقتصاد هي أنّ النظام لم يتمكن لحد الآن من بلورة أُطروحة اقتصادية تقوم على تلك القواعد التي بُني عليها النظام السياسي نفسه.
الشرط الأول للازدهار الاقتصادي... القضاء على فضول الأعمال
تكابد حكومات العالم الحر من أجل تحقيق الازدهار المستديم الذي يضمن الاستقلال لمجتمعاتها ويحفظ هويتها وكرامتها. ليس هناك ما هو أخزى من أن يخضع شعب بأسره لإملاءات الأجانب ويسلّم إرادته للقوى المستبدة التي ستعيث فيه فسادًا واستغلالًا لا مثيل له.. كل شيء جميل تتم التضحية به على مائدة شياطين الاستعمار والاستكبار.أول ما ينبغي أن يلاحظه كل مراقب حصيف هو أنّ الكثير من الأعمال الاقتصادية وغيرها تذهب نتائجها هدرًا وتؤدي إلى شلّ حركة النموّ؛ وأنّ التخلص من هذه الأعمال والأنشطة هو المقدمة الضرورية للانطلاق الصحيح نحو أعلى مراتب الاقتصاد.
ابحثوا عن المصارف وراء كل فساد.. كيف تؤدي سياسات تكديس الأموال إلى تدمير الاقتصاد
أكبر الفساد لا يكمن في نهب المسؤولين للمال العام، بل في انحصار الثروة بأيدي فئة قليلة من الناس. رغم أنّ السرقات في لبنان قد سجلت أرقامًا قياسية، كما في قصة السنيورة والمليارات الإحدى عشر، لكن ما تفعله البنوك والمصارف هو شيء أكبر بكثير. كل ما هنالك أنّه لا يوجد من يصف هذه السياسة بأنّها سرقة فاضحة. لو تأمّلنا في تاريخ المصارف عبر العالم، لشهدنا فيها تراكمًا للثروة لا يمكن تفسيره سوى بأنّه سرقة لأموال الناس بكل ما تعنيه الكلمة. للبنوك دورٌ في الاستثمارات السليمة، لكن هذا ليس بشيء مقارنةً بنظامها الربوي الذي يعتمد على فوائد القروض.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...