
أفضل تجارة وأكثرها ربحًا
السيد عباس نورالدين
حين نتأمل في عوامل الازدهار الاقتصادي لأيّ مجتمع، نجد أنّ لنشاط أبنائه وحيويّتهم وإقدامهم على العمل والإنتاج دورًا أساسيًّا فيه. لكن الذي يحقّق الازدهار الواقعي لهذا المجتمع أو ذاك هو سرعة وقوّة التداول الفعّال للثروات بين جميع شرائحه وطبقاته. ونقصد بقولنا "فعّال" كل ما يؤدي إلى زيادة حجم الأنشطة والمشاريع الاقتصادية المرتبطة باستخراج الثروات الدفينة والكامنة.
لهذا، فإنّ أفضل خدمة نقدّمها لمجتمعاتنا هي التي يكون حاصلها عمارة وصيانة النظام الاقتصادي الذي تتفعل الطاقات الاقتصاديّة في ظلها وتتوجه إلى أقصى مدياتها.
إنّه النظام الذي نحتاج إليه قبل أي شيء آخر. النظام (system) الذي يندفع الناس بسببه للمشاركة والعطاء والعمل والإنتاج والإبداع؛ وفي ظل النظام الصحيح تجري أعمال الناس بسهولة ويسر، وتقل الأعباء التي تثقل كواهلهم وتحد من حماسهم وأنشطتهم.
وليس المقصود بالنظام الانتظام والانضباط كما قد يتبادر من هذا اللفظ باللغة العربية، بل المقصود هو الوضع الذي يتجلى بطبيعة محددة من العلاقات والضوابط والقوانين الرسمية وغير الرسمية التي يعمل الناس على أساسها ويتبادلون ويتشاركون ويتحاكمون. ولهذا قد يكون النظام استبداديًّا أو فاسدًا حين يسلب الناس الكثير من الحرّيات اللازمة للعمل الفعّال أو يمتص طاقاتهم ويحوّلها إلى فئة محدّدة من الملأ والكبراء.
قد تكون شخصًا شديد الاهتمام بالفقراء والمساكين، ولديك الكثير من المساهمات التي يمكن أن تخفّف من آلام الفقر والحرمان؛ لكن مساهماتك هذه، وبدل أن تعمل على القضاء على الفقر في المجتمع، قد تكون سببًا لزيادته!. أجل، فبعض أنواع الرعاية والمساعدة قد يجعل الناس اتكاليّين أو غير راغبين بتحمل مسؤولية المخاطرة والإبداع والعمل الطويل الأمد.
من الممكن أن نذكر العديد من العوامل التي تخلق مثل هذا النظام الذي تتفاقم المشاكل الاقتصادية في ظله؛ لكن أسوأ أنواع الأنظمة هو ذاك الذي يحول دون التداول الفعّال والناشط للثروات بين مختلف شرائح المجتمع. وهذا ما يصطلح عليه بالنظام الطبقي.
ولعلّ كل المصائب التي تعصف بالمجتمع، كتفشّي الجريمة والفحشاء والظلم والانحطاط المعنوي، إنّما ترجع بالدرجة الأولى إلى حاكمية الطبقية فيه.
من هنا نفهم بعض الحكمة في حثّ الإسلام وتأكيده على الاهتمام بالفقراء والمساكين، واعتبار الزكاة قرينة الصلاة، حيث العقاب على تركها بالعذاب الأبدي. ففي قلب هذه التشريعات المالية هناك هدف واضح وجلي يتمثل في القضاء على تلك الطبقية التي تعد أم الشرور.
من الصعب، بل من المستحيل أن يتعافى أيّ مجتمع من محنة الفقر وهو محكوم لنظام طبقي يعزّز الفوارق ويزيد الهوة بين الفقير والغني. ويكاد يكون مستحيلًا أن نوفَّق في حياتنا الاقتصادية ما لم نعمل بجد واجتهاد على استبدال هذا النظام بنظام التداول الحيوي.
لهذا، إن أردنا الازدهار والغنى ينبغي أن نعمل ونشارك ونجاهد من أجل إقامة نظام إقتصادي سليم. بدءًا من ترسيخ قواعد بنيته التحتية التي تتمثل في المنظومة القيمية الإنسانية النبيلة التي أرسى الإسلام دعائمها، وشرّع كل ما هو مطلوب لتحقيقها؛ وانتهاءً بالنظام السياسي الذي يفترض أن يحرس النظام الاقتصادي السليم ويصونه.
حين تتّجه أنشطتنا الاقتصادية المختلفة نحو تشكيل هذا النظام الفعّال، فمن المتوقع أن تكتسي ثوب البركة الخاصة التي تحتاج إليها لتثمر وتنمو وتستمر.. وللأسف، فإنّ أكثر العاملين في الاقتصاد وتدبير المعاش، لا يلتفتون إلى هذه العلاقة الوطيدة بين البنى المختلفة للاقتصاد (القيم والثقافة، النظام السياسي، النظام الاقتصادي)، ربما لأننا نعيش في مجتمعات أو تحت حكومات شكلية لا تتمتع بأي نوع من الاستقلال الواقعي؛ ففي مثل هذه الحالات كيف يمكننا أن نلاحظ التأثير المباشر للثقافة والسياسة على الاقتصاد الذي تتم صياغته وإملاءه من قبل قوى خارجية مهيمنة؟
إنّ كل أنواع الأنشطة الهادفة التي تتناغم مع عملية إقامة النظام الاقتصادي السليم هي التي تمنحنا البصيرة التي نحتاج إليها لتوجيه أنشطتنا الاقتصادية، خصوصًا في أوقات المحن والأزمات؛ والأهم من ذلك أن نبصر الأمور قبل تلك الأزمات لنتقيها ونمنع حصولها.. وحين أتأمل في تراثنا الفكري وفي آراء الذين حاولوا تفسير الظواهر الاقتصادية السلبية والمؤلمة كالغلاء والفقر والبطالة، لاحظت قصورًا ملفتًا بالرغم من قربنا من تراث غني منقول عن أئمة الدين عليهم السلام. وإحدى أبرز الاستفادات من هذا التراث المعصوم هي قاعدة محكمة تقضي بأنّ كل ما يصيبنا فهو مما كسبت أيدينا.
إنّ عجزنا عن تحديد المهنة المناسبة أو المشاريع الصحيحة ينشأ بالدرجة الأولى من فقدان تلك البصيرة التي تنشأ من توجيه طاقاتنا الاقتصادية نحو الأهداف الكبرى.. ولهذا، قد نتفاجئ بعواصف الأزمات التي تودي بكل إنجازاتنا وتتركنا حيارى غير قادرين على فهم ما جرى. فإن كنّا نريد البصيرة والحكمة التي نقدر من خلالها على اختيار أفضل الأعمال والمشاريع، فعلينا قبل أي شيء أن نسلك الطريق الصحيح في النشاط الاقتصادي.
لفت نظري كثيرًا تفسير سماحة الإمام الخامنئي للإنفاق حيث يقول إنّه عبارة عن "ملء الفراغات والاحتياجات. ولو أنّكم جئتم إلى جدار هذا المسجد وطليتموه بالألوان وأنفقتم عليه المال من أجل طلائه، فهذا ليس إنفاقًا لأنّه لم يكن هناك احتياج إلى هذا العمل فقد كان هناك لون، أو صباغ، أو أنّه لم يكن هناك دهان، لكن لم يكن هناك حاجة إليه؛ وجئتم إلى تراب مسجد الإمام الحسن مثلًا وأنفقتم مبالغ ماليّة من أجل الطّلاء، فماذا تكونون قد فعلتم؟ إنّكم أهدرتم كلّ هذا الطّلاء على الأرض والتّراب. أجل، إنّه صرفٌ للمال ولكنّه ليس إنفاقًا، فالإنفاق عبارة عن تعبئة الفراغ والخلأ والاحتياج الموجود في متن المجتمع".[1]
وبالتالي، يجب أن نعيد النظر قبل أيّ شيء بطبيعة الأنشطة الاقتصادية التي نقوم بها من أجل القضاء على الفقر. فنصيب بذلك في صدقاتنا رضى الله؛ ومن أصاب رضى الله، وفّق لكل خير.
إنّ أكثر الناس يريدون بكل حبّ أن يساعدوا المساكين، ويتمنّون من أعماق قلوبهم أن يُقضى على الفقر في مجتمعهم. لكنّهم لا يعرفون إلا شكلًا واحدًا من المساهمات والأعمال التي يمكن أن تساعد على ذلك.
لو كنا نعتقد حقًا بأنّ أفضل وأصوب نشاط إقتصادي هو ذاك الذي يتحرّك على طريق القضاء على الفقر العام، لحصل لنا بفضل ذلك بصيرة تساعدنا على رؤية الأعمال والمشاريع الصائبة وتشخيصها.
أجل، إنّ التصدّق على الفقراء عمل مهم ومدر للثروة وجالب للرزق وهو أحد أعظم أسباب الغنى؛ لكن، هناك العديد من الصدقات التي لا نرى ارتباطها المباشر بالمساكين، ومع ذلك فإن مردودها على صعيد القضاء على الفقر أكبر بكثير من تلك الصدقات المباشرة.. وقد حفلت التعاليم الإسلامية بالإشارة إلى أنواع من الصدقات ذات التأثير الكبير؛ ووسعت من دائرة موضوع المستحقّين للصدقات؛ لتشمل العديد من الأشخاص كأهل العلم والجهاد والأمور المهمة التي تساهم في تحسين حياة الناس بصورة ملفتة كالبنى التحتية والشوارع والمرافق العامة و.. ويمكن أن نلاحظ في خطة الإسلام للقضاء على الفقر مراحل أساسية، هي التالية:
ففي المرحلة الأولى يتم التأكيد على المسؤوليات الاقتصادية للمسلم الغني والمقتدر تجاه الفقراء والمساكين، وما ينجم عن الإخلال بها من عقوبات شديدة في الدنيا والآخرة. وبذلك يتم ربط الدين والإيمان بهذه المسؤوليات وجعلها أمورًا لا تنفك عن المصير.
وفي المرحلة الثانية يتمّ العمل على إحياء الحسّ الإنساني الإيماني وتقويته في قلب المسلم تجاه الفقراء والمساكين والمحتاجين، ليقوى الدافع ويشتد تجاه هذه المسؤوليات الكبرى.
أما المرحلة الثالثة فتتميّز بتشكيل البصيرة والوعي العميق بشأن الدور والمشاركة الفعالة في عملية القضاء على الفقر والحرمان. وما لم تتحقق هذه المراحل الثلاث في وجدان المسلمين وسلوكياتهم، فمن الصعب أن يقوم للمجتمع المسلم قائمة ويحقق الازدهار والعزة والاقتدار المتناسب مع دوره الحضاري.
للمجتمعات الحالية ثلاث عجلات هي بمنزلة تروس جهازه الاقتصادي الذي يدور ويعمل بحسب دورانها وانسجام أسنانها وتشابكها المحكم. وحين لا تتحرّك عجلة الشرائح الدنيا كما ينبغي، فإنّ عجلة الشرائح المتوسطة والعليا، لن تتحرّك وستبتلى هي الأخرى بالمشاكل الكبرى.. لهذا، يدرك العقلاء أنّ الازدهار الواقعي لأي مجتمع يقتضي عدم إهمال عجلة الشريحة الدنيا؛ وهذا ما يحصل بواسطة العجلتين الوسطى والعليا.
وما أجمل أن نطالع هذه الأحاديث والروايات التي تشير إلى مدى اهتمام الإسلام بالصدقات والأعمال التي تحارب الفقر والحرمان.
- عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ (ص) رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الْبَادِيَةِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي بَنِينَ وَبَنَاتٍ وَإِخْوَةً وَأَخَوَاتٍ وَبَنِي بَنِينَ وَبَنِي بَنَاتٍ وَبَنِي إِخْوَةٍ وَبَنِي أَخَوَاتٍ وَالْمَعِيشَةُ عَلَيْنَا خَفِيفَةٌ، فَإِنْ رَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَدْعُوَ اللَّهَ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَيْنَا، قَالَ: وَبَكَى فَرَّقَ لَهُ الْمُسْلِمُونَ.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (ص): ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ {إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ}، مَنْ كَفِلَ بِهَذِهِ الْأَفْوَاهِ الْمَضْمُونَةِ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا صَبَّ اللَّهُ عَلَيْهِ الرِّزْقَ صَبًّا كَالْمَاءِ الْمُنْهَمِرِ، إِنْ قَلِيلًا فَقَلِيلًا وَإِنْ كَثِيرًا فَكَثِيرًا.
قَالَ: ثُمَّ دَعَا رَسُول اللَّهِ (ص) وَأَمَّنَ لَهُ الْمُسْلِمُونَ.
قَالَ: فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (ع): فَحَدَّثَنِي مَنْ رَأَى الرَّجُلَ فِي زَمَنِ عُمَرَ فَسَأَلَهُ عَنْ حَالِهِ فَقَالَ: مِنْ أَحْسَنِ مَنْ [حَوْلَهُ حَالًا] وَأَكْثَرِهِمْ مَالًا.[2] - في جواب الإمام الصادق (ع) لعبد الله النجاشي والي الأهواز، لما يرى له العمل به: ... وَإِيَّاكَ أَنْ تُعْطِيَ دِرْهَمًا أَوْ تَخْلَعَ ثَوْبًا أَوْ تَحْمِلَ عَلَى دَابَّةٍ فِي غَيْرِ ذَاتِ اللَّهِ لِشَاعِرٍ أَوْ مُضْحِكٍ أَوْ مُمْتَزِحٍ إِلَّا أَعْطَيْتَ مِثْلَهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ.
وَلْتَكُنْ جَوَائِزُكَ وَعَطَايَاكَ وَخِلَعُكَ لِلْقُوَّادِ وَالرُّسُلِ وَالْأَجْنَادِ وَأَصْحَابِ الرَّسَائِلِ وَأَصْحَابِ الشُّرَطِ وَالْأَخْمَاسِ وَمَا أَرَدْتَ أَنْ تَصْرِفَهُ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ وَالنَّجَاحِ وَالْفُتُوَّةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْحَجِّ وَالْمَشْرَبِ وَالْكِسْوَةِ الَّتِي تُصَلِّي فِيهَا وَتَصِلُ بِهَا، وَالْهَدِيَّةِ الَّتِي تُهْدِيهَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَى رَسُولِهِ (ص) مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكَ.
يَا عَبْدَ اللَّهِ اجْهَدْ أَنْ لَا تَكْنِزَ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً فَتَكُونَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْآيَةِ: الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ، وَلَا تَسْتَصْغِرَنَّ مِنْ حُلْوٍ وَلَا مِنْ فَضْلِ طَعَامٍ تَصْرِفُهُ فِي بُطُونٍ خَالِيَةٍ تُسَكِّنُ بِهَا غَضَبَ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
وَاعْلَمْ أَنِّي سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع) أَنَّهُ سَمِعَ عَنِ النَّبِيِّ (ص) يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ يَوْمًا: مَا آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ مَنْ بَاتَ شَبْعَانًا [شَبْعَانَ] وَجَارُهُ جَائِعٌ، فَقُلْنَا: هَلَكْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: مِنْ فَضْلِ طَعَامِكُمْ وَمِنْ فَضْلِ تَمْرِكُمْ وَرِزْقِكُمْ وَخَلَقِكُمْ وَخِرَقِكُمْ تُطْفِئُونَ بِهَا غَضَبَ الرَّبِّ.[3] - عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (ع) قَالَ: كَانَ الصَّادِقُ (ع) فِي طَرِيقٍ وَمَعَهُ قَوْمٌ مَعَهُمْ أَمْوَالٌ، وَذُكِرَ لَهُمْ أَنَّ بَارِقَةً فِي الطَّرِيقِ يَقْطَعُونَ عَلَى النَّاسِ فَارْتَعَدَتْ فَرَائِصُهُمْ.
فَقَالَ لَهُمُ الصَّادِقُ: مَا لَكُمْ؟ قَالُوا: مَعَنَا أَمْوَالٌ نَخَافُ أَنْ تُؤْخَذَ مِنَّا، أَفَتَأْخُذُهَا مِنَّا فَلَعَلَّهُمْ يَنْدَفِعُونَ عَنْهَا إِذَا رَأَوْا أَنَّهَا لَكَ؟
فَقَالَ: وَمَا يُدْرِيكُمْ لَعَلَّهُمْ لَا يَقْصِدُونَ غَيْرِي وَلَعَلَّكُمْ تَعْرِضُونِي بِهَا لِلتَّلَفِ، فَقَالُوا: فَكَيْفَ نَصْنَعُ نَدْفِنُهَا؟
قَالَ: ذَاكَ أَضْيَعُ لَهَا فَلَعَلَّ طَارِئًا يَطْرَأُ عَلَيْهَا فَيَأْخُذُهَا أَوْ لَعَلَّكُمْ لَا تَهْتَدُونَ إِلَيْهَا بَعْدُ.
فَقَالُوا: فَكَيْفَ نَصْنَعُ دُلَّنَا؟ قَالَ: أَوْدِعُوهَا مَنْ يَحْفَظُهَا وَيَدْفَعُ عَنْهَا وَيُرَبِّيهَا وَيَجْعَلُ الْوَاحِدَ مِنْهَا أَعْظَمَ مِنَ الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا ثُمَّ يَرُدُّهَا وَيُوَفِّرُهَا عَلَيْكُمْ أَحْوَجَ مَا تَكُونُونَ إِلَيْهَا.
قَالُوا: مَنْ ذَاكَ؟ قَالَ: ذَاكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالُوا: وَكَيْفَ نُودِعُهُ؟ قَالَ: تَتَصَدَّقُونَ بِهَا عَلَى ضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ، قَالُوا: وَأَنَّى لَنَا الضُّعَفَاءُ بِحَضْرَتِنَا هَذِهِ؟ قَالَ: فَاعْزِمُوا عَلَى أَنْ تَتَصَدَّقُوا بِثُلُثِهَا لِيَدْفَعَ اللَّهُ عَنْ بَاقِيهَا مَنْ تَخَافُونَ.
قَالُوا: قَدْ عَزَمْنَا، قَالَ: فَأَنْتُمْ فِي أَمَانِ اللَّهِ فَامْضُوا، فَمَضَوْا وَظَهَرَتْ لَهُمُ الْبَارِقَةُ فَخَافُوا، فَقَالَ الصَّادِقُ (ع): فَكَيْفَ تَخَافُونَ وَأَنْتُمْ فِي أَمَانِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟
فَتَقَدَّمَ الْبَارِقَةُ وَتَرَجَّلُوا وَقَبَّلُوا يَدَ الصَّادِقِ (ع) وَقَالُوا: رَأَيْنَا الْبَارِحَةَ فِي مَنَامِنَا رَسُولَ اللَّهِ (ص) يَأْمُرُنَا بِعَرْضِ أَنْفُسِنَا عَلَيْكَ فَنَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ وَنَصْحَبُكَ وَهَؤُلَاءِ لِيَنْدَفِعَ عَنْهُمُ الْأَعْدَاءُ وَاللُّصُوصُ، فَقَالَ الصَّادِقُ (ع): لَا حَاجَةَ بِنَا إِلَيْكُمْ فَإِنَّ الَّذِي دَفَعَكُمْ عَنَّا يَدْفَعُهُمْ.
فَمَضَوْا سَالِمِينَ وَتَصَدَّقُوا بِالثُّلُثِ وَبُورِكَ فِي تِجَارَاتِهِمْ، فَرَبِحُوا لِلدِّرْهَمِ عَشَرَةً، فَقَالُوا: مَا أَعْظَمَ بَرَكَةَ الصَّادِقِ (ع).
فَقَالَ الصَّادِقُ (ع): قَدْ تَعَرَّفْتُمُ الْبَرَكَةَ فِي مُعَامَلَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَدُومُوا عَلَيْهَا.[4] - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): التَّوْحِيدُ نِصْفُ الدِّينِ، وَاسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِالصَّدَقَةِ.[5]
- تَفْسِيرُ الْإِمَامِ العسكري (ع): فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ} مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْقُوَى [فِي الْأَبْدَانِ] وَالْجَاهِ وَالْمِقْدَارِ يُنْفِقُونَ، [وَ] يُؤَدُّونَ مِنَ الْأَمْوَالِ الزَّكَاةَ وَيَجُودُونَ بِالصَّدَقَاتِ وَيَحْتَمِلُونَ الْكُلَّ.
وَيُؤَدُّونَ الْحُقُوقَ اللَّازِمَاتِ كَالنَّفَقَةِ فِي الْجِهَادِ إِذَا لَزِمَ أَوِ اسْتُحِبَّ، وَكَسَائِرِ النَّفَقَاتِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْأَهْلِينَ وَذَوِي الْأَرْحَامِ وَالْقَرَابَاتِ وَالْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ، وَكَالنَّفَقَاتِ الْمُسْتَحَبَّاتِ عَلَى مَنْ لَمْ تَكُنْ فَرْضًا عَلَيْهِمُ النَّفَقَةُ مِنْ سَائِرِ الْقَرَابَاتِ، وَكَالْمَعْرُوفِ بِالْإِسْعَافِ وَالْقَرْضِ وَالْأَخْذِ بِأَيْدِي الضُّعَفَاء وَالضَّعِيفَاتِ.
وَيُؤَدُّونَ مِنْ قُوَى الْأَبْدَانِ الْمَعُونَاتِ، كَالرَّجُلِ يَقُودُ ضَرِيرًا وَيُنْجِيهِ مِنْ مَهْلَكَةٍ، وَيُعِينُ مُسَافِرًا أَوْ غَيْرَ مُسَافِرٍ عَلَى حَمْلِ مَتَاعٍ عَلَى دَابَّةٍ قَدْ سَقَطَ عَنْهَا، أَوْ كَدَفْعٍ عَنْ مَظْلُومٍ قَصَدَهُ ظَالِمٌ بِالضَّرْبِ أَوْ بِالْأَذَى.
وَيُؤَدُّونَ الْحُقُوقَ مِنَ الْجَاهِ بَعْدَ أَنْ يَدْفَعُوا بِهِ مِنْ عِرْضِ مَنْ يُظْلَمُ بِالْوَقِيعَةِ فِيهِ أَوْ يَطْلُبُوا حَاجَةً بِجَاهِهِمْ لِمَنْ قَدْ عَجَزَ عَنْهَا بِمِقْدَارِهِ.
وَكُلُّ هَذَا إِنْفَاقٌ مِمَّا رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى.[6] - عَنْ عَلِيٍّ (ع) قَالَ: تَصَدَّقُوا بِاللَّيْلِ فَإِنَّ صَدَقَةَ اللَّيْلِ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ فَإِنَّ الْمُنْفِقَ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَمَنْ أَيْقَنَ بِالْخَلَفِ جَادَ وَسَخَتْ نَفْسُهُ بِالنَّفَقَةِ، دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ، حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ. [7]
- قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع): دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَادْفَعُوا الْبَلَاءَ بِالدُّعَاءِ وَاسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ، فَإِنَّهَا تُفَكُّ مِنْ بَيْنِ لُحِيِّ سَبْعِمِائَةِ شَيْطَانٍ، وَلَيْسَ شَيْءٌ أَثْقَلَ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنَ الصَّدَقَةِ عَلَى الْمُؤْمِنِ، وَهِيَ تَقَعُ فِي يَدِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِي يَدِ الْعَبْدِ.[8]
- قَالَ النبي (ص): .. وَمَا عَالَ امْرُؤٌ قَطُّ عَلَى اقْتِصَادٍ، وَاسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ، أَبَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ رِزْقَ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ حَيْثُ يَحْتَسِبُونَ.[9]
- وقَالَ (ص): .. وَمَنْ أَيْقَنَ بِالْخَلَفِ سَخَتْ نَفْسُهُ بِالنَّفَقَةِ فَاسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ، وَإِيَّاكُمْ أَنْ يَمْنَعَ أَحَدُكُمْ مِنْ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَيُنْفِقُ مِثْلَهُ فِي مَعْصِيَتِهِ.[10]
- عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع) قَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا مَاتَ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: مَا قَدَّمَ؟ وَقَالَتِ النَّاسُ: مَا أَخَّرَ؟ فَقَدِّمُوا فَضْلًا يَكُنْ لَكُمْ وَلَا تُؤَخِّرُوا كُلًّا يَكُنْ عَلَيْكُمْ، فَإِنَّ الْمَحْرُومَ مَنْ حُرِمَ خَيْرَ مَالِهِ، وَالْمَغْبُوطَ مَنْ ثَقَّلَ بِالصَّدَقَاتِ وَالْخَيْرَاتِ مَوَازِينَهُ وَأَحْسَنَ فِي الْجَنَّةَ بِهَا مِهَادَهُ وَطَيَّبَ عَلَى الصِّرَاطِ بِهَا مَسْلَكَهُ.[11]
- قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع) لِمُحَمَّدٍ ابْنِهِ: يَا بُنَيَّ كَمْ فَضَلَ مَعَكَ مِنْ تِلْكَ النَّفَقَةِ؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ دِينَارًا، قَالَ: اخْرُجْ فَتَصَدَّقْ بِهَا، قَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَعِي غَيْرُهَا!
قَالَ: تَصَدَّقْ بِهَا فَإِن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُخْلِفُهَا، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ مِفْتَاحًا وَمِفْتَاحَ الرِّزْقِ الصَّدَقَةُ، فَتَصَدَّقْ بِهَا فَفَعَلَ، فَمَا لَبِثَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع) عَشَرَةَ أَيَّامٍ حَتَّى جَاءَهُ مِنْ مَوْضِعٍ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِينَارٍ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ أَعْطَيْنَا لِلَّهِ أَرْبَعِينَ دِينَارًا فَأَعْطَانَا اللَّهُ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِينَارٍ.[12] - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): تَصَدَّقُوا فَإِنَّ الصَّدَقَةَ تَزِيدُ فِي الْمَالِ كَثْرَةً وَتَصَدَّقُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ.[13]
- عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (ع) إِذَا أَصْبَحَ خَرَجَ غَادِيًا فِي طَلَبِ الرِّزْقِ، فَقِيلَ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَيْنَ تَذْهَبُ؟ فَقَالَ: أَتَصَدَّقُ لِعِيَالِي، قِيلَ لَهُ: أَتَتَصَدَّقُ؟ قَالَ: مَنْ طَلَبَ الْحَلَالَ فَهُوَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ.[14]
- عن أمير المؤمنين (ع): الصَّدَقَةُ جُنَّةٌ عَظِيمَةٌ مِنَ النَّارِ لِلْمُؤْمِنِ وَوِقَايَةٌ لِلْكَافِرِ مِنْ أَنْ يَتْلَفَ، مَنْ أَتْلَفَ مَالَهُ يُعَجَّلُ لَهُ الْخَلَفُ وَدُفِعَ عَنْهُ الْبَلَايَا {وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ}.[15]
- وعنه (ع): يَا كُمَيْلُ الْبَرَكَةُ فِي مَالِ مَنْ آتَى الزَّكَاةَ وَوَاسَى الْمُؤْمِنِينَ وَوَصَلَ الْأَقْرَبِينَ، يَا كُمَيْلُ زِدْ قَرَابَتَكَ الْمُؤْمِنَ عَلَى مَا تُعْطِي سِوَاهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَكُنْ بِهِمْ أَرْأَفَ وَعَلَيْهِمْ أَعْطَفَ وَتَصَدَّقْ عَلَى الْمَسَاكِينِ، يَا كُمَيْلُ لَا تَرُدَّ سَائِلًا وَلَوْ مِنْ شَطْرِ حَبَّةِ عِنَبٍ أَوْ شِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنَّ الصَّدَقَةَ تَنْمُو عِنْدَ اللَّهِ.[16]
- قال النبي (ص): نفقة الرّجل على أهله صدقة.[17]
- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): إِذَا أَنْفَقَ الْمُسْلِمُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةً وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً.[18]
- وقَالَ (ص): مَنْ دَخَلَ السُّوقَ فَاشْتَرَى تُحْفَةً فَحَمَلَهَا إِلَى عِيَالِهِ كَانَ كَحَامِلِ صَدَقَةٍ إِلَى قَوْمٍ مَحَاوِيجَ، وَلْيَبْدَأْ بِالْإِنَاثِ قَبْلَ الذُّكُورِ فَإِنَّ مَنْ فَرَّحَ ابْنَةً فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَ رَقَبَةً مِنْ وُلْدِ إِسْمَاعِيلَ، وَمَنْ أَقَرَّ بِعَيْنِ ابْنٍ فَكَأَنَّمَا بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنْ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أُدْخِلَ جَنَّاتِ النَّعِيمِ.[19]
- قَالَ أمير المؤمنين (ع): عَلَيْكَ بِالصَّدَقَةِ تَنْجُ مِنْ دَنَاءَةِ الشُّح.[20]
- وقَالَ (ع): صَدَقَةُ السِّرِّ تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ، وَصَدَقَةُ الْعَلَانِيَةِ مَثْرَاةٌ فِي الْمَال.[21]
- قَالَ الإمام الصادق (ع): إِنِّي لَأُمْلِقُ أَحْيَانًا فَأُتَاجِرُ اللَّهَ بِالصَّدَقَةِ.[22]
- قَالَ أمير المؤمنين (ع): إِذَا أَمْلَقْتُمْ فَتَاجِرُوا اللَّهَ بِالصَّدَقَةِ.[23]
- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): الصَّدَقَةُ بِعَشْرٍ.[24]
- رَوَى سَمَاعَةُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع): الرَّجُلُ مِنَّا يَكُونُ عِنْدَهُ الشَّيْءُ يَتَبَلَّغُ بِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، أَيُطْعِمُهُ عِيَالَهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِمَيْسَرَةٍ فَيَقْضِيَ دَيْنَهُ أَوْ يَسْتَقْرِضُ عَلَى ظَهْرِهِ فِي خُبْثِ الزَّمَانِ وَشِدَّةِ الْمَكَاسِبِ أَوْ يَقْبَلُ الصَّدَقَةَ؟
فَقَالَ: يَقْضِي بِمَا عِنْدَهُ دَيْنَهُ وَلَا يَأْكُلُ أَمْوَالَ النَّاسِ إِلَّا وَعِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي إِلَيْهِمْ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ}.[25] - قال النبي (ص): الصَّدَقَةُ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ وَتَسْتَنْزِلُ الرِّزْقَ وَتَقِي مَصَارِعَ السَّوْءِ وَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ.[26]
- قال النبي (ص): .. وَأَكْثِرُوا مِنَ الصَّدَقَةِ تُرْزَقُوا.[27]
- قَالَ أمير المؤمنين (ع): الْمَالُ يُكْرِمُ صَاحِبَهُ مَا بَذَلَهُ، وَيُهِينُهُ مَا بَخِلَ بِهِ.[28]
- كَتَبَ الرِّضَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى (ع) إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ فِيمَا كَتَبَ إِلَيْهِ مِنْ جَوَابِ مَسَائِلِهِ: أَنَّ عِلَّةَ الزَّكَاةِ مِنْ أَجْلِ قُوتِ الْفُقَرَاءِ وَتَحْصِينِ أَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَلَّفَ أَهْلَ الصِّحَّةِ الْقِيَامَ بِشَأْنِ أَهْلِ الزَّمَانَةِ وَالْبَلْوَى، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {لَتُبْلَوُنَ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}، فِي أَمْوَالِكُمْ إِخْرَاجُ الزَّكَاةِ وَفِي أَنْفُسِكُمْ تَوْطِينُ الْأَنْفُسِ عَلَى الصَّبْرِ، مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ أَدَاءِ شُكْرِ نِعَمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالطَّمَعِ فِي الزِّيَادَةِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ وَالرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ لِأَهْلِ الضَّعْفِ وَالْعَطْفِ عَلَى أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ، وَالْحَثِّ لَهُمْ عَلَى الْمُوَاسَاةِ وَتَقْوِيَةِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَعُونَةِ لَهُمْ عَلَى أَمْرِ الدِّينِ.
وَهُوَ عِظَةٌ لِأَهْلِ الْغِنَى وَعِبْرَةٌ لَهُمْ لِيَسْتَدِلُّوا عَلَى فُقَرَاءِ الْآخِرَةِ بِهِمْ، وَمَا لَهُمْ مِنَ الْحَثِّ فِي ذَلِكَ عَلَى الشُّكْرِ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِمَا خَوَّلَهُمْ وَأَعْطَاهُمْ، وَالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَالْخَوْفِ مِنْ أَنْ يَصِيرُوا مِثْلَهُمْ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَاتِ وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ وَاصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ.[29] - عن أبي عبد الله (ع): ... عَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ (ص) كَيْفَ يُنْفِقُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَتْ عِنْدَهُ أُوقِيَّةٌ مِنَ الذَّهَبِ، فَكَرِهَ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهُ فَتَصَدَّقَ بِهَا فَأَصْبَحَ وَلَيْسَ عِنْدَهُ شَيْءٌ.
وَجَاءَهُ مَنْ يَسْأَلُهُ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُعْطِيهِ، فَلَامَهُ السَّائِلُ، وَاغْتَمَّ هُوَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُعْطِيهِ، وَكَانَ رَحِيمًا رَقِيقًا.
فَأَدَّبَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ (ص) بِأَمْرِهِ فَقَالَ {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا}، يَقُولُ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ يَسْأَلُونَكَ وَلَا يَعْذِرُونَكَ، فَإِذَا أَعْطَيْتَ جَمِيعَ مَا عِنْدَكَ مِنَ الْمَالِ كُنْتَ قَدْ حَسَرْتَ مِنَ الْمَالِ.[30] - سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (ع) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}، فَقَالَ: كَانَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْأَنْصَارِيُّ ـ سَمَّاهُ ـ وَكَانَ لَهُ حَرْثٌ، وَكَانَ إِذَا أَخَذَ يَتَصَدَّقُ بِهِ وَيَبْقَى هُوَ وَعِيَالُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ سَرَفًا.[31]
- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): الْأَيْدِي ثَلَاثٌ: يَدُ اللَّهِ الْعُلْيَا وَيَدُ الْمُعْطِي الَّتِي تَلِيهَا وَيَدُ الْمُعْطَى أَسْفَلُ الْأَيْدِي، فَاسْتَعِفُّوا عَنِ السُّؤَالِ مَا اسْتَطَعْتُمْ، إِنَّ الْأَرْزَاقَ دُونَهَا حُجُبٌ، فَمَنْ شَاءَ قَنِيَ حَيَاءَهُ وَأَخَذَ رِزْقَهُ، وَمَنْ شَاءَ هَتَكَ الْحِجَابَ وَأَخَذَ رِزْقَهُ.
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلًا ثُمَّ يَدْخُلَ عَرْضَ هَذَا الْوَادِي فَيَحْتَطِبَ حَتَّى لَا يَلْتَقِيَ طَرَفَاهُ، ثُمَّ يَدْخُلَ بِهِ السُّوقَ فَيَبِيعَهُ بِمُدٍّ مِنْ تَمْرٍ وَيَأْخُذَ ثُلُثَهُ وَيَتَصَدَّقَ بِثُلُثَيْهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ حَرَمُوهُ.[32] - وقَالَ (ص): مَا مِنْ يَوْمٍ يَمُرُّ إِلَّا وَالْبَارِي عَزَّ وَجَلَّ يُنَادِي: عَبْدِي مَا أَنْصَفْتَنِي، أَذْكُرُكَ وَتَنْسَى ذِكْرِي، وَأَدْعُوكَ إِلَى عِبَادَتِي وَتَذْهَبُ إِلَى غَيْرِي، وَأَرْزُقُكَ مِنْ خِزَانَتِي وَآمُرُكَ لِتَتَصَدَّقَ لِوَجْهِي فَلَا تُطِيعُنِي، وَأَفْتَحُ عَلَيْكَ أَبْوَابَ الرِّزْقِ وَأَسْتَقْرِضُكَ مِنْ مَالِي فَتَجْبَهُنِي، وَأُذْهِبُ عَنْكَ الْبَلَاءَ وَأَنْتَ مُعْتَكِفٌ عَلَى فِعْلِ الْخَطَايَا، يَا ابْنَ آدَمَ مَا يَكُونُ جَوَابُكَ لِي غَدًا إِذَا أَجَبْتَنِي.[33]
- عن النبي (ص): ثلاث أقسم عليهنّ: ما نقص مال عبد من صدقة... وأحدّثكم حديثًا فاحفظوه: إنّما الدّنيا لأربعة نفر:
عبد رزقه اللَّه مالًا وعلمًا فهو يتّقي فيه ربّه ويصل فيه رحمه ويعلم للَّه فيه حقًّا، فهذا بأفضل المنازل.
وعبد رزقه اللَّه علمًا ولم يرزقه مالًا فهو صادق النّيّة يقول: لو أنّ لي مالًا لعملت بعمل فلان، فهو بنيّته فأجرهما سواء.
وعبد رزقه اللَّه مالًا ولم يرزقه علمًا يخبط في ماله بغير علم، لا يتّقي فيه ربّه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم للَّه فيه حقًّا، فهذا بأخبث المنازل.
وعبد لم يرزقه اللَّه مالًا ولا علمًا فهو يقول: لو أنّ لي مالًا لعملت فيه بعمل فلان فهو بنيّته، فوزرهما سواء.[34] - قِيلَ إِنَّ رَجُلًا سَأَلَ الصَّادِقَ (ع) فَقَالَ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا حَدُّ التَّدْبِيرِ وَالتَّبْذِيرِ وَالتَّقْتِيرِ؟ فَقَالَ: التَّبْذِيرُ أَنْ تَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِكَ، وَالتَّدْبِيرُ أَنْ تُنْفِقَ بَعْضَهُ، وَالتَّقْتِيرُ أَنْ لَا تُنْفِقَ مِنْ مَالِكَ شَيْئًا.
فَقَالَ: زِدْنِي بَيَانًا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ.
قَالَ: فَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) قَبْضَةً مِنَ الْأَرْضِ وَفَرَّقَ أَصَابِعَهُ ثُمَّ فَتَحَ كَفَّهُ فَلَمْ يَبْقَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ فَقَالَ: هَذَا التَّبْذِيرُ.
ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً أُخْرَى وَفَرَّقَ أَصَابِعَهُ فَنَزَلَ الْبَعْضُ وَبَقِيَ الْبَعْضُ فَقَالَ: هَذَا التَّدْبِيرُ.
ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً أُخْرَى وَضَمَّ كَفَّهُ حَتَّى لَمْ يَنْزِلْ مِنْهُ شَيْءٌ فَقَالَ: هَذَا التَّقْتِيرُ.[35] - في وصية الإمام علي (ع): .. وَلَا تَأْكُلَنَّ طَعَامًا حَتَّى تَصَدَّقَ مِنْهُ قَبْلَ أَكْلِهِ.[36]
- عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ السَّائِيِّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (ع) قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَوْصِنِي، فَقَالَ: آمُرُكَ بِتَقْوَى اللَّهِ، ثُمَّ سَكَتَ، فَشَكَوْتُ إِلَيْهِ قِلَّةَ ذَاتِ يَدِي وَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَقَدْ عَرِيتُ حَتَّى بَلَغَ مِنْ عُرْيَتِي أَنَّ أَبَا فُلَانٍ نَزَعَ ثَوْبَيْنِ كَانَا عَلَيْهِ وَكَسَانِيهِمَا، فَقَالَ: صُمْ وَتَصَدَّقْ، قُلْتُ: أَتَصَدَّقُ مِمَّا وَصَلَنِي بِهِ إِخْوَانِي وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا؟ قَالَ: تَصَدَّقْ بِمَا رَزَقَكَ اللَّهُ وَلَوْ آثَرْتَ عَلَى نَفْسِكَ.[37]
- عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ}، قَالَ: كَانَ النَّاسُ حِينَ أَسْلَمُوا عِنْدَهُمْ مَكَاسِبُ مِنَ الرِّبَا وَمِنْ أَمْوَالٍ خَبِيثَةٍ، فَكَانَ الرَّجُلُ يَتَعَمَّدُهَا مِنْ بَيْنِ مَالِهِ فَيَتَصَدَّقُ بِهَا، فَنَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ، وَإِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ.[38]
- في دعاء ورد في ليلة ثلاث وعشرين (ليلة القدر): .. رفيقٍ لَا تَنْقُصُهُ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ وَلَا يُفْقِرُهُ مَا يُغْنِيهِمْ مِنْ صَنِيعِهِ إِلَيْهِمْ.[39]
- الشَّيْخُ الطُّوسِيُّ فِي الْمُتَهَجِّدِ، وَالسَّيِّدُ عَلِيُّ بْنُ طَاوُسٍ فِي جَمَالِ الْأُسْبُوعِ، مُرْسَلًا: مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ فَلْيَصُمْ يَوْمَ الثَّلَاثَاءِ وَالْأَرْبِعَاءِ وَالْخَمِيسِ، فَإِذَا كَانَ الْعِشَاءُ تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ قَبْلَ الْإِفْطَارِ، فَإِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَفَرَغَ مِنْهَا سَجَدَ وَقَالَ فِي سُجُودِهِ:
"اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ وَاسْمِكَ الْعَظِيمِ وَعَيْنِكَ الْمَاضِيَةِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَنْ تَقْضِيَ دَيْنِي وَتُوَسِّعَ عَلَيَّ فِي رِزْقِي".
فَمَنْ دَامَ عَلَى ذَلِكَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ رِزْقَهُ وَقَضَى دَيْنَهُ.[40]
[1]. الفكر الإسلامي على ضوء القرآن الكريم، ص 77 - 78.
[2]. مستدرك الوسائل، ج13، ص 38 - 39.
[3]. وسائل الشيعة، ج17، ص 208 – 209.
[4]. بحار الأنوار، ج93، ص 120.
[5]. بحار الأنوار، ج73، ص 316.
[6]. مستدرك الوسائل، ج15، ص 218 - 219.
[7]. وسائل الشيعة، ج9، ص 402.
[8]. الكافي، ج4، ص 3.
[9]. تحف العقول، ص 60.
[10]. إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج1، ص 133.
[11]. مستدرك الوسائل، ج7، ص 157.
[12]. الكافي، ج4، ص 9 – 10.
[13]. الكافي، ج4، ص 9.
[14]. الكافي، ج4، ص 12.
[15]. بحار الأنوار، ج10، ص 113.
[16]. تحف العقول، ص 172.
[17]. نهج الفصاحة، ص 787.
[18]. بحار الأنوار، ج101، ص 70.
[19]. بحار الأنوار، ج101، ص 69.
[20]. تصنيف غرر الحكم، ص 395.
[21]. تصنيف غرر الحكم، ص 395.
[22]. بحار الأنوار، ج75، ص 206.
[23]. نهج البلاغة، ص 513.
[24]. مستدرك الوسائل، ج7، ص 154.
[25]. من لا يحضره الفقيه، ج3، ص 184.
[26]. بحار الأنوار، ج74، ص 165.
[27]. بحار الأنوار، ج74، ص 176.
[28]. تصنيف غرر الحكم، ص 378.
[29]. من لا يحضره الفقيه، ج2، ص 8 – 9.
[30]. الكافي، ج5، ص 67 - 68.
[31]. الكافي، ج4، ص 55.
[32]. الكافي، ج4، ص 20.
[33]. إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج1، ص 53.
[34]. نهج الفصاحة، ص 400.
[35]. إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج1، ص 138 - 139.
[36]. الأمالي (للمفيد)، ص 222.
[37]. الكافي، ج4، ص 18.
[38]. بحار الأنوار، ج93، ص 168.
[39]. بحار الأنوار، ج95، ص 161.
[40]. مستدرك الوسائل، ج6، ص 111.

روح المجتمع
كتابٌ يُعدّ موسوعة شاملة ومرجعًا مهمًّا جدًّا يمتاز بالعمق والأصالة لكلّ من يحمل همّ تغيير المجتمع والسير به قدمًا نحو التكامل، يحدد للقارئ الأطر والأهداف والسياسات والمسؤوليات والأولويّات والغايات المرحليّة والنهائيّة في كلّ مجال من المجالات التي يمكن أن تشكّل عنصرًا فعّالًا في حركة التغيير، على ضوء كلمات قائد الثورة الإسلاميّة المعظّم روح المجتمع الكاتب: الإمام الخامنئي/ السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*25غلاف كرتوني: 932 صفحةالطبعة الأولى، 2017م ISBN: 978-614-474-020-0 سعر النسخة الملوّنة: 100$سعر النسخة (أبيض وأسود): 34$ للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراءه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

معادلة التكامل الكبرى
يقدّم رؤية منهجيّة تربط بين جميع عناصر الحياة والكون وفق معادلة واحدة. ولهذا، فإنّك سوف تلاحظ عملية بناء مستمرّة من بداية الكتاب إلى آخره، تشرع بتأسيس مقدّمات ضروريّة لفهم القضية ومنطلقاتها، ثمّ تمرّ على ذكر العناصر الأساسية للحياة، لتقوم بعدها بالجمع بينها والتركيب، لتخرج في النهاية بمعادلة شاملة لا تترك من مهمّات الحياة شيئًا. معادلة التكامل الكبرى الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 21.5*28غلاف ورقي: 336 صفحةالطبعة الأولى، 2016مالسعر: 15$ تعرّف إلى الكتاب من خلال الكاتب للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم أن تطلبوه عبر موقع جملون على الرابط التالي:

مختصر معادلة التكامل
هذه الطبعة المختصرة لكتاب "معادلة التكامل الكبرى" الذي يبيّن مدى سعة الإسلام وشمول رؤيته ومنهجه لكلّ شيء في الوجود. كيف لا؟ والله عزّ وجل هو المبدأ والمنتهى.. نقدّمها لقرّائنا الذين يودّون أن يحصلوا على معرفة أوّليّة بتلك المعادلة الكبرى، أو للذين لا يجدون الوقت الكافي لمطالعة الكتب الكبيرة. مختصر معادلة التكامل الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 200 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

كيف أحيا مسلمًا وأعيش سعيدًا
في عالم اليوم حيث تتلاقى الحضارات وتتصادم الثقافات، تبرز الأديان كمحور أساسي في كل هذا التفاعل. وما أحوجنا إلى تقديم ثقافتنا الأصيلة في بعدها العملي المعاش الذي يطلق عليه عنوان نمط العيش.وفي هذا الكتاب سعى المؤلف إلى عرض القيم الإسلامية المحورية في قالب الأسلوب والنمط الذي يميز حياة المسلم الواقعي الذي ينطلق من عمق إيمانه والتزامه بمبادئ الإسلام وقيمه السامية. كيف أحيا مسلمًا وأعيش سعيدًا الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 288 صفحة الطبعة الأولى، 2019مISBN: 978-614-474-037-8 السعر: 12$

فن تدبير المعيشة (١)
تدبير المعاش يتطلب مهارات عديدة. ولكن ينبغي أولا أن نتعرف إلى هدف العيش في هذه الدنيا وابعاده. لأن المعاش الصحيح ينطلق من مبادئ صحيحة. وبعد ذلك يصبح مهارة وفنا يحتاج إلى الحكمة والممارسة السليمة. فما هي هذه المبادئ وكيف نطبقها تطبيقًا صحيحًا؟

اجعل حسابك المصرفي عند الله
يخزن الناس أموالهم في البنوك ويودعونها الخزائن المغلقة ثم يحفظون في ذاكرتهم الأرقام التي تمثل عدد ما جمعوا من مال ومقتنيات. وكلّما سمعوا بالفقر أو احتاجوا للشعور بالغنى استذكروا تلك الأرقام، أو نظروا إلى تلك المقتنيات عسى أن ترتاح نفوسهم أو تسعد قلوبهم؛ وإذا أرادوا أن يطردوا عن أنفسهم هاجس الفقر، أسرعوا للشراء والاقتناء.. ومع ذلك كلّه، يبقى القلب فارغًا والنفس مضطربة.

الطريق الصحيح لتأمين المعيشة : كيف نتجنب فتنةً لا تصيب الذين ظلموا خاصّة؟
تحفل النّصوص الدّينيّة بالتّصريحات والإشارات الهادية إلى حياة الكفاف والغنى والنّجاة من الحرمان والفقر. وأوّل دلالات هذه النّصوص (من آيات وأحاديث وأدعية) هي أنّ الله تعالى لا يريدنا أن نعيش في حالٍ من العوز والهمّ المانع من تحصيل الفضائل والسّعي نحو الكمال وبلوغ المقصد الأعلى في ظلّ عبادة الله.وباختصار، لا يمكن مع كلّ هذه الشّواهد أن يظنّ المسلم أنّ الفقر أمرٌ جيّد أو مقبول في الدّين والرّؤية الإسلاميّة، حتّى أنّه قد ورد في بعض الأحاديث "كاد الفقر أن يكون كفرًا".

لماذا ينبغي أن نكدح في الحياة؟.. وهل يكفي الجد لتأمين المعاش؟
قال الله تعالى: {يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقيه}. الكدح والكد والجد والاجتهاد تجليات لصدق الطلب وشدة الرغبة. فمن طلب الله ورغب بلقائه ترك الدعة والراحة وانطلق ناشطًا في ميادين العمل والسعي؛ فكيف إذا آمن بأنّ هذه الحياة الدنيا ليست سوى محطة عابرة أو جسر للعبور وفرصة للوصول. يطلب أهل الدنيا الراحة والاستقرار فيها، وهم عما ينتظرهم بعدها غافلون. ويرون كل مجاهد مضحٍ أو عامل كادح مسكينًا، ويأسفون على تضييع عمره بالتعب والعناء. وتتسلّل كلماتهم هذه إلى نفوسنا، وقد تعشعش في قلوبنا، بطريقة تفرّخ شعورًا بالذل والهوان عند كل تعب أو عرق. هذا، وأكثر التعب كما يقال يأتي من كراهية التعب!

تعالوا إلى بساطة العيش. كيف تكون الحياة البسيطة وسيلة لتكامل الإنسان؟
كثيرًا ما نسمع في أوساطنا مدحًا وتمجيدًا لبساطة العيش. ولطالما ذُكرت هذه المزيّة كإحدى أهم خصائص العالِم الزاهد. وما أكثر ما تُطلق الدّعوات الموجّهة لطلّاب العلوم الدينيّة ليختاروا بساطة العيش.

إذا أردت الغنى فعليك بحسن التدبير
حسن التدبير يعني الاستفادة المثلى من الإمكانات الظاهرة المتاحة، وتحويل الكامن والباطن منها إلى متاح، واستجلاب ما لم يكن بالحسبان! أجل، فحسن التدبير يرتبط بجميع إمكانات العالم وثرواته، الظاهر منها والباطن؛ قال الله تعالى في كتابه العزيز: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَة}، {وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُون}، {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب}؛ وعن أمير المؤمنين (ع): "الْمُؤْمِنُ سِيرَتُهُ الْقَصْدُ وَسُنَّتُهُ الرُّشْدُ".

كيف تصبح غنيًّا.. وتعيش سعيدًا
الغنى عزٌّ، والله تعالى يريد العزّة لعباده المؤمنين. والفقر ذلٌّ وسواد الوجه في الدارين، والله لا يريد إذلال أوليائه وتحقيرهم.. الغنى خيار، وليس مجرّد قضاء وقدر ينزل على الإنسان لمجرّد الابتلاء. فكلّ إنسانٍ باستطاعته أن يصبح غنيًّا! وإذا كان من أولياء الله من اختار الفقر، فذلك لسببٍ خاصّ وموضعيّ يرتبط بطبيعة دوره في المجتمع.

6 عوامل.. من أجل اقتصادٍ مزدهر
إنّ المعادلة الكبرى لأي ازدهار اقتصادي تكمن في حقيقة أساسيّة وهي كفاية الأرض لتأمين الحاجات الأساسية لأهلها. لكن هذا العطاء يحتاج إلى عملٍ ذكيّ وتعاملٍ حكيم. وحين يجوع أي شعب في الأرض فهذا يدل على وجود خطأ ما في سلوكه ونمط عيشه وإدارته. وانطلاقًا من هذه القاعدة يوجد ستّة عوامل أساسيّة لتحقيق الازدهار، هي في الواقع بمثابة تطبيق وتفصيل لها.

ما معنى القناعة كنز لا ينفد؟ في البحث عن المعنى الحقيقيّ للغنى
أعظم أسباب الغنى القناعة. وسرّ ذلك أنّ الغنى هو شعور أكثر من أن يكون مجرّد إدراك للواقع. لكنّه ليس شعورًا نخترعه نحن، لأنّه إن انفصل عن الواقع، سرعان ما يزول ليحل محلّه شعور آخر أسوأ من الإحساس بالفقر والحرمان؛ فلا شيء أقوى من الواقع؛ لكن الواقع الذي نعرفه هو واقعٌ جميل مليء بالألطاف والرحمة؛ وكيف لا يكون كذلك وهو يد الله تعالى وتجلياته.

ما هي أهم أسباب الرزق؟.. وأيّها نعتمد؟
هل يمكن للإنسان أن يسلك طريقًا واضحًا لتأمين رزقه فلا يخيب؟ أم أنّ الرزق أمرٌ غيبيّ بيد الله وحده، لا يمكن للإنسان أن يتعرّف إلى أسبابه مهما فعل؟ في الحديث الشريف: "أَبَى اللَّهُ أَنْ يُجْرِيَ الْأَشْيَاءَ إِلَّا بِأَسْبَاب"؛ ما يعني أنّ لكلّ شيء في هذا العالم أسبابًا وعللًا توجده وتحقّقه، وإن كان كل شيء يرجع إلى الله في الأصل..

معيشتنا تحدّد مصيرنا
أجل، معيشتنا تحدّد مصيرنا الأبديّ. فقليل من التأمّل في تحدّيات العيش في الدنيا يجعلنا ندرك كم هي عميقة هذه القضيّة وكم هي مرتبطة بقضايا الكون الكبرى.

الاقتصاد الحقيقيّ: من منّا لا يحلم باقتصادٍ مزدهر يحقّق أعلى درجات الرّفاهية!
تصوّر أنّك تعيش في بلدٍ لا يهمّك فيه تحديث سيّارتك ولا تلفازك ولا هاتفك ولا أجهزتك الإلكترونيّة!وتصوّر أنّك لا تعيش همّ كلفة الطّاقة التي تحتاج إليها لاستعمال سيّارتك وأجهزة التدفئة والتبريد وما لا يحصى من الآلات والوسائل!

أفضل سبل مكافحة البطالة... لماذا يجب أن نعيد النظر بشأن العمل؟
إنّ عدد سكّان الأرض قد ناهز المليارات السبعة، والقوّة العاملة فيهم تبلغ عدّة مليارات؛ لكن المتتبّع لأسواق العمالة والبطالة يلاحظ أنّ نسبة ملفتة من تلك القوّة العاملة لا تجد العمل المناسب لمعيشتها، وأنّ نسبة أخرى قد تبلغ حوالي العشرة في المئة من المجموع العام لا تجد عملًا من الأساس!

مفاتيح الرزق العجيبة.. اغتنام الفرص الصغيرة يفتح عليك الكبيرة
إنّ احتياجنا المبرم للرزق يجعلنا نواجه الكثير من الاختبارات والبلاءات والفتن. وأحد أكبر هذه الاختبارات هو امتحان العبودية. فإذا نجحنا فيه انفتحت علينا أبواب السماوات ومفاتيح خزائن الأرض. العبودية هي شعور خاص تجاه خالقنا وربّنا. لكنّه ليس مجرّد شعور؛ فهو شيء ينبع من الاعتقاد والإيمان ويتجلّى في العمل. وبعض هذه التجليات العملية والشعورية تظهر في علاقتنا بكل ما حولنا..

6 أصول للغنى والكفاف في المعيشة
لقد استضافنا الله في هذه الأرض لا ليحرمنا ويجعل عيشنا كدًّا كدًّا، بل أراد لنا أن نسعى فيها نحو الآخرة. وقد صرّح النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) بهذه الضمانة حين قال: "أيُّهَا النَّاسُ أَقْبِلُوا عَلَى مَا كُلِّفْتُمُوهُ مِنْ إِصْلَاحِ آخِرَتِكُمْ وَأَعْرِضُوا عَمَّا ضُمِنَ لَكُمْ مِنْ دُنْيَاكُم".

بحثًا عن أسباب الرزق والغنى... فكّر فيما لا يفكر فيه الناس
كل من يتأمّل في طبيعة موارد الأرض وحجم إمكاناتها، لا يشك لحظة واحدة بأنّ هذا الكوكب الساحر يحتوي على كل ما يحتاجه الناس، ولو بلغ عددهم أضعاف ما هم عليه اليوم. ويدرك تمامًا خطأ أصحاب الأفكار المالتوسية.حين سُئل "جورج برنارد شو"، الأديب البريطاني الساخر، عن مشكلة العالم الأساسية أجاب بطريقته المعهودة قائلًا: "إنها تشبه شعر رأسي، زيادة في الإنتاج وسوء في التوزيع". والكل يعلم أنّ هذا الأديب كان كثيف اللحية أصلع الرأس

نحو اقتصاد عائلي ذكي
العنوان الأبرز في الدين هو أنه دين يحقق للبشرية سعادة الدنيا والآخرة. ولا سعادة في الدنيا مع الفقر والعوز والحرمان. فكيف نفسّر فقر عدد كبير من المسلمين وما هي الأصول الدينية الأساسية التي تحقق للمسلم رفاهيته وسعادته في الدنيا إن هو إلتزم بها؟. ما هي الاجراءات المهمة التي ينبغي ان نعمل عليها من أجل بناء حياة معيشية سليمة تضمن لنا تحقيق سعادة الدنيا والآخرة. وما هي الاخطاء القاتلة التي يمكن ان نرتكبها على صعيد الاقتصاد، فتؤدي إلى تعاستنا في الدنيا والآخرة.

لا عقل كالتدبير
ما هي أهمية العقل ودوره في الحياة؟وكيف تتجلى نعمة العقل في سلوكنا ونمط عيشنا؟
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...