
لماذا لا يكترث الغرب لقتل المسلمين؟
وما الذي يشجعه على ذلك؟
السيد عباس نورالدين
مؤلف كتاب كيف نستفيد من التاريخ
حين كنّا نطالع تاريخ الاستعمار في فترة الحرب العالمية لفت نظرنا وجود خشية واضحة عند الأوروبيين وحتى الأمريكيين من المسلمين رغم ضعفهم وهوانهم وتشتتهم. يوجد العديد من المواقف التي اتخذتها بريطانيا، وربما فرنسا، تدل على أنّها كانت تخشى من ردّات فعل المسلمين سواء في الهند أو الجزيرة العربية وغيرها. لا شك بأنّ التنافس الاستعماري لعب دورًا في هذا المجال. تميّزت بريطانيا بدهاءٍ مُلفت مقارنةً بالفرنسي المتعجرف، واستطاعت أن تستميل قسمًا مهمًّا من العرب أكثر من معاداتهم.
كان الاستعمار بحاجة ماسّة إلى هذه الاستمالة والإرضاء لكي يوطّد أرجله وينشب مخالبه في كل أنحاء جسد الأمّة. ربما كان يعتقد أنّ هذه الشعوب قد تكون أمّة حقًّا. ليس الأمر بمستبعد والإمبراطورية العثمانية لم يكن قد مرّ على انهيارها زمنٌ طويل. ما هي إلا سنوات أو أيام حتى اكتشف هذا المستعمر حجم التناقضات التي كانت تُعشعش في قلب هذه "الأمّة" والتي يمكن اللعب عليها بسهولة لتقسيمها إلى دول قومية تقدم مصالحها المصطنعة على مصالح دينها وانتمائها للإسلام.
إنّ عملية بناء الأُمم وفق إرادة المستعمر كانت من السهولة بمكان بحيث أُوكلت إلى أفراد يحبون المغامرات ولا يمتلكون الحنكة اللازمة. أضحى هذا العمل ميسرًا جدًّا في منطقة فقدت الحد الأدنى من الوعي لرسالة دينها ورؤيته. إنّ غياب المشروع السياسي الإسلامي العالمي مهّد لدخول المشاريع العلمانية باشتراكيتها ورأسماليتها وقوميتها. بسرعة تحوّلت هذه المشاريع إلى أُطروحات للنهضة والتحرُّر والتقدُّم. ما كانت تفعله هذه الرؤى هو إبعاد المسلمين عن ثقافتهم الأصيلة التي يُمكن أن ينبعث منها مشروعٌ حقيقي لمواجهة الاستعمار.
الخطأ الكبير الذي ارتكبه الاستعمار هو زرع الغدّة السرطانية في قلب هذه الأمّة الذي كان فاقدًا لأي نبض. الطبيعة الإجراميّة والتوسّعية والعنصرية لهذا الكيان أوجدت لتلك المشاريع القومية والاشتراكية قضية يمكن أن تتنافس عليها. فمن الطبيعي أن يؤدّي الصدام القومي إلى صراع. وهكذا نشأ الصراع العربي الإسرائيلي.
لم يكن بإمكان القومية الجزائرية على سبيل المثال أن تتغافل عن العداء لهذا الكيان رغم بعد المسافة وضعف التهديد مقارنةً بالدول المجاورة. أضحت القومية الاشتراكية الرؤية الأعمق للأحرار العرب، وكان عليهم أن يتزودوا بأسلحة المواجهة والنضال من المصدر الذي صنع ذلك الكيان العنصري المعادي!
تمكنت القومية العربية أن توجد نوعًا من التوافق العربي حول قضية فلسطين حتى في الدول التي قامت على أساس القبيلة والأسرة. لكن العروبة ستعجز لاحقًا عن مد هذا النضال بمقومات صموده وتفوقه. أولًا، لأن العروبة يمكن أن تتجزأ بسرعة فائقة إلى عروبات، لأنّها كانت هكذا على مدى العصور. يدهشنا أحيانًا كيف كانت تُعقد الرايات في الفتوحات الإسلامية الأولى للقبائل. ولن نندهش بعدها كيف قامت الدولة الأموية والدولة العباسية وما تبعهما من دول الأُسر والعائلات. العروبة لا تجمع بقدر ما تفرّق. كلما ناديت بالعروبة حفزت عناصر الفرقة والتشرذم أكثر؛ وبعدها يبدأ الحديث عن العربي الحقيقي ومن الأكثر عروبة، ومن هو قائد العرب.
هكذا وجد المستعمرون أنفسهم أمام شعوب ربما لو تُركت وحدها لما اجتمعت واتّحدت، فكيف إذا أمعنوا في تمزيقها وتشتيتها وهم يمتلكون القدرات الفكرية والثقافية الهائلة. أضحى كل شعب "عربي" منقسمًا إلى مؤيد للأجنبي والغربي وإلى من ينادي بالوحدة. ثم تحولت بعض الدول بأسرها إلى عامل أساسي في تفعيل الانقسام. يمتلك الغرب من العملاء والمؤيدين عند العرب (وغيرهم من المسلمين عمومًا) ما لا يمتلكه الإسلام. أشد وأعنف عمليات قمع الحركات المؤيدة للوحدة الإسلامية تُمارَس على يد مسلمين داخل بلدانهم. يُذهل الغرب ممّا لديه من أتباع وعملاء هنا! رآهم كيف يحرّضونه على قتل الجماهير المؤيدة للمقاومة في لبنان أثناء عدوان تموز 2006. كان عليه أن يخفف من غلوائهم وهو يرى ربيبته إسرائيل وقد وهن عزمها عن الاستمرار في الحرب. ربما في كل حرب جرت، من العدوان الثلاثي على مصر وحروب أكتوبر والعراق وإيران والكويت، كان أتباع الغرب المسلمون الأشد تأييدًا ودعمًا لأسيادهم حتى من الشعوب الغربية نفسها.
نحن نتحدث هنا عن شعوب استبدلت الإسلام بأطروحات ومشاريع وتطلعات لا تمت إلى الدين بصلة، رغم محافظتها على ظاهر الدين. التوجهات السياسية والحضارية لا تعكس أبدًا ما للظواهر، بل تزيد من بشاعة التشوه والازدواجية في الشخصية.
وهكذا، لم تعد أوروبا الاستعمارية وقائدتها الأمريكية تكترث لإبادة أي جماعة مسلمة وارتكاب أفظع الجرائم بحقها، لأنّها تسمع كل يوم أصوات الدعم والتأييد والحث والتشجيع من داخل المسلمين. لقد زالت تلك الخشية السابقة من أن تؤدي أعمالهم العدوانية والاستفزازية إلى انبعاث نهضة تدعو إلى الوحدة التي تتشكل على أساسها قوة عظمى. قام أولئك المسلمون بواجبهم تجاه سيدهم المستعمر على أتم وجه. وسوف يكون لهذا الفعل الشنيع الذي ستتندر به الأجيال وتجعله من أكبر عبر التاريخ عواقب كارثية نرى بعضها في غزة اليوم.
ولكن ككل الشعوب، سرعان ما يتحول القتل الذريع إلى عاملٍ للصحوة والوعي. هكذا تدفع الشعوب أثمان نهضتها وعودتها إلى مسارها التاريخي التقدمي. هذا الغرب الأحمق المشبع بروح الفتك والإبادة والعنصرية والاستكبار يغفل عن هذه السنّة التاريخية ويتصوّر أنّ المسلمين مثل الحمر الذين أبادهم عن بكرة أبيهم في معظم مناطق القارة الأمريكية.

على طريق بناء المجتمع التقدمي
المجتمع التقدّمي هو المجتمع الذي يتحرّك أبناؤه نحو قمم المجد والفضيلة والكمال.المجتمع التقدمي هو التعبير الأمثل عن استجابة الناس لدعوة الأنبياء الذين أرادوا أن يخرجوا البشرية من مستنقع الرذيلة والحيوانية والعبثية لإيصالها إلى أعلى مراتب الإنسانية والنور..فما هي سبل إقامة هذا المجتمع؟وما هي العقبات التي تقف في طريق تحقّقه؟ على طريق بناء المجتمع التقدّمي الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14.5*21عدد الصفحات: 376الطبعة الأولى، 2019Isbn: 978-614-474-081-1السعر: 14$

كيف يتآمر الغرب على بلاد المسلمين.. ولماذا نرفض نظرية المؤامرة؟
يقارب الغرب مصالحه في بلاد المسلمين انطلاقًا من طبيعة براغماتية مطلقة، لا يمكن الانحياز عنها نحو أي نوع من العقائد والميول مهما كانت قوية. فلا شك بأنّ هناك تيارات دينية نافذة في بعض دوائر الحكومات الغربية تسعى لفرض أجندتها، مثلما أن هناك تيارات اسلاموفوبية

نحن والغرب، ما لديهم وليس لدينا.. بحثًا عن روح التقدم والتفوق
كتب الكثيرون وتكلموا حول الفرق بين الشرق والغرب، ثمّ نهض الشرق الأقصى وصار في مصاف الغرب، فتركز الكلام حول الشرق الأوسط الذي يتميّز بهويته الإسلامية المتشابهة. وصار الشرق هنا عبارة عن المسلمين. أمّا الغرب فقد اتّسع ليشمل كل من يحذو حذوه في الفكر ونمط العيش. فنحن في هذه المنطقة نعاني من أسوأ أنواع التخلّف والظروف التي تجعل حياتنا شبه جحيم حيث يتم تصنيفنا على أنّنا أمم ودول فاشلة لا تأثير لها على بقية العالم، خصوصًا فيما يتعلق بالإنسانيات التي ترتبط بالكرامة والعزة والارتقاء. لقد اندفع الغرب للنهب والسلب والاستعمار بروحٍ مفعمة بالنظر إلى المستقبل والتطلع إلى تسخير كل شيء وتغيير كل شيء؛ وكانت هذه الروحية تتشكل وتتطور على مدى الأجيال، لكنها حافظت على جوهرها ولبّها. وفي المقابل كانت مجتمعاتنا المسلمة تغط في سُباتٍ عميق، وهي فاقدة لأي نوع من معاني الحياة الاجتماعية والروح المشتركة والتفاعل مع عناصر ثقافتها التي يمكن أن ينبثق منها روح رسالية عالمية تدفع الناس باتّجاه آفاقٍ واسعة

لماذا تأخر النصر في فلسطين؟
نحن هنا نضع احتمالات من أجل استحضار بعض السنن الإلهية الاجتماعية وتسليط الضوء على الواقع والأحداث من أجل الوصول إلى إجابة مقنعة عن سؤال يقض مضاجع الجميع: لماذا تأخر النصر هكذا؟

حول عداء الغرب للمسلمين هل اتفقنا على أخطر القضايا التي تواجهنا؟
هناك حقيقة كبرى ثابتة وراء كل الرطانة الإعلامية واللغة الدبلوماسية لبلدان الغرب الأوروبي الأمريكي وهي تلك المتعلقة بالالتزام المُطلق بدعم الكيان الصهيوني وحمايته والحفاظ عليه. إن لم يكن مثل هذا الدعم والتأييد لكيانٍ ارتكب أبشع الجرائم بحق المسلمين ومقدساتهم عداءً سافرًا للمسلمين، فماذا يمكن أن يكون؟!

أهمية إدانة الغرب.. لماذا يجب تسليط الضوء على الاستعمار؟
لكلمة الاستعمار في الضمير الغربي تردّدات سلبية لا تتناسب أبدًا مع الادّعاء السائد فيه بأنّه قد تخلّى عن هذه النزعة الوحشية والمنحطة. فالأغلبية الساحقة للشعوب الغربية تظن أنّ استعمارها لشعوب العالم وأراضيه كان خطأ فاحشًا، ويجب الاعتذار منه؛ حتى إنّ هناك تيارات تدعو إلى التعويض لمن لحقه الأذى والضرر منه. يتصور الكثيرون من أبناء تلك المجتمعات ونخبها أنّ دولهم وحكوماتهم قد تخلت عن هذه النزعة إلى غير رجعة؛ خصوصًا عند من أدرك بعض الآثار الوخيمة للاستعمار على المستعمر نفسه، نفسيًّا وثقافيًّا وحتى اقتصاديًّا، هذا بالرغم من الثروات الهائلة المنهوبة التي يمكنك أن ترى آثارها في كل شوارع ومباني ومتاحف ومصانع وجامعات الغرب ومشاريعه الكبرى.

حول قصف المدنيين العُزّل (2)
اخترتُ لكم هذا المقطع من كتاب روتغر برجمان "الإنسانية، تاريخ مليء بالأمل" لما فيه من شواهد تاريخية مهمّة على فشل وإخفاق تكتيك حملات قصف المدنيّين العزل وتدمير بيوتهم على رؤوسهم. ما يبدو في غزة أنّه عبارة عن تكتيكٍ عسكريّ لا يعدو أن يكون حملة انتقام لإشفاء الغيظ وطمأنة المستعمرين اليهود بأنّ فلسطين يمكن أن ترجع بلدًا آمنًا لهم. إلى أي مدى ستستمر هذه الكذبة؟

لماذا يُعد قصف المدنيين العُزّل نقطة عطف كبرى؟ وعلى ماذا يدل؟
إنّ ما نُشاهده اليوم هو أخطر ممّا جرى في حفلات الجنون الهمجية في الحرب العالمية الثانية، لأنّ أمريكا تُريد أن تجعل من إبادة المدنيين العُزّل حقًّا مشروعًا فتسنّ بذلك سُنّةً سيعمل بها الآخرون في أيّ مكانٍ في العالم حين تقتضي مصالحهم القيام بهذا النوع من الجرائم الحربية السافرة.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...
مجالات وأبواب
نحن في خدمتك

دورة في الكتابة الإبداعية
الكتابة فن، وأنت المبدع القادم دورة مؤلفة من عدة فصول نواكبك حتى تنتج روايتك الأولى