
ضرورة إعادة النظر في طرائق تعليم الدين
ما هي أسباب الفشل وما هي عوامل النجاح
السيد عباس نورالدين
شاهدنا طلابًا في مدرسة إسلامية قد أنشأوا ناديًا تحت عنوان نادي الزنادقة (والزندقة هي إنكار الدين والألوهية). ونسمع عن طلاب كثر في مدرسة إسلامية أخرى باتوا يتعاطفون بصراحة مع الشذوذ الجنسي الذين يطلقون عليه اسم المثلية، لأنّهم يؤمنون بحرية الإنسان واختياره. لقد قابلت منذ عدة أيام خريجًا من إحدى المدارس الإسلامية يتبنى نظرية مالتوس بقناعة تامة ويؤمن بضرورة التخفيض من المواليد، لأنّه يعتقد بأنّ كثرة الإنجاب تمثّل مشكلة حقيقية للأرض (وأي عارف بروح الدين يدرك مدى أهمية الإنجاب ودوره على مستوى تغيير العالم وإصلاحه). الكثير من خرّيجي هذه المدارس لا يحملون فكرة ناصعة حول الزواج وضرورة الزواج وأهميته، فما الذي يحصل هنا؟
أهي المناهج نفسها بمضامينها التي لا تستطيع أن تطرح الأفكار الدينية العميقة والأساسية، أم هي طرائق تدريسها وأساليب عرضها؟
حين نلقي نظرة عامة على المناهج المعتمدة في تدريس مادة الدين في أوساطنا قد لا نجد مخالفات صريحة في المضمون للتراث الفكري الأساسي لعلماء الإسلام؛ فكأنّ من وضع هذه المناهج شخص اتصل بهذا التراث وحاول مراعاة الإجماعات الموجودة فيه مع السعي لطرح القضايا الأساسية. لكنّنا حين نتأمل في الأساليب والتقنيات المعتمدة في تدريس هذه المواد ربما سنضع اليد على أحد أهم المشكلات التي تؤدي إلى ضعف تأثير التعليم الديني في المدارس الإسلامية وغيرها.
ولنا عودة إلى قضية المحتوى والمضمون (وقد كتبنا كثيرًا حول المناهج[*])، لكنّنا الآن نريد أن نسلط الضوء على طريقة التدريس الشائعة لما يُطلق عليه مادة التربية الدينية. ولا يخفى بأنّ طرق التدريس لا يمكن أن تُعزل عن البيئة المدرسية وما يتشكل فيها من روحية وذهنية ورؤية تجاه العلم والمعلم، فضلًا عن الموقعية والمنزلة التي توضع فيها هذه المادة بلحاظ الأولويات والتقويم.
إنّ حداثة دخول التعليم الديني إلى المدرسة الجديدة فرض على معدّي المناهج أن يتعاملوا مع هذه المادة الحساسة بطريقة لا تمت إلى روحها بصلة؛ فصارت أشبه بتعليم الرياضيات والفيزياء واللغات؛ علمًا بأنّ الأجواء المناسبة والممهدة لتقبل التعاليم الدينية ترتبط كثيرًا بالبعد الروحي والسماحة والطهارة والصفاء والاحترام والتجربة والنموذج.
كل هذه أمور تتساقط على مدى الأيام في بيئة هذه المدرسة، حيث يُطلب من المعلم أن يكون صاحب سلطة قاهرة وهيمنة نظامية، تحد من حرية التلميذ وتقلل من احترامه وتقيد تفكيره وتبعده عن التطبيق وعن مشاهدة الواقع الحقيقي. في حين أنّ التعليم التقليدي للعلوم الدينية في الحوزات الإسلامية على مدى القرون المتمادية كان مقرونًا بدرجة عالية من القداسة والاحترام والأجواء المعنوية، فضلًا عن تقدير إمكانات المتعلم وترك هامش واسع له ليحدد برنامجه وحتى أساتذته وكيفية ارتقائه.
إنّ عجز مدرس "الدين" عن أن يتبلور ويظهر بمظهر المعلم النموذج والقدوة والمقدس، في ظل هذه الظروف، هو العنصر الأول لفشل التعليم الديني أو ضعف تأثيره. ولا شك بأن ما هو متوقع من معلم الدين أكبر بكثير مما هو متوقع من أي مدرّس آخر. وهذا ما يزيد المشكلة وخامة.
بيد أنّ إصرار أكثر معلمي الدين على الظهور بمظهر الواعظ والمرشد من جهة، أو بمظهر من يمتلك الحقيقة المطلقة من جهة أخرى، هو المشكلة الأولى التي ينبغي البحث عن حلولها في طرائق التعليم نفسها. فغالبًا ما يجد مدرسو التربية الدينية أنفسهم في موقع يفرض عليهم بحسب زعمهم أو تصورهم أن يدافعوا عن الدين من موقع الحق المطلق؛ حيث يحصل الخلط بين حقانية الدين وحقانية من يدعو إليه. فإذا كان الدين الحق على الحق المطلق فهذا لا يعني أنّك أنت كذلك. إنّ إيماننا بحقائق الدين قد يأخذنا في هذا الاتجاه من حيث لا نشعر، لكنّ المشكلة هي أنّ ما يراه الآخرون منّا ليس سوى التسلط والتعميم والأحكام المسبقة أو الخالية من الدليل.
إنّنا كمعلمين نشعر أنّ علينا ان ندافع عن الدين بكل ما أوتينا من قوة؛ لكننا غالبًا ما نستعمل هذه القوة الدفاعية لقمع الطلاب الذين قد يثيرون بعض الاشكالات المهينة أو الأسئلة الحرجة التي تريد أن تهز أركان الدين.في حين أنّ كل ذلك يكون بالنسبة للمتعلمين مجرد سؤال خطر على البال أو بعض المشاغبة التي تريد أن تقضي على جو الملل القاتل في الصف.
إنّ رد الفعل الشديد على مثل هذه المشاغبات أو التصرفات البريئة تظهرنا كمن يريد أن يستخدم القهر والقمع لإخفاء ضعفه. فصاحب الحق قوي وقوته تظهر في سماحته وسماحه للآخرين أن يعبروا عن أفكارهم وآرائهم مهما كانت بعيدة عن الحق. ولذلك فإنّ كل الأغراض المنشودة من طرح الأفكار الدينية المهمة ستتحول إلى عكسها. وبدل أن يشعر الطلاب بسماحة الدين وسعة صدره وروحيته المتألقة، فإنّهم سيشعرون بنوع من التقييد والتحديد والجمود.
فإذا أردنا أن ننجح في تعليم هذه المادة، علينا أن ننهج أسلوبًا مغايرًا. فبدل التلقين والإلقاء والوعظ والفرض، نستخدم أسلوب العرض الحيادي (أجل الحيادي!)، وكأنّنا نستمع وإياهم إلى أفكار وآراء علماء كبار قاموا بعمليات بحث وتحقيق ودراسة واستدلال وتبحر، ونسعى معًا لكي ندرك المعنى المطلوب والمغزى المراد؛ ونناقش وإياهم الأدلة المطروحة بأسلوب التفكير الناقد الذي ينظر إلى هذا التراث، رغم عظمته، بأنّه اجتهاد قام به علماء كبار، لكنّهم غير معصومين، وقد اختلفوا فيما بينهم في بعض الأحيان، ولم تكن اجتهاداتهم عبارة عن إجماع كنسي بعد انعقاد مؤتمر عمومي.
ولئن كانت الكتب والمناهج المعروضة ليست كذلك في بعض الأحيان، لكنّ الغالب على مدرسي الدين في المدارس الإشارة إلى المعارف المطروحة كمسلمات وبديهيات لا بد من التعامل معها بالأخذ لا بالتفكير والبحث؛ والأخطر من ذلك على أنّها الدين الحق. فلا يوجد تفريق واضح بين الاجتهاد الشخصي (حتى لو قام به علماء عظام كالإمام الخميني) وبين الدين الواقعي الذي هو من عند الله.
أجل إن تجربتي مع هذا العالم العظيم والتي تناهز الأربعين سنة، أكدت لي أنّه كان على درجة عالية تفوق الوصف من حيث النزاهة والعمق والمنطق والإخلاص (حتى بتّ أتعامل بصورة تلقائية مع كل ما يقوله من موقع المتعبد والمسلّم) لكن تجربة عشرات السنين شيء، وتجربة الطالب المدرسي شيء آخر؛ خصوصًا وأنّ نحو إقبالي وظروف تعرّفي إلى هذا العالم الكبير كانت ذات متميزة بجمالها ومفعمة بالروحانية والاندماج.
إنّ ما يتوقعه المتعلمون من مدرسي الدين هو أن يكونوا على درجة عالية من الانفتاح على الأفكار الأخرى، وكل انغلاق أو صد لن يُفهم إلا بأنّه ضعف وتقوقع ودليل على البطلان. ولأجل ذلك، لا بد من اعتماد منهج البحث المقارن أكثر فأكثر، بشرط أن يكون حقيقيًّا، حيث يتم عرض أفكار الآخر كما هي ومن مصادرها الأساسية وبلسان أصحابها، حتى لو تطلّب الأمر الإتيان بهم ومقابلتهم.
حين سُئل الإمام الخميني ذات يوم عن رأيه في مواجهة المد الشيوعي والإلحادي الذي ارتبط به، قال لو كان الأمر عندي لطلبت من أفضل أساتذة الفكر الشيوعي في الاتحاد السوفياتي أن يأتوا إلى الحوزة ويعرضوا أفكارهم.
عجيب هذا الذي يخاف من الإتيان بالمخالف إلى المدرسة، وهو يعلم أنّ طلابه يقابلون الكثير من أمثاله في الحياة. فأي صورة نقدمها لطلابنا حين نحجر عليهم ونظن أنّهم لن يواجهوا تلك الأفكار والعقائد الباطلة والدعوات الفاحشة؟!
لأجل ذلك فإنّ من أهم عناصر قوة بيان الأفكار الدينية أن نعرضها مقارنة مع غيرها. فأينما وُجدت فكرة دينية ينبغي أن نعرضها مع الأفكار الأخرى المعارضة أو المناقضة أو المختلفة عنها في المذاهب وفي المدارس والديانات المختلفة. ففي مثل هذه الحالة لن يشعر الطلاب بالهيمنة وبالفرض والإكراه، وسيجدون أنّ هناك مساحة معينة في حياتهم المدرسية تحترم أفكارهم وحريّتهم في التعبير، ممّا يجعلهم أكثر اقترابًا من روح هذا الدين؛ لأنّ الاتصال بروح الدين أهم من الاتصال بأفكاره. إنّ استيعاب هذه الروح هو الذي يجعل الإنسان محبًّا لهذا الدين ومقبلًا عليه. ولا ننسى بأنّ الكم الذي يُعرض من الأفكار الدينية في المدارس هو قليل جدًّا مقارنة بما ينبغي أن يُعرف، ما يستلزم حث الطالب على القراءة ما وراء المنهاج سواء في حياته المدرسية أو فيما بعد.
[*]. انظر كتاب ثورة التربية والتعليم؛ والمقالات:
كيف تصنع المناهج هم تهذيب النفس: http://www.islamona.center/2yb؛
المشروع الحضاري للتعليم، كيف ننزل هذا المشروع في قالب المناهج المدرسية: http://www.islamona.center/2xR؛
حول أسلمة العلوم التطبيقية والطبيعية.. مبادئ أساسية لإعداد المناهج: http://www.islamona.center/2sF؛
هل يصح تدريس العلوم الطبيعية بمناهجها الحالية: http://www.islamona.center/2y2
وغيرها من المقالات على موقعنا: http://www.islamona.center

روح التربية
الإنسان لا يأتي إلى الدنيا فاسدًا. في البداية يأتي إلى الدنيا بفطرة جيّدة وهي الفطرة الإلهية "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَة"، وهذه هي الفطرة الإنسانية فطرة الصراط المستقيم والإسلام والتوحيد. أنواع التربية هي التي تفتح هذه الفطرة أو تسد الطريق على الفطرة. التربية هي التي يمكن أن توصل المجتمع إلى كماله المنشود، وهي التي تجعل البلاد إنسانية نموذجية كما يريدها الإسلام روح التربية الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 192 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

المدرسة النموذجية
إنّ القوّة الأساسيّة للمدرسة النموذجيّة تكمن في برامجها ومناهجها التي تتميّز بقدرتها على تقديم المعارف والمهارات بأحدث الطرق وأسهلها، وتعتصر كل التراث العظيم للبشريّة وتتّصل بكامل التّراث الاسلامي وتقدّمه لطلّابها عبر السنوات الدراسيّة كأحد أعظم الكنوز المعرفيّة. وهكذا يتخرّج طلّابنا وهم متّصلون بهذا البحر العظيم لكلّ الإنجازات الحضاريّة في العالم كلّه ويمتلكون القدرة التحليليّة اللازمة لتمييز الخير من الشرّ في جميع أنحائه. المدرسة النموذجيّة الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 140 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

المدرسة الإسلامية
يعرض لأخطر المشاكل وأهم القضايا حول أوضاع المدارس الحالية، التي تبنت المناهج الغربية، وذلك بالطبع بحثًا عن المدرسة المطلوبة التي تنسجم مع حاجات المجتمع وثقافته. كل ذلك من أجل بعث حركة فكرية جادة بين المهتمين بالتعليم عن طريق بناء الرؤية الشاملة للتربية التعليمية في الإسلام. المدرسة الإسلاميّة الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 232 صفحةالطبعة الأولى، 2014مالسعر: 10$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

ثورة التربية والتعليم
يتطرّق الكتاب الرابع في سلسلة الأطروحة التربوية التعليمية التي يقدمها السيد عباس نورالدين إلى أهم القضايا التي تواجه أي ثورة حقيقية تريد إعادة إنتاج التربية التعليمية وفق استحقاقات العصر ومتطلّبات الزمان وبما يتناسب مع التحدّيات التي يعيشها مجتمعنا.الثورة التي يدعو إليها الكاتب تطال جميع مفاصل التربية التعليمية من رؤى ومناهج وقيم وحتى تلك التفاصيل التي تعني كل عامل أو مهتم بهذا المجال المصيري. ثورة التربية والتعليم الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 216 صفحة الطبعة الأولى، 2019مISBN: 978-614-474-033-0 السعر: 12$

ما هي مسؤوليات طالب العلم الدينية؟
ما هو تكليف العصر فيما يختص طلب العلم الديني؟ هل أنكب على الكتب الفقهية والاصولية او على الفلسفة والامور العقائدية ؟ كيف امكن نفسي لمتطلبات العصر لاسيما الفلسفة الغربية

حول أسلمة العلوم الطبيعية أو التطبيقية.. مبادئ أساسية لبناء المناهج
لا ينظر المؤمنون بالإسلام وقيمه إلى الحركة العلمية الغربية بارتياح عمومًا، ومنها ما يرتبط بالعلوم التي تمحورت حول دراسة الكون والطبيعة والإنسان؛ هذه العلوم التي عبّرت عن نفسها بمجموعة من الاختصاصات والفروع، وظهرت بنتاج هائل استوعب جهدًا كبيرًا للبشرية، فأصبح بسبب ضخامته وحضوره مدرسة عامة يتبنّاها العالم كلّه. فالمنهج الغربيّ في التعامل مع الطبيعة والكون والإنسان هو المنهج المعتمد اليوم في كل بلاد العالم دون استثناء. إلا إنّ المؤمنين بالإسلام متوجّسون من حركة الغرب عمومًا، لا سيّما حين ينظرون إلى نتائج هذه العلوم على مستوى علاقة الإنسان بربّه. لقد أضحت هذه العلوم علمانية بالكامل، ليس أنّها لا ترتبط باكتشاف مظاهر حضور الله وعظمته وتدبيره وربوبيته فحسب، بل أصبحت سببًا لحصول قطيعة بين الإنسان وخالقه؛ في حين أنّ هذه العلاقة هي أساس سعادة الإنسان وكماله. أضف إلى ذلك، الآثار الهدّامة المشهودة لهذه العلوم على مستوى التطبيق والتكنولوجيا.من هنا، فإنّنا ندعو إلى إعادة النظر في هذه المقاربة، والعمل على تأسيس مقاربة أدق وأوسع وأشمل تجاه الكون والإنسان والوجود تنطلق من فهم فلسفة الوجود وغايته، فتكون عاملًا مساعدًا لتحقيق الأهداف الكبرى.

كيف ننتصر على القوى الطاغوتية العالمية؟
ما نحتاج إليه وبالدرجة الأساسية هو بناء ذلك الفرد الذي يستطيع اقتحام المجتمعات الأخرى ومخاطبتها ونقل معتقداته وأفكاره الجميلة إلى شعوبها وإشعارهم بأنه إنسان حقيقي وإظهار ما تقوم به حكوماتهم من جرائم بحق الشعوب الأخرى التي يصورونها على أنها شعوب وحشية تستحق الموت

الدور الأساسي للجامعة في المجتمع
لو أرادت الجامعة أن تؤدي دورها المطلوب على مستوى النهوض بالمجتمع، ينبغي لها أن تكون محلًّا لانطلاق المشاريع وبناء الخطط، شرط أن يكون ذلك قائمًا على أساسين: الأساس الأول: الارتباط الحقيقي بكل الطاقات العلمية المتاحة. والأساس الثاني: تفعيل هذا الارتباط ضمن البيئة الجامعية.

العامل الأول لانطلاق مسيرة التقدم في المجتمع
ورد عن الإمام الصادق (ع): "ثَلَاثَةٌ تَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ لِلْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ: مُكَافَأَةُ الْمُحْسِنِ بِالْإِحْسَانِ لِيَزْدَادُوا رَغْبَةً فِيهِ، وَتَغَمُّدُ ذُنُوبِ الْمُسِيءِ لِيَتُوبَ وَيَرْجِعَ عَنْ غَيِّهِ، وَتَأَلُّفُهُمْ جَمِيعًا بِالْإِحْسَانِ وَالْإِنْصَاف". لا يمكن لأي مجتمع أن يتجه نحو الفضيلة، بمعنى أن ينشأ فيه توجّه عام وتيّار عمومي نحو الفضائل والكمالات والأعمال الصالحة والتقدّمية، من دون وجود مثل هذه القيادة على رأسه، ترعى وتقود وتنشّط هذه الحركة العامة... وهنا يأتي الإمام الصادق (ع) ليُرشد السلطات أو الحكومة أو القيادة في هذا المجتمع إلى أنّهم إن قاموا بهذه الواجبات الثلاثة، فإنّها ستكون عاملًا أساسيًّا في تنشيط هذه الحركة ودفع تلك العجلة الأساسية للتقدّم على مستوى المجتمع.

ما الذي يمنع الناس من الإقبال على الدين؟ الدين وتحديات العصر
من القضايا الكبرى الأساسية هي علاقة الدين بواقع الحياة البشرية. حين يجد الناس أنّ هذا الدين قريب من واقعهم وقضاياهم ومشاكلهم ومعاناتهم واحتياجاتهم وتطلّعاتهم وآمالهم، فإنّهم يقبلون عليه ويشعرون بأنّه يمثّل إنسانيتهم وما يبتغونه وما يصبون إليه. هذا هو التحدّي الأكبر الذي يواجه أي منظومة فكرية أو دين أو مذهب في الحياة وهو: كيف يكون قريبًا من واقع الناس؟

أفضل مناهج دراسة الطبيعة، لماذا يجب أن نعيد النظر في تعليم هذه المواد؟
عرفت البشرية طوال تاريخها المديد منهجين أساسيين لدراسة الطبيعة. وقد انتصر ثم هيمن أحد هذين المنهجين بعد صراع لم يدم طويلًا. كان الأول يعتمد على فلسفة البحث من خلال طرح الأسئلة المرتبطة بالموقعية الوجودية لأي كائن أو عنصر طبيعي والبحث عن سر وجوده وعلاقته بغيره.

هل يصح تدريس العلوم الطبيعية بمناهجها الحالية؟ وما هي الشروط التربوية لنجاح هذا التعليم؟
تعمد الأطروحة الجديدة للمدرسة النموذجية إلى إعادة النظر بشأن تعليم العلوم الطبيعية كالفيزياء والكيمياء والأحياء وكذلك الرياضيات، وذلك بما يتناسب مع الرؤية المرتبطة بدور العلم في الحياة البشرية. لقد تم التركيز على هذه العلوم في المناهج الغربية باعتبار الموقعية المركزية لعالم المادة والطبيعة في الحياة البشرية. ففي الفكر الغربي المادي يُعد تسخير الطبيعة وعناصرها أساس السعادة البشرية، وذلك باعتبار أنّ المنشأ الأساسي للقدرة هو المادة. وبحسب هذا الفكر، بالقدرة يتمكن البشر من الوصول إلى السعادة أو حلّ المشكلات المختلفة... في حين أنّه بحسب الرؤية الكونية الدينية، فإنّ القدرة الأساسية (أي قدرة التغيير والتأثير) إنّما تتجلى في إرادة البشر. وهذه الإرادة لا تظهر فقط بالسيطرة على عناصر الطبيعة، وإنّما تظهر في سلوكياتهم وتعاملهم فيما بينهم في الاجتماع والسياسة. كما أنّ مستوى القدرة يتحدد وفق طبيعة استخدام عناصر الطبيعة وآلياتها وبرامجها؛ ممّا يعني أنّ هذه القدرة الناشئة من تسخير مواد الطبيعة إنّما تتبع أهداف البشر ونواياهم وكيفية استعمالهم لهذه المواد، لا مجرد تسخيرها كيفما كان.لذا يجب قبل أي شيء العمل على بناء الرؤية السليمة المرتبطة بدور الانسان في تسخير عالم المادة، ومدى تأثير ذلك على سعادة البشرية أو شقائها، وتعريف المتعلم إلى كل عناصر القدرة التي يمكن أن يحقق من خلالها سعادته وسعادة مجتمعه.

حين يكون التعليم عدوّ التربية... لماذا يجب تغيير التعليم لإنجاح التربية؟
تعاني المدارس الإسلامية بشكل خاص، والمدارس العلمانية بشكل عام، من مشكلة كبرى تكمن في أنواع الخلل التربوي الذي يجتاح نفوس الطلاب وينذر بكوارث نفسية ومعنوية وأخلاقية ومسلكية كبرى. وفي المدارس الإسلامية قد يتحول التأزم النفسي والأخلاقي إلى نوع من التمرد على أهم ما تمثّله هذه المدارس وهو الدين؛ فنجد في بعضها حالات من الإلحاد والزندقة وإنكار الدين، لا لشيء سوى لأنّ هذا يُعد أفضل طريقة للانتقام من المؤسسة التي مارست أشكال القمع والكبت والضغط باسم الدين بحسب ما يراه طلابها.

كيف نعلّم أطفالنا الدين؟ مبادئ متينة لتعليمٍ قويم
عن أمير المؤمنين(ع): "أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ".[1]إنّ الهدف الأكبر لنزول الدين هو تعميق الرابطة المعنويّة بين الإنسان وربّ العالم. ويجب أن يكون هذا الهدف هدف التعليم الدينيّ حتمًا. ولا بأس من الإشارة بدايةً إلى بعض أبعاد هذا الهدف وتجلّياته في الواقع النفسيّ والعمليّ، لما لهذا الكلام من تأثير على توجيه التّعليم نفسه.

حين يكون التعليم عدوّ التربية 2
لكي يعطي التعليم النتائج المطلوبة، ينبغي أن يحصل ضمن بيئة تفاعلية إيجابية تقوم على إيجاد الوعي العميق بين الطالب والعلم.. وما دامت أساليب التعليم تقوم على إخضاع المتعلّم وإكراهه على اتّباع نمط محدد في التلقي والدراسة والأداء، فمن المستحيل أن يتحقق هذا الوعي؛ خصوصًا إذا عرفنا أنّ لكل إنسان نمطه الخاص في التعلّم.

الدور التربويّ والتعليميّ للقرآن الكريم... سيذهلك ما يمكن أن يحقّقه هذا الكتاب
إنّ إدراكنا للدور التربويّ والتعليميّ لكتاب الله المجيد ينبع من فهمنا ومعرفتنا بماهيّته وحقيقته. ولأنّه كلام الله، ولأنّ كلام الله عين إرادته، ولأنّ إرادة الله عين صفاته وأسمائه، ولأنّ الإنسان قاصرٌ عن الإحاطة بصفات الله وكنه أسمائه، فلا يمكن لأحدٍ أن يحيط بحقيقة القرآن ويستوعب ما يتضمنّه؛ إلّا أنّ ذلك لا يعني أنّ البشر قاصرون عن فهم الكثير من مراتب تنزّله وعاجزون عن معرفة كلّياته وما يمثّله.

حول أسلمة العلوم التطبيقية والطبيعية... مبادئ أساسية لإعداد المناهج
لا ينظر المؤمنون بالإسلام وقيمه إلى الحركة العلمية الغربية بارتياح عمومًا، ومنها ما يرتبط بالعلوم التي تمحورت حول دراسة الكون والطبيعة والإنسان؛ هذه العلوم التي عبّرت عن نفسها بمجموعة من الاختصاصات والفروع، وظهرت بنتاج هائل استوعب جهدًا كبيرًا للبشرية، فأصبح بسبب ضخامته وحضوره مدرسة عامة يتبنّاها العالم كلّه. فالمنهج الغربيّ في التعامل مع الطبيعة والكون والإنسان هو المنهج المعتمد اليوم في كل بلاد العالم دون استثناء. إلا إنّ المؤمنين بالإسلام متوجّسون من حركة الغرب عمومًا، لا سيّما حين ينظرون إلى نتائج هذه العلوم على مستوى علاقة الإنسان بربّه. لقد أضحت هذه العلوم علمانية بالكامل، ليس أنّها لا ترتبط باكتشاف مظاهر حضور الله وعظمته وتدبيره وربوبيته فحسب، بل أصبحت سببًا لحصول قطيعة بين الإنسان وخالقه؛ في حين أنّ هذه العلاقة هي أساس سعادة الإنسان وكماله. أضف إلى ذلك، الآثار الهدّامة المشهودة لهذه العلوم على مستوى التطبيق والتكنولوجيا.من هنا، فإنّنا ندعو إلى إعادة النظر في هذه المقاربة، والعمل على تأسيس مقاربة أدق وأوسع وأشمل تجاه الكون والإنسان والوجود تنطلق من فهم فلسفة الوجود وغايته، فتكون عاملًا مساعدًا لتحقيق الأهداف الكبرى.

أفضل مناهج دراسة الطبيعة، لماذا يجب أن نعيد النظر في تعليم هذه المواد؟
عرفت البشرية طوال تاريخها المديد منهجين أساسيين لدراسة الطبيعة. وقد انتصر ثم هيمن أحد هذين المنهجين بعد صراع لم يدم طويلًا. كان الأول يعتمد على فلسفة البحث من خلال طرح الأسئلة المرتبطة بالموقعية الوجودية لأي كائن أو عنصر طبيعي والبحث عن سر وجوده وعلاقته بغيره.

لماذا تنحسر المؤسّسات الإسلامية التعليمية؟
نسمع عن مؤسّسات تعليميّة إسلامية تصل إلى مرحلة تضطر معها للتخلّص من معلمين ومعلمات، امتلك بعضهم خبرات سنين متمادية، لا يمكن تحصيلها بسهولة في أي معهد إعدادي.ومن جانبٍ آخر، لا أحد ينكر أنّ مجتمعنا مازال يعاني من نقصٍ حاد فيالخبرات التعليمية والعلم وتأمين التعليم المناسب. إنّ مشكلة التعليم سواء في مجال المهارات أو المعارف هي مشكلة متفاقمة، لأنّ معظم المدارس الحالية لا تؤمّن الحد الأدنى اللازم من التعليم المطلوب.

المشروع الحضاري للتعليم العام.. كيف ننزل هذا المشروع في قالب المناهج المدرسية
السؤال الأساسي هنا هو أنّه كيف يمكن أن نجعل من المشروع الحضاري الكبير الذي نؤمن به منهاجًا دراسيًّا، بل محورًا أساسيًّا في التعليم العام، بحيث يمكن الوصول بالمتعلم إلى مستوى من الفهم والإيمان والتبني والمسؤولية تجاهه، حتى ينتقل إلى الحياة التخصصية والمهنية وقد جعل ذلك كله قائمًا عليه ومتوجهًا إليه.حين يتمكن المتعلم من رؤية الحياة كما هي في الحقيقة، لن ينخدع بعدها بهذه الظواهر: ناطحات السحاب، التكنولوجيا، الطائرات، العدد الكبير لسكان دولة، الدخل القومي الكبير.. فكل هذه المدنية وهذا العمران وهذه الآلات والأدوات لن تكون عاملًا يصرف ذهن هذا المتعلم عن حقيقة ما يجري، وسوف يجد نفسه منخرطًا بسهولة في المكان والموقف الحق الذي يعمل بصدق ووفاء على تحقيق صلاح البشرية والأرض.

كيف تصنع المناهج هم تهذيب النفس؟ إطلالة معمقة على دور المدرسة في التربية
يمكن للتعليم المدرسي أن يساهم مساهمة كبرى في توجيه المتعلم نحو أحد أكبر قضايا الحياة وأهمها وأكثرها تأثيرًا على حياته ومصيره، ألا وهي قضية تهذيب النفس والسير التكاملي إلى الله. ولا نقصد من التعليم المدرسي تلك البيئة الفيزيائية المتعارفة، التي يمكن أن تكون معارضة تمامًا لهذا النوع من التربية والتأثير، وإنّما المقصود هو المناهج التعليمية التي يمكن صياغتها وتطويرها بحيث تصبح قادرة على جعل قضية التكامل المعنوي الجوهري همًّا واهتمامًا أساسيًّا، يعيشه المتعلم ويمارسه في هذه المرحلة العمرية الحساسة.

تعرّف إلى: مؤلّفاتنا في التربية والتعليم
المدرسة النموذجيّة، المدرسة الإسلامية، التربية الروحيّة

المحور الأوّل للنّظام التعليميّ السّليم
من أهم القضايا التي تشغل بال أهل التربية والتعليم هي قضيّة العلم. لذا من أراد أن ينبي رؤية واضحة في التربية والتعليم يحتاج إلى تحديد موقفه من العلم.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...