
دور المناهج في تفعيل القوى الإدراكية
وكيف تنمو شخصية الإنسان التعلّمية
السيد عباس نورالدين
مؤلّف كتاب معادلة التكامل الكبرى
حين أصبح التعليم عامًّا وإلزاميًّا منذ الصغر، واجهت أكثر دول العالم تحديًا خاصًّا يرتبط بوضع مناهج تعليمية تتناسب مع القوى الإدراكية للأطفال وهم يسيرون على طريق النضج والرشد. وقد تمّ إعداد أكثر المناهج التعليمية في العالم على أساس الملاحظات التي قدمها علماء نفس وتربية حول النموّ الذهني أو العقلي أو درجة الذكاء وأنواعه في الإنسان؛ هذه الملاحظات التي كانت من حينٍ إلى آخر ترقى إلى مستوى النظرية، ثمّ يجري تفنيدها بعد مدة بسبب إخفاق المناهج في تلبية التوقّعات التي تضعها الحكومات نفسها، وبسبب ضعف النتائج، أو بروز حاجات وتحدّيات جديدة.
ورغم أهمية الملاحظة الميدانية، وأهمية دراسة المتعلم وهو في حال التعلّم وعلى نطاقٍ عام وواسع، إلا إنّ المشكلة الكبرى التي لا يمكن معالجتها عبر هذا المنهج البحثي (التجريبي) هي أنّ تحليل تفاعل القوى الإدراكية للطفل في مراحل نموّه يجري وسط مناهج تعليمية تفتقد إلى رؤية علمية صحيحة قائمة على حقيقة العلم. ومن المتوقع أن تستمر المناهج في مقاساة هذه الإخفاقات، لأنّها تطلب من الإنسان أن يكون على غير ما هو عليه في الحقيقة، حين تضعه أمام معارف وعلوم تخالف طبيعة نموه الذهني والروحي. وبعبارةٍ أخرى، انتظار الطفل أن يخالف فطرته ليحقق نتائج تعلّمية مميزة.
من أجل ذلك، نعتقد بأنّ اكتشاف طبيعة القوى الإدراكية عند الإنسان وكيفية نموها وتكاملها لا يمكن أن يحصل إلا في ظل الاتّصال بالمصدر الحقيقي لعلم معرفة الإنسان؛ ألا وهو الوحي النازل من خالق الإنسان ومبدعه وربّه ومدبّره، الذي أوجده لحكمة وغاية عظيمة، فأراده أن يكون مظهرًا لصفاته الحسنى، ومحلًّا لتعلّم أسمائه، كما قال عز من قائل: {وعلّم آدم الأسماء كلها}.[1]
وعليه، ينبغي العمل على تأسيس أو ترسيخ مجالٍ معرفي تنطلق منه الأبحاث المرتبطة بنموّ الإنسان العلمي انطلاقًا من معارف الوحي؛ فنسعى للإجابة عن الأسئلة المتعلقة بكيفية حصول التعلّم الذي يحقق أعلى مستوى من العلم. ولا بدّ أن يبدأ البحث من النقطة الأصلية، وهي تحديد حقيقة العلم المطلوب والمتناسب مع هدف الخلقة؛ حينها ننتقل إلى تحديد ما يمكن أن يصل إليه الإنسان في درجات العلم والمعرفة؛ ونتمكن بعد ذلك من الكشف عن العوامل التي تساعد على تجاوز جميع أنواع العقبات التي تقف على طريق التكامل العلمي.
لا يبدو أنّ دائرة الأبحاث والنظريات الغربية في قضية التعلّم قد تعدّت ما هو موجود من علوم ومعارف، وإن كان لها آراء ملفتة حولها. فالعلاقة بين اللغة والتفكير قد بُحثت بصورة عميقة، لكنّها أغفلت عناصر أساسية ترتبط بحقيقة اللغة وتشكّلها وتطورها وانحرافها، أو لنقل أنّها قصُرت عن ملاحظة هذه الأبعاد. وفي مجال العلوم الطبيعية أيضًا، ورغم أهمية الإبداع وتأثيره، بقيت هذه النظريات محكومة للمسار الوحيد الذي سلكته هذه العلوم منذ بداية تشكلها في رحم البيئة الغربية المادية.
وباعتقادي، إنّ القضية الأولى التي ينبغي البدء منها للبحث عن قدرات الإنسان الإدراكية وكيفية تفعيلها وتنميتها هي ماهية العلم الذي يحقق الهدف الأسمى؛ حيث يمكن أن نكتشف ـ عبر التأمل العميق في آثار الوحي الإلهي النازل في القرآن والمبيّن بواسطة النبي وعترته المعصومين (صلوات الله عليهم أجمعين) ـ أنّ هذا العلم ليس سوى ذاك العلم الإلهي الذي يفيضه الله على الإنسان بحسب ما يحتاج إليه لتحقيق سعادته، وذلك أيضًا عبر القيام بمسؤولياته الإلهية في هذا العالم أو أداء حقّ الأمانة، التي عجزت عنها السماوات والأرض والجبال. فهنا بالتحديد ستجري قاعدة {واتقوا الله ويعلّمكم الله}.[2]
وبعبارةٍ أخرى، لم يكن العلم يومًا هو المشكلة التي يُفترض أن يعاني منها الإنسان وتعاني معها كل مناهج التعليم، بل تحديد العمل المطلوب، والذي يتطلب المزيد من الدقة مع العمل به، فيتطلب بعدها تشخيص الأحسن منه، وذلك لبلوغ أعلى درجات العلم، كما قال تعالى: {وَهُوَ الَّذي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ في سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا}.[3]
إنّ تحديد العلم المطلوب يأتي بعد تحديد العمل المطلوب، فيكون العلم النافع والميسّر ما يكون مقدّمة ضرورية لهذا العمل؛ وإن كان التحديد الثاني علمًا بذاته ويتطلّب دراسة أو بحثًا؛ لكنّه علم لا يكون الإنسان مسؤولًا عنه (فهو عمل الله)؛ وما عليه سوى أن يعرّض نفسه له ويكون مستعدًّا لاستقبال فيضه من خلال الإخلاص في السعي لتطبيقه والقيام به.
وعليه، تكون مهمة التعليم الأولى عبارة عن تفعيل البحث والنقاش بشأن كل أشكال الأعمال والمهام التي اضطلع البشر بها وما زالوا في مختلف مجالات الحياة، ومقارنة ذلك مع ما كان الأنبياء يقومون به ويدعون الناس إليه. فإذا كان عمل الإطفائي مهمًّا لكونه يخمد الحرائق، لكن لنا أن نسأل بالمقام الأول عن أسباب اندلاع الحرائق، وهل كان بالإمكان أن نحول دون حصولها. وإذا كان عمل الأطباء مهمًّا ورائعًا لكونهم يشفون الناس من الأمراض، فلنا أن نسأل ونشجع على هذا السؤال المتعلّق بأسباب حصول الأمراض. لقد ظهرت الكثير من الأعمال والمهن نتيجة تعقيد الحياة وانحراف البشر عن الصراط الإنساني المستقيم؛ وأدّى ذلك إلى تعقيد العلوم التي أصبحت أكثر التصاقًا بالمتطلبات الجديدة لهذه الحياة المعقدة والمنحرفة.
وعليه، يجب تشجيع الأطفال على أن يفكروا في الأعمال المطلوبة انطلاقًا من البحث عن نمط العيش السليم القائم على نظرية الدور الحقيقي للإنسان في هذا العالم. وباكتشاف هذا الدور والإيمان به يتشكل الدافع الأكبر للتعلّم، وتنعقد عليه جميع الآمال التي تجعل القوى الإدراكية ـ مهما كانت ضعيفة ـ متمركزة وواعية، وبذلك نضمن لها السير على طريق النموّ القوي والسريع.
لا ينبغي أن نستخف بهذه القضية التي تمثّل المصدر الأعظم للحيوية والنشاط والاندفاع والأمل. فهذه الأشياء هي جُلّ ما يحتاج إليه المتعلّم لكي ينخرط بوعي وإرادة في التعلّم، فيعطي العلم من فكره وجهده وتعبه كل ما يتطلبه.
ولأجل تحقيق هذا الوعي، لا بدّ من أن يكون التعليم في المراحل الأولى منصبًّا على تفتّح الوعي الذاتي عند الطفل، وإدراكه لقضية التعلّم كعملٍ اختياري نافعٍ ولذيذ. وهذا ما يحصل بالدرجة الأساسية عبر التركيز المستمر على الأنشطة المتناسبة مع حاجاته الأساسية.
فالإنسان إنّما يكتسب اللغة بسرعة قياسية حين يدرك أنّها وسيلته الوحيدة لتأمين حاجاته (عبر التواصل مع من يؤمّنون له احتياجاته)؛ ويتعلم الحساب بسرعة ملفتة، إن تطلبت ظروف الحياة أو وقائعها القيام بحسابات تساعده على تأمين حاجاته أو الوصول إلى مبتغياته. وكلما ابتعدت هذه العلوم عن واقع حياة الطفل، أصبح تعلّمها صعبًا وشاقًّا، يجعله كل ساعة يطرح تساؤلات جوهرية عن جدوى ما يقوم به، ممّا يؤدي إلى بروز أهم الموانع والعوائق أمام ذاك الانخراط الكلي.
أجل، إنّ التعلّم الصحيح يجب أن يكون متلازمًا مع العمل والسعي والاندفاع لتأمين الحاجات. وإنّما ينمو حس الاحتياج وتتوسع آفاقه عبر تفتح الإنسان على عالم الوجود. فلا طريقة أفضل للتعليم من ربط المتعلّم بالواقع الكبير، وحثّه على الانخراط فيه بصورة واعية.
[1]. سورة البقرة، الآية 31.
[2]. سورة البقرة، الآية 282.
[3]. سورة هود، الآية 7.

المدرسة الإسلامية
يعرض لأخطر المشاكل وأهم القضايا حول أوضاع المدارس الحالية، التي تبنت المناهج الغربية، وذلك بالطبع بحثًا عن المدرسة المطلوبة التي تنسجم مع حاجات المجتمع وثقافته. كل ذلك من أجل بعث حركة فكرية جادة بين المهتمين بالتعليم عن طريق بناء الرؤية الشاملة للتربية التعليمية في الإسلام. المدرسة الإسلاميّة الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 232 صفحةالطبعة الأولى، 2014مالسعر: 10$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

روح المجتمع
كتابٌ يُعدّ موسوعة شاملة ومرجعًا مهمًّا جدًّا يمتاز بالعمق والأصالة لكلّ من يحمل همّ تغيير المجتمع والسير به قدمًا نحو التكامل، يحدد للقارئ الأطر والأهداف والسياسات والمسؤوليات والأولويّات والغايات المرحليّة والنهائيّة في كلّ مجال من المجالات التي يمكن أن تشكّل عنصرًا فعّالًا في حركة التغيير، على ضوء كلمات قائد الثورة الإسلاميّة المعظّم روح المجتمع الكاتب: الإمام الخامنئي/ السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*25غلاف كرتوني: 932 صفحةالطبعة الأولى، 2017م ISBN: 978-614-474-020-0 سعر النسخة الملوّنة: 100$سعر النسخة (أبيض وأسود): 34$ للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراءه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

معادلة التكامل الكبرى
يقدّم رؤية منهجيّة تربط بين جميع عناصر الحياة والكون وفق معادلة واحدة. ولهذا، فإنّك سوف تلاحظ عملية بناء مستمرّة من بداية الكتاب إلى آخره، تشرع بتأسيس مقدّمات ضروريّة لفهم القضية ومنطلقاتها، ثمّ تمرّ على ذكر العناصر الأساسية للحياة، لتقوم بعدها بالجمع بينها والتركيب، لتخرج في النهاية بمعادلة شاملة لا تترك من مهمّات الحياة شيئًا. معادلة التكامل الكبرى الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 21.5*28غلاف ورقي: 336 صفحةالطبعة الأولى، 2016مالسعر: 15$ تعرّف إلى الكتاب من خلال الكاتب للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم أن تطلبوه عبر موقع جملون على الرابط التالي:

لماذا أتعلم؟
ما يهدف إليه هذا الكتاب هو تعميق نظرتك إلى العلم ودوره وأهميّته في حياتك، حتى تقبل عليه بكل وجودك، لأنّه أعظم خير يصيبه الإنسان في هذا العالم. وحين تقدّر أهمية العلم وموقعيته تصبح مستعدًّا للبحث حول هدفه وغايته وكيفية تحصيله. كن عالمًا حقيقيًا تهتدي إلى العمل المطلوب. لماذا أتعلّم؟ الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 136 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

المدرسة النموذجية
إنّ القوّة الأساسيّة للمدرسة النموذجيّة تكمن في برامجها ومناهجها التي تتميّز بقدرتها على تقديم المعارف والمهارات بأحدث الطرق وأسهلها، وتعتصر كل التراث العظيم للبشريّة وتتّصل بكامل التّراث الاسلامي وتقدّمه لطلّابها عبر السنوات الدراسيّة كأحد أعظم الكنوز المعرفيّة. وهكذا يتخرّج طلّابنا وهم متّصلون بهذا البحر العظيم لكلّ الإنجازات الحضاريّة في العالم كلّه ويمتلكون القدرة التحليليّة اللازمة لتمييز الخير من الشرّ في جميع أنحائه. المدرسة النموذجيّة الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 140 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

مختصر معادلة التكامل
هذه الطبعة المختصرة لكتاب "معادلة التكامل الكبرى" الذي يبيّن مدى سعة الإسلام وشمول رؤيته ومنهجه لكلّ شيء في الوجود. كيف لا؟ والله عزّ وجل هو المبدأ والمنتهى.. نقدّمها لقرّائنا الذين يودّون أن يحصلوا على معرفة أوّليّة بتلك المعادلة الكبرى، أو للذين لا يجدون الوقت الكافي لمطالعة الكتب الكبيرة. مختصر معادلة التكامل الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 200 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

روح التربية
الإنسان لا يأتي إلى الدنيا فاسدًا. في البداية يأتي إلى الدنيا بفطرة جيّدة وهي الفطرة الإلهية "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَة"، وهذه هي الفطرة الإنسانية فطرة الصراط المستقيم والإسلام والتوحيد. أنواع التربية هي التي تفتح هذه الفطرة أو تسد الطريق على الفطرة. التربية هي التي يمكن أن توصل المجتمع إلى كماله المنشود، وهي التي تجعل البلاد إنسانية نموذجية كما يريدها الإسلام روح التربية الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 192 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

ثورة التربية والتعليم
يتطرّق الكتاب الرابع في سلسلة الأطروحة التربوية التعليمية التي يقدمها السيد عباس نورالدين إلى أهم القضايا التي تواجه أي ثورة حقيقية تريد إعادة إنتاج التربية التعليمية وفق استحقاقات العصر ومتطلّبات الزمان وبما يتناسب مع التحدّيات التي يعيشها مجتمعنا.الثورة التي يدعو إليها الكاتب تطال جميع مفاصل التربية التعليمية من رؤى ومناهج وقيم وحتى تلك التفاصيل التي تعني كل عامل أو مهتم بهذا المجال المصيري. ثورة التربية والتعليم الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 216 صفحة الطبعة الأولى، 2019مISBN: 978-614-474-033-0 السعر: 12$

حول أسلمة العلوم الطبيعية أو التطبيقية.. مبادئ أساسية لبناء المناهج
لا ينظر المؤمنون بالإسلام وقيمه إلى الحركة العلمية الغربية بارتياح عمومًا، ومنها ما يرتبط بالعلوم التي تمحورت حول دراسة الكون والطبيعة والإنسان؛ هذه العلوم التي عبّرت عن نفسها بمجموعة من الاختصاصات والفروع، وظهرت بنتاج هائل استوعب جهدًا كبيرًا للبشرية، فأصبح بسبب ضخامته وحضوره مدرسة عامة يتبنّاها العالم كلّه. فالمنهج الغربيّ في التعامل مع الطبيعة والكون والإنسان هو المنهج المعتمد اليوم في كل بلاد العالم دون استثناء. إلا إنّ المؤمنين بالإسلام متوجّسون من حركة الغرب عمومًا، لا سيّما حين ينظرون إلى نتائج هذه العلوم على مستوى علاقة الإنسان بربّه. لقد أضحت هذه العلوم علمانية بالكامل، ليس أنّها لا ترتبط باكتشاف مظاهر حضور الله وعظمته وتدبيره وربوبيته فحسب، بل أصبحت سببًا لحصول قطيعة بين الإنسان وخالقه؛ في حين أنّ هذه العلاقة هي أساس سعادة الإنسان وكماله. أضف إلى ذلك، الآثار الهدّامة المشهودة لهذه العلوم على مستوى التطبيق والتكنولوجيا.من هنا، فإنّنا ندعو إلى إعادة النظر في هذه المقاربة، والعمل على تأسيس مقاربة أدق وأوسع وأشمل تجاه الكون والإنسان والوجود تنطلق من فهم فلسفة الوجود وغايته، فتكون عاملًا مساعدًا لتحقيق الأهداف الكبرى.

التعليم لأجل صناعة أبناء الآخرة.. أين هي القضية الأولى في المناهج؟
إن أردنا أن ننسجم مع رؤيتنا الكونية للوجود والمصير، ينبغي أن يكون للحياة الآخرة حضور أقوى في المناهج المدرسية، يتناسب إلى حدٍّ ما مع محوريتها وأولويتها. فكيف يمكن أن نعد الطالب المدرسي ليكون من أبناء الآخرة بدل أن يكون من أبناء الدنيا امتثالًا لقول أمير المؤمنين عليه السلام؟ المبدأ الأول الذي ينبغي أن تُبنى عليه مناهج التعليم هو ضرورة إعداد المتعلّم للتعامل مع قضايا الحياة الأساسية بما يتناسب مع أهميتها وتأثيرها ودورها في حياته. ولا شك بأنّ الحياة الآخرة هي القضية الأولى

كيف تكون الأرض مشروعًا تعليميًّا أساسيًّا؟ بدل التشرذم، تتضافر العلوم والمناهج
منذ أن حصل الطلاق بين العلوم التجريبية والفلسفة، والأرض تئن تحت وطأة التفلت العجيب في استخدام عناصرها ومكوّناتها بطريقة تنذر بكارثة وجودية. حين أصبح ما يُسمى اليوم بالعلم (أو الساينس) يمارَس لأجل "العلم" كما يُقال، فقد العمل البحثي في كل ما يتعلق بالأرض أي نوع من التوجه الهادف والمسؤول تجاه هذا الكوكب الذي يبدو أنّه الوحيد الحاضن للحياة.

تنمية العقل بمواجهة القضايا... كيف يمكن أن نبني منهاجًا حول محور القضايا؟
يصرّ المهتمّون والنقّاد على أنّ الكلام الكلّي والعام لا يفيد ولا ينفع في مجال التعليم المدرسي، لأنّ المشكلة كلّ المشكلة تكمن في كيفية تحويل عملية مواجهة القضايا إلى منهاج تعليمي يراعي شروط المراحل المدرسية. ومن حقّ هؤلاء أن يعترضوا أو يطالبوا بتقديم النموذج، لكن فطرية وبداهة ما ذكرناه حين الحديث عن التعليم المتمحور حول القضايا كان من المفترض أن تغني عن هذا النقاش؛ أضف إلى ذلك التجارب الذاتية التي يمكن لأي إنسان أن يكتشف معها دور تحليل قضايا الحياة في تنمية القدرات العقلية عند الطالب.

كيف تصنع المناهج هم تهذيب النفس؟ إطلالة معمقة على دور المدرسة في التربية
يمكن للتعليم المدرسي أن يساهم مساهمة كبرى في توجيه المتعلم نحو أحد أكبر قضايا الحياة وأهمها وأكثرها تأثيرًا على حياته ومصيره، ألا وهي قضية تهذيب النفس والسير التكاملي إلى الله. ولا نقصد من التعليم المدرسي تلك البيئة الفيزيائية المتعارفة، التي يمكن أن تكون معارضة تمامًا لهذا النوع من التربية والتأثير، وإنّما المقصود هو المناهج التعليمية التي يمكن صياغتها وتطويرها بحيث تصبح قادرة على جعل قضية التكامل المعنوي الجوهري همًّا واهتمامًا أساسيًّا، يعيشه المتعلم ويمارسه في هذه المرحلة العمرية الحساسة.

الطريقة الأمثل لتدريس الدين.. رؤية منهاجية ومعالجة تقنية
الدين الإلهي نظام حياة لأجل تحقيق إرادة الله في تكميل الإنسان والعالم. فهو مشروع عملي تطبيقي له أهداف محددة، لا مجرد اختبار أو امتحان. وأبعد ما يكون الدين عنه هو إشقاء الإنسان وتكبيده والإضرار به وتعذيبه. ففيه الحل لكل المشاكل المستعصية التي تعجز عقول الناس عنه، بالإضافة إلى أنّه أفضل وسيلة لتنمية العقول والاستزادة من أنوارها.إنّ إيمان الإنسان بالتكامل واعتقاده بأنّ حياته عبارة عن فرصة وحيدة لتحقيق هذا الهدف هو القاعدة الأولى لبناء الدين وصرحه المتين في النفس والقلب. وحين تهون نفس الإنسان عليه ويستقل شأنها، فسوف تضعف علاقته بالدين ولا يرى حاجة فيه. فإن كنّا نريد تقوية رابطة أبنائنا بهذا الدين الحق، فعلينا أن نبتكر كل وسيلة ممكنة لأجل ترسيخ شعورهم بأهمية الاهتمام بنفوسهم وارتباط ذلك بكل ما سيجري عليهم في الحياة الدنيا والآخرة.

ظاهرة اللغة كقضية في التعليم.. ما الذي يعرفه خريجو المناهج الحالية؟
إنّ اللغة كظاهرة كونية كانت ولا تزال تُعد أهم عنصر لقوة البشر؛ فلولا اللغة لما استطاع الإنسان أن يبلغ ما بلغه من شأن على مستوى الحضارة والعمران والفكر وحتى المعنويات؛ بيد أنّ العلاقة بين اللغة وهذه الإنجازات الكبرى لا تظهر بأي نحوٍ من الأنحاء في المناهج التعليمية الشائعة؛ بل نجد عملًا ممنهجًا يؤدي إلى طمسها بشتى السبل، والتي يصل بعضها الى درجة التآمر!

صناعة الشخصية القيادية في المدرسة... قضية كبرى للتعليم في المستقبل!
رغم أهميتها ودورها المحوري، لم تأخذ القيادة من الفكر البشري ما تستحقه من الدراسة والتحليل، فضلًا عن التعليم والإعداد؛ فحضور قضية بهذا المستوى من التأثير في المناهج المدرسية، يكاد يكون معدومًا. والسبب قد يكون عجز الفكر البشري المهيمن على القطاع التعليمي عن أن يدرك القوانين والمعادلات العلمية لها، كمقدمة ضرورية لتحويلها إلى معارف ومهارات ومناهج وبرامج!

المنهاج السليم في تدريس الدين... الأصول والقواعد
للنصوص الدينية وقعٌ عميق وبنّاء في النفوس، سواء كانت من القرآن الكريم وأحاديث المعصومين، أو ما صدر من علماء الدين الذين ذابوا في هذين الثقلين. وبالنسبة لنا لن نجد ما هو أبلغ وأكثر تأثيرًا من هذا التراث العظيم على مستوى ترسيخ الفضيلة والاندفاع نحو الكمال وصيانة النفوس من آفات هذا العصر.

المشروع الحضاري للتعليم العام.. كيف ننزل هذا المشروع في قالب المناهج المدرسية
السؤال الأساسي هنا هو أنّه كيف يمكن أن نجعل من المشروع الحضاري الكبير الذي نؤمن به منهاجًا دراسيًّا، بل محورًا أساسيًّا في التعليم العام، بحيث يمكن الوصول بالمتعلم إلى مستوى من الفهم والإيمان والتبني والمسؤولية تجاهه، حتى ينتقل إلى الحياة التخصصية والمهنية وقد جعل ذلك كله قائمًا عليه ومتوجهًا إليه.حين يتمكن المتعلم من رؤية الحياة كما هي في الحقيقة، لن ينخدع بعدها بهذه الظواهر: ناطحات السحاب، التكنولوجيا، الطائرات، العدد الكبير لسكان دولة، الدخل القومي الكبير.. فكل هذه المدنية وهذا العمران وهذه الآلات والأدوات لن تكون عاملًا يصرف ذهن هذا المتعلم عن حقيقة ما يجري، وسوف يجد نفسه منخرطًا بسهولة في المكان والموقف الحق الذي يعمل بصدق ووفاء على تحقيق صلاح البشرية والأرض.

قضية التكنولوجيا في التعليم... رؤية قيمية ضرورية
يتّجه العالم اليوم وبسرعة قياسية نحو جعل الآلات والأجهزة أكثر قدرةً وتأثيرًا، بمعزل عن النتائج الكارثية التي يمكن أن تتسبب بها لهذه الأرض ومن عليها؛ وما لم تخضع هذه الظاهرة للدراسة والتحليل والنقد والتمحيص، فإنّ هذه الحركة الاعتباطية ربما تخرج تمامًا عن سيطرة الإنسان، ولا يتمكن بعدها من الحد من آثارها الوخيمة. إنّ جوهر التعليم ينبغي أن ينصب نحو تحقيق السعادة الواقعية للإنسان والتي تتمثل في خلافته لله في الأرض. فقيمة الإنسان الحقيقية وكرامته تتجلى في كونه ذاك النوع المخلوق الذي أوكلت إليه مهمة إحياء الأرض وعمارتها وإصلاحها وتبديلها إلى أرض مشرقة بنور ربها. وحين يتنكب هذا الإنسان عن هذا الصراط المستقيم، فسوف تنقلب هذه الأرض نفسها عليه ويُبتلى بأنواع العذاب والمآسي.

حول أسلمة العلوم التطبيقية والطبيعية... مبادئ أساسية لإعداد المناهج
لا ينظر المؤمنون بالإسلام وقيمه إلى الحركة العلمية الغربية بارتياح عمومًا، ومنها ما يرتبط بالعلوم التي تمحورت حول دراسة الكون والطبيعة والإنسان؛ هذه العلوم التي عبّرت عن نفسها بمجموعة من الاختصاصات والفروع، وظهرت بنتاج هائل استوعب جهدًا كبيرًا للبشرية، فأصبح بسبب ضخامته وحضوره مدرسة عامة يتبنّاها العالم كلّه. فالمنهج الغربيّ في التعامل مع الطبيعة والكون والإنسان هو المنهج المعتمد اليوم في كل بلاد العالم دون استثناء. إلا إنّ المؤمنين بالإسلام متوجّسون من حركة الغرب عمومًا، لا سيّما حين ينظرون إلى نتائج هذه العلوم على مستوى علاقة الإنسان بربّه. لقد أضحت هذه العلوم علمانية بالكامل، ليس أنّها لا ترتبط باكتشاف مظاهر حضور الله وعظمته وتدبيره وربوبيته فحسب، بل أصبحت سببًا لحصول قطيعة بين الإنسان وخالقه؛ في حين أنّ هذه العلاقة هي أساس سعادة الإنسان وكماله. أضف إلى ذلك، الآثار الهدّامة المشهودة لهذه العلوم على مستوى التطبيق والتكنولوجيا.من هنا، فإنّنا ندعو إلى إعادة النظر في هذه المقاربة، والعمل على تأسيس مقاربة أدق وأوسع وأشمل تجاه الكون والإنسان والوجود تنطلق من فهم فلسفة الوجود وغايته، فتكون عاملًا مساعدًا لتحقيق الأهداف الكبرى.

المجتمع والتاريخ محورًا في التعليم .. في المقاربات والمناهج والأهداف
للمجتمع في حركته دورٌ كبير في تكوين شخصية الإنسان وتحديد مصيره، فضلًا عن كونه من أبلغ الآيات الدالات على صفات الرب المتعال وحضوره. وكلما استطعنا ترسيخ هذه النظرة وتعميقها أصبح الإنسان أكثر تفاعلًا مع إحدى أهم سبل الوصول إلى كماله. وباختصار، يجب أن تأخذ المناهج التعليمية على عاتقها مهمة أساسية تتجلى في إيصال الإنسان إلى أعلى درجات التفاعل الإيجابي مع مجتمعه والمجتمعات البشرية قاطبة.

الدين كقضية أساسية في المناهج التعليمية.. مبادئ ومنطلقات
للمعارف المرتبطة بالأديان والمذاهب وخصوصًا الإسلام ميزة مهمة لا يمكن أن نجدها في أي مجال معرفي آخر مهما كان واسعًا؛ ويمكن أن نجعل من هذه الميزة نقطة تفوّق نوعي في شخصية المتعلم، الأمر الذي يرفع من شأنه ومن دوره وموقعيته في المجتمع. إنّ القدرة التي تمنحها العلوم المختلفة، مهما بلغت، لا يمكن أن ترقى إلى قدرة المعارف الدينية (وهذا بمعزل عن الحق والباطل). فالمهندسون والمخترعون والأطباء والتجار ورجال الأعمال لا يمكن أن يكون لهم من القدرة والتأثير في المجتمع كما يكون لمن يمتلك المعارف المرتبطة بحياة الإنسان ومصيره وسلوكه وروحه وتاريخه ومستقبله ونمط عيشه. ولو التفتت المناهج التعليمية في مدارسنا إلى هذه القضية وجعلتها محورًا أساسيًّا في التعليم لشهدنا عمّا قريب هذا التفوّق الذي نطمح إليه.

المنهاج التربويّ للقرآن الكريم... كيف نحقّق الأهداف القرآنية؟
إنّ جميع الأهداف القرآنيّة أو الغايات الفرديّة والاجتماعيّة، التي أُنزل هذا الكتاب الإلهيّ من أجلها، إنّما تتحقّق في ظلّ السّعي الحثيث لتطبيق القرآن في الحياة. وهذا ما يحصل بعد اكتشاف المنظومة العامّة أو الخطّة الإلهيّة الشاملة التي فصّلها الله فيه.

المدرسة النموذجية: كيف ستكون المدرسة في المستقبل
إنّ القوّة الأساسيّة للمدرسة النموذجيّة تكمن في برامجها ومناهجها التي تتميّز بقدرتها على تقديم المعارف والمهارات بأحدث الطرق وأسهلها، وتعتصر كل التراث العظيم للبشريّة وتتّصل بكامل التّراث الاسلامي وتقدّمه لطلّابها عبر السنوات الدراسيّة كأحد أعظم الكنوز المعرفيّة. وهكذا يتخرّج طلّابنا وهم متّصلون بهذا البحر العظيم لكلّ الإنجازات الحضاريّة في العالم كلّه ويمتلكون القدرة التحليليّة اللازمة لتمييز الخير من الشرّ في جميع أنحائه.

المحور الأوّل للنّظام التعليميّ السّليم
من أهم القضايا التي تشغل بال أهل التربية والتعليم هي قضيّة العلم. لذا من أراد أن ينبي رؤية واضحة في التربية والتعليم يحتاج إلى تحديد موقفه من العلم.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...
مجالات وأبواب
نحن في خدمتك

دورة في الكتابة الإبداعية
الكتابة فن، وأنت المبدع القادم دورة مؤلفة من عدة فصول نواكبك حتى تنتج روايتك الأولى