
التكنولوجيا وثورة التعليم الكبرى
كيف سيتعلم التلميذ في سنة واحدة ما يتعلمه اليوم في 12 سنة
السيد عباس نورالدين
يمثل الجانب التطبيقي عنصرًا محوريًّا في التعلّم، وذلك لما له من دورٍ شديد الفاعلية والتأثير في ترسيخ المعرفة وتقوية المهارات المرتبطة بها. وتكشف التطبيقات عن مدى فهم التلميذ للمطالب؛ فكم من تلميذٍ ظن أنّه استوعب المسألة استيعابًا تامًّا، حتى إذا انتقل إلى حل التمارين المرتبطة بها اكتشف أنّه بعيد جدًّا عن فهمها.
اللغة والرياضيات والعلوم التطبيقية لا يمكن التطوّر فيها إلا بواسطة التطبيقات والممارسة. كما أنّ البعد التطبيقي يكشف عن العديد من جوانب القضية المطروحة، والتي ما كان بالإمكان الالتفات إليها دونه.
ورغم اهتمام المناهج المدرسية الحالية بهذا البعد، حيث نرى كتبها حافلة بالتمارين التطبيقية، إلا أنّها تواجه مشكلة حقيقية فيما يتعلق بالتغذية الراجعة للتلميذ الذي يُفترض أن يقوم بحل المسائل التطبيقية والإجابة عنها، خصوصًا كلما اتّسع نطاق التمارين وكثُر عددها (والكثرة عنصرٌ محوري في التطبيق).
معظم التلامذة يعانون من مشكلة الالتفات إلى خطئهم أو إلى قصورهم في حل هذا التمرين أو تحليل تلك المسألة، وذلك لأنّهم لا يجدون من يقدر على إرشادهم إليه بصورة دقيقة، خصوصًا أنّ معظم المدرسين لا يجدون مع ذلك العدد الكبير من التلامذة الوقت الكافي لذلك؛ فيكتفون بتخطئة التلميذ من خلال حسم بعض العلامات؛ أضف إلى ذلك، إنّ مجرد تقديم الأجوبة أو الحلول الصحيحة لا يكفي لكي يدرك التلميذ خطأه وقصوره.
وقد أثبتت التجارب أنّ التلميذ الذي يحصل على تغذية راجعة دقيقة عن إجاباته ومشاركاته، يمكن أن يتطور بسرعة قياسية، مقارنةً بغيره، ولا علاقة لمعدل الذكاء بذلك إطلاقًا؛ فكيف إذا كان يحصل على هذا التقويم عند كل إجابة أو حل؟!
إنّ طبيعة النظام المدرسي المهيمن ومتطلبات المناهج المدرسية الحالية، تجعل من الصعب، بل من المستحيل، أن يتمكن المعلّم من مواكبة كل تلميذ بكل ما يحتاج إليه في هذا المجال؛ وهذه هي العقدة الأولى التي تقف أمام نجاح المناهج الحالية، وتمثل إحدى مشاكلها وعثراتها.
لكن الأمر قابل للحل بفضل التطور الكبير الذي حصل في مجال التكنولوجيا الرقمية، حيث يمكن برمجة المواد الدراسية وتطبيقاتها بطريقة تحل هذه المشكلة إلى الأبد. لقد شاهدنا بعض البرامج التعليمية التي تعتمد بشكل كلّي على التمارين والتطبيقات في إيصال المعاني وترسيخ المهارات، مستغنيةً استغناءً تامًّا عن شيء اسمه المدرّس والشرح. فيكفي لتفهيم الفكرة وتقوية المهارة المرتبطة بها أن ينخرط التلميذ بحل التمارين والتطبيقات التي تتدرج به خطوة خطوة إلى مرحلة الاستيعاب والإتقان التام. وقد جربت ذلك بنفسي في برنامج دوولينغو العالمي المشهور في تعليم اللغات، ووجدت نفسي بعد عدّة أشهر من التطبيقات اليومية (لمدة ثلث ساعة تقريبًا) وقد قطعت أشواطًا مهمة في إتقان إحدى اللغات، قراءةً وكتابةً واستماعًا ونطقًا، علمًا بأنّني لم أشاهد أو أستمع لأي أستاذ بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
والسر الأكبر في ذلك كلّه يكمن في البرمجة الرائعة للتطبيقات التي تحتّم على المتعلّم أن يدرك خطأه مباشرةً وأن يقوم بتصحيحه. فلا يمكن للمتعلّم أن ينتقل إلى المستوى الأعلى أو حتى إلى الدرس التالي إلا بعد أن يكون قد صحّح خطأه، ولو تطلّب الأمر أن يكرر ذلك إلى ما لا نهاية!
أجل، هنا يكمن السر في نجاح الجانب التطبيقي وفاعليته في تمكين الطالب من إدراك خطئه أولًا، وإعطائه الفرصة المناسبة لتصحيحه ثانيًا.
والسر الآخر في نجاح هذا النوع من البرامج التطبيقية يتجلّى في اكتشافها للتدرج المنطقي في اكتساب أي فكرة أو معلومة أو مهارة. ففي الرياضيات هناك تدرج منطقي قلما يُشار إليه أو تُبنى عليه مناهج الرياضيات رغم دوره الحاسم في إتقان هذه المادة الحساسة؛ لأنّ أول شيء في الرياضيات بفروعها المختلفة (خصوصًا الجبر والهندسة) هو ضرورة بناء الذهنية الرياضية انطلاقًا ممّا يمكن أن أعبر عنه هنا بالحس المشترك. فعلى سبيل المثال، العلاقة بين الأحجام والكموم أمر رياضي ينبغي أن يتولد بشكل تلقائي ليصبح مهارةً راسخة وحاكمًا أساسيًّا في الذهن الرياضي الحسابي للمتعلم. فإذا سألنا المتعلم عن ناتج طرح 123 من 8765 وعرضنا عليه ثلاث إجابات وهي 4 أو 66543 أو 8642 لا ينبغي أن يتردد لحظة واحدة في اختيار الإجابة الأخيرة، لأن الإجابة الأولى والثانية بعيدتان كليًّا عن الحس الرياضي المشترك والمنطق السليم؛ لا لأنّ التلميذ أصبح عبقريًّا في الجمع والطرح. ومثل هذا الحس يشمل كل مسائل الرياضيات التي تنتهي إلى تقديم الأجوبة الدقيقة التي تفرق بين 0. 0001 و0.001؛ لكن هذه الدقة تأتي كنتيجة طبيعية لتقوية الحس المشترك.
إن اكتشاف هذا التدرج والذي يُعد أحد أهم إبداعات التعليم، إذا أُضيف إلى الإمكانات الكبيرة التي تتيحها تقنيات البرمجة الحديثة، من شأنه أن ينتقل بالتعليم إلى مديات لا يحلم بها الكثير من معلمي اليوم، ومن معهم من مشرفين ومخططين.
فكتاب تعليم اللغة العربية للصف الأول ابتدائي، والذي يضم 12 محورًا، تبدأ من الخريف وتمر على العائلة وتنتهي بالهجرة والوطن وأمثالها، يمكن أن يتقنه التلميذ إتقانًا تامًّا من ناحية المعرفة والبيان والتعبير والفهم والاستيعاب في 12 يومًا فقط! وذلك بأن يعطي لكل محور معدل ساعة واحدة في اليوم من التطبيق من دون إرشاد أي معلم أو شرحه، وذلك بدل أن يدرسها ويعاني من دراستها هو ومعلمه النجيب على مدى سنة دراسية كاملة. أجل، كل هذا ممكن إذا استطعنا أن نصيغ تمارين اللغة وفق طريقة التطبيقات المذكورة بتدرجها المنطقي.
تعلّم اللغة له منطقه الخاص، واللغة العربية هي على ما يبدو أقوى اللغات منطقًا (تأمل في كلمة المنطق وعلاقتها بالنطق وعلم المنطق الذي يعصم الذهن عن الوقوع في الخطأ أثناء الاستدلال أو التفكير). ففي اللغة العربية يكفي أن نبدأ من الجذور الثلاثية لكل المفردات وننطلق بالتدريج من عالم التفعيلات والاشتقاقات الكبرى، بحسب شيوع الاستعمال، حتى نتمكن من بناء منظومة اللغة الأساسية بصورة تؤسّس لأقوى فصاحة وأجمل بلاغة (وهما الهدف الأسمى من تعلم اللغة).
إنّنا نقف أمام فرصة لا مثيل لها، ويقف معظم (إن لم نقل كل) مخطّطي وواضعي ومعدّي البرامج والمناهج التعليمية وهم يجهلون تمامًا هذين السرين العظيمين في التعليم، واللذين بإمكان تكنولوجيات البرمجة الحديثة أن تخضعهما بصورة تامة، فنحقق أعظم نقلة نوعية في التعلّم، يمكن أن يشهدها العالم.

ثورة التربية والتعليم
يتطرّق الكتاب الرابع في سلسلة الأطروحة التربوية التعليمية التي يقدمها السيد عباس نورالدين إلى أهم القضايا التي تواجه أي ثورة حقيقية تريد إعادة إنتاج التربية التعليمية وفق استحقاقات العصر ومتطلّبات الزمان وبما يتناسب مع التحدّيات التي يعيشها مجتمعنا.الثورة التي يدعو إليها الكاتب تطال جميع مفاصل التربية التعليمية من رؤى ومناهج وقيم وحتى تلك التفاصيل التي تعني كل عامل أو مهتم بهذا المجال المصيري. ثورة التربية والتعليم الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*21غلاف ورقي: 216 صفحة الطبعة الأولى، 2019مISBN: 978-614-474-033-0 السعر: 12$

المدرسة الإسلامية
يعرض لأخطر المشاكل وأهم القضايا حول أوضاع المدارس الحالية، التي تبنت المناهج الغربية، وذلك بالطبع بحثًا عن المدرسة المطلوبة التي تنسجم مع حاجات المجتمع وثقافته. كل ذلك من أجل بعث حركة فكرية جادة بين المهتمين بالتعليم عن طريق بناء الرؤية الشاملة للتربية التعليمية في الإسلام. المدرسة الإسلاميّة الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 232 صفحةالطبعة الأولى، 2014مالسعر: 10$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

المدرسة النموذجية
إنّ القوّة الأساسيّة للمدرسة النموذجيّة تكمن في برامجها ومناهجها التي تتميّز بقدرتها على تقديم المعارف والمهارات بأحدث الطرق وأسهلها، وتعتصر كل التراث العظيم للبشريّة وتتّصل بكامل التّراث الاسلامي وتقدّمه لطلّابها عبر السنوات الدراسيّة كأحد أعظم الكنوز المعرفيّة. وهكذا يتخرّج طلّابنا وهم متّصلون بهذا البحر العظيم لكلّ الإنجازات الحضاريّة في العالم كلّه ويمتلكون القدرة التحليليّة اللازمة لتمييز الخير من الشرّ في جميع أنحائه. المدرسة النموذجيّة الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 18.5*20غلاف ورقي: 140 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 10$

متى نبدأ بتعليم الطفل لغة أخرى غير لغته الأم؟
هل صحيح أن تعلم الطفل لغة ثانية في سنواته الأولى يؤثر سلبًا على لغته الأم؟

صناعة الجيل المتفوق يبدأ من اللغة.. ما هو تأثير اللغة العربية في صراع الأمم
من القضايا المهمة التي ينبغي أن تُطرح في موضوع التعليم والمدرسة والمناهج التعليمية صناعة الإنسان المتفوّق، لأنّ هناك صراعًا خارجيًّا حتميًّا يجري بين الأمم؛ حتى لو رفضنا هذا الصراع، فإنّه آتينا لا محالة. من القضايا المهمة التي ينبغي أن تُطرح في موضوع التعليم والمدرسة والمناهج التعليمية صناعة الإنسان المتفوّق، لأنّ هناك صراعًا خارجيًّا حتميًّا يجري بين الأمم؛ حتى لو رفضنا هذا الصراع، فإنّه آتينا لا محالة

حول أسلمة العلوم الطبيعية أو التطبيقية.. مبادئ أساسية لبناء المناهج
لا ينظر المؤمنون بالإسلام وقيمه إلى الحركة العلمية الغربية بارتياح عمومًا، ومنها ما يرتبط بالعلوم التي تمحورت حول دراسة الكون والطبيعة والإنسان؛ هذه العلوم التي عبّرت عن نفسها بمجموعة من الاختصاصات والفروع، وظهرت بنتاج هائل استوعب جهدًا كبيرًا للبشرية، فأصبح بسبب ضخامته وحضوره مدرسة عامة يتبنّاها العالم كلّه. فالمنهج الغربيّ في التعامل مع الطبيعة والكون والإنسان هو المنهج المعتمد اليوم في كل بلاد العالم دون استثناء. إلا إنّ المؤمنين بالإسلام متوجّسون من حركة الغرب عمومًا، لا سيّما حين ينظرون إلى نتائج هذه العلوم على مستوى علاقة الإنسان بربّه. لقد أضحت هذه العلوم علمانية بالكامل، ليس أنّها لا ترتبط باكتشاف مظاهر حضور الله وعظمته وتدبيره وربوبيته فحسب، بل أصبحت سببًا لحصول قطيعة بين الإنسان وخالقه؛ في حين أنّ هذه العلاقة هي أساس سعادة الإنسان وكماله. أضف إلى ذلك، الآثار الهدّامة المشهودة لهذه العلوم على مستوى التطبيق والتكنولوجيا.من هنا، فإنّنا ندعو إلى إعادة النظر في هذه المقاربة، والعمل على تأسيس مقاربة أدق وأوسع وأشمل تجاه الكون والإنسان والوجود تنطلق من فهم فلسفة الوجود وغايته، فتكون عاملًا مساعدًا لتحقيق الأهداف الكبرى.

التربية اللغوية أو تعليم البيان.. ودور القرآن في تكميل القوى الإنسانية
ليست اللغة مجرّد وسيلة للتواصل والتفاهم بين البشر، بل هي إحدى أفضل طرق تنمية العقل وسائر القوى الإنسانية الأصيلة أيضًا. إنّ الطفل الذي يمتلك الذكاء اللغويّ أو البيانيّ سيكون صاحب استعداد مميز للتفوّق والتطوّر بسرعة وسهولة في أنواع الذكاءات والمهارات المختلفة. والمقصود بالذكاء اللغويّ سرعة الوصول إلى المقصود من المفردة المعروضة وسرعة استخراج المفردة المناسبة للعرض والبيان. وهذا الذكاء، وإن كان في قسمٍ منه موهبة ووراثة، لكنّ القسم الأكبر منه قابلًا للتحصيل بواسطة التربية، التي يهمّنا أن نفسح مجال الحديث عن أصولها وأساليبها وطرقها.

المدرسة الواقعية.. كيف ستكون مدرسة المستقبل
حين يكون المجتمع حرًّا ويمتلك أبناؤه الوعي الكافي لتقرير مصيرهم، هكذا ستكون المدرسة.إنّ أفضل إطار تنظيمي للمدرسة يتمثل في الأبعاد القيمية التي تضمن نموًّا حقيقيًّا وسريعًا للشخصية؛ وذلك بأن تكون المدرسة نموذجًا مثاليًّا للعالم الذي يُفترض أن يعيش فيه الإنسان لكي يتكامل ويحقق أفضل وأعلى مستوى من التفاعل مع عناصره ومكوّناته.

كيف تصنع المناهج هم تهذيب النفس؟ إطلالة معمقة على دور المدرسة في التربية
يمكن للتعليم المدرسي أن يساهم مساهمة كبرى في توجيه المتعلم نحو أحد أكبر قضايا الحياة وأهمها وأكثرها تأثيرًا على حياته ومصيره، ألا وهي قضية تهذيب النفس والسير التكاملي إلى الله. ولا نقصد من التعليم المدرسي تلك البيئة الفيزيائية المتعارفة، التي يمكن أن تكون معارضة تمامًا لهذا النوع من التربية والتأثير، وإنّما المقصود هو المناهج التعليمية التي يمكن صياغتها وتطويرها بحيث تصبح قادرة على جعل قضية التكامل المعنوي الجوهري همًّا واهتمامًا أساسيًّا، يعيشه المتعلم ويمارسه في هذه المرحلة العمرية الحساسة.

هل يصح تدريس العلوم الطبيعية بمناهجها الحالية؟ وما هي الشروط التربوية لنجاح هذا التعليم؟
تعمد الأطروحة الجديدة للمدرسة النموذجية إلى إعادة النظر بشأن تعليم العلوم الطبيعية كالفيزياء والكيمياء والأحياء وكذلك الرياضيات، وذلك بما يتناسب مع الرؤية المرتبطة بدور العلم في الحياة البشرية. لقد تم التركيز على هذه العلوم في المناهج الغربية باعتبار الموقعية المركزية لعالم المادة والطبيعة في الحياة البشرية. ففي الفكر الغربي المادي يُعد تسخير الطبيعة وعناصرها أساس السعادة البشرية، وذلك باعتبار أنّ المنشأ الأساسي للقدرة هو المادة. وبحسب هذا الفكر، بالقدرة يتمكن البشر من الوصول إلى السعادة أو حلّ المشكلات المختلفة... في حين أنّه بحسب الرؤية الكونية الدينية، فإنّ القدرة الأساسية (أي قدرة التغيير والتأثير) إنّما تتجلى في إرادة البشر. وهذه الإرادة لا تظهر فقط بالسيطرة على عناصر الطبيعة، وإنّما تظهر في سلوكياتهم وتعاملهم فيما بينهم في الاجتماع والسياسة. كما أنّ مستوى القدرة يتحدد وفق طبيعة استخدام عناصر الطبيعة وآلياتها وبرامجها؛ ممّا يعني أنّ هذه القدرة الناشئة من تسخير مواد الطبيعة إنّما تتبع أهداف البشر ونواياهم وكيفية استعمالهم لهذه المواد، لا مجرد تسخيرها كيفما كان.لذا يجب قبل أي شيء العمل على بناء الرؤية السليمة المرتبطة بدور الانسان في تسخير عالم المادة، ومدى تأثير ذلك على سعادة البشرية أو شقائها، وتعريف المتعلم إلى كل عناصر القدرة التي يمكن أن يحقق من خلالها سعادته وسعادة مجتمعه.

تنمية العقل بمواجهة القضايا... كيف يمكن أن نبني منهاجًا حول محور القضايا؟
يصرّ المهتمّون والنقّاد على أنّ الكلام الكلّي والعام لا يفيد ولا ينفع في مجال التعليم المدرسي، لأنّ المشكلة كلّ المشكلة تكمن في كيفية تحويل عملية مواجهة القضايا إلى منهاج تعليمي يراعي شروط المراحل المدرسية. ومن حقّ هؤلاء أن يعترضوا أو يطالبوا بتقديم النموذج، لكن فطرية وبداهة ما ذكرناه حين الحديث عن التعليم المتمحور حول القضايا كان من المفترض أن تغني عن هذا النقاش؛ أضف إلى ذلك التجارب الذاتية التي يمكن لأي إنسان أن يكتشف معها دور تحليل قضايا الحياة في تنمية القدرات العقلية عند الطالب.

4 أصول أساسية لتعلّم اللغة.. كيف نجعل أبناءنا يمتلكون مهارات لغويّة عالية؟
حتّى في عصر التكنولوجيا والحواسيب الفائقة السّرعة، ما زالت اللغة تشكّل قدرة أساسيّة لا بديل لها. وقد يدهشك مدى ما يمكن أن يبلغه الإنسان من تأثير ومن قدرة اقتصاديّة واجتماعيّة ومعنويّة فيما إذا كان بارعًا في استخدام الكلمات!

كيف تتغلب المدرسة على العقبة الأولى أمام بناء المجتمع؟ لماذا تعزز مناهج اليوم النزعات الفردية وفرار الأدمغة
بالنسبة لأي مجتمع في العالم، لا يوجد ما هو أسوأ من تضييع الطاقات الشابة الخلاقة والفعالة التي يحتاج إليها للتقدم والازدهار وحتى البقاء.. شباب اليوم هم مدراء البلد والمسؤولون عن تقرير مصيره، والفارق الزمني الذي يفصل بينهما لا شيء مقارنة بعمر الأوطان؛ لهذا، فإنّ أي مجتمع سرعان ما سيلحظ الخسارة الكبرى من تضييع الطاقات الشابة.

حول أسلمة العلوم التطبيقية والطبيعية... مبادئ أساسية لإعداد المناهج
لا ينظر المؤمنون بالإسلام وقيمه إلى الحركة العلمية الغربية بارتياح عمومًا، ومنها ما يرتبط بالعلوم التي تمحورت حول دراسة الكون والطبيعة والإنسان؛ هذه العلوم التي عبّرت عن نفسها بمجموعة من الاختصاصات والفروع، وظهرت بنتاج هائل استوعب جهدًا كبيرًا للبشرية، فأصبح بسبب ضخامته وحضوره مدرسة عامة يتبنّاها العالم كلّه. فالمنهج الغربيّ في التعامل مع الطبيعة والكون والإنسان هو المنهج المعتمد اليوم في كل بلاد العالم دون استثناء. إلا إنّ المؤمنين بالإسلام متوجّسون من حركة الغرب عمومًا، لا سيّما حين ينظرون إلى نتائج هذه العلوم على مستوى علاقة الإنسان بربّه. لقد أضحت هذه العلوم علمانية بالكامل، ليس أنّها لا ترتبط باكتشاف مظاهر حضور الله وعظمته وتدبيره وربوبيته فحسب، بل أصبحت سببًا لحصول قطيعة بين الإنسان وخالقه؛ في حين أنّ هذه العلاقة هي أساس سعادة الإنسان وكماله. أضف إلى ذلك، الآثار الهدّامة المشهودة لهذه العلوم على مستوى التطبيق والتكنولوجيا.من هنا، فإنّنا ندعو إلى إعادة النظر في هذه المقاربة، والعمل على تأسيس مقاربة أدق وأوسع وأشمل تجاه الكون والإنسان والوجود تنطلق من فهم فلسفة الوجود وغايته، فتكون عاملًا مساعدًا لتحقيق الأهداف الكبرى.

معضلة الكتاب المدرسي.. لماذا ينبغي أن لا يكون هناك كتاب مدرسي؟
لعب الكتاب المدرسي دورًا مهمًّا في تقديم المعارف الميسرة في مختلف المراحل المدرسية، بأسلوبٍ يزيل عن كاهل الطلاب الكثير من الجهد؛ لكنّه في الوقت نفسه أدّى دورًا سلبيًّا للغاية يمكن اختصاره بأنّه ضيّق أفق التلميذ وأضعف دور الكتاب كمصدر للمعرفة. غالبًا ما ينظر تلميذ المدرسة إلى الكتاب على أنّه المرجع الوحيد للمعرفة. فقد تم إعداد الكتب المدرسية لتكون مغنية وافية في الظروف التي لا يمكن للتلميذ أن يصل إلى أي نوع من المصادر المعرفية المرتبطة بالقضايا التي يدرسها.

أفضل مناهج دراسة الطبيعة، لماذا يجب أن نعيد النظر في تعليم هذه المواد؟
عرفت البشرية طوال تاريخها المديد منهجين أساسيين لدراسة الطبيعة. وقد انتصر ثم هيمن أحد هذين المنهجين بعد صراع لم يدم طويلًا. كان الأول يعتمد على فلسفة البحث من خلال طرح الأسئلة المرتبطة بالموقعية الوجودية لأي كائن أو عنصر طبيعي والبحث عن سر وجوده وعلاقته بغيره.

فلتتواضع المدارس... لماذا تعدّ نزعة الاستبداد العلمي عدو التعليم؟
تمارس مدارس اليوم نوعًا من الاستبداد العلمي لا يقل خطورة عن الاستبداد الإداري الذي يضحي بإحدى أهم القيم الإنسانية المرتبطة بالحرية والاستقلالية. إنّ الحرية الفكرية التي تُعد من أهم عناصر التكامل العلمي، تتعرض في النظام المدرسي ـ ومنذ أن تم استيراد شكل المدرسة التعليمية الغربية ـ للإضعاف المستمر.

المدرسة المثاليّة ... وأهم مخرجاتها
هناك عدّة أمور تحتّم علينا تطوير مدارسنا، بدءًا من الشكل والبناء، وانتهاءً بالمناهج، مرورًا بالبيئة والأساليب والإدارة. وأحد أهم هذه الأمور هي التحدّيات المفروضة علينا، والتي لم نبدأ يومًا بمواكبتها ومواجهتها بواسطة التعليم العام وفي جبهة البيئة المدرسيّة.

ضرورة إصلاح نفقات التعليم، لماذا يعجز التعليم العام عن مواكبة التطورات؟
حين قررت الدول القومية جعل التعليم عامًا غير مقتصر على الطبقات الغنية تم اختراع الصفوف الدراسية والمدارس كما نعرفها اليوم؛ أماكن تستوعب أعدادًا كبيرة من الطلاب ضمن مراحل دراسية تتناسب مع المراحل العمرية، وتنسجم مع الرؤية الغربية لسن الرشد المحدد بالثامنة عشر.

الدور المصيري للمدرسة كيف نعدّ أبناءنا للتعامل مع قضايا الحياة الكبرى؟
كل إنسان بحاجة إلى الحكمة للتعامل مع قضايا حياته المختلفة، فالحكمة ترشدنا إلى قوانين النجاح والفشل، والحكيم هو الذي يتّخذ المواقف المناسبة انطلاقًا من فهمه وإدراكه لهذه القوانين.

كيف نفعّل الذكاء اللغويّ عند أطفالنا؟ الآثار العظيمة للتربية البيانية
يولد الإنسان ويولد معه الاستعداد التام لتعلّم أي لغة وإتقانها؛ لكن، قد يتفاوت الناس فيما بينهم من ناحية سرعة اكتساب اللغة وقوّة البيان والتعبير؛ وهنا يأتي دور التربية اللغويّة.لقد أشرنا إلى أنّ للّغة العربية نظامها الخاص الذي ينسجم مع عملية التعقّل بصورة ملفتة، وأنّ لها منطقها المميّز من حيث اكتساب المعاني والتعبير عنها. ممّا يعني شيئًا واحدًا وهو أنّنا إن عملنا وفق هذا النظام اللغويّ ومنطقه الفريد، فسوف نتمكّن من تسريع عملية بناء الفصاحة والبلاغة في شخصية أبنائنا.

تعالوا نقضي على الأمّية اللغويّة... لماذا يجب تطوير برامج تعليم اللغة العربية؟
إنّ مطالعة سريعة لمستوى اللغة العربيّة في خرّيجي المدارس الثانويّة يدلّ على مشكلة حقيقيّة، تتفاقم آثارها لتطفو على سطح الشخصية في جميع مجالات الحياة. وإذا كان ثمّة اتّفاق حول دور اللغة في بناء الفرد وأهمّيتها في حفظ ثقافة المجتمع، فإنّ الخطوة الأولى على طريق المعالجة تكمن في تحديد المستوى المطلوب لتحقيق هذه الأهداف الإسلامية.

المشروع الحضاري للتعليم العام.. كيف ننزل هذا المشروع في قالب المناهج المدرسية
السؤال الأساسي هنا هو أنّه كيف يمكن أن نجعل من المشروع الحضاري الكبير الذي نؤمن به منهاجًا دراسيًّا، بل محورًا أساسيًّا في التعليم العام، بحيث يمكن الوصول بالمتعلم إلى مستوى من الفهم والإيمان والتبني والمسؤولية تجاهه، حتى ينتقل إلى الحياة التخصصية والمهنية وقد جعل ذلك كله قائمًا عليه ومتوجهًا إليه.حين يتمكن المتعلم من رؤية الحياة كما هي في الحقيقة، لن ينخدع بعدها بهذه الظواهر: ناطحات السحاب، التكنولوجيا، الطائرات، العدد الكبير لسكان دولة، الدخل القومي الكبير.. فكل هذه المدنية وهذا العمران وهذه الآلات والأدوات لن تكون عاملًا يصرف ذهن هذا المتعلم عن حقيقة ما يجري، وسوف يجد نفسه منخرطًا بسهولة في المكان والموقف الحق الذي يعمل بصدق ووفاء على تحقيق صلاح البشرية والأرض.

المنهاج السليم في تدريس الدين... الأصول والقواعد
للنصوص الدينية وقعٌ عميق وبنّاء في النفوس، سواء كانت من القرآن الكريم وأحاديث المعصومين، أو ما صدر من علماء الدين الذين ذابوا في هذين الثقلين. وبالنسبة لنا لن نجد ما هو أبلغ وأكثر تأثيرًا من هذا التراث العظيم على مستوى ترسيخ الفضيلة والاندفاع نحو الكمال وصيانة النفوس من آفات هذا العصر.

أفضل وسيلة لتقويم شخصية الطالب المدرسي
تكاد مدارس اليوم تقف عاجزة تمامًا أمام اجتياح الأفكار والتقاليد الغربية للشباب؛ فجيل اليوم يتعرض منذ بداية حياته لكل أنواع الغزو الثقافي الذي يستهدف عقائده وقيمه وسلوكياته، من دون أن يمتلك أي قدرة على المقاومة. كل ذلك لأنّ هذا الغزو كان يتسلح بشتى أنواع المغريات والجاذبيات التي تخاطب الفطرة وتستنفر الغريزة، وتقدّم نمطًا للعيش البادي بالفرح والسعادة والحيوية والبهجة والانطلاق.هذا في الوقت الذي تفتقد برامجنا ومناهجنا للقدرة التنافسية في مجال الفرح والنشاط.إنّ عجزنا عن تقديم نمط العيش البهيج المليء بالأمل والاندفاع، يمثل أكبر ثغرة يمكن أن ينفذ منها الفكر الغربي بأدواته المختلفة.

القضايا لا العلوم محور التعليم البنّاء
يقوم التعليم المدرسي في جميع بلاد العالم على أساس وجود مجموعة من العلوم التي تمكّن الإنسان من فهم العالم وامتلاك القدرات اللازمة للتعامل معه. ومن النادر أن نجد من يناقش في أصل هذه المقاربة ويتحداها، باعتبار أنّها تستأثر وتحتكر كل طرق المعرفة البشرية.

المدرسة النموذجية: كيف ستكون المدرسة في المستقبل
إنّ القوّة الأساسيّة للمدرسة النموذجيّة تكمن في برامجها ومناهجها التي تتميّز بقدرتها على تقديم المعارف والمهارات بأحدث الطرق وأسهلها، وتعتصر كل التراث العظيم للبشريّة وتتّصل بكامل التّراث الاسلامي وتقدّمه لطلّابها عبر السنوات الدراسيّة كأحد أعظم الكنوز المعرفيّة. وهكذا يتخرّج طلّابنا وهم متّصلون بهذا البحر العظيم لكلّ الإنجازات الحضاريّة في العالم كلّه ويمتلكون القدرة التحليليّة اللازمة لتمييز الخير من الشرّ في جميع أنحائه.
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...