
المسلم الواقعي صديق البيئة
السيد عباس نورالدين
ينشأ المسلم الواقعي في ظل ثقافة تحترم الطبيعة وتكرم كائناتها، حتى لو كانت أحجارًا وجمادات.. لك أن تتصوّر هذا المسلم وهو يفتخر بوضع أحجار يتختّم بها في أصابع يده تكريمًا لها؛ بل إنّه يعتقد بتأثيرها الكبير على حياته! فكيف سيكون الأمر بالنسبة للنباتات والحيوانات؟ فكيف يكون حاله مع الإنسان، وقد أكرم الله المؤمن وجعل حرمته أعظم من حرمة بيته بسبعين مرّة.
ومع ذلك، ينبغي أن نعترف أنّ انحرافًا كبيرًا قد وقع داخل الأمّة الإسلامية، قاده تيار معروف بالمزايدة على الآخرين، وقد أدّى إلى تهشيم كلّ المفاهيم الراقية التي جاء بها الإسلام. وللأسف فإنّ أصحاب هذا التيّار وجدوا فرصة مناسبة للسيطرة على المسلمين من خلال المزايدة على من سواهم في تمجيد الله تعالى.. فلأجل أن يظهروا بمظهر من يعظّم الله أكثر من الآخرين، أمعنوا في احتقار مخلوقاته.
ومن تأمّل في أحوال هؤلاء لم يجد فيهم سوى الجفاف الروحي والجلافة والتحجّر، لأنّ من ينقطع عن مخلوقات الله فسوف يقطع ارتباطه بالله. فالله عزّ وجل لم يخلق كل هذا الكون وهذا التنوّع الهائل في الكائنات، إلا ليكونوا وسيلتنا لندرك عظمته ومجده. ومن لم يعظّم مخلوقات الله، لا يمكن أن يعظّم الله. ولهذا قال النبيّ الأكرم (ص): "وَمَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ".[1]
إنّ التقدير والشكر والاحترام والتعظيم حالات وجدانية امتزجت في أصل خلقتنا. ولا يمكن أن تكون إنسانًا سويًّا ولا تنفعل أمام كل عظيم ومحسن وفريد.
إنّ عالم الطبيعة بالنسبة للمسلم الواقعيّ هو المحل الذي يتعرّف فيه على الله، ويكتشف عظمته وقدرته وجبروته. فإذا انقطعنا عن هذا العالم أو أفسدناه، فسوف نفقد فرصتنا الوحيدة لتحقيق هذا الهدف الذي خلقنا الله من أجله. لذلك نجد كيف أنّ أمير المؤمنين عليه السلام يدافع عن هذا العالم أمام من كان يذمّه ويشتمه، ويقول: "إنّ الدنيا ... مَسْجِدُ أَحِبَّاءِ اللَّهِ وَمُصَلَّى مَلَائِكَةِ اللَّهِ وَمَهْبِطُ وَحْيِ اللَّهِ وَمَتْجَرُ أَوْلِيَاءِ اللَّه".[2]
أجل، لقد تمحورت عملية الخلق كلّها حول هذه الأرض. وقد خلق الله تعالى أحبّ الناس إليه من أجل الأرض أيضًا. مثلما كانت الأرض محل ظهور عظمة هذا الإنسان وعلوّ شأنه. ومن سمع قول الله تعالى وفَهمه يعلم أنّ الأرض كانت محل ظهور غاية خلق الإنسان وإيجاده. وبسبب هذه المكانة التي جعلها الله لهذا الإنسان الذي استخلفه على الأرض، صارت الملائكة مأمورة بالسجود له وطاعته واتّباعه.
للأرض ثلاثة أحوال وأوضاع. فالوضع الأوّل لها هو تلك الهيئة التي كانت عليها يوم أهبط الله آدم (عليه السلام)، حيث كانت جاهزة مستعدّة لعمل الإنسان الصالح. والوضعية الثانية هي التي تكون فيها مضطربة بأنواع الكوارث والمشاق والصعاب والقحط والحر والبرد والشح؛ الحال الذي يتسبّب به الناس بما كسبت أيديهم.
أمّا الوضعية الثالثة للأرض فهي التي ستتحقّق في آخر الزمان على يد الصالحين الذي سيرثونها بوعد الله تعالى، حيث ستشرق بنور ربّها ويصبح كل شيء فيها مناسبًا لعيش الإنسان بكرامة تبعث فيه الغنى عن الأعمال الفاسدة والمضرّة والهدّامة وتوجّهه نحو الفضائل والكمالات والروحانيات.
والمسلم الواقعيّ ينظر إلى هذه الأرض من موقع المسؤولية الكبرى؛ وهو يعلم أنّه لن يدخل الجنّة أحد من العالمين، ما لم يتحقّق الهدف النهائيّ من خلقها.. ولهذا، فإنّ كل من مات ويموت قبل تحقّق هذا الهدف، سيبقى منتظرًا في سمائه إن كان مصلحًا أو في أرض سافلة إن كان مسيئًا.
إنّ جميع العبادات والطاعات والقربات والأعمال الصالحة التي يلتزم بها هذا المسلم في حياته، يُفترض أن يكون نتاجها وأثرها الأوّل والمباشر على صعيد إصلاح الأرض.
فحين يتوضّأ هذا المسلم أو يحج أو يصوم أو يجاهد الكفّار أو حتى يذبح ذبيحة ليأكلها أو يطعم بها فقيرًا، فإنّ مردود ذلك كلّه سيعود على جسده وأجساد من حوله، وكل كائنات الأرض، بأثرٍ إيجابي يكون في الحدّ الأدنى منعًا أو حدًّا لفساد. وهذا هو الأثر الأوّل لوجود المسلم الواقعيّ على الأرض.
أمّا الأثر الثاني لعبادات المسلم والتزامه بدينه الحنيف على صعيد حياة الأرض ـ بعد الحد من الفساد ـ فهو يتمثل في بداية مرحلة إصلاحية لما كان من فساد؛ ليأتي الأثر الثالث في المرحلة التي تلي، وهو على صعيد تبديل الأرض إلى هيئة تتناسب مع الهدف الأسمى والمقصد الأعلى من وجودنا والمتمثّل بمعرفة الله وطاعته ولقائه.
كانت المهمّة الأولى للبشر على هذه الأرض عبارة عن تطبيق هذه الخطّة بمراحلها الثلاثة؛ لكن أكثرهم نسوا ذلك حين سيطر الشيطان على نفوسهم.. وحين يتوجّه المسلم إلى هذه الآثار ويُقبل عليها ويتمنّاها، فإنّ عباداته هذه تصبح عاملًا أساسيًّا لتكامله الروحيّ والمعنويّ؛ وهو يعلم أنّ الله تعالى لا يقبل عبادة عبد، وإن كانت نابعة من قلبٍ صادق، ما لم تتوافق مع خطّة إصلاح الأرض وتبديلها.
إنّ حساسيّة المسلم الشديدة تجاه قضية الأرض المحورية، تجعل حياته مناقضة تمامًا لحياة المترفين والمسرفين الذين يفسدون في الأرض. حتى أولئك الذين يدّعون أنهم حماة البيئة ولكن حياتهم لا تنسجم مع ذلك.. لهذا، فإنّ نمط العيش الإسلامي يتميز عن كل نمط آخر بتمحوره قبل أي شيء حول مهمّة إصلاح الأرض؛ وهو لا يعد ذلك أمرًا ثانويًّا أو هامشيًّا. فالأرض أمانة الربّ التي سنُسأل عنها يوم القيامة.
لو حسبنا الآثار المدمّرة لصناعة الخمور والمسكرات في العالم، لعلمنا أنّ الكثير من الفساد البيئيّ يمكن أن يزول لو توقّف الناس عن شربها. ولهذا، يمكن للمسلم أن يفتخر بدينه على كلّ العالمين، لأنّ دينه نهاه عن صناعة الخمر وتناوله وبيعه ومجالسة من يتناوله.
لن تجد تشريعًا إسلاميًّا واحدًا يمكن أن يكون مهلكًا أو مؤذيًا للبيئة. بل ستجد أنّ كلّ التشريعات التي يلتزم بها المسلم تساهم بشكلٍ واضح في إصلاح الأرض. وهناك العديد من التشريعات الإسلامية التي تندرج تحت عنوان المكروهات وهي في الواقع ترتبط بهذه القضية بالذات.
خذ على سبيل المثال حكم كراهية بيع الطعام، والذي يتجلّى بوضوح في المطاعم. فحين نتأمّل في هذه الصناعة الهائلة، التي تملأ العالم كلّه، نجدها مسؤولة عن نسبة كبيرة من الهدر والتبذير والإسراف، وما يلحق بهذه الآثار من تدمير للبيئة باستنزاف مواردها.. وسوف يأتي العصر الذي يتعرّف فيه الناس على نوعٍ آخر من المطاعم الصديقة للبيئة إن شاء الله، حين يجعلون مأكلهم ومطعمهم منسجمًا مع تعاليم الدين الإسلامي.
يجتنب المسلم كل أشكال الإسراف والتبذير لأنّها عند الله من الكبائر التي تسلبه التوفيق والنعمة والكرامة. ولو اجتنب الناس العادات السيّئة، التي تؤدّي إلى هذه الأمور، لصلُح الكثير من وضع أمّنا الأرض. ولا ينحصر الأمر في العنوان والادّعاء، لأنّ السر كلّه في التفاصيل. فكل إسراف وتبذير إنّما ينبع من نمط العيش الذي يختاره الناس بعيدًا عن تعاليم السماء.
وفي الوقت نفسه، يلتزم المسلم الواقعيّ بمجموعة كبيرة من التوصيات والإرشادات الإسلامية التي تجعله، من حيث لا يشعر، منخرطًا في عملية إحياء الأرض وتوفير خيراتها. فالأمر لا ينحصر في الامتناع والاجتناب والترك، بل هناك الكثير من الأعمال الإيجابية التي ينبغي أن يقوم بها المسلم، والتي يكون لها تأثير كبير على صعيد صلاح الأرض.
المسلم مثلًا يحب أكل لحم الضأن لأنّ دينه يحبّب إليه ذلك. ويجتنب أكل السباع والكواسر والكثير من بهائم الأرض، لأنّ دينه ينهاه عن ذلك. وبهذه الطريقة يساهم في فرض توازن بيئيّ مذهل. وهو يحب أكل الرمّان ويلتزم بتناول العديد من الفاكهة والخضار انطلاقًا من تقيّده ببرنامج الشريعة. ويستخدم الكثير من موارد الأرض لإصلاح عيشه وبدنه. وفي ظلّ هذه الممارسات والأنظمة نجد أنّ اقتصاد المجتمع سيتّجه بصورة تلقائية نحو الإنتاج الذكيّ الذي ينسجم مع عملية إصلاح الطبيعة والبيئة.
فإذا امتنع المسلم عن شيء فذلك لمصلحة الأرض، وإذا قام بشيء، فلأجل ذلك أيضًا.. لهذا تحبّ الأرض هذا المسلم وتدعو له وتريد أن يكثر من نسله، وسوف تشهد له عند الله يوم القيامة.
[1]. نزهة الناظر وتنبيه الخاطر، ص 27.
[2]. نهج البلاغة، ص 493.

مختصر معادلة التكامل
هذه الطبعة المختصرة لكتاب "معادلة التكامل الكبرى" الذي يبيّن مدى سعة الإسلام وشمول رؤيته ومنهجه لكلّ شيء في الوجود. كيف لا؟ والله عزّ وجل هو المبدأ والمنتهى.. نقدّمها لقرّائنا الذين يودّون أن يحصلوا على معرفة أوّليّة بتلك المعادلة الكبرى، أو للذين لا يجدون الوقت الكافي لمطالعة الكتب الكبيرة. مختصر معادلة التكامل الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 200 صفحةالطبعة الأولى، 2017مالسعر: 6$للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

معادلة التكامل الكبرى
يقدّم رؤية منهجيّة تربط بين جميع عناصر الحياة والكون وفق معادلة واحدة. ولهذا، فإنّك سوف تلاحظ عملية بناء مستمرّة من بداية الكتاب إلى آخره، تشرع بتأسيس مقدّمات ضروريّة لفهم القضية ومنطلقاتها، ثمّ تمرّ على ذكر العناصر الأساسية للحياة، لتقوم بعدها بالجمع بينها والتركيب، لتخرج في النهاية بمعادلة شاملة لا تترك من مهمّات الحياة شيئًا. معادلة التكامل الكبرى الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 21.5*28غلاف ورقي: 336 صفحةالطبعة الأولى، 2016مالسعر: 15$ تعرّف إلى الكتاب من خلال الكاتب للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم أن تطلبوه عبر موقع جملون على الرابط التالي:

خطة الإسلام 2
إذا كان الاسلام هو خطة الله للعالم وللبشرية والمصير.. فكيف كانت هذه الخطة تطبق على يد الأنبياء منذ بداية عصور الرسالة، وإلى أين وصلت مع مجيء خاتم الأنبياء وبعثته. وماذا حل بهذه الخطة بعد وفاته وإلى يومنا هذا.. هذا ما يجيب عنه هذا الكتاب ويضعنا أمام سياق تاريخي مفعم بالأمل. خطة الإسلام 2 الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*13 غلاف ورقي: 144 صفحة الطبعة الأولى، 2011م يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقعي: النيل والفرات: https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=0وموقع جملون:https://jamalon.com/ar/catalogsearch/result/?q=مركز+باء

خطة الإسلام 1
يهدف هذا الكتاب إلى عرض الدين كما جاء به رسول الله (ص) : خطة إلهية محكمة تهدف إلى تغيير العالم وتبديل الأرض وإيصال الناس إلى سعادتهم المطلقة.. فكيف يمكن أن تظهر هذه الخطة الإلهية في الاسلام. خطة الإسلام 1 الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*13 غلاف ورقي: 40 صفحة الطبعة الأولى، 2009م يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقعي: النيل والفرات: https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=0وموقع جملون:https://jamalon.com/ar/catalogsearch/result/?q=مركز+باء

خطة الإسلام 3
إذا كان الاسلام هو خطة الله للعالم، فما هي مبادئ هذه الخطة وأصولها؟ وكيف يمكن لنا أن نكتشف التفاصيل المهمة التي ترتبط بتطبيقها في زماننا وفي كل زمان.. كتاب يعمّق الوعي بشأن أعظم قضية في الحياة. خطة الإسلام 3 الكاتب: السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*13 غلاف ورقي: 208 صفحات الطبعة الأولى، 2014م يمكن الحصول على الكتاب خارج لبنان عبر موقعي: النيل والفرات: https://www.neelwafurat.com/locate.aspx?search=books&entry=بيت%20الكاتب&Mode=0وموقع جملون:https://jamalon.com/ar/catalogsearch/result/?q=مركز+باء

روح المجتمع
كتابٌ يُعدّ موسوعة شاملة ومرجعًا مهمًّا جدًّا يمتاز بالعمق والأصالة لكلّ من يحمل همّ تغيير المجتمع والسير به قدمًا نحو التكامل، يحدد للقارئ الأطر والأهداف والسياسات والمسؤوليات والأولويّات والغايات المرحليّة والنهائيّة في كلّ مجال من المجالات التي يمكن أن تشكّل عنصرًا فعّالًا في حركة التغيير، على ضوء كلمات قائد الثورة الإسلاميّة المعظّم روح المجتمع الكاتب: الإمام الخامنئي/ السيد عباس نورالدين الناشر: بيت الكاتب حجم الكتاب: 19*25غلاف كرتوني: 932 صفحةالطبعة الأولى، 2017م ISBN: 978-614-474-020-0 سعر النسخة الملوّنة: 100$سعر النسخة (أبيض وأسود): 34$ للحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراءه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

الإسلام كما عرفته وآمنت به
هذا الكتاب مساهمة في ترسيخ حوار القيم والمشتركات في زمن يبحث فيه الجميع عن التلاقي. ولا شيء أفضل في هذا المجال من إظهار بعض جمال ما نؤمن به ونعتنقه. الإسلام كما عرفته وآمنت به الكاتب: السيد عباس نورالدينالناشر: بيت الكاتبحجم الكتاب: 14*21غلاف ورقي: 198 صفحةالطبعة الأولى، 2017مللحصول على الكتاب خارج لبنان يمكنكم شراؤه عبر موقع جملون بالضغط على الرابط التالي:

ما الذي يوصلني إلى أسوأ الحالات النفسية؟
الفتنة هي أي حادثة أو تغيير يطرأ على حياتنا فيهزّ أعماقنا ويظهر بواطننا ويعلن خفايا سرائرنا.. والفتنة جزءٌ من نظام هذا العالم الذي جعله الله تعالى مهد تربيتنا وتكميلنا. ولا يمكن أن تحصل التربية الواقعيّة والارتقاء الكماليّ ما لم نتعرّف إلى حقيقة أنفسنا، ونتفاعل معها وبها. قد نستغرق في رتابة الحياة، فتتراكم طبقات الاهتمامات والميول والمشاعر إلى درجة تصبح معها حجابًا سميكًا يحول دون الوعي الذي نحتاج إليه لإدراك مكنونات أنفسنا. وهكذا، تصبح هذه المشاغل والاهتمامات قناعًا يخفي حقيقة ما نحن عليه؛ الحقيقة التي سنُحشر عليها يومًا، ونؤول إليها في نهاية المطاف. وحين ترسو سفننا الهائمة في بحار الأعمار، يكون مصيرنا وفق تلك الحقيقة لا غير.. والذكيّ النبيه من يجعل معرفة باطنه وسرّه هدفًا لكلّ تحرّكاته ووجهة لمسيرة حياته.

تعالوا إلى بساطة العيش. كيف تكون الحياة البسيطة وسيلة لتكامل الإنسان؟
كثيرًا ما نسمع في أوساطنا مدحًا وتمجيدًا لبساطة العيش. ولطالما ذُكرت هذه المزيّة كإحدى أهم خصائص العالِم الزاهد. وما أكثر ما تُطلق الدّعوات الموجّهة لطلّاب العلوم الدينيّة ليختاروا بساطة العيش.

كيف ننال أرقى الحالات الروحية
ليست الروحانيّة مجرّد مشاعر عابرة، بل هي حقيقة تكوينيّة وجودية يمكن للإنسان إدراكها والاتّحاد معها. وإذا أردنا أن نقرّب المعنى فلنتصوّر هذا العالم المادّي بكل ما فيه من ظواهر حياتية، ثمّ نكثّفه بإلغاء الفراغات الواقعة بين ذرّاته؛ فهنا يُقال بأنّ هذا الكون كلّه يمكن أن يتكثّف في علبة كبريت واحدة.

أعظم امتحانات النساء... لماذا يجب على كل فتاة أن تفكّر مليًّا قبل الزواج؟
حين نتحدّث عن البلاءات التي تمر بها أي أُنثى في هذا العالم، فهذا لا يعني أنّ الذكور مستثنون منها أو أنّهم قد عبروها بنجاح. لكن لا شك بأنّ هناك أنواعًا من الامتحانات الإلهية ترتبط بطبيعة التكوين النفسيّ والاجتماعيّ لشريحة محدّدة من الناس. وإنّما تنشأ هذه الفتن والاختبارات من الظروف الاجتماعية التي تحيط بهؤلاء، نظرًا للثقافة والتربية السائدة في بيئتهم.

الحياة الوادعة للمسلم الواقعيّ... ما هي قصّة الزهد في حياة الأولياء؟
المسلم الواقعيّ يستمتع بكل نعم الحياة وبهجاتها لأنّه يعلم أنّ الله قد خلق كل شيء لأجل الإنسان؛ لكنّه في الوقت نفسه يعرف سرّ التمتّع الأكبر والذي يُختصر بكلمة واحدة وهي: الزهد.

نمط العيش الإسلامي... القواعد والأركان
شاع في العقود الأخيرة مصطلح نمط الحياة أو العيش للتعبير عن أسلوبٍ خاصّ ينتهجه الإنسان ويمشي عليه بوعيٍ تام باعتبار أنّه العيش الأفضل. ومن الطبيعي في ظل التفاعل الثقافيّ العالميّ الذي يتّخذ أحيانًا منحى الصراع وحتّى الغزو، أن تسعى كل ثقافة لإظهار نمطها الخاصّ في العيش، وتظهيره كأرقى وأفضل أسلوب للحياة؛ عسى أن يكسبها ذلك اليد العليا في هذه المواجهة الحضارية.

الحياة الأخلاقية للمسلم الواقعي... بهجة النفس والناس
إذا كانت الحياة الروحية عبارة عن التنعّم بما وراء هذه الدنيا أو بالروح الأعظم المحيط بكلّ العوالم، فإنّ الحياة الأخلاقية تتبلور في ظلّ التنعم والاستمتاع ببهجة النفس والناس. والعنوان الأكبر للحياة الأخلاقية هو السلام؛ ففي ظلّ السلام يمكننا أن نكتشف الجمال الكامن في النفوس البشريّة ونتنعّم به؛ ومن هذه النفوس وأوّلها نفس كلّ واحدٍ منّا.

6 عوامل.. من أجل اقتصادٍ مزدهر
إنّ المعادلة الكبرى لأي ازدهار اقتصادي تكمن في حقيقة أساسيّة وهي كفاية الأرض لتأمين الحاجات الأساسية لأهلها. لكن هذا العطاء يحتاج إلى عملٍ ذكيّ وتعاملٍ حكيم. وحين يجوع أي شعب في الأرض فهذا يدل على وجود خطأ ما في سلوكه ونمط عيشه وإدارته. وانطلاقًا من هذه القاعدة يوجد ستّة عوامل أساسيّة لتحقيق الازدهار، هي في الواقع بمثابة تطبيق وتفصيل لها.

الطريق الصحيح لتأمين المعيشة : كيف نتجنب فتنةً لا تصيب الذين ظلموا خاصّة؟
تحفل النّصوص الدّينيّة بالتّصريحات والإشارات الهادية إلى حياة الكفاف والغنى والنّجاة من الحرمان والفقر. وأوّل دلالات هذه النّصوص (من آيات وأحاديث وأدعية) هي أنّ الله تعالى لا يريدنا أن نعيش في حالٍ من العوز والهمّ المانع من تحصيل الفضائل والسّعي نحو الكمال وبلوغ المقصد الأعلى في ظلّ عبادة الله.وباختصار، لا يمكن مع كلّ هذه الشّواهد أن يظنّ المسلم أنّ الفقر أمرٌ جيّد أو مقبول في الدّين والرّؤية الإسلاميّة، حتّى أنّه قد ورد في بعض الأحاديث "كاد الفقر أن يكون كفرًا".

لماذا لا يرقص المسلم فرحًا؟
تكاد لا تخلو ديانة أو ثقافة من الرقص كأحد أوجه التعبير عن الفرح والمرح وغيرها من تعابير الشموخ والفخار أو البهجة والازدهار! لكننا في المقابل نجد نهيًا واضحًا وزجرًا شديدًا عن هذا النوع من التعبير الجسدي داخل التجربة الإسلامية الشرعية، حتى لو كان الأمر حصرًا بين زوجين في خلوتهما.

كيف تصبح غنيًّا.. وتعيش سعيدًا
الغنى عزٌّ، والله تعالى يريد العزّة لعباده المؤمنين. والفقر ذلٌّ وسواد الوجه في الدارين، والله لا يريد إذلال أوليائه وتحقيرهم.. الغنى خيار، وليس مجرّد قضاء وقدر ينزل على الإنسان لمجرّد الابتلاء. فكلّ إنسانٍ باستطاعته أن يصبح غنيًّا! وإذا كان من أولياء الله من اختار الفقر، فذلك لسببٍ خاصّ وموضعيّ يرتبط بطبيعة دوره في المجتمع.

نحو حياة فكرية فوّارة... بداية العيش الإسلامي الرغيد
اهتم روحانيّو الإسلام بالحياة والسلوك البشريّ، وتحدّثوا عن التفكّر كثيرًا، وذكروا أنّه المنزل الأوّل في رحلة الإنسان التكاملية، وهو أوّل ما ينبغي تثبيته في النفس والسلوك بالمجاهدة والرياضة الروحية.. فما لم يصبح التفكّر جزءًا أساسيًّا من شخصيّتنا، لا ينبغي أن نتوقّع أي توفيق أو نجاح في المراحل اللاحقة التي يمكن أن نقطعها.

المهمّة الكبرى في حياة المسلم
المسلم الواقعيّ هو الذي يسلم وجهه لله، فتكون وجهة حياته كلّها نحو الله تعالى. وللسير إلى الله صراط وبرنامج وخطّة، تُختصر بمفهوم الدين. فمن وقف حياته كلّها للدين وتفرّغ له يكون كمن أسلم لله. والإسلام درجات، أفضلها وأرضاها عند الله تسليم الحياة والنشاطات والمساعي كلّها له سبحانه.

الصلاة محور الحياة الروحية... كيف نجعل حياتنا صلاة
الصلاة في الحقيقة ثناء على الله تعالى من العبد. وهي إحدى أهم أبرز لوازم الإنسانية وخصائصها وحدودها. ولهذا لا يتنكّب عنها إلّا من خرج عن هذا الحدّ ورضي لنفسه بالبهيمية. ففي بعض الأحاديث أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: "ألا يخافنّ أحدكم إذا حوّل وجهه عن الصلاة أن يحوّل الله وجهه إلى وجه حمار؟"

أفضل سبل مكافحة البطالة... لماذا يجب أن نعيد النظر بشأن العمل؟
إنّ عدد سكّان الأرض قد ناهز المليارات السبعة، والقوّة العاملة فيهم تبلغ عدّة مليارات؛ لكن المتتبّع لأسواق العمالة والبطالة يلاحظ أنّ نسبة ملفتة من تلك القوّة العاملة لا تجد العمل المناسب لمعيشتها، وأنّ نسبة أخرى قد تبلغ حوالي العشرة في المئة من المجموع العام لا تجد عملًا من الأساس!

هكذا هي الحياة السياسيّة للمسلم الواقعيّ
ينطلق المسلم الواقعيّ نحو المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية من نقطة التكليف الشرعيّ والإلهيّ، لكنّه يحمل معه رؤية واضحة لمعنى السياسة ودورها والقيم المعنوية التي تحكمها. ولن تجد على وجه هذه الأرض من يشبه هذا المسلم من جهة اعتقاده بالمستقبل المشرق لهذا العالم وكيفيّة تحقّقه.

6 أصول للغنى والكفاف في المعيشة
لقد استضافنا الله في هذه الأرض لا ليحرمنا ويجعل عيشنا كدًّا كدًّا، بل أراد لنا أن نسعى فيها نحو الآخرة. وقد صرّح النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) بهذه الضمانة حين قال: "أيُّهَا النَّاسُ أَقْبِلُوا عَلَى مَا كُلِّفْتُمُوهُ مِنْ إِصْلَاحِ آخِرَتِكُمْ وَأَعْرِضُوا عَمَّا ضُمِنَ لَكُمْ مِنْ دُنْيَاكُم".

يوميات مسلم مع الدعاء
حين يكتشف المسلم قوّة الدعاء سرعان ما تصبح الأدعية التي نطق بها أولياء الله الكاملون المنبع الأوحد لهذه التجربة الروحية العظيمة والمصدر الذي يرجع إليه لتوجيه شؤون حياته كلّها. وسرّ ذلك، كما لا يخفى، هو أنّ هؤلاء المعصومين، الذين بلغوا أعلى مراتب الكمال، قد أدركوا الحاجات الواقعية للخلق حين شهدوا جميع منازل الإنسانية ومقاماتها. فأدعيتهم أضحت خارطة طريق تهدي إلى الكمال والسعادة.

الاقتصاد الحقيقيّ: من منّا لا يحلم باقتصادٍ مزدهر يحقّق أعلى درجات الرّفاهية!
تصوّر أنّك تعيش في بلدٍ لا يهمّك فيه تحديث سيّارتك ولا تلفازك ولا هاتفك ولا أجهزتك الإلكترونيّة!وتصوّر أنّك لا تعيش همّ كلفة الطّاقة التي تحتاج إليها لاستعمال سيّارتك وأجهزة التدفئة والتبريد وما لا يحصى من الآلات والوسائل!
الكاتب
السيد عباس نورالدين
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران : الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه. بدأ رحلته مع الكتابة والتدريس في سنٍّ مبكر. ...